تقرير/ وديع العبسي
حشود مليونية لم يسبق لها نظير على المستوى المحلي والعالمي الإسلامي، جاءت من مختلف الأرجاء، ومن الفئات العمرية، كبار في السن وأطفال تزين وجوههم ألوان المناسبة بأشكال ابتكارية متنوعة وبديعة.
منذ لحظة تحركك من منزلك في اتجاه ساحة رسول الله صلوات الله عليه واله، ترى المظاهر الفرائحية وقد أخذت مكانها في مختلف أجزاء المسير، حتى في وجوه الناس، وفي حالة الإقبال الحيوية لمعايشة تلك اللحظات المباركة.
وفي الطريق ترى مظاهر الخطة الأمنية في المداخل والجولات، حيث ينتشر أبطال رجال الأمن بآلياتهم، في مشهد يعكس دقة التنظيم، وكلما اقتربت أكثر ترى المجاميع تلو المجاميع تسير على إقدامها إلى حيث المكان المشهود، مرددين هتافات “لبَّيك يا رسول الله” وأخرى، تمجد رسول الله وتوقره وتعزره، لتظهر الفعالية بذاك الحشد البشري الهادر، حيث كان الناس قد تقاطروا منذ وقت مبكر إلى الساحة.
وترجع حالة الإقبال إلى التجاوب العارم والتسليم المطلق من أبناء الشعب اليمني مع دعوات السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، الذي دعا كل أبناء الشعب اليمني للتوجه إلى الساحات لإحياء ذكرى المولد النبوي الشريف، للمشاركة في صياغة رسالة الشعب إلى تحالف العدوان بأنه شعب يعظّم شعائر الله ويأبى الخضوع لغير الله.
وبين حين وآخر، تصادفك المقاتلة اليمنية الأصل والفصل (بأس)، النتاج العسكري الأمني، بهيبتها، وجهوزيتها لتعزيز الحالة الأمنية، وبث الرعب والخوف في قلوب المنافقين، والهواة لمكائد الشر ضد المؤمنين المستضعفين.
فيما ظهرت جهود فرق اللجنة التحضيرية ومكاتب النظافة والأشغال والمياه والصحة بالأمانة منذ نحو أسبوع.
على مشارف النور
وعلى مشارف ساحة الرسول الأعظم والفعالية المركزية في العاصمة صنعاء ترى كوادر اللجنة الأمنية والتنظيمية وقد توزعت وفق خطة مدروسة، وتنسيق سلس، يستقبلون ضيوف الرسول بالابتسام، كما تجد لجانا تطوعية استحبت أن يكون لها دور في مثل هذا اليوم الإحيائي لذكرى رسول الله والتجديدي للولاء له والعهد لمواصلة السير على نهجه صلى الله عليه واله وسلم، تستقبلك بمودة واحترام وبكلمات ترحيبية: مرحبا بضيوف رسول الله، ارحبوا على العين والراس.. إلى آخره.
ولا تغيب اللجان حتى داخل ساحة الاحتشاد، حيث تتواجد هناك في ضبط بديع لإيقاع المكان تحدد بصفوفها مربعات الحشود، ومسارات مستقيمة إلى العمق من الساحة، الأمر الذي تغيب معه تلك الحركة العشوائية للحضور، وحالة الازدحامات التي عادة ما تتسبب في وقوع بعض حالات الإغماء والفقدان، وسار المشاركون بصورة سلسة وقد ارتدى كثير منهم بعضَ الملابس الخضراء، رافعين الأعلام الخضراء، مرددين الصرخة ولبيك يا رسول الله.
الأصواتُ والهتافات لم تخلو من التعبيرَ عن السخط الكبير من أمريكا وإسرائيل، فتردد في سماء المكان شعار الصرخة، وكذا الأناشيد الدينية، على رأسها “طلع البدرُ علينا من ثنيّات الوداع” والتي هتف بها أجدادُنا الأنصار، إضافةً إلى الأناشيد التراثية المعبرة عن حب الرسول والتولي له، فيما كان رجال الأمن في مهامهم العظيمة يرتبون وينظّمون، محقّقين بذلك انتصاراً أمنياً فريداً من نوعه.
في سماء المكان تطايرت البالونات الخضراء وعليها رسمة (محمد) صلوات الله وسلامه عليه وآله، فيما توزعت الشاشات الكبيرة تنقل للحضور لقطات عامة جوية ولقطات الساحة من مختلف الأماكن.
