كارثة التعليم !!

عبدالله الأحمدي

 

كانت بنية التعليم ومازالت هي الأكثر استهدافا وتضررا من قبل العدوان، ومليشيات الإرهاب والارتزاق.
فقد كانت المعاهد العليا والمدارس هي الأكثر تضررا ودمارا بهجمات الصواريخ والقنابل الفتاكة ومدفعية العدوان.
استهداف التعليم من قبل العدوان هو استهداف للأجيال الحاضرة والقادمة، وللعلم والتعليم والتكنولوجيا والتقدم والتطور العلمي لليمن.
وهو ما ظهر من خلال الممارسات القذرة للعدو وأعوانه ومليشياته ومرتزقته ضد المعلمين والطلاب والعلم والتعليم، وكل العاملين في مجال العلم والتربية.
تقول التقارير والإحصائيات إن العدوان دمر أكثر من ٢٩٠٠ مدرسة، بل إن مدارس في مدينة صنعاء دمرها العدوان بالصواريخ وقنابل الطيران على رؤوس طلابها ومعلميها.
هذا الكلام ليس من عندنا، ولا من حكومة الإنقاذ في صنعاء، بل من تقارير منظمة اليونسيف التي لها باع في متابعة قضايا التعليم والطلاب.
تعمد العدوان ومرتزقته قطع مرتبات المعلمين ودكاترة الجامعات في مناطق حكومة الإنقاذ، مما جعلهم ينشغلون بمتطلباتهم المعيشية، ويتناقص ويتدنى عطاؤهم العلمي
والتعليمي.
الهم المعيشي شغل الكثير من المعلمين والعلماء عن أداء واجباتهم، بل إن بعضهم ترك مهنة التعليم وتوجه إلى سوق العمل لتغطية نفقات متطلبات الحياة اليومية.
هناك دكاترة جامعات توجهوا للعمل بالمطاعم والبوفيات، بل يتذكر الناس البروفيسور العمودي الذي مات جوعا بعد أن اغلق على نفسه أبواب منزله. واعرف زميلا لي اسمه خالد الخليفي، هو الآخر طرد زوجته وأطفالها إلى بيت أهلها واغلق على نفسه المنزل، ومات جوعا.
مدارس بكاملها تعتمد على العمل الطوعي لأناس غير مؤهلين تربويا.
والحال أسوأ من ذلك في المحافظات التي يسيطر عليها الاحتلال وأعوانه، إذ تحول المعلمون إلى عسكر ومقاولي حروب، وتركوا التعليم والطلاب في جهلهم يعمهون، وفوق ذاك يجمعون بين المرتبين، والكثير من المعلمين نزحوا إلى مناطق آمنة. وأكثرهم نزوحا هم معلمو تعز الذين تركوا التعليم، ونزحوا خارج المحافظة نتيجة غياب الأمن والأمان.
أما المدارس فقد تحولت إلى ثكنات للمسلحين ومعتقلات.
وذهب من بقي من الطلاب إلى الدراسة في منازل لا تتوفر فيها أدنى مقومات المدرسة، وأغلب من يقومون بالتعليم فيها من المتطوعين، وأغلبهم من النساء.
أما في الأرياف فقد تقاعس من بقي من المعلمين عن أداء كامل واجباتهم، واختصروا اليوم الدراسي بثلاث حصص.
هذا التسيب والانفلات والتقاعس والإهمال وترك الوظيفة والدوام، شجع بعض الجماعات على الاستثمار في مجال التعليم، واستقطاب المعلمين المحتاجين، رغم الظلم الفادح الذي يطالهم في المدارس الخاصة من حيث المرتبات، إذ لا يزيد مرتب أفضل مدرس في مادتي اللغة الإنجليزية والرياضيات عن أربعين ألف ريال.
بعض التقارير تقول إن الجماعات التي تدير المدارس الخاصة هي وراء تدهور التعليم الحكومي من حيث عدم المتابعة للعاملين وإهمال الدوام، بل الثابت إن أصحاب المدارس الخاصة هم مسؤولون في التربية، ومستفيدون مما يجري من إهمال وتدنٍ في التعليم الحكومي.
وأكبر كارثة طالت التعليم هي التسرب، إذ نتيجة للأوضاع المعيشية عجز الكثير من الطلاب والتلاميذ عن مواصلة التعليم، فالتحق بعضهم بالجماعات المسلحة التي تغدق عليهم بالأموال، وتسرب بعضهم إلى سوق العمل لممارسة أعمال فوق طاقتهم.
هذه الكوارث التي يعيشها قطاع التعليم، الآن ستظهر نتائجها مستقبلا، وسيكون الحال أشد سوءاً إذا لم يتم تداركه في الحال !!

قد يعجبك ايضا