محرم.. شهر الشهادات العظمى

عبد الكريم الوشلي

 

وكأن شهر محرم الحرام هو شهر انبثاقات الروح الإنسانية المضحية والفادية، والمآسي التي بقدر ماكدَّست في وجدان الأمة وكينونتها جروحا لا تندمل ولا يُطفئ حرارتها الزمن مهما طال.. شكلت وتشكل -في المقابل- مضخات لأعظم الطاقات في نفوس الأحرار وولَّاداتٍ لأسمى عزائمهم ومواقفهم في وجه الطغيان الذي لا يخلو من قتامة حضوره زمنٌ ولا جيل.
في عاشر هذا الشهر من كل عام هجري قمري، تطل كربلاء بثنائية مدلولها المأساوي الاستشهادي وتوهج عنوانها العاشورائي الحسيني الخالدِ التدفق في معاني البطولة والإباء وعزة الإيمان والإسلام الحق العصي على الكسر مهما كانت قوة الإجرام الطاغوتي التي يقف بكل شموخ مقارعا لشرها.
وفي الخامس والعشرين منه ينبض حدث جلل آخر لا يقل مأساوية وغزارة في عِبره ومعطياته الجهادية والإيمانية والبطولية الخالدة.. يتمثل في ثورة الإمام زيد بن علي(ع) واستشهاده.
إن عنفوان المعنى المتدفق من ذرى وسفوح أمثال هذه المناسبات.. يسعف الوعي اللاقط بما لا يستهان به من قيم الاعتبار والدرس والاستخلاص، التي تعد عناوين أساسية لحاجة أمتنا الملحة في هذه اللحظة الفارقة الصعبة من تاريخها.
والقضية الاعتبارية الراكزة بجلاء في هذا المضمار الموضوعي – أو ضمن هذا السياق – تتمثل في أنه «عندما يكون هناك ظالم ومظلوم.. جلاد وضحية.. قاتل ومقتول.. فلامجال أبدا للحياد.! بل إن الحياد هنا خيانة، وخذل للحق الذي أمر الله بنصرته».
إن خذلان الحق في مواقف الصراع مع الباطل جريمة كبرى تدفع ثمنها الأمة كلها، بل الإنسانية بأجمعها.
بسبب هذا الخذلان استبيحت شعوب وأوطان ..وهتكت حرمات.. وتنمر الطغاة والجبابرة والقتلة والمعتدون.
وبسببه، على نحو العموم، سُفك دم الإمام الحسين، ودم الإمام زيد(عليهما السلام)، وكثير من الدماء الطاهرة والبريئة..عبر التاريخ إلى اليوم.

قد يعجبك ايضا