تتركز مشكلة البطالة التي نعاني منها بدرجة أساسية في أوساط فئة اجتماعية محورية والمتمثلة بالشباب والذين يشكلون نسبة كبيرة من السكان.
ومع استمرار معاناة الشباب والخريجين من قلة العمل وعدم وجود فرص متاحة أمامهم تبرز الواسطة أهم شكوى يعانون منها لأنها باعتقادهم هي السبيل للحصول على وظيفة جيدة.
اجبر غسان الحكيمي إلى البحث عن فرصة عمل حرة بعد أن سدت أمامه كل الطرق للوصول الى وظيفة في القطاعين العام أو الخاص حيث يحمل مؤهلا جامعيا في الحاسب الآلي.
وكان الحاجز الذي وقف أمامه كما يقول ” هي الواسطة والتي دفعت به للعمل في أحد المحلات التجارية لبيع الملابس على الرغم من المؤهل الهام الذي يحمله).
ويقول غسان إن الأعمال والوظائف تتوفر فقط لمن لديهم واسطة أو معرفة بشخصيات نافذة أو مسؤولة تسهل وصولهم إلى فرص من المفترض أن تخضع للتنافس للحصول عليها.
إدراك
يقول البنك الدولي في هذا الخصوص : الجميع بات يدرك اليوم أن الواسطة حقيقة متفشية في الشرق الأوسط وخصوصا في الدول العربية ومنها اليمن منذ سنوات طويلة متجذرة في بنية الإدارة العامة وتتجسد في حالات كثيرة تتراوح من استيلاء قلة على الشؤون السياسية والموارد المالية إلى جوانب من الحياة اليومية كقرارات التعيين وإرساء العقود وتوفير السلع العامة.
ويستعرض تقريرا للبنك الدولي بعنوان وظائف من أجل الرخاء المشترك: حان وقت التحرك في دول هذه المنطقة لأن إحباطات الشباب تتفاقم في ما يتعلق بالواسطة والضرر الحقيقي الذي يمكن أن تلحقه بفرص جيل كامل في عيش حياة كريمة.
ويركز التقرير على العوامل التي تؤثر على أسواق العمل إذ أنها تشكل مفتاحا لفهم أسباب الإقصاء من سوق العمل. وهذا الإقصاء ينتج اليوم أعلى معدلات للبطالة بين الشباب ويترك ثلاثا من بين كل أربعة خارج قوة العمل بالإضافة إلى مشكلة عدم إيلاء أهمية للمهارات في التوظيف وهذا الأمر يشكل أبرز التحديات في سوق العمل.
ويرى خبراء أن المشكلة تتمثل كذلك في طريقة التفكير حيث ينظر إلى المؤهلات التعليمية على أنها تلعب دورا ثانويا في قرارات التعيين من جانب أصحاب العمل وأيضا وجود شبكات معارف غير رسمية تمكن كلا من الشركات والموظفين من إيجاد بعضهم البعض.
تصورات
تخلص نتائج استطلاع قام بها البنك الدولي في هذا الخصوص إلى عدم أهمية توفر المهارات عند التعيين ما يبرز تفشي الأساليب غير الرسمية للحصول على وظيفة.
وتبرز حقيقة جلية أخرى في هذا الجانب بحسب البنك وهي أن تصورات الشباب عن دور الواسطة لم تشهد أي تغيير خلال السنوات المضطربة من 2009م إلى 2013م, الأمر الذي يكشف عن تأثيرها في البطالة بين الشباب تأثيرا يقف خلف التغيير الذي يجتاح المنطقة منذ عام 2011م.
ويقول البنك الدولي: ليس التصور بأن العلاقات ضرورية في التوظيف هو ما يقوض الإحساس بالكرامة والعدالة فحسب بل وأنه يترك أيضا أثرا مدمرا يقلل من قيمة المؤهلات الأكاديمية ويشوه الحوافز التي قد تكون لدى الموظف ليكون مسؤولا عن عمله ويعمل بأمانة وكفاءة ويؤثر هذا بدوره على نوعية الخدمات المقدمة سواء في الصحة أو التعليم أو الحماية الاجتماعية.
وفي حين أن جهودا إنمائية مكثفة تبذل حاليا لتخفيف المعدلات العالية للبطالة بين الشباب فإن نقطة البداية ينبغي أن تكون من الإقرار بوجود نظام الواسطة وتشجيع الإصلاحات الاجتماعية والقانونية للحد منه إذ يبدو أن الناس الذين يعانون التبعات السلبية للواسطة يشعرون بأثرها على بنية النظام أكثر بكثير مما يعي بها صانعو السياسات.
Prev Post
قد يعجبك ايضا