من يتأمل في العناوين والشعارات البرَّاقة التي كان يرفعها ويحملها الثوار وتصدح بها حناجرهم وألسنتهم في الساحات والميادين العامة ليل نهار خلال تلك الفترة التي شهدت بزوغ فجر ثورة الـ21 من سبتمبر المجيدة في عام 2014م، يدرك مدى أهمية هذه الثورة وما تمثله من قيم ومبادئ عظيمة وما تحمله –أيضاً- من مضامين وأهداف أساسية واستراتيجية تصب في مصلحة أبناء شعبنا ووطننا اليمني المنهك بل والغارق في الهموم والمشاكل الكبيرة والمعقَّدة نتيجة التدخلات الإقليمية والدولية السافرة في شؤونه الداخلية والأدوار المشبوهة والقذرة التي كان يمارسها السفراء والسفارات الأجنبية والخليجية في صنعاء –آنذاك- بقيادة السفير الأمريكي الذي وصل به الحال إلى درجة السيطرة على مفاصل السلطة والحكم في بلادنا ومصادرة القرار السيادي للجمهورية اليمنية وتسخير تلك الأدوار والتحركات المشبوهة في سبيل تنفيذ الخطط والمؤامرات الخبيثة التي كانت ولا تزال تسعى إلى تحقيقها ما تسمى –آنذاك- بـ”الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية”، مستغلةً حالة اللا دولة والانفلات الأمني الذي كانت تعيشه اليمن جرّاء الخلافات والصراعات الداخلية التي نشبت بين الأطراف السياسية اليمنية عقب ثورة يناير/ 2011م التي تم الالتفاف عليها من قبل قادة وهوامير الفساد بقيادة الجنرال علي محسن الأحمر، والتي عملت تلك الدل العشر بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية على تغذيتها وإشعال فتيلها بين الأطراف السياسية في بلادنا ، وذلك تزامناً مع قيامها من خلف الكواليس بالدفع بعناصرها وأدواتها الإرهابية من قاعدة وداعش وغيرهما من التنظيمات الإرهابية المتطرفة لاحتلال مناطق ومحافظات يمنية واسعة، بما في ذلك السيطرة على منابع الثروة النفطية في شبوة وحضرموت، إضافة إلى القيام بممارسة وارتكاب أبشع المجازر المروعة بحق أبناء شعبنا اليمني في الميادين والطرقات العامة مثلما حدث في ميدان التحرير من استهداف للثوار المنتفضين ضد حكم السفارات في أمانة العاصمة وذلك بغية إيقاف ذلكم الزخم الثوري المنقطع النظير، والتي لم تسلم حتى دار رعاية الأيتام وبيوت وأماكن العبادة مثلما حصل في جامعي بدر والحشحوش من تفجيرات إرهابية ظالمة وغادرة وما خلّفته من شهداء وجرحى في أوساط المصلين الآمنين الذين سقطوا بالمئات، وليصل الأمر بهذه العناصر الإرهابية التي كانت تحركها أذرع المخابرات الأمريكية والغربية حد التغلغل والهيمنة على مؤسسات أمن الدولة في بلادنا بما في ذلك الأمن القومي والأمن السياسي، وتنفيذ عمليات اقتحامات وتفجيرات إرهابية لم يسلم منها حتى مبنى وزارة الدفاع اليمنية ومستشفى العرضي الموجود بداخل أسوار هذه الوزارة اليمنية السيادية، فضلاً عما كانت تمارسه تلك العناصر الإجرامية والإرهابية من اغتيالات ممنهجة لكوادر البلاد من بروفيسورات ودكاترة جامعات وأعضاء برلمان وقادة عسكريين وأمنيين وكل من له علاقة أو صلة بالوطن والوطنية، والشواهد على ذلك كثيرة ومتعددة لا يكفي المقام هنا لحصرها وكانت كل تلك الجرائم والاغتيالات في مجملها تقيَّد ضد مجهول.
على كلٍ، كانت ثورة الـ21 من سبتمبر المجيدة ولا تزال تمثل أم الثورات اليمنية وأصدقها وأنبلها على الإطلاق، كونها حملت كل المضامين والأهداف والقيم والمبادئ النبيلة التي حملتها الثورات اليمنية 26 سبتمبر 1962م و14 أكتوبر 1963م و30 نوفمبر 1967م، بما في ذلك الأهداف التي ظلت تلك الثورات عاجزة عن تحقيقها إلى ما قبل ثورة الـ21 من سبتمبر 2014م، وعملت ولا تزال ثورة 21 سبتمبر بقيادتها الثورية الفذّة وثوارها من أبناء شعبنا اليمني الأحرار، تعمل بكل ثقة واقتدار على تحقيقها، مواجهةً في سبيل ذلك كل قوى الهيمنة والاستكبار العالمي بقيادة أمريكا “الشيطان الأكبر”، مقدمةً التضحيات تلو التضحيات من خيرة أبناء شعبنا اليمني سعياً حثيثاً وراء تحقيق تلك المضامين والأهداف الثورية كاملة دون أي اجتزاء أو انتقاص يذكر، بما من شأنه تحقيق آمال وتطلعات الوطن والمواطن اليمني.