تتحرك أمريكا برئيسها وسفيرها ومبعوثها إلى اليمن على نطاق واسع ، من أجل الذهاب بالهدنة الأممية نحو التمديد الثاني بعد أن أوشكت فترة التمديد الأول على الانتهاء في الثاني من أغسطس المقبل ، رغم التنفيذ السلحفائي الممل لبنودها ، والتنصل عن تنفيذ الجزء الأكبر من مضامينها بسبب عدم جدية الأمم المتحدة وتنصلها عن تعهداتها والتزامها بتنفيذ بنود الهدنة التي تم الموافقة عليها والتوقيع عليها من قبل الطرفين برعايتها وتحت إشرافها .
اليوم التحركات الأمريكية المكثفة تتزامن مع تحركات مماثلة يقوم بها المبعوث الأممي إلى اليمن غروندبرغ الذي تلقى توجيهات من الأمم المتحدة، عطفا على توجيهات الإدارة الأمريكية، تحثه على القيام بسلسلة زيارات ولقاءات مع الأطراف اليمنية والكيان السعودي من أجل التوصل إلى اتفاق مبدئي على تمديد الهدنة الأممية لفترة ثانية تمتد لستة أشهر ، وذلك بذريعة الحصول على وقت كاف للخوض في معالجة الأوضاع الاقتصادية والإنسانية وبالتحديد حلحلة ملف المرتبات والأسرى ، على الرغم من عدم تنفيذ بنود الهدنة في نسختها الأولى وفترة تمديدها الأولى ، وغياب الدور الأممي الضاغط في اتجاه تنفيذها دونما مماطلة أو تسويف وخصوصا فيما يتعلق بإيقاف الخروقات وتسيير الرحلات الجوية عبر مطار صنعاء من وإلى مطاري القاهرة وعمان وتلكؤ المرتزقة في التعاطي الإيجابي مع مبادرة المجلس السياسي الأعلى واللجنة العسكرية بشأن فتح الطرقات في تعز .
أمريكا حريصة على أن تظل العمليات النوعية للقوة الصاروخية وسلاح الجو المسير اليمني التي تدك عصب الاقتصاد السعودي ومصدر التمويل الهام للسوق الأمريكية والأوربية من النفط السعودي متوقفة ، وهي أشد حرصا على ذلك في هذه المرحلة بالتحديد أكثر من غيرها نظرا للمتغيرات التي يشهدها العالم نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها على الاقتصاد العالمي وتأثيراتها على إمدادات وأسعار النفط على مستوى العالم ، لذلك تذهب للبحث عن التمديد ، في الوقت الذي تبحث القيادة الثورية والسياسية الحكيمة عن التنفيذ لبنود الهدنة قبل الخوض في مسألة التمديد .
فالهدنة حتى اللحظة لم تتحقق على الواقع، منع للرحلات الجوية، واحتجاز وقرصنة للسفن، وخروقات مختلفة لوقف إطلاق النار، وعرقلة واضحة من قبل المرتزقة لمبادرات فتح الطرقات، فما فائدة التمديد إذا لم يأت بجديد؟!!
انتظرنا أن تحمل فترة التمديد الأولى انفراجه فيما يتعلق بتنفيذ كافة البنود التي تضمنتها الهدنة منذ دخولها حيز التنفيذ في الثاني من إبريل الماضي ، ولكن الأمم المتحدة بدت عاجزة عن تنفيذ ذلك، وما تزال غارقة في مراوغتها ومداهنتها وتضليلها بشأن ذلك ، وكأن الهدنة مجرد استراحة محارب فقط ، الهدف منها توقف العمليات النوعية للقوة الصاروخية وسلاح الجو المسير اليمني التي تطال العمق السعودي ، مع توقف غارات الطائرات الحربية للعدوان السعودي الإماراتي الأمريكي فقط ؟!!
بالمختصر المفيد، كنا وما نزال وسنظل دعاة سلام ورسل محبة ، لا مصلحة لنا في الحرب ، ولكنها فرضت علينا للدفاع عن الأرض والعرض والشرف والسيادة والكرامة ، طالبنا وما نزال نطالب بإيقاف العدوان وإنهاء الحصار ، ومع ذلك قبلنا بالهدنة بكل ما فيها من إجحاف ، ولكن تحالف البغي والعدوان والإجرام والتوحش يصر على تفخيخ الأجواء وتأزيم الأوضاع وعرقلة وإعاقة أي مبادرات تهدف لإيقاف العدوان وإنهاء معاناة أبناء شعبنا التي أوشكت على انقضاء الثلث الأول من عامها الثامن ، يريدون هدنة على الورق لا أثر لها على الأرض ، يريدون هدنة مزاجية يخضع تنفيذ بنودها لمزاج ورغبات تحالف العدوان ومرتزقته ، وهذا غير مقبول ، ولا يمكن القبول به على الإطلاق .
نريد هدنة يفتح خلالها مطار صنعاء أمام الرحلات ، ويفتح ميناء الحديدة أمام سفن النفط والغذاء والدواء والمساعدات ، نريد هدنة تصرف خلالها المرتبات ، وتفتح خلالها كل الطرقات ، وتتوقف كل الخروقات ، ويفرج خلالها عن كل الأسرى في السجون والمعتقلات ، وتشهد خلالها نقاشات جادة ومفاوضات ، تقود إلى حلول جذرية ومعالجات لكافة القضايا والملفات ، وتحمل معها نهاية للعدوان والحصار ومختلف أشكال الصراع والأزمات .
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم.. وعاشق النبي يصلي عليه وآله .