ما لم نقبله على أنفسنا قطعا لا يمكن القبول به لغيرنا مهما كانت مواقفنا من هذا الغير..!
في إيران اتخذ البعض من قضية وفاة مواطنة إيرانية ذريعة للتصعيد وإثارة الفوضى، ومع أن حياة كل إنسان مقدسة والتضامن مع كل إنسان حق مشروع إن كان هذا التضامن صادقا ولدوافع إنسانية، لكن ما حصل في إيران على خلفية وفاة شابة إيرانية أثناء توقيفها من قبل الأجهزة الأمنية الإيرانية، وقد أثبتت التحقيقات التي أجرتها الشرطة وبحضور أولياء أمور الشابة المتوفية أن الوفاة كانت طبيعية، غير أن هناك من حاول استغلال الأمر لإشعال الفوضى في إيران وهي الفوضى التي راحت بعض الجهات تصورها وكأنها (ثورة ضد النظام) بل ذهب البعض يرصد الساعات والدقائق المتبقية من عمر النظام الإيراني.
لم تواجه جرائم وإحداث شهدتها العديد من البلدان بما فيها أمريكا حامية الإنسانية حين قتل مواطنها (جورج فلوريد) على يد شرطي وأمام العالم، وبعده سقط العديد من المواطنين الأمريكيين من ذوي البشرة السمراء على يد ذوى البشرة البيضاء، كما لم يحدث هذا إزاء مقتل الصحفية العربية _الأمريكية (شيرين أبو عاقلة) على يد الجيش الصهيوني، بل لم تحظ شيرين بجنازة طبيعية بسبب همجية وغطرسة جيش الاحتلال، ولم نر هذه الغيرة الأمريكية _الغربية _ العربية، التي تفجرت لوفاة الشابة الإيرانية، حين قتلت شابة عراقية وبدم بارد داخل إحدى القواعد العسكرية الأمريكية في العراق، ولم نشهد هذه الغيرة على قتل أطفال فلسطين واليمن وسوريا وليبيا وأفغانستان، وأطفال الدونباس في روسيا..!
لم نر ونسمع أن أمريكا والغرب أدانوا مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة، وهي مواطنة أمريكية _افتراضا _ بل لم نسمع إدانة على مقتلها من بعض الوسائل الإعلامية العربية أو تنديدا من بعض المسؤولين العرب على مقتل الصحفية شيرين باستثناء قطر وشبكة الجزيرة وبعض القنوات مثل الميادين والقنوات العربية السورية، فيما القنوات المتباكية اليوم على وفاة الشابة الإيرانية لم تكترث كثيرا لوفاة أبو عاقلة، وإن نقلت الخبر كخبر عابر مثله مثل بقية الأخبار..!
بالمقابل لم نسمع قرارات عقابية أصدرتها أمريكا أو دول الغرب على قتلة شيرين؟!
بيد أن الزوبعة التي تفجرت على إثر وفاة الشابة الإيرانية (مهساء اميني) هي حادثة مؤسفة كما عبرت عن ذلك الحكومة الإيرانية ببيان رسمي مشفوع بتسجيلات الفيديو التي عرضتها الحكومة الإيرانية منذ لحظة توقيف الشابة حتى سقوطها في بهو الجهاز الأمني، وقبل أن يتم التحقيق معها، ومع ذلك فإن ثمة رغبة هدفها (شيطنة إيران) ونظامها واستغلال الحادثة لتكون نقطة انطلاق لتنفيذ مخطط كان معداً سلفا والدلائل كثيرة التي تؤكد ذلك، وخاصة رد فعل واشنطن وبعض حلفائها من الغرب والعرب، وهو رد فعل غير طبيعي وغير منطقي وبدا وكأنه محاولة ابتزاز رخيصة لا يمكن لأي عاقل القبول به وان كانت له تحفظات على أداء النظام الإيراني أو سلوكه..!
