سياحة وتراث / عادل شلي
يعتبر مسجد وقبة الإمام المطهر بـ(دروان) التابعة لعزلة قدم أحد ضواحي مدينة حجة من بدائع الفن المعماري حيث شيد على منحدر صخري شديد الانحدار، وشيدت حامية البناء بأحجار صخرية كبيرة وبارتفاع كبير لتسند بناء المسجد والقبة وملحقاته، حيث يستند سور الجامع الغربي على هذه الحامية.
يدخل المرء للجامع من باب جنوبي من جنوب المنحدر ثم يهبط من البوابة إلى صرح المسجد الذي تتوسطه بركة واسعة فيها مجموعة من الحمامات التي بنيت سواترها بأحجار مصقولة وتزينها فتحات باتجاه الغرب، يدخل منها الضوء، وفيها نحتت المسارج للإضاءة ليلا وفي شهر رمضان، ويحيط به من الغرب صرح مرصوف وسور يحيط بالبركة والجامع بمحاذاة الباب الجنوبي مرورا بالغرب حتى الشمال تتوسطه غرفة صغيرة وبجوارها بعض الغرف التي تمتد إلى المدخل الجنوبي.
ويمر الداخل من الباب الجنوبي بممر يوصله إلى العريشة التي تقع أمام بوابة المسجد، كما أن للمسجد باباً من الشرق ينزل إليه أهل محل (دروان) من الأعلى عبر درجات من الأحجار.
قبة المسجد والفناء المكشوف
وتتكون القبة من التابوت والبناء البيضاوي البديع المرفوع على مجموعة من العقود البديعة.
ونقش على التابوت اسم صاحبه وصفاته، والعام الذي بدأ فيه دعوته، والعام الذي توفى فيه، والمقدم الذي فيه قبلة المسجد وباب صغير يفضي إلى الباب الشمالي للمسجد الذي شيد الممر الذي يصل البوابة الشمالية بالمسجد بالأحجار المرصوفة بعناية فائقة وتقع على جانبه الشرقي بركة واسعة وعميقة، ويطل الجانب الغربي على الهاوية وبركة صغيرة ملاصقة لجدار المسجد.
ورغم هذا الجمال العمراني النادر إلا أن مصدر هذا الجمال هو عبقرية وإرادة الإنسان الذي شيد هذه التحفة النادرة في هذا المنحدر الصخري الوعر المرتقى، وهذا بحد ذاته إعجاز، وآية شاهدة على عبقرية الإنسان اليمني وإرادته التي وجهها لقهر الصعاب وتحويل المحال إلى حقيقة.
يذكر المؤرخ يحيى محمد جحاف في كتابه، «حجة معالم وأعلام»، أن المسجد بني في 695للهجرة قبل وفاة الإمام المطهر.
مما يوضح أن عمر المسجد قد تجاوز 7 قرون وهو شامخ في وجه الزمن ولا يحمل فقط أطناناً من الصخر والأخشاب والتراب وإنما أطناناً أيضا من الماء.
طوت القرون بطولات ومعارك ودعوة الإمام المطهر والأحداث الجسام، وظل هذا الصرح الروحي شاهدا على قوة عزمه ونقاء روحه وارتفاع مقامه وقدره ومكانته الروحية والعلمية.
