استراتيجية يمنية للحد من الربا والتحول نحو الاقتصاد الشامل:
قائد الثورة: الأمريكيون جعلوا الربا ركيزة اقتصادية وهو أداة لتقييد اقتصاد الدول ونكبة للشعوب
قال قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في كلمته بمناسبة إحياء الذكرى السنوية للشهيد القائد 1444 هجرية أن الأمريكيين جعلوا الربا ركيزة اقتصادية بينما هو أداة لتقييد اقتصاد الدول الفقيرة والتحكم فيها ويحدث نكبة اقتصادية كبيرة على شعوبها ، مشيرا إلى أن الأمريكون ومن معهم يغرقون الدول التي تستجيب لهم بالقروض الربوية ، والأزمات المالية ، رؤية اقتصادية ثاقبة ومختصرة للسيد القائد توضح مدى خطورة الرأسمالية الأمريكية الغربية التي تغرق الشعوب بالديون والقروض الربوية بهدف افقارها واستغلال ونهب ثرواتها ، حيث يؤكد خبراء الاقتصاد الإسلامي أن البنوك والمؤسسات التابعة للنظام الرأسمالي تقوم على النهب وأكل أموال الشعوب بالباطل وعلى الظلم والاستغلال والفتنة والفساد ونشر ذلك في الأرض كلّها ، وتلعب البنوك الربوية الرأسمالية دوراً كبيراً في انتشار الجريمة والفاحشة والفتنة في الأرض ، وتسهم في الأزمات المالية بين حين وآخر في مختلف البلدان في المعمورة . وإن الناس اليوم يعيشون في وسط هذه الفتنة ، وكان اليهود منذ زمن بعيد وراء السعي إلى الحصول على تسهيلات تبيح الربا ، وكذلك غير اليهود الذين يتعاونون معهم في جبهة واحدة.
الثورة / أحمد المالكي
وبحسب خبراء الاقتصاد فإن التحريم للربا وامتداده قروناً طويلة جداً مع الأنبياء والرسل ، لدليل واضح على شدة خطورة الربا وشدة إفساده في الحياة البشرية ، وفساد النظام الاقتصادي القائم على الربا ، وقد مارس المسلمون أيام النبوة الخاتمة ، وما تلاها عن عصور ، نظاماً اقتصادياً خالياً من الربا في واقعهم البشري . والمسلمون مكلفون بممارسة نفس النظام بقواعده العامة في كل واقع جديد ، على أن يضعوا تفصيلات النظام من منهاج ومن حاجة الواقع الجديد الذي يُفَهَم من خلال منهاج الله .
ويقول الخبراء أن الربا هو صورة من صور أكل أموال الناس بالباطل . فالتحريم من حيث الأساس هو تحريم لأكل أموال الناس بالباطل في جميع صوره وأشكاله .
صورتان مفزعتان
النظام الرأسمالي والشيوعي صورتان مفزعتان لأكل أموال الناس بالباطل وفقا للخبراء . فقد دخلـت إنجلترا الهند متسللة بالحركات التنصيرية والشركات التجارية ، ثم احتلتها عسكرياً . فنهبت الهند و كنوزها وخيراتها وشعبها ، ولم تخرج من الهند إلا وقد تركت الشعب فقيراً ممزّقاً ، والبلاد متأخرة متخلفة ، وأنه على ذلك تقاس سائر الدول الرأسمالية التي دخلت أقطار العالم الإسلامي الغنيّة في ثرواتها وخيراتها ، فما تركتها إلا وهي فقيرة ممزّقة متخلفة ، وقد أكلت الدول الرأسمالية أموال العالم الإسلامي بالباطل أكلاً حراماً ، وأنشأت النظام الرأسمالي على نفس الأُسس من الظلم والعدوان ونهب الثروات وأكل المال الحرام ، حتى أصبح العالم الإسلامي يسمىّ العالم الثالث المتخلف .
بالباطل
ويؤكد خبراء الاقتصاد أن العالم الرأسمالي لم يأكل أموال العالم الإسلامي وحده بالباطل ، بل أكل أموال شعوبه بالباطـل أيضاً ، حتى تكوّنت طبقات على أُسس غير عادلة ولا أمينة ، وحتى كثرت البطالة وتوالت الأزمات الاقتصادية ، وتنافست الدول الرأسمالية في صراع محموم من أجل أكل الأموال بالباطل . وأقامت هذه الدول الرأسمالية مؤسساتها على نفس الأسس من أكل المال بالباطل ، مهما اختلفت أسماؤها وأشكالها وأنظمتها .
المال الحرام
وقد وصف القرآن الكريم لنا هذا النشاط المالي الحرام والذي يقوم به كثير من الأحبار والرهبان وصفاً جلياً :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35) [التوبة ].
وهكذا بيّن الله سبحانه وتعالى أساس التعامل الحرام بالمال . إنه أكل أموال الناس بالباطل ، والربا باب من أبوابه ، أو أنه يجمع الأبواب كلها . وبيّن الإسلام أبواب الكسب الحلال وحثّ عليها ، وبيّن أبواب الكسب الحرام وما يحرم من البيوع فنهى عن ذلك كله .
وارتبط أكل المال بالباطل في الآية السابقة بكنز الذهب والفضة ، وعدم إنفاقها في سبيل الله . فجعل الإسلام للكسب الحلال شروطاً وقواعد ، وجعل للإنفاق الحقّ شروطاً وقواعد . وذلك كله لصلاح الإنسان على الأرض ، وصلاح الشعوب كلها إذا التزمت وتعاونت على ممارسة قواعد الإيمان .