كما توزعت العديد من الكوادر الصحية وسيارات الإسعاف في حالة من الاستعداد لأي طارئ، وحسب مدير عام مكتب الصحة في العاصمة صنعاء الدكتور مطهر عباس المروني، كان هناك مستشفيان ميدانيان لتأمين الاحتفال بالمولد وطواقم صحية بقوام 900 صحي انتشروا في ساحتي الاحتفال بذكرى المولد النبوي، ميدان السبعين وملعب مدينة الثورة الرياضي في العاصمة صنعاء، كما كان هناك 18 خيمة طبية و38 سيارة إسعاف في الساحتين.
وقد تم توسيع ساحة الاحتفال أكثر هذا العام وتم إضافة عدد من المواقف الجديدة لاستقبال أكبر حشد من المشاركين.
إجراءات وخطط مبكرة
النجاح الأمني وهو النجاح الأبرز حافظ على ألق الفعالية، منذ ما قبلها بأيام، وخلالها وحتى لحظات خروج المشاركين من الساحة وبعد خروجهم.
وكانت سبقت الفعالية، العديد من الإجراءات التي نفذتها مختلف الوحدات الأمنية لتأمين توافد ضيوف رسول، لجهة تأمين وتسهيل حركة مرور الحشود المتوافدة إلى العاصمة للمشاركة في ذكرى المولد النبوي الشريف.
حيث عقدت اللجنة الأمنية العليا لتأمين الفعالية المركزية لذكرى المولد النبوي الشريف، اجتماعا موسعا قبل الفعاليات المركزية برئاسة وكيل وزارة الداخلية لقطاع الأمن والشرطة اللواء أحمد علي جعفر، وأقرت الخطة الأمنية للمولد النبوي الشريف لتأمين الفعاليات المركزية في العاصمة صنعاء والمحافظات.
وقد ناقش الاجتماع الترتيبات الأمنية ومستوى التنسيق بين الوحدات الأمنية في الفعالية المركزية، وتوزيع المهام والاختصاصات وفق الخطة التأمينية، لتعزيز الأمن والاستقرار والسكينة العامة.
وأكد الاجتماع ضرورة أن يستشعر الجميع بالمسؤولية الدينية والوطنية، وأن تقوم الوحدات الأمنية المختلفة بمسؤولياتها ومهماتها الموكلة إليها ومنع أي تجاوزات أو اختلالات.
خطة مرورية
فيما وضعت شرطة المرور بصنعاء خطتها المرورية الشاملة للفعاليات المركزية بالمولد النبوي الشريف، أكدت على رفع الجهوزية والانتشار المروري المكثف لتنظيم حركة السير وتفادي وقوع ازدحام أو حوادث خلال توافد الحشود ومغادرتها الساحات، كما شملت الخطة، خطوط السير ومواقف السيارات، وذلك حرصاً على سلامة الجميع وضمان انسيابية الحركة المرورية، وخدمة المشاركين لإحياء هذه المناسبة الدينية العظيمة.
شرطة المرور بصنعاء حثت حينها الجميع على رفع الجاهزية القصوى، وضرورة تكامل الجهود والعمل بروح الفريق الواحد، ورفع الوعي في أداء الواجب وتقديم الخدمات للمشاركين في الفعاليات والتعامل الراقي بإحسان معهم.
في هذا السياق وبناءً على توجيهات معالي الأخ وزير الداخلية اللواء عبدالكريم أمير الدين الحوثي، وعطفاً على الموجهات العامة الصادرة من فخامة الأخ المشير الركن مهدي المشاط – رئيس المجلس السياسي الأعلى القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن، انتشر أكثر من 3000 رجل مرور في جميع شوارع وتقاطعات أمانة العاصمة والمحافظات قبل الفعاليات المركزية بأسبوع، وسجلت دوريات المرور حضوراً مرورياً مكثفاً في العديد من التقاطعات والشوارع الرئيسية والميادين وذلك في إطار الخطة المرورية الشاملة التي أطلقتها قيادة شرطة المرور لجميع فروعها بالمحافظات الحرة استعداداً للمناسبة تحت عنوان (بيئة مرورية آمنة للجميع).
وأكد العميد الدكتور بكيل محمد البراشي مدير عام شرطة المرور أن رجال المرور يعملون وفق خطة مرورية محددة تهدف إلى تحقيق أهداف الحملة والعمل على رفع مستوى السلامة المرورية والحد من المخالفات وإزالة العشوائيات والعمل على تلافي الجوانب السلبية وتعزيز الجوانب الإيجابية حرصاً على خدمة المواطن وسلامة الجميع.
