إضرابات تشل الملاحة في كبرى المطارات الأوروبية والأمريكية مع تصاعد أزمة المعيشة والرواتب
إلغاء آلاف الرحلات وفوضى وطوابير طويلة في المطارات الأوروبية والأمريكية
الثورة / متابعات
على إيقاع الارتفاعات الجنونية للأسعار والتضخم والتدهور المعيشي بشكل غير مسبوق في أوروبا ، بدأت الإضرابات والمظاهرات والاضطرابات المجتمعية تعصف بالدول الأوروبية ، وحسب توقعات- فإن الإضرابات آخذة في الاتساع وقد شملت قطاعات حيوية إضافة إلى قطاع الطيران.
وبدأت الإضرابات العمالية في القطاعات الحيوية تجتاح أوروبا وأمريكا، إثر الأزمة التي تتصاعد جراء الحرب الروسية الأوكرانية، وبدت حركة السفر مضطربة وفوضوية جراء إلغاء آلاف الرحلات.
وخلال الأيام الماضية ألغت المطارات الأوروبية مئات الرحلات الجوية ، بسبب الإضرابات التي تسببت في إرباك خطط السفر ، وقالت وسائل إعلام ألمانية إن فوضى عارمة في المطارات الأوروبية بسبب الطوابير الطويلة للمسافرين إثر الإضرابات وإلغاء الرحلات.
وقالت «مشهد فوضوي أقل كلمة يمكن أن نصف بها الوضع في المطارات الأوروبية الكبرى في الوقت الراهن مع تغيير مواعيد السفر أو إلغائها علاوة على فقدان الأمتعة ووقوف المسافرين في طوابير طويلة لساعات».
وقد أدت الإضرابات إلى شلل الحركة في المطارات بسبب نقص الموظفين وإلى إلغاء آلاف الرحلات الجوية والتسبب في طوابير طويلة بشكل يثير الإحباط بين المسافرين ، واستعانت ألمانيا بمستخدمين أجانب لتعويض نقص العاملين بالمطارات.
إلغاء مئات الرحلات
شهد قطاع الطيران في أوروبا والولايات المتحدة إضرابات بين صفوف عمال المطارات ، ففي فرنسا، ألغيت عشرات الرحلات المبرمجة أمس الأول السبت في مطار شارل ديغول بالعاصمة باريس، بسبب استمرار إضراب عمال المطارات المطالبين بتحسين ظروفهم المعيشية من خلال رفع الأجور وفتح باب التوظيف.
وأعلنت شركة «إير فرانس» إلغاء أكثر من 10% من رحلاتها القصيرة والمتوسطة انطلاقا من مطار شارل ديغول وأبقت على برنامجها للرحلات الطويلة.
وقامت الإدارة العامة للطيران المدني في فرنسا على طلب الإلغاء الوقائي لعدد من الرحلات الجوية، وأُغلق عدد من مدارج الإقلاع والهبوط بسبب عدم توفر العدد الكافي من العمال لضمان سلامة العمليات الملاحية.
ووفق إدارة مطارات باريس، فإن هذه الإلغاءات ستؤثر على رحلة من بين كل 5 رحلات. وعلقت المفاوضات بين ممثلي العمال وإدارة مطارات باريس مساء الجمعة الماضي من دون التوصل إلى اتفاق.
وفي بريطانيا، وحسب الإدارة العامة للطيران المدني فإن المسافرين في جميع المطارات يقفون في طوابير طويلة ويواجهون تأخيرا في الرحلات مع تفاقم مشكلات الأمتعة.
وأعلنت إدارة مطار هيثرو الدولي في لندن أمس الأول إلغاء 30 رحلة بسبب النقص الحاد في عدد الموظفين ، ويعاني مطار هيثرو من مشكلات في توفير الموارد لتلبية الطلب المتزايد على السفر، ما أدى إلى تقطّع السبل بأكثر من 6 آلاف مسافر.
وتشهد مطارات ألمانيا طوابير طويلة وإلغاء رحلات بالجملة خاصة في شركة لوفتهانزا، وأعلنت الحكومة الألمانية أنها ستستعين بعمال أجانب لإنهاء الفوضى في مطاراتها التي تواجه نقصا في عدد الموظفين يقدّر بـ7200 متخصص.
إسبانيا
وفي إسبانيا، ألغيت ما لا يقل عن 10 رحلات لشركة راين إير و5 رحلات لإيزي غيت، وتأجلت 175 رحلة للشركتين بعد أن أضرب موظفو شركتي الطيران منخفضتي التكلفة عن العمل احتجاجا على مستوى الأجور وظروف العمل.
الخطوط الإسكندنافية
في الإطار ذاته، أُرجئ مجددا أمس الأول تهديد بإضراب مفتوح لطياري الخطوط الجوية الإسكندنافية (ساس) -وهي شركة الطيران الوطنية لكل من السويد والدانمارك والنرويج- مع تمديد المفاوضات بين الإدارة والنقابات للمرة الثانية.
وقالت شركة الطيران -التي تعاني من مشكلات- في بيان إن «المفاوضين قرروا إرجاء الإضراب مجددا».
وكانت مهلة الإضراب -التي حددتها النقابات أساسا الأربعاء الماضي- أرجئت إلى السبت، ومُددت المهلة الآن حتى منتصف الاثنين القادم، رغم إمكان الإعلان عن إرجائها مرات أخرى.
