لا تستهينوا بمنشورات الناقد المتذمر، لأنها تكشف للناس جانبا من الحقيقة دائما، مما يبقي الجانب الآخر من الحقيقة مهما كان – صحيحا أو خاطئا – عاملاً خطيراً يؤدي إلى صناعة الاحتقان ويوغل الحقد والضغينة في صدور الناس، وهناك قضايا عامة وقرارات رسمية وتصرفات فئوية وسلوكيات شخصية بدأ يتذمر منها الكثيرون، لكن يبقى اخطر الناقدين المتذمرين هم أولئك الذين أوصلتموهم انتم للقمة بأياديكم ورفعتم أصواتهم للعلالي بقراراتكم انتم، ووظفتموهم ودعمتموهم، لأنهم أكثر الناس معرفة بكيفية الابتزاز لكم والهمز عليكم واللمز فيكم ..
إن أصحاب النقد المتذمر إذا كان هدفهم مقصودا ومدروسا وممولا – لا سمح الله – من العدو فإن خلفه مخططاً كبيراً جدا وخطيراً جدا، لكن في المُجمل قد بدأ النقد المتذمر ينتشر فعلا، وشيئا فشيئا بدأ يدفع لكم بالكثير من الناقدين المتذمرين للساحة، بعضهم ناقدون متذمرون حقا ولديهم حججهم وقضاياهم الحقيقية الخاصة والعامة معكم أو ضدكم، والبعض هم أدوات نقد تذمرية تابعة لمتذمرين صامتين فقدوا مصالحهم أو سلطاتهم أو على وشك فقدانها، والبعض ناقد ومتذمر لأنه بوق وظاهرة صوتية وإعلامية، وجميعهم مشارك بقصد أو بدون قصد في تسمين عجول مخططات العدو ..
إذا كان هذا النقد المتذمر مدروساً ومخططاً له، وبعناية وإشراف وذكاء وترتيب مخابراتي للعدو، فإنه يأمل من مخططه وإشرافه وتمويله أن تنفجر الأحقاد والضغائن والأمراض النفسية وثقافة الكراهية قريبا في وجه من تسبب في تراكم قضاياها أو دعمها أو دافع عن أصحابها، أو سكت عن مرتكبيها، أو من أهمل ولم يسع لعلاجها والقضاء عليها في وقتها، فلا تستهينوا بالناقد المتذمر، ادرسوا دوافعه وأسبابه وحججه ومن خلفه بموضوعية ومصداقية، واكشفوا للناس وبصدق صرف جانب الحقيقة التي يخفيها عنهم، قبل أن تنتشر ثقافة الكراهية وتنفجر الأحقاد والضغائن في الوقت الذي فيه البلاد والعباد بحاجة ماسه للاصطفاف على قلب وعقل وقول رجل واحد، ففي هذه المرحلة من لم ينقذ نفسه من هذا المستنقع اللعين ويكون واعيا في ما يكتبه ويطرحه ويقوله ويشكو منه ولديه نية لوجه الله في النقد البناء الذي يغيض العدو، وليس النقد المتذمر بقصد التشهير ونشر ثقافة الكراهية الذي يفرح به العدو، لن ينقذه أحد ..