وبين أن الحملة المرورية الميدانية حددت العديد من مهامها الأساسية من أهمها التأكيد على أهمية توطيد العلاقة وحسن التعامل من قبل رجال المرور مع قائدي المركبات والعمل على توجيه السائقين الذين يحدث منهم تجاوزات بسيطة والتعامل وفق النظام مع المخالفات المرورية المؤثرة في السلامة المرورية.
وشملت الحملة إزالة مسببات الازدحام المروري وتنظيم حركة السير وضمان إنسيابيتها، وتعزيز التوعية بقواعد السلامة المرورية للوصول إلى مرور آمن ومتطور يجعل طرقنا أكثر أمناً لمستخدميها.
توعية مرافقة
وفي سياق التوعية بما ينبغي الالتزام به من قبل ضيوف رسول الله، كانت اللجنة الأمنية العليا دعت المواطنين، للتعاون مع اللجان الأمنية واللجان المنظمة وشرطة المرورية، من أجل تسهيل تحرك الوافدين وتأمين مشاركتهم وعدم حدوث أي ازدحام، فيما دعت شرطة المرور جميع المشاركين في الفعاليات المركزية بمناسبة المولد النبوي الشريف في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات الحرة، إلى الالتزام بخطوط السير، والوقوف بانتظام في المواقف المخصصة، وعدم الوقوف الخاطئ في الشوارع خارج الأماكن المُخصصة للوقوف، كما دعت الجميع إلى الالتزام بقواعد المرور أثناء التوافد إلى الساحات وأثناء الخروج منها، وحثت على ضرورة التعاون مع أفراد الشرطة والالتزام بالتعليمات المرورية تفادياً لوقوع الازدحام والحوادث وبما يضمن انسيابية الحركة المرورية.
وخلال الحملات الميدانية المكثفة في شوارع وتقاطعات أمانة العاصمة والمحافظات والحضور المروري الميداني المكثف، قدم رجال المرور توجيهاً نوعياً لمستخدمي الطرق وفق منهجية التوعية والإرشاد بالأساليب المثالية للتعامل مع المواطنين من منطلق الحرص على سلامة الجميع وخدمة المجتمع.
وقامت شرطة المرور بنشر الخدمات الميدانية والدوريات المرورية في جميع الشوارع والتقاطعات على مستوى أمانة العاصمة والمحافظات بهدف العمل على سهولة الحركة المرورية، وتوجيه النصح والإرشاد لجميع مستخدمي الطرق بضرورة التقيّد باللوائح والقوانين المرورية حفاظاً على سلامة الجميع.
منع دخول القاطرات والمركبات الكبيرة
إلى ذلك، وضمن الترتيبات الأمنية التي اتخذتها الوزارة أعلنت وزارة الداخلية عشية المناسبة، منع دخول القاطرات والمركبات الكبيرة إلى العاصمة صنعاء ابتداء من الساعة الثامنة من صباح يوم الجمعة 11 ربيع الأول 1444ه الموافق 7 أكتوبر 2022م حتى مساء السبت 12 ربيع الأول 1444هـ، 8 أكتوبر 2022 م.
قبل ذلك كانت الإدارة العامة للمرور نبهت سائقي المركبات إلى ضرورة الالتزام بشروط السلامة المرورية عند تزيين مركباتهم، خلال الاحتفالات بذكرى المولد النبوي الشريف وذلك بتجنب رش الألوان على كامل السيارة، بما يؤدي لتغيير كامل في هيئتها، وصعوبة التعرف على هويتها ولونها، وعدم تظليل الزجاج الأمامي والخلفي مما يعيق رؤية الطريق أمام قائد المركبة، ولا يمكنه من رؤية المركبات في الخلف، مما قد يؤدي إلى وقوع الحوادث، بالإضافة إلى عدم إخفاء لوحات الأرقام من خلال رشها بالألوان أو تغطيتها بالصور والملصقات حرصاً على سلامة الجميع.
بهذا النجاح وبهذا الحشد، أوصل اليمنيون رسالةً إلى قوى العدوان الأمريكي السعوديّ مفادها أنه: مهما حاربتم الشعب اليمني، ومهما استهدفتموه بالمؤامرات فهذا لن يوهن من عزم اليمنيين ولن يضرهم، وسيظلون متمسكين بالرسول وبالدين ومسيرة الإسلام، وان هذا الاحتفالُ هو امتدادٌ للأنصار الذين فرحوا بالرسول وناصروه، ومحطة دينية وأخلاقية وسياسية، وعودة للقيم والأخلاق والمبادئ، كما هي رسالة للشعب اليمني بأن يكونوا يداً واحدة في مواجهة الباطل مهما كانت المخاطر.