ويحتج الطيارون على اقتطاعات للرواتب تطالب بها الإدارة في إطار خطة إعادة هيكلة تهدف إلى ضمان استمرار الشركة التي منيت بخسائر منذ ظهور فيروس كورونا مطلع 2020.
الولايات المتحدة
وفي الولايات المتحدة، ألغت شركات الطيران أمس الأول نحو 600 رحلة، كما تأخرت أكثر من 2200 بسبب النقص في طواقمها، وفق الموقع الإلكتروني «فلايتاوار» المتخصص في تتبع حركة الرحلات الجوية ، ويوم الجمعة تم إلغاء 587 رحلة من إجمالي 3060 رحلة ملغاة في العالم، مع تأخير نحو 8 آلاف أخرى.
والخميس الماضي، أضرب طيارو شركة «دلتا إيرلاينز» للمطالبة برفع أجورهم لتعويضهم عن الساعات الإضافية التي عملوها.
حالة إرباك وفوضى
وقد أدت حالة الارباك في المطارات إلى إلغاء مئات الرحلات في الأسابيع القليلة الماضية، حيث ألغت شركة لوفتهانزا وحدها قرابة ثلاث آلاف رحلة .
وفي مساعي حل هذه الأزمة، قالت الحكومة الألمانية أنها سوف تستقطب عمالاً أجانب للعمل في المطارات بشكل مؤقت خاصة من تركيا للتخفيف من حدة الأزمة خلال ذروة موسم الأجازات الصيفية.
وفي ذلك، قال وزير العمل هوبرتوس هيل ووزيرة الداخلية نانسي فيسر للصحفيين إن الحكومة ستعمل على تسريع إجراءات منح تصاريح العمل والتأشيرات لآلاف من العمال الأجانب.
ولم تكن الحكومة الألمانية الوحيدة التي تدخلت على خط حل أزمة فوضى المطارات، إذ تعتزم الحكومة البرتغالية مضاعفة عدد موظفي أطقم مراقبة الحدود في مطارات البلاد الستة خلال هذا الشهر في محاولة لاستيعاب الزيادة الكبيرة في حركة المسافرين.
ودفعت الطوابير والفوضى في المطارات الإسبانية الشرطة إلى تعيين 500 موظف إضافي لنشرهم في المطارات الأكثر ازدحاما.
من جانبها، قالت «الخطوط الجوية الأيبيرية»، الناقل الوطني في إسبانيا، في وقت سابق من يونيو / حزيران إن التأخير الذي طرأ في عمليات مراقبة جوازات السفر في مطار باراخاس بالعاصمة مدريد أدى إلى عدم تمكن قرابة 15 ألف مسافر من اللحاق برحلاتهم منذ الأول من مارس / آذار الماضي.
أما أيرلندا فقد وضعت الجيش على أهبة الاستعداد للمساعدة في التدابير الأمنية في مطار دبلن في حالة حدوث اضطرابات جديدة خلال موسم الأجازات الصيفية.
وجاء الإجراء الأخير عقب عدم تمكن أكثر من ألف مسافر من اللحاق برحلاتهم في يوم واحد في مطار دبلن الرئيسي للبلاد بسبب الطوابير الطويلة والازدحام الشديد فيما تقترب حركة الطيران في المطار إلى مستويات ما قبل الجائحة.
وتأثرت عدة مطارات فرنسية، بينها شارل ديغول وأورلي قرب باريس منذ الجمعة بإضرابات جديدة، وحسب ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية، يبدو الموسم السياحي الصيفي الذي يبدأ في نهاية الأسبوع المقبل في فرنسا، صعبا جدا بالنسبة لقطاع الطيران الأوروبي، الذي يعاني لاستعادة فعاليته بسبب عدم التوافق بين الطلب القوي وعدد العاملين الذي لا يزال ضعيفا في بعض المطارات ولدى بعض الشركات.
وطالبت هيئة الطيران المدني الفرنسية إلغاء رحلات الجمعة، احترازيا وستمثل 10% من حركة الطيران في هذا المطار كتدبير احترازي يتعلق بالسلامة بسبب إضراب عناصر الإطفاء منذ الخميس للمطالبة بتحسين الرواتب، ما يفرض إغلاق جزء من المدارج في أكبر مطار في البلاد.
ودعت مجموعة مطارات باريس ADP الركاب إلى الوصول في وقت مبكر أي «ثلاث ساعات (قبل موعد الإقلاع المرتقب) للرحلات الدولية، وساعتين قبل موعد الرحلات الداخلية أو ضمن أوروبا»، فيما أعلنت شركة «إير فرانس» الجمعة الماضي أنها ألغت أكثر من 10% من رحلاتها القصيرة والمتوسطة المسافة المغادرة من مطار شارل ديغول وأبقت على برنامجها للرحلات الطويلة.
ومن شأن حالة الفوضى في المطارات الأوروبية الرئيسية في فرانكفورت ولندن وباريس أن تلقي بظلالها على آمال تعافي قطاع الطيران، الذي تراجع إلى أدنى مستوى له عام 2020 في ذروة وباء كورونا، وخسر أكثر من 230 مليار دولار (219 مليار يورو) في ظل الإغلاقات وحظر وقيود السفر.