فحتى الخصومة يفترض أن تكون بقدر من الشرف، لكن ان تكون الخصومة على الطريقة الرخيصة التي بدرت ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع وفاة هذه الشابة فهذه لم تعد خصومة بل مجون سافر لا يقبله حتى العدو العاقل لإيران، لكن الزوبعة بقدر همجيتها وهمجية أطرافها فإنها كشفت عن انحطاط سلوكي وأخلاقي يتحلى به خصوم إيران الذين لم يجدوا ضالتهم في استهداف الجمهورية الإيرانية سوى هذه الواقعة ليوعزوا لخلاياهم بالتحرك لإثارة الشغب والفوضى وتدمير وإحراق المرافق العامة والخاصة وقتل رجال الشرطة وحتى استهداف مواطنين موالين للنظام وبطرق جد همجية وغبية تعكس إفلاس مدبريها وفشلهم في إيجاد ثغرة لاستهداف النظام الإيراني فكانت وفاة هذه الشابة هي الثغرة التي توهموا أن في إمكانهم الولوج منها لاستهداف النظام واعتبروا الفتاة المسكينة وكأنها تلك (الدوقة الأوروبية) التي أدى مقتلها وزوجها لنشوب الحرب العالمية الأولى، أو اعتبارها عامل المؤاني البولندي (ليخ فاليسيا) الذي اتخذته المخابرات الغربية مطرقة لاستهداف النظام البولندي اليساري ومن خلاله استهداف الاتحاد السوفيتي وتم تفكيكه..!
بيد أن الحملات الإعلامية التي رافقت وفاة الشابة الإيرانية والتي تزامنت مع أعمال التخريب والفوضى وإطلاق أيادي خلايا التخريب لاستهداف نظام بكامله، نظام يقاوم أعتى الإمبراطوريات في العالم بكل قدراتها وصامد أمام الحصار والعقوبات والتي تضاعفت ضده كعقاب لوفاة مواطنته وهو سلوك استعماري وغطرسة مفضوحة ومكشوفة لن تحقق أهدافها ولن تثني النظام الإيراني عن مواقفه خاصة إذا كان الكيان الصهيوني قاتل الأطفال والنساء والشيوخ من عرب فلسطين وبدماء باردة وهو من ارتكب أبشع الجرائم بحق المواطنين العرب في فلسطين ومصر وسوريا ولبنان والعراق، في طليعة المتباكين على الشابة الإيرانية ومعه أمريكا وبقية الدول الغربية بعد فشلهم في تطويع إيران من خلال محادثات (فيينا) النووية، أو الحد من نفوذها في المنطقة وإخراجها من ساحة التنافس الجيوسياسي، أو فك ارتباطها بالمنطقة العربية، وكذا تقليص علاقتها مع روسيا الاتحادية والصين..!
والمؤسف أن استهداف لبنان وحزب الله واستهداف سوريا ونظامها، وكذا استهداف اليمن والمقاومة في فلسطين، كل هذه الاستهدافات دافعها عزل هذه النطاقات عن أيران وقد فشلوا في كل هذه المحاولات رغم الأثمان الباهضة التي دفعتها هذه النطاقات ولاتزال، لذا كانت وفاة الشابة الإيرانية محاولة بائسة لاستغلال رخيص وحدث جاء بمثابة حامل رسائل أمريكية _صهيونية، لطهران وربما آخرها محاولة زج إيران في الصراع بأوكرانيا من خلال اتهام طهران بتزويد روسيا الاتحادية بطائرات مسيرة وهو العذر الاقبح من ذنب..!
والمؤسف أن بعض العرب ينقادوا بكل سهولة خلف المزاعم الأمريكية الصهيونية مقدمين خدماتهم المجانية لهما دون التفكير بأمنهم القومي والقطري ودون استيعاب حقيقة العلاقة الاستراتيجية والجغرافية التي تربطهم مع إيران شريكتهم بالتاريخ والعقيدة والجغرافية، وهي الدولة التي احتضنت القضية العربية الفلسطينية بعد أن تخلي عنها بعض العرب بناءا على طلب واشنطن بل وذهبوا بعيدا في أبتذالهم حين اعتبروا إيران هي( العدو الرئيسي) للأمة، و(الصهاينة) هم الحلفاء والأصدقاء..!