جنرال أمريكي يعبّر عن مخاوفه من عودة الهجمات ويحذر منها
الثورة / وديع العبسي
«لا سلام دون وقف العمليات العسكرية ورفع الحصار وسحب القوات الأجنبية من جنوب البلاد وإعادة الإعمار والتعويض»، خارطة سلام واضحة تضعها صنعاء دون رتوش أو لعب في المصطلحات.
السلام الذي بات مطلبا أمريكيا حيويا تقتضيه المتغيرات الدولية ودخول العلاقة الأمريكية السعودية مزالق انعدام الثقة، كما تفرضه حاجة الدول الثرية السعودية والإمارات للسلام فبنيتها التي لم تدخل خلال تاريخها البسيط في حروب من هذا النوع أضعف من تحمل وقع ضربات قد تتسبب بارتدادات عنيفة على واقعها الاقتصادي والأمني.
لا تغلق صنعاء مع ذلك الأبواب كليا أمام أي هدنة يمكن أن تقضي إلى سلام دائم وشامل لكنها ترفض هدنة بصيغة قوى العدوان، تمنح بموجبها هذه القوى اليمنيين انفراجات في إجراءات الحصار وتأخذ كل التهدئة من صنعاء، وهي مسألة مكشوفة لمسها وتأثر بها المواطن اليمني.
السلام لتحالف العدوان السعودي بات مطلبا حاسما بعد اختراق كل محاولات لملمة شتات القوى التابعة له والتي أثبتت فشلا ذريعا في إدارة الحكم في المحافظات الجنوبية المحتلة أو حتى لعب دور العسكري الحامي لمصالح القوى الداعمة، وخلال أسابيع الهدنة في نسختيها والتي تلفظ أنفاسها الأخيرة بعد أيام، عمدت السعودية إلى مد طوق النجاة لأتباعها الغارقين في حيص بيص إدارة المصالح، فبدلت مواقع بيادق الشطرنج على نحو عشوائي وحذفت من القائمة عناصر مثلت بالنسبة لها مع بداية العدوان أدوات حاسمة للوصول وضرب الأهداف اليمنية، كما أوصت آخرين بالسمع والطاعة والتزام الصمت أو الخروج من دائرة الرعاية.
فخلعت هادي ومحسن وأتباعهما وجاءت بالعليمي وطارق ومجلس وُلد مشلولا منذ اللحظة الأولى، وخلقت بذلك صراعات داخلية تنبئ بانهيار كل مخططات تحالف العدوان، ليتأكد لهذا التحالف فشل هذه القوى في توفير الأجواء المناسبة لتحركه في اتجاه تحقيق أهدافه.
ومع التحديات التي تواجهها أمريكا، القادمة من روسيا والصين ودول مزعجة بالنسبة لها مثل كوريا الشمالية وإيران إلى فنزويلا وأخرى، وانشغال أمريكا بخلق بؤر صراعات عالمية تخفف عنها وطأة هذه التحديات، لا يبدو أن الرياح تسير في صالح التحالف السعودي الذي يكاد يقع بعد تآكل أجنحته من هول حرارة الضغط.
هنا حين يظهر غروندبرغ بأطروحته الجديدة المدعومة بطبيعة الحال مما تسمى بـ «الخماسية»، لا يكون أمام صنعاء إلا إعادة التذكير بالاستحقاقات الطبيعية وهي استحقاقات إنسانية لأي هدنة، والتأكيد على شعار «سلام للجميع بما فيهم اليمن أو لا سلام»، وهي معادلة طبيعية لا مغالاة فيها خصوصا وأن العدوان والحصار فرضا على اليمن من قبل السعودية والإمارات وبمباركة ودعم أمريكي.
وبالنظر إلى التصريحات بشقيها السياسي متمثلا بما يطرحه محمد عبدالسلام رئيس الوفد المفاوض حول الإخلال الفادح من قبل تحالف العدوان باستحقاقات الهدنة وعدم التزامه بما نص عليه الاتفاق، والشق العسكري الذي تصدره وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر العاطفي من خلال تأكيده في لقاءاته وزياراته المرابطين في الجبهات، على الجهوزية التامة في صفوف قواته لأي تصعيد قادم مع ارتقاء التصنيع العسكري إلى مستويات أكثر قدرة على إصابة دول العدوان في مقتل وفرض تحولات ستنعكس إيجابا على حضور محور المقاومة، وتهدد بالتالي الجميع بما في ذلك الكيان الإسرائيلي والمصالح الأمريكية والخليجية.
وهو ما عبر عنه صراحة قائد القوات الجوية الأمريكية بالشرق الأوسط الجنرال أليكسوس غرينكفيتش يوم أمس إلى الصحفيين قبل توليه مهام منصبه الجديد في قاعدة العديد الجوية بدولة قطر، حيث سيكون مسؤولا عن العمليات العسكرية في العراق وسوريا وأفغانستان وغيرها
وقال الجنرال الأمريكي: «نحن في الموقف الحالي لا نتعرض فيه لهجوم مستمر، لكننا نرى التخطيط لهجمات باستمرار، سيحدث شيء ما يطلق العنان لذلك التخطيط وهذا التحضير ضدنا».
وأضاف «أحدث معلومات استخبارية أمريكية تفيد بأن إيران تستعد لإرسال طائرات مسيرة مسلحة وغير مسلحة إلى روسيا لاستخدامها في حربها على أوكرانيا، وأن ذلك لا يمثل مفاجأة، لكنه أمر مثير للقلق»، وفق ما نقلت عنه «أسوشيتد برس».
كما أعرب أليكسوس غرينكفيتشش عن مخاوفه من زيادة نفوذ روسيا والصين في المنطقة، كقوى عظمى تتنافس على النفوذ الاقتصادي والعسكري في الشرق الأوسط.
وبحسب ما نقلته صحيفة «ستارز آند سترايبس» عن غرينكيفيتش، فإن طهران قامت بتكييف تكتيكاتها وخطت خطوات كبيرة في المجال الجوي بفضل طائراتها بدون طيار. بالتزامن قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ، إنه يجب على من أسماهم «أطراف الصراع» تمديد وتوسيع الهدنة في البلاد.
وقال المبعوث الأمريكي، خلال لقائه مع المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي، «أدت ندرة واردات القمح العالمية إلى زيادة انعدام الأمن الغذائي بين اليمنيين ، لكن هدنة الأمم المتحدة جلبت لحظة من الأمل والراحة»، وفق تغريدة لوزارة الخارجية الأمريكية.
وأضاف أنه «يجب على طرفي النزاع تمديد الهدنة وتوسيعها من أجل أهل اليمن».
ولا يشفع لهذه الدول أي تحرك أمريكي وبأي مسمى كان حلف أو تعاون ومحاولات فرض الهيمنة على البحر الأحمر وتمكين الكيان الإسرائيلي من حرية الحركة وفرض حضور طبيعي ضمن النسيج العربي، إذ أن ذاك كان حاضرا بشكل أو بآخر خلال سنوات العدوان ولم يستطع حماية عصب المصالح السعودية الأمريكية الإماراتية من الضربات اليمنية.
وتبقى خارطة السلام بمفهوم صنعاء الحاضر الأقوى، لا سلام دون وقف العمليات العسكرية ورفع الحصار وسحب القوات الأجنبية من جنوب البلاد وإعادة الإعمار والتعويض.