إلى مجتمع محصن يكتمل بنيانه، كانت وجهة الهيئة العامة للزكاة وهي تحضر لإقامة أكبر مهرجان احتفائي يحصن 10044 عريسا وعروساً، في مهرجان عرس لم تشهده اليمن في تاريخها من قبل.. مشروع العرس الثالث، هو مشروع تحصين الشباب الأكبر على الإطلاق.
وفي العرس الذي مثل إحدى ثمار ثورة ال 21 من سبتمبر 2014 ه التي أتت لتخدم المستضعفين وتلامس هموم أبناء هذا الشعب البائسين، لعرس هذا العام، تم بإخراج متميز تجاوز العديد من مظاهر السلبيات في المهرجانات السابقة.
الثورة / يحيى الربيعي
ومن قلب الحدث الأبرز والأكبر على مستوى العالم بأسره.. من أوساط عرس ضخم شمل عددا كبيرا من العرسان، وكشفت تفاصيله عن النوايا الصادقة والتوجه الجاد لتحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي، والإسهام في إسعاد الآلاف من الشباب غير القادرين على الزواج.. أوساط تجسدت فيها توجيهات ورعاية سماحة قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، يحفظه الله، ورئيس المجلس السياسي الأعلى المشير مهدي المشاط اللذين يوليان قضية تحصين الشباب اهتماما خاصا ومتابعة مباشرة لكل مراحل وخطوات الإعداد والتجهيز لهذا العرس أولا بأول، وكما لاحظنا، فقد كانت لهما إطلالة كريمة في فقرات فعاليات هذا المهرجان العظيم، وهي المرحلة التي تم فيها تلافي الكثير من السلبيات والقصور التي ظهرت في مهرجانات العرسين السابقين.
من أوساط عملت بعناية وشفافية نقية على حسن اختيار الشباب وغير القادرين على الزواج من الأسر الأشد فقرا أو أبناء الشهداء والجرحى من الذين أرهقتهم أعباء الزمن واثقل كواهلهم الفقر والعوز إلى درجة أن بعضهم بلغ من العمر 40 – 50 عاما، ودار بهم الزمن ولم تسنح له فرصة القيام بتكاليف الزواج كي يتحصنوا.
تنوع منقطع النظير، أظهر عظمة المشروع الزكوي الذي تنهض به هيئة الزكاة لتغيير حال كادت معه آمال الكثير من الشباب في إكمال نصف دينهم أن تجف، كي تلقى انفراجا في ظل توجهات قيادة همها الأكبر إقامة كتاب الله وتطبيق تعليمات الدين الحنيف، فكان العريس أو ذاك واحدا ممن شملتهم بركة الزكاة.
هنا.. في ساحة المهرجان الثالث للعرس الجماعي، لا بد أن تعيش عظمة الموقف، خاصة وأنت تستمع إلى سيناريو قصة شاب قست به الظروف وبلغ به العمر عتيا، وهو يقول: «كانت مفاجأة كبيرة، لم أصدق معها أن الوقت قد حان فعلا لتحقيق هذا الحلم الذي مجرد أمنية تراود ذهني على مدار 12 عاما بلا سبيل إلى تحقيقها».
شعور لا يوصف
وإلى عريس آخر في الخمسينيات من عمره، وهو يفصح عن مشاعره بالقول: «شعور لا يوصف- في نفسي وفي نفوس كل من شملتهم هذه المكرمة، التي لا يسعنا إلا نتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى سماحة القائد العلم السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، يحفظه الله، وإلى القيادة السياسية ممثلة بالرئيس المشير مهدي المشاط، وإلى الهيئة العامة للزكاة».
أو إلى جريح حرب أو أسير ممن تحملوا صنوف العذاب من أجل الدين وكرامة وعزة الوطن، وقدم تضحيته بجزء من جسده، ليصبح معاقا، وهو الآن، وفي هذه المناسبة، الأوفر حظا في استحقاق إسناد الهيئة له في مشروع زواجه، أو من يليه في قائمة الاستحقاق من الفقراء والمساكين الذين كان الزواج بالنسبة لهم أبعد ما يكون حتى في الأحلام، إلا أن دقة المعايير ونزاهة الالتزام بتطبيقها من قبل المعنيين في الهيئة العامة للزكاة قد مثل لهم قارب النجاة الذي حملهم من اللا حلم إلى واقع صاروا يلمسون بركته الآن، ولا يكاد أحدهم يصدق أن ما هو فيه بات حقيقة.
تميزت مظاهر العرس الكبير بشمولها جميع الفئات والطوائف والقبائل اليمنية، واحتوائها على كل العادات والتقاليد، واتساعها لكل الأقسام الجغرافية والمناخية والتضاريسية لليمن السعيد، فلا تكاد قرية ولا شعب ولا واد ولا سهل ولا جبل ولا ساحل ولا صحراء إلا ومنها «عريس» في الحد الأدنى.
