إذاً أين نحن من تعاليم ديننا؟ وأين نحن من قيم وأخلاقيات وسلوكيات رسولنا المصطفى عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام؟!
تثبت كل الحقائق والشواهد والمعطيات والسلوكيات أن المسلمين اخضعوا دينهم وتعاليم رسولهم الخاتم للمصالح الدنيوية، وأصبح ارتباطهم بالدين والرسول ارتباطاً طقوسياً وتقليدياً مجرداً من كل القيم الروحية التي يفترض أن تستوطن الإنسان المسلم، والمسلم هو من يسلم الناس من لسانه ويده، وينطق بالشهادتين ويَسلم ويٌسلّم بقوانين وتشريعات المجتمع الإسلامي الخاضع لسلطة الدولة وأجهزتها، وهناك فرق طبعا بين (المسلم) و (المؤمن) ونحن في زمن أصبح الإسلام فيه مجرد هوية اجتماعية مفروض بقوة وهيبة الدولة التي بدورها أخضعت الدين وفقا لمصالحها، وليس هناك فرق يذكر بين إسلام الدولة أو الحاكمية وبين إسلام المجتمع الخاضع لسلطتها الذي تم تطويعه بثقافة متراكمة متوارثه عبر قرون عن الإسلام الذي ليس فيه غير مجرد الاسم فيما هو مجرد من كل قيمه وأدبياته وأخلاقياته ونواميسه وتشريعاته التي أمر بهما الله ورسوله..!!
يؤمن المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها بأن (الله وحده لا شريك له، وان النبي محمداً عليه الصلاة والسلام وعلى آله هو خاتم الأنبياء والمرسلين) ويؤمن المسلمون بأن كتاب الله -القرآن الكريم – هو كلام الله انزله على رسوله، وهو النور الذي انزله الله لينير به طريق وحياة البشرية وقد جاء القرآن الكريم بكل القوانين والتشريعات والنواميس والعلوم المعرفية التي تنظم حياة البشرية وتحكم علاقتهم الحياتية وتحدد لهم حدود علاقتهم الفردية والجماعية وأيضا علاقتهم بالمنظومة الحاكمة وكذا علاقتهم بالآخر الحضاري..
كتاب الله هذا لم يكن يوما محل خلاف بين المسلمين بكل ما وردت فيه من قوانين وتشريعات..!
إذاً لم يختلف المسلمون على (الله سبحانه وتعالى، ولا على رسوله المصطفى الخاتم، ولا على كتاب الله القرآن الكريم)، ولكنهم اختلفوا على (الحاكمية) ومن يحق له أن يحكم ويتولى أمور المسلمين، مع أن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم (وأمرهم شورى بينهم).. وقال سبحانه مخاطبا رسوله المصطفى (وشاورهم في الأمر).. وجاء في كتاب الله الكثير من الآيات التي تحث المسلمين على التمسك بحدود الله، وعلى نبذ الظلم ومحاربة الظالمين، كما نهانا عن ممارسة الفساد والإفساد، مؤكدا سبحانه انه لا يحب الظالمين، ولا يحب الفاسدين، مطالبا بتطبيق العدل والحكم بما أنزل الله متوعدا كل من يخالف تشريعاته وأوامره وما انزله على نبيه الخاتم بالويل وهو واد في جهنم والعذاب الشديد، ولم يترك سبحانه شاردة ولا واردة يعيشها الإنسان إلا وعلمنا كيف نتعامل معها حتى في التحية طلب منا إذا حُيينا بتحية فنردها وبأحسن منها، بل طلب سبحانه من المسلمين أن لا يسبوا آلهة المشركين حتى لا يردوا علينا ويسبوا الله سبحانه وتعالى، في تأكيد إلهي صارم أن الإسلام دين الحق والعدل والأخلاق والمحبة والتسامح والإخاء والحرية والكرامة الإنسانية التي لم يحرص عليها أي فكر وضعي ولا حرصت عليها أي فلسفية وجودية أنتجها العقل البشري، لكن الإسلام حرص على كل ما يتصل بحياة الإنسان، الذي منحه الله عقلا يفكر به ويبدع ويطور الحياة ليحتل مكانة على الأرض كخليفة لله سبحانه وتعالى، ورغم كل التحولات والتطورات التي ابدع الإنسان في إنتاجها يقول سبحانه مؤكدا على سطوته وسلطته التي لا يعلى عليها، وفوق كل ذي علم عليم، “وما اوتيتم من العلم إلا قليلا”، ويؤكد أن الإنسان ظلوم جهول، سبحانك يا رب ما أعظمك وما اتعس عبادك الذين حولوا دينهم إلى مجرد طقوس وشعائر عابرة لا علاقة لها بقيم الدين وروحانيته وقيمه النقية العادلة.