ابواب متعددة
ووفقا للخبراء فإن النظام الرأسمالي ومؤسساته لا يقع المال الحرام فيه من باب واحد ، ولكن من أبواب متعددة تجمعها كلمة « أكل أموال الناس بالباطل» ، و«كنز الأموال وعدم إنفاقها في سبيل الله» . فأصبحت المؤسسات الرأسمالية تجمع المال الحرام من ناحيتين : من أكل أموال الناس بالباطل من جميع أبوابه وسبله الحرام ، ومن الإنفاق في غير سبيل الله ، من الإنفاق على الصدّ عن سبيل الله ، والإنفاق على الفتنة والفساد والكبائر كلها ، حتى أصبح هذا النظام ومؤسساته معجوناً بالربا والحرام عجناً.
علوم وتقنية
وبحسب الخبراء فقد غزا هذا النظام الشعوب كلها وغزا العالم الإسلامي ، يقوده علوم وتقنية ونظم إدارية متطورة تحميه وتحمي رجاله المتحكمين ، وهيئات ومؤسسات تعمل ليل نهار لتوفّر هذه العلوم والتقنية والإدارة والمؤسسات وسائل نهب الشعوب ، وسائل الكسب الحرام والإنفاق الحرام ، ويحمي هذا النظام الاقتصادي سياسة ونظام سياسي وقوة عسكرية نامية مدمرة .
وكان من أهم آثار انتشار الأزمات الاقتصادية وانتشار البطالة ، وانتشار الفتنة والفساد والجرائم ، والحروب التي لا تكاد تتوقف ، والمؤامرات في جوف الليل ، وفي وضح النهار، حتى ظهر الفساد في البّر والبّحر والجو.
وغزا هذا كله العالم الإسلاميّ كالطوفان . والمسلمون متفرّقون متخلّفون أنهكهم الصراع بينهم حتى استفاد عدوهم من ذلك . وامتدت المؤسسات الماليّة الرأسمالية إلى العالم الإسلامي واضطرب المسلمون وحاروا كيف يتعاملون مع هذه المؤسسات.
صورة متجددة
ويؤكد الخبراء أن أساس عمل البنوك هو الربا في صور متجددة مع الزمن تبتدعها عقول دهاقنة الاستغلال في الأرض ، وتزخرفها بطلاء يكاد يخفي الجريمة عن بعض الناس إلا الذين اعتصموا بالله وبالكتاب والسنة ، ومن يدرس تاريخ البنوك وأساليبها ووسائلها ، ثمّ يردّ ذلك إلى منهاج الله ، إلى نهج التحليل والتحريم ، يجد أن الحرام واضح جليّ ، وأن الصراع دائم بين المصالح المتضاربة ، كماأن المصالح والنفوذ والسلطات تميل إلى دعم المجرمين طالبي الرِّبا داخل البلدان والشعوب الاسلامية وغيرها ، وذلك بدفع ودعم من قوى الشيطان الربوية الأمريكية الصهيونية.
مسئولية وطنية وإيمانية
وانطلاقا من المسؤولية الإيمانية والوطنية هناك توجهات كبيرة في اليمن على مستوى القيادة الثورية والاقتصادية للحد من التعاملات الربوية في البنوك والمصارف والتعاملات المالية.
السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي أكد في المحاضرة الرمضانية الـ12 لعام 1440 هجرية أننا بحاجة إلى معالجة مشكلة من أخطر وأسوأ المشاكل الاقتصادية المدمرة والكارثية المتمثلة بالربا والتي تعد من أكبر الجرائم على الإطلاق.
وقال: إن الكثير من المرابين لا يستوعبون خطورة هذه المسألة، فالمرابي بحسب الشرع الإسلامي يعتبر مجرماً من أسوأ وأكبر المجرمين، وأننا بحاجة ماسة إلى مكافحة هذه الجريمة، وأن على الدولة أن تتخذ إجراءات حاسمة وجادة أولاً تجاه مؤسساتها التي تتعامل بالربا ومنعها نهائيا من التعامل بالربا، ثم على التجار أن يتقوا الله ويتوقفوا عن التعامل بالربا فإن لم يفعلوا فيجب أن يعاقبوا ويمنعوا رغما عنهم.
اصلاحات واجراءات
وفيما يتعلق بالإصلاحات والإجراءات التي يتخذها البنك المركزي والوسط الاقتصادي لإيقاف التعامل بالأنظمة الربوية أوضح هاشم إسماعيل محافظ البنك المركزي والقائم بأعمال رئيس اللجنة الاقتصادية العليا – في حوار خاص أجرته معه الثورة سابقا أن البنك أوقف ما يقارب 70 % من كتلة الدين العام عن التعاملات الربوية ولم يتبق إلا الـ 30 %.
مشيراً إلى أن القطاع المصرفي اليمني بني على أسس ربوية استجابة للعولمة والرأسمالية واللحاق بركاب الغرب، وقال : نحن وتنفيذا لتوجيهات السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي في البنك المركزي نؤكد أننا نعد الآن استراتيجية للتحول الشامل نحو الاقتصاد الحقيقي، وهناك كثير من الأفكار للمشاريع والبرامج التي يجب أن نقوم بها، ونحن حالياً بصدد إعداد مسودة الاستراتيجية للتحول نحو الاقتصاد الشامل.