في (مملكة تايلند) تعد (الدعارة) أحد أهم مصادر الدخل القومي للبلاد، وأحد أهم روافد التنمية، والمؤسف أن العرب وخاصة (عرب أو عربان الخليج) كانوا أهم زبائن هذه المنتجات التايلاندية، وثمة قواعد ونواميس تحكم هذه المهنة وهي أن الناشطة في هذا القطاع تتقاعد في عمر الـ30_35، ثم تمنح لقب (ماما سنغ)، وهي مرتبة تحولها من (بائعة هوى وفتاة ليل) إلى (قوادة) وتعمل تحت قيادتها وبأوامرها ما بين 100_ 200 فتاة..؟!
بريطانيا الإمبراطورية الاستعمارية التي لم تكن الشمس تغرب عن مستعمراتها، تقمصت ومنذ خفوت مدافع الحرب الكونية الثانية هذا الدور وتحولت من ناشطة استعمارية إلى (ماما سنغ) لتمنح دورها السابق للولايات المتحدة الأمريكية القوى الشابة والمتجددة والحديثة، القادمة بآليات وطرق حديثة لممارسة (الدعارة السياسية) مثيرة للغرائز ولها ومن أجلها تسيل لعاب المتعطشين لمفاتنها وغالبيتهم ينتمون لذات النطاق الجغرافي العربي الذين يخوضون معاركهم الليلية في أزقة وشوارع وأحياء المدن التايلندية..؟!
وبما أن الناس على دين ملوكها، فإن نسبة كبيرة من مواطني المحميات الخليجية أبهرتهم (سيقان وأفخاذ فتيات تايلند)، كما أبهرت مفاتن أمريكا حكامهم من شيوخ وأمراء، الذين منحوا ثقتهم الكاملة لـ (الماما سنغ _بريطانيا)..؟!
غير أن أيا من زبائن (واشنطن) أو أتباعهم من زبائن (بانكوك) لم يتوقف أمام حقائق وتداعيات خياراتهم، أو معرفة حكاية ما يبهرهم ويثير غرائزهم في الحالتين..؟
في روايته (الجدي) يصف الكاتب الأمريكي _هنري ميللر _ بلاده أمريكا بـ (المأخور) وان ثمة _عصابة _ويقصد بهم _الصهاينة _غيروا كل معالم بلاده وأعادوا هيكلتها سياسيا وثقافيا واجتماعيا واقتصاديا وفق رغباتهم المنافية مع رغبات وتطلعات وأحلام الشعب الأمريكي الذي وصفه _ميللر _ بأنه شعب محتل ومسلوب الإرادة، ليصل الكاتب إلى توجيه انتقاده (للرب) الذي تغاضى وتجاهل عن جرائم _العصابات النافذة في أمريكا _التي أبادت السكان الأصليين من (الهنود الحمر) دون أن تنسى أهمية ترك بضعة آلاف من السكان الأصليين وتجبرهم على العيش في محميات فقط، لكي تبرر أن ما أقدمت عليه بحق ( السكان الأصليين) كان لدوافع أخلاقية وإنسانية وحضارية، من أجل تقدم وتطور أمريكا، ولكي تصبح عاصمة (الليبرالية والديمقراطية)، في ذات السياق يتحدث الكاتب عن (50 مليون أفريقي) تم جلبهم من قارة أفريقيا ليعملوا في المجتمع الإنساني الجديد _أمريكا _ عاصمة الحرية وجنة الليبرالية، ولم يكن يدرك أولئك الغلابي أنهم وبمجرد أن يصعدوا على ظهر السفن التي ستقلهم من شواطئ بلدانهم الأفريقية إلى جنة أمريكا، ولكن للأسف وجدوا أنفسهم يتحولون بعد عدة أميال بحرية إلى (عبيد) تطبع على ظهور بأختام من (نار) شعارات الشركات المالكة لهم، والتي كانت تبيعهم في أسواق النخاسة المنتشرة بمدن أمريكا بالمزادات العلنية..؟!
ليجمع عتاولة وأباطرة الرأسمالية الأمريكية ودولة الحريات ثرواتهم من المتاجرة بأبناء أفريقيا..؟!
هنري ميللر.. أحرقت كل أعماله وجرِّد من جنسيته وفر هاربا إلى جنوب فرنسا ليموت فيها عام 1938 م بعيدا عن وطن حلم به وسرقته العصابات (اليهودية) التي استطاعت حسب _ميللر _تغيير كل معالم أمريكا وأحلام شعبها وهويتهم وغيرت أسماء الأحياء والشوارع وحتى المباني تم إزالتها واستبدالها بناطحات سحاب تعبر عن رغبة وقناعة تلك _العصابات _التي سرقت أمريكا وتعاقبت على حكمها والتحكم بالعالم والإنسانية من خلالها..؟!