موقع مسجد وقبة المطهر
وبحسب وصف المؤرخ يحيى محمد جحاف رحمة الله تغشاه واسكنه جنات النعيم في كتابه حجة معالم وأعلام:
موقع مسجد وقبة المطهر، عبارة عن بناية مستطيلة الشكل أبعادها 30*40م تقريباً، جدرانها سميكة مشيدة بأحجار سميكة من الخارج والداخل مكسوة بالقضاض والجص، وقد أقيمت على أرض صخرية منحدرة جدا في الاتجاه الخارجي، ومحاطة بسور خارجي يضم مسجداً للصلاة وقبة وعدداً من برك الماء، ومطاهير الوضوء، والمرافق والملحقات الأخرى، ولها مدخل يفتح في الواجهة الجنوبية، وآخر في الواجهة الغربية. المسجد مستطيل الشكل وله مدخل يفتح في جداره الجنوبي تتقدمه سقيفة ظلة، وعليه باب بمصراعين من الخشب يعلوه عتب خشبي سميك، عليه كتابات محفورة نصها (الله خير حافظ وهو أرحم الراحمين)، والمدخل يقود على الرواق الجنوبي لمؤخرة المسجد المكون من قاعة مستطيلة الشكل، واجهتها الشمالية مفتوحة على الصحن الذي يتوسط المسجد، وتطل عليه بعدد من العقود المفتوحة ترتكز على دعامات. أرضية القاعة مبلطة بالقضاض، وفي الجزء الشرقي منها عدد من القبور البارزة عن مستوى سطح القاعة، والرواق الأمامي مستطيل الشكل تتوسط جداره الشمالي حنية المحراب تجاوره حنية المنبر، وعلى يسار المحراب باب صغير يفتح على ملحقات المسجد الواقعة خلف جداره الشمالي برك خزن الماء.
القبة تتوسط الصحن المكشوف، وتتكون من حجرة مربعة الشكل لها مدخل يتوسط جدارها الغربي، ويفتح على أرضية الحجرة حيث يتوسط جدارها الشمالي محراب مجوف معقود بعقد مدبب يرتكز على أعمدة مندمجة، وتكسو كتلة المحراب زخرفة جصية بارزة ومحفورة عبارة عن وحدات نباتية، وعناصر معمارية، ونصوص كتابية موزعة بشكل جيد، وقد طمست بفعل التجديدات المتكررة بالجص والنوره. وهناك سقف الحجرة، وتغطيه قبة نصف دائرية تقف على حنايا ركنية وقد طمست الزخارف التي تكسو جدار القبة من الداخل باستثناء الزخارف التي تكسو مركز القبة والمكونة من وردة نباتية كبيرة الحجم، وهي بعدة بتلات منفذة بالحفر البارز على الجص والألوان المائية.
التابوت يتوسط أرضية الحجرة، وهو من الخشب مكون من قسمين القسم الأسفل مستطيل الشكل، والقسم العلوي جمالوني، وتغطي واجهات التابوت وحدات زخرفية ونصوص كتابية تضمنت اسم وألقاب وفضائل صاحب التابوت، وتاريخ وفاته، وآيات قرآنية وأدعية، وتتوسط واجهات التابوت الأربع كتابات نصها: (بسم الله الرحمن الرحيم هذا تابوت الإمام الكامل النبيل ذو الأخلاق الرصينة، والأعراف الزكية المؤثر الآخرة على الدنيا، والسالك فيها مسالك الأتقياء ما بات إلا قائماً ولا أصبح إلا صائماً طول العمر في طاعة الرحمن كثير البر والصلة للأرحام والأخوان الإمام المتوكل على الله المطهر بن يحي بن المرتضى بن المطهر بن القاسم بن الإمام المطهر بن محمد بن المطهر بن علي بن الإمام الناصر بن أحمد بن الإمام الهادي إلى الحق يحي بن الحسين وكانت دعوته في 675هـ، ووفاته سنة 695هـ).
الملحقات: يضم المسجد بركة واسعة محفورة في باطن الصخر جدرانها سميكة مبطنة بالقضاض تقع في الجهة الجنوبية منه، وحول ضلعي البركة الشمالي والشرقي أقيمت عدد من المطاهير، وفي الجهة الغربية من المسجد توجد عدد من الحجرات والمساكن يعتقد أنها كانت لإيواء طلبة العلم الوافدين من خارج المنطقة إضافة إلى عدد آخر من برك الماء المجاورة لمسجد الإمام المطهر، ويعود تاريخ إنشاء الموقع إلى العام 695هـ من قبل الإمام المطهر بن يحي الذي توفى عام 697هـ.
* الصور من رحلتنا إلى مسجد الإمام المطهر بصحبة المؤرخ يحيى محمد جحاف، والفندم/ سعد عواض، والإعلامي / عبدالسلام الاعور، وعدد من أبناء محل دروان.