وهذه الجموع من الشباب والمعسرين من أبناء الجاليات الأفريقية والجالية الفلسطينية حاضرة بكل طقوسها ومراسيم زفاف عرسانها تشارك في هذه المهرجان الإنساني الكبير الذي اتسع برحابة صدر لكل التنوعات الاجتماعية، كل ما يجمع هؤلاء هو معيار الاستحقاق، ولا شيء غيره.
وفي ساحة الاحتفال الذي أقيم بساحة جامع الشعب، شهدت الدنيا من أقصاها إلى أقصاها مزيجا فلكوريا من أنواع فنون الزفاف وتنوع الرقصات والبرع والأناشيد والزوامل والاهازيج، وصنوفا من الطقوس والعادات والتقاليد المتنوعة بتنوع مناطق ومشارب المشاركين.
المستحيل حقيقة
وبالمناسبة، ومن قلب ساحة المهرجان الأكبر- يحكى العريس نبيل محمد الفران (57 عاما) أن الظروف المعيشية الصعبة هي من وقف مانعا له عن الزواج طوال فترة حياته، فالحياة عاكسته فلم يجد فرصة عمل، وإنما يعيش على ما تجود به عطايا الأقارب وفاعلي الخير من الأهل والأصدقاء، وأن مسألة الزواج كانت من الأشياء المستحيل التفكير فيها أو الحلم بها، شاكرا الله سبحانه وتعالى أن دل عليه اللجان المجتمعية الخاصة بالهيئة العامة للزكاة وبتزكية من الشخصيات والأعيان في المنطقة التي يسكنها في أمانة العاصمة، وكانت العناية هي التي أوصلته إلى هذا الفضل الكبير منه سبحانه وتعالى بأن من على هذه الأمة بقيادة حكيمة أعادت للإسلام رونقه وللزكاة مصارفها.
رافعا أسمى آيات الإعزاز والتقدير إلى سماحة قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، يحفظه الله وإلى رئيس المجلس السياسي الأعلى المشير مهدي المشاط وإلى قيادة والعاملين في الهيئة العامة للزكاة على هذه اللفتة الكريمة التي من خلالها تمكن الكثير من المعسرين الذين منعتهم ظروفهم المعيشية الصعبة من إكمال نصف دينهم بالزواج. معتبرا هذه المناسبة العظيمة علامة بارزة في سماء هذا البلد العظيم، بلد الإيمان يمان والحكمة يمانية.
وأشار الكثير من الذين تشابهت قصصهم إلى أن إقامة العرس الجماعي لـ 10044 عريساً وعروساً في ظل الظروف التي تمر بها البلاد من عدوان وحصار وحرب ناعمة، أمر يعد من المنجزات التي أيد بها المسيرة القرآنية والتي يتأكد نجاحها بأن هناك إدارة حكيمة وقادرة على التنظيم والترتيب لهكذا مناسبة.
منوهين بأن العرس رسالة تقصم ظهور أولئك المرتزقة الذين يدعون شرعية حكومتهم رهينة فنادق الرياض وأبوظبي، والتي لم تعد قادرة على حفظ أمن حارة في عدن أو قرية في أي محافظة من المحافظات المحتلة فضلا عن أن يفكروا في أن ينظموا لعمل عظيم بهذا الحجم الإنساني والاجتماعي الكبير في دلالاته ومعانيه قبل إدخاله السرور والفرحة إلى قلوب هؤلاء العرسان وإلى قلوبهم وقلوب أهاليهم وذويهم وكل أصدقائهم.
العريس الهمام
وتباهت ساحة العرسان بالعريس (محسن محسن عبدالله جبران) أصغر العرسان حجما وهب إليه الإعلاميون من قنوات وإذاعات وصحف ومواقع إلكترونية ونشطاء التواصل الاجتماعي يستمعون إلى قصته وهو يعبر عن سعادته الغامرة بهذه المكرمة الإنسانية التي منحته إياها الهيئة العامة للزكاة والتي تأتي بناء على توجيهات قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، وهي الفرصة والحلم الذي لم يتوقع أن يتحصل عليها لاسيما في ظروف معيشية لا تحرم الأقوياء القادرون على العمل عضليا وعقليا، فما بالك بالظروف التي يعيشها هذا العريس الهمام الذي بات الناس ينظرون إليه بنظرة إعجاب وتباهي، ليس لقدراته البدنية وحجمها الصغير وإنما لفصاحة لسانه والجرأة التي يعبر بها عن فرحه وسروره بزفافه الميمون.
بدوره باشرنا العريس الأثيوبي (جمال علي محمد) بتلاوة آية مصارف الزكاة، مشيرا في سياق التعبير عن حكايته مع الزواج الجماعي عبر الهيئة العامة للزكاة إلى أن الزكاة صنفته ضمن مصرف «ابن السبيل»، معبرا عن فخره وتقديره وزملائه العرسان من الجالية الأثيوبية بهذه المكرمة التي دلت على أن اليمن بلد لم يكن ليصفها الله بالبلدة الطيبة من فراغ، فها هم اليمنيون يكرمون ضيوفهم من أبناء الجاليات بهذا التعامل الإنساني الفواح بالمشاعر الطيبة، مؤكدا أن المكرمة حققت للكثير من أبناء الجاليات الإفريقية الآمال التي لم يكن من الممكن أن تتحقق في ظل ما يعيشونه من قساوة الظروف المعيشية الصعبة.