في أوائل القرن الماضي توصل علماء في بريطانيا لمعادلة ( القنبلة النووية) فتكفل (روتشيلد _ الأب الروحي للصهاينة والصهيونية ) بشراء تلك المعادلة وسلمها لأمريكا التي جربتها على أجساد الشعب الياباني في (هيروشيما ونجازاكي) بذريعة ردع مقاتلي ( السوموراي) وأنهاء الحرب العالمية، فكانت تلك الجريمة الإنسانية والأخلاقية والحضارية كارت عبور أمريكا للتربع على عرش العالم ومن ثم الانطلاق لتعليم العالم قيم وأخلاقيات الحريات وحقوق الإنسان التي لم تعرفها أمريكا يوما ولم تعمل بها يوما حتى مع مواطنيها من ذوي البشرة السمراء والصفراء ..؟!
لتواصل جرائمها في (فيتنام) وتحول أدغال تلك البلاد إلى مقابر لأبنائها.. ولم تسلم منها شبه القارة الكورية فعملت على تقسيمها واقتطعت جزءا من الصين هي جزيرة (تايوان) لتعمل منها دولة لم يعترف بها أحد غير أمريكا، لكن الغاية منها كان السيطرة على مضيقها والتواجد العسكري في بحر الصين ..؟!
ظلت بريطانيا تؤدي دور (ماما سنغ) وتقدم المشورة (للفاتنة) التي تربعت على عرش العالم في غفلة من التاريخ وبلحظة شبق إنساني مسكون بكل مظاهر المراهقة والانبهار، وفي لحظة من حسن نية تعامل بها صانع الانتصار بتلك الحرب (ستالين) والاتحاد السوفييتي الذي قدم 30 مليون قتيل ثمنا لهزيمة (النازية) مقابل بضعة قوارب دمرها الهجوم الياباني في (مينا هاربر) خسرتها أمريكا، ليتخلي (تشرشل) عن دور بريطانيا لصالح أمريكا.. التي ارتكبت أبشع الجرائم بحق الإنسانية خلال الفترة 1945_2020م، مرحلة ظهرت خلالها الأمراض والعاهات السياسية كما ظهرت فيها الأمراض (الجنسية)..؟!
ومن الحمى الإسبانية، إلى حمى الوادي المتصدع، إلى إيبولا، والايدز، وجنون البقر، وأنفلونزا الطيور، إلى كورونا، يقابل هذه الأمراض أمراض أخرى مذهبية وطائفية، وعرقية، ودينية، وداء الأقليات الذي اتخذت منه واشنطن بمثابة وباء اجتماعي مدمر للنسيج الاجتماعي في دول العالم، فكانت هذه العاهات الاجتماعية أشبه بالسلاح البيولوجي، وإن كانت ( الأمراض الجنسية ومنها الإيدز) تفتك بجهاز المناعة في جسم الإنسان، فإن العاهات الطائفية والمذهبية والمناطقية والعشائرية التي تبنتها أمريكا في العديد من دول العالم تفتك بدورها بالمناعة الاجتماعية وتؤدي إلى تمزيق الدول وشرذمة المجتمعات، وكانت خاتمة أمراض واشنطن المبتكرة، هي القاعدة وداعش، دون أن نغفل المختبر المركزي الذي تبتكر فيه ولأجله كل هذه الأمراض السياسية والجنسية وهو (الكيان الصهيوني)..؟!
لكن هل وصلت هذه الفاتنة المسماة أمريكا إلى غايتها؟
قطعا لا.. هل وصلت لمرحلة تقاعدها عن ممارسة الرذائل وبالتالي حان الوقت لتتحول بدورها إلى (ماما سنغ) على غرار (مومسات تايلند) وبالتالي تقوم بدور (ماما سنغ) أخرى؟
قطعا لا لأن ثمة من أحرم هذه الفاتنة من تأدية دور (ماما سنغ) بإلقاء (مية نار) على وجهها، لتنتشر بالتالي التشوهات على كامل جسدها فغدا عشاقها الأقرب يتقززون من رؤيتها ويتأففون من رائحتها العفنة..؟ لكن من أين ستأتي إليها ( رصاصة الرحمة) وفقا لتنبؤات _هنري ميللر _في روايته (الجدي)؟ وهل ستأتي نهايتها بيد مخالب (الدب الروسي)؟! أم ستأتي بزمهرير (التنين الصيني)؟ أم بوحدتهما معا في مواجهتها..؟ .