السقوط الأخير للمخططات (الصهيونية)..!! (2-2)

طه العامري

 

ما حدث مؤخرا من سلوكيات همجية أقدم عليها الاحتلال الصهيوني بتدنيس حرمة المسجد الأقصى واعتراض المصلين الخاشعين الواقفين بين يدي الله أثناء تأديتهم للصلاة هو سلوك وقح لا يقوم به إلا الهمج المجردون من كل الأخلاقيات الحضارية والإنسانية، والأوقح من هذا أن يقابل الرد المقاوم بمواقف أكثر همجية حين تتم المساوة بين الضحية صاحب الأرض والجلاد المحتل وفق خطاب واشنطن التي منعت إصدار بيان عن مجلس الأمن يدين التصرفات الهمجية الصهيونية ثم تبرر للعدو ما وصفته بـ (شرعية الدفاع عن أراضيه ومواطنيه) وتطلق تحذيراتها ضد كل من يحاول إدانة كيانها الاستيطاني، بل وتطلب من حلفائها في المنطقة التدخل لدى المقاومة للتوقف عن الرد على هجمات الكيان والدافع الحفاظ على (هيبة الكيان)؟!

سلوكيات واشنطن في أوكرانيا التي دفعتها للتضحية بأوكرانيا وجيشها وزجت بكل حلفائها في أوروبا والعالم لمساندة أوكرانيا في حربها ضد روسيا التي هي في الأساس حرب أمريكا لكن أمريكا عاجزة عن مواجهة روسيا، الأمر ذاته انعكس على كيانها في المنطقة الذي يقف عاجزا أمام المقاومة، وبعد أن فشل في تقسيمها والتفرد بها كلا على حدة يحاول الكيان الاستقوى ببقايا النفوذ الأمريكي في المنطقة وتحت زعم الوساطة يطلب من المقاومة ضبط النفس وترك الكيان يضرب بطيرانه حيث يشاء للحفاظ على تماسكه الداخلي المأزوم وعلى هيبته المنهارة وهذا اكبر دليل على بدء نهاية هذا الكيان المرتبط وجوديا بغطرسة أمريكا التي إذا ما نزلت من على الشجرة فإن هذا الكيان بدوره سيختفي وسيعود الحق لأصحابه والأرض لأهلها وهذا ما يمكن الجزم به وبحدوثه قريبا..!

ما تشهده المنطقة من تداعيات منذ أيام، جميعها تؤكد تفاقم الأزمة الوجودية التي تعيشها كل من واشنطن والكيان الصهيوني بدليل أن الرد الصهيوني على إطلاق الصواريخ من لبنان جاء باتجاه مدينة غزة والأراضي العربية في فلسطين، فماذا يدل هذا؟ يدل على تقهقر قدرة وقوة هذا الكيان الاستيطاني وعجزه عن الرد على مصدر إطلاق الصواريخ لخوفه من رد المقاومة الإسلامية في لبنان، لأن رده على مصدر إطلاق الصواريخ مباشرة يعني الدخول في حرب لا قدرة للكيان وأمريكا على حسمها وقد تكون هي آخر حرب يخوضها هذا الكيان، لذا تم استبدال الرد ليكون ضد المقاومة في فلسطين!

أيا كان حجم الرد الصهيوني في فلسطين، يعد بكل المقاييس رد الذليل والجبان والخائف الذي يفقد قدراته كلما تفقد أمريكا نفوذها ومكانتها ومصداقيتها وبالتالي هذا يؤكد أن نهاية هذا الكيان مرهونه بنزول أمريكا من على شجرة غطرستها وهيمنتها على العالم..!

المقاومة العربية في فلسطين وهذه قمة السخرية والإثارة لم تحبط مساعي الوسطاء الذين طلبوا منها امتصاص الضربات الصهيونية وعدم الرد عليها حفاظا على هيبة الكيان، بحسب ما طلبت أمريكا من الوسطاء، وقد قبلت المقاومة العربية الفلسطينية هذا الطلب بشرط أن لا تتجاوز الضربات الصهيونية حدود المكرمة التي منحتها لها المقاومة بناء على طلب ورجاء الوسطاء ( العرب) –للأسف- الذين بدورهم لبوا في وساطتهم رجاء أمريكا التي لم تعترف بجريمة كيانها وتدنيسه المشاعر المقدسة وبكل وحشية وهمجية واعتبرت سلوك كيانها مبررا لأن( لديه مخاوف أمنية) لكنها أدانت رد الفعل المقاوم واعتبرته (عنفاً وتصعيداً غير مقبول)..؟!

كل هذه التداعيات تثبت أن ثمة أحداثاً قادمة سيكون عليها ليس تغيير خارطة المنطقة بل تغيير الوعي الجمعي لكل شعوب المنطقة الموعودة بإعادة هيكلة الوعي والجغرافية والقناعات، في تدليل على أن كل السيناريوهات والمخططات الاستعمارية التي نسجتها واشنطن والغرب وبعض حلفائها من العرب في تطويع واختزال الصراع مع العدو وتجزئة وتفتيت هذا الصراع الوجودي بين العرب والمسلمين والكيان الصهيوني والمحاور الاستعمارية الراعية والداعمة له..!

في الجانب الآخر وفي سياق التفاعل الكلي لمحور المقاومة الذي أثبت فعاليته وقدرته في إدارة الصراع الجيوسياسي ومفرداته الجزئية والمباشرة كمواجهة المقاومة للكيان ومواجهة اليمن للعدوان والحصار وصمود سوريا وثبات طهران وتقدمها في تحقيق أهدافها التقنية والحضارية والجيوسياسية وتلاحمها وخلفها محور المقاومة مع استراتيجية روسيا والصين ودول أمريكا الجنوبية، كل هذا العوامل أدت إحداث إرباك وجودي طال ممكنات أمريكا وقدراتها وانعكس الأمر على كيانها الاستيطاني اللقيط الذي عرض رد فعله للسخرية والتندر من قبل مسؤوليه ومستوطنيه، خاصة بعد أن انطلقت الرشقات الصاروخية من كل أرجاء جغرافية القطاع بعد أن افرغت طائرات الكيان صواريخها على الأراضي الزراعية الفارغة وعلى مواقع ليس فيها ما يستحق الخوف عليه..!!

أزمة الكيان بدت أكثر وضوحا من أي وقت مضى وهي أزمة تتصل بحقيقة وجوده المزيفة والمزورة والتي بلغت ذروتها في تصريحات الصهاينة الجدد الذين وصلوا لمفاصل حكومة الكيان وذهبوا بعيدا في غطرستهم حد إنكار الوجود العربي في فلسطين، مواقف أربكت أنظمة التطبيع وأفزعتها ودفعت بعض الأنظمة التي كانت في طريقها للتطبيع إلى مراجعة مواقفها وحساباتها، ناهيكم عن أن الرهان على عداء إيران وتشكيل حلف عربي -صهيوني برعاية أمريكية ضدها، قد سقط وتبخر بعد المصالحة الإيرانية -السعودية وهي الورقة الأخيرة التي كان الكيان يراهن عليها لإسقاط الحق العربي الفلسطيني، فجاءت المصالحة والتوافق الإيراني السعودي ليقطعها طريق الكيان ويبددا أحلامه ويسقطا سيناريو أمريكا ومخططها الاستعماري في تطويع المنطقة والإبقاء على هيمنتها فيها..

إذاً نحن على موعد قريب مع تداعيات مثيرة ستشهدها المنطقة، وكل المؤشرات تؤكد أن النصر صبر ساعة.. فترقبوا.

 

 

 

قد يعجبك ايضا