صناعة الفرحة
أما العريس الخمسيني الدكتور أحمد الوادعي من السودان الشقيقة، فقد أكد سماعه قيام الهيئة العامة للزكاة بفتح باب التسجيل في مهرجان العرس الجماعي الثالث، فسارع للتسجيل عبر اللجان المجتمعية التابعة للهيئة، أما عن حكاية تأخير فكرة الزواج، فيؤكد العريس الخمسيني الوادعي أن رغبته في التفرغ للتحصيل العلمي كانت هي العائق الذي أخر فكرة الزواج، ثم تتابعت الأحداث في حياته، فقست به ظروف المعيشة مما أدى به الحال إلى صرف النظر عن الزواج إلى أن سمع بهذه المكرمة، فتقدم بين مصدق ومكذب بأن تتحقق هذه اللحظة الغامرة لحياته بالفرح والسرور والسعادة حين سنحت فرصة إكمال نصف دينه بالزواج، شاكرا مكرمة سماحة قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي والعاملين على هيئة الزكاة وكل من ساهم في صناعة فرحته وإدخال السرور على حياته بعد أن كان اليأس قد طمرها إلى أجل غير مسمى.
الجير بالذكر أن مشروع العفاف؛ «العرس الجماعي»، هو مشروع نفذته الهيئة العامة للزكاة على مراحل، ويستهدف في كل مرحلة تحصين الآلاف من شباب ومعسرين من أبناء الفقراء والمساكين وابن السبيل من أبناء الجاليات الفلسطينية والأفريقية من الذين حرمتهم الظروف المعيشية الصعبة من الالتقاء بالنصف الآخر، وإكمال نصف الدين بزواج ميسر في نفقات إقامة حفلات أعراسه التي باتت تفوق الخيال في بعض حالاتها.
حرب ناعمة
و»العفاف3»هو واحد من 17 مشروعا اطلقتها الهيئة خلال العام الجاري 1444هـ/2022م بأكثر من 10 مليارات ريال، حققت من خلالها المقاصد الشرعية لفريضة الزكاة إيراداً ومصرفا، وجسدت بمخرجاتها مبدأ التكافل الاجتماعي في مواجهة تعدد أساليب الحرب الناعمة في تفكيك النسيج الاجتماعي من خلال إغراءات استقطاب الشباب والشابات إلى مصائد العمل في أنشطة المنظمات الإنسانية والإغاثية، والتي غالبا ما تظهر العاملين معها بسلوكيات تجردهم من هويتهم الإيمانية إلى التميع والانحلال الأخلاقي والقيمي.
وإدراكا من الهيئة العامة للزكاة لواجب سد الثغرات التي تنفذ من خلالها تلك المنظمات بأجنداتها التدميرية، أولت الفئات المستهدفة في المجتمعات الفقيرة والأشد فقرا اهتماما كبيرا، حيث بالواجب الديني والوطني والأخلاقي والإنساني وخاصة مع فئة الشباب المعسرين غير القادرين على إكمال دينهم بالزواج، والمتقدمين في العمر ولم يسبق لهم الزواج.
وهذا النوع من الاهتمام، لابد يحمل في مخرجاته رسالة قوية تعزز ثقة المزكين بالهيئة، وتقهر الأنفس المريضة سواء في مصفوفة العدوان أو في أجندات إغراءات رواد الحرب الناعمة، وترسم في الأفق عنوان الصمود وترسخ في الجغرافيا جذور الثبات، وتحقق على أرض الواقع آيات النصر المؤيد بقوة الله.
10044
والعرس الجماعي «العفاف3»؛ هو مشروع تكافلي اجتماعي استهدف تحصين 1044 عريساً وعروساً من الفقراء والمساكين وأبناء الشهداء والجرحى والأسرى ومعاقي الحرب والمرابطين ومنتسبي الأمن وطلاب العلم وذوي الاحتياجات الخاصة وأبناء الجاليات الإفريقية والجالية الفلسطينية خلال العام الجاري 1444هـ/2022م، في جميع المحافظات الحرة الواقعة في نطاق حكومة الإنقاذ الوطني بقيادة المجلس السياسي الأعلى، هو مشروع زكوي خالص يندرج ضمن مصارف الزكاة الثمانية، ونفذ وفق معايير توزيع نسبي على مستوى الأمانة والمحافظات تمت فيه مراعاة معيار عدد الفقراء والمساكين، ومعيار الأكبر سنا باستثناء أبناء الشهداء من الأسر الفقيرة، وبشرط ألا يقل عمر المستفيد عن 25 عاما، ويقدم الأكبر سنا فالأشد فقرا، وألا يكون متزوجا أو سبق له الزواج أو من المستفيدين في مشاريع سابقة أو حصل على مساعدة زواج فردية من الهيئة.
تصوير/ عادل حويس