الجمعيات الخيرية وغياب دور الدولة في الرقابة عليها ؟!

يحيى يحيى السريحي

الأصل أن عمل الجمعيات الخيرية عمل إنساني تطوعي ، وقد سمحت التشريعات القانونية في إنشاء جمعيات خيرية ، وجمعيات تعاونية ، ومنظمات انسانية ، وغيرها من التكتلات التي تصب في مصلحة المواطن اليمني ، وكل ذلك بهدف تدعيم مبدأ التكافل الاجتماعي وبما يخدم فئات الشعب الأكثر عوزا وفقرا ، سيما وأن المنخرطين في العمل في هذه الجمعيات يدعون أنهم ينشدون الأجر والثواب من الله عز وجل وعملهم خالص لوجهه الكريم ، لا فيه رياء ، ولا نفاق ، ولا يسعون للتكسب من هذا العمل الخيري، ومساعدة الفقراء والمحتاجين غايتهم ومقصدهم،

بيد أن الواقع العملي وحال أولئك المدعين لعمل الخير والتظاهر بالورع والتقوى والأيام والسنين أثبتت عكس ذلك، وما تلك الحجة لإنشاء تلك الجمعيات إلا مطية للتكسب والتربح على حساب الفقراء والمساكين !!
بداية الأمر حينما كشر أولئك الادعياء عن أنيابهم وبانوا على حقيقتهم المزرية وأن غايتهم ليست نبيلة ولا خيرة ، وأن سعيهم وراء المال سوف يرى وهو هدفهم في الحقيقة ، وحين أنكر الناس عليهم فعلهم وطمعهم في مشاركتهم لتلك المساعدات تحججوا بالآية الكريمة ” والعاملين عليها ” ليثبتوا أن لهم نصيباً فيما يجنوه من مساعدات نقدية وعينية ، على اعتبار أنهم يخصصون جزءاً من وقتهم الغالي والثمين في عمل الجمعيات ( مع أنهم في الأساس عاطلين عن العمل ) بل لقد طمسوا مبدأ الثواب والاجر من الله من قاموسهم العملي ، وبات واضحا أنهم يريدون مقاسمة الفقراء والمساكين في تلك الهبات التي يقدمها فاعلو الخير ، عملا بقوله تعالى ” ولا تنسى نصيبك من الدنيا ” فاستغلوا جهل الناس بالدين وحاجتهم للمساعدة للبقاء على الدنيا ، وظل أولئك الانتهازيون ، الوصوليون ، على حالهم باستغلال الفقراء والمحتاجين ، يمتهنون كرامتهم ويتسولون بأسمائهم وصفاتهم وظروفهم المعيشية في الداخل والخارج ويعرضون بأبشع الصور ومقاطع الفيديو حال أولئك الناس البسطاء ، الضعفاء ، المرضى ، وحاجتهم الماسة للمساعدة ليستدروا بذلك عطف الميسورين ويحصلون على أموالهم ، وتحولت تلك المساعدات بقدرة أولئك المتحولين والمتحورين باسم فعل الخير ومساعدة المحتاجين من العاملين عليها الى العاملين لها، وأضحى أولئك العاملون لها وكانوا من الطبقة الكادحة، العاطلة عن العمل، رأس مالهم لحية طويلة، وثوب قصير بالٍ مهترئ، يسكنون بيوت الايجار، وكل ما يملكونه هو التمثيل على الناس بالورع والتقوى ومساعدة الناس في فعل الخير، إذا بهم بعد بضع سنين لا تعرف اشكالهم بعد أن جرت النعمة مجراها في دمائهم وأكلهم أموال المساعدات، إن لم يكن كلها فأغلبها وهي بالطبع حرام وأموال سحت ، وصارت لهم بيوت فاخرة يسكنونها، وسيارات يركبونها، وأموال بالعملة الصعبة يكنزونها ، وأراضي وعقارات يملكونها ، هذا حال نموذج من تلك النماذج السيئة الخائنة للأمانة أدعياء الخير، وهم الكذابون الأشر !! أما النموذج الثاني من تلك الفصيلة ، فصيلة الزواحف على حاجات الناس فقد فضلوا البقاء على حالهم وإخفاء كل ما امتلكوه من العاملين عليها ولها ، وفضلوا عدم إثارة الريبة والشك في قلوب الناس خاصة وهم معروفون أنهم شحاتين لا يملكون لا ناقة ولا جمل ، وغياب الرقابة على مثل هذه الانشطة والاعمال ساعد أولئك الخبثاء على التمادي واستمرار مسلسل استغلال الناس وحاجتهم للمساعدة ، وأتمنى على الدولة والاجهزة الرقابية فيها والجهات ذات العلاقة بهذا النوع من النشاطات ان تقوم بدورة محاسبية ورقابية لتلك الجمعيات وتحديدا منذ بداية الحرب والعدوان على اليمن من العام 2015م ، والكشف على أسماء الاشخاص العاملين في تلك الجمعيات والمبالغ التي تحول لهم من الخارج عن طريق مختلف محلات وشركات الصرافة ، والتدقيق في حقيقة نشاط تلك الجمعيات ، ومنع ادعياء فعل الخير من امتهان كرامة اليمنيين والقيام بتصويرهم، ومحاسبة كل مستغل، وخاين للأمانة، وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاء خيانتهم ومخالفتهم للانظمة والقوانين النافذة في البلاد.. حقا إن أسوأ أنواع الرذيلة ادعاء الفضيلة .

قد يعجبك ايضا