قراءة في ثنايا الخطاب التاريخي والمفصلي للسيد القائد أمام قيادات العاصمة صنعاء
القائد يضع خطة المواجهة الفاصلة
خطاب الأربعاء الفائت يعيد إلى الأذهان خطاب القائد ثاني أيام العدوان وقد تحقق أن إخضاع اليمن غير وارد
الثورة /إبراهيم الوادعي
أجواء الحرب والعدوان تعود إلى بداياتها في اليمن في خطاب للسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، إعادة سرد للمشهدية منذ الدقائق الأولى للغارة الأولى للعدوان السعودي الأمريكي على اليمن، والجريمة الأولى لطائرات التحالف في بني حوات صنعاء، قدمها السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطاب أقل ما يوصف بأنه تاريخي وتوثيقي يلخص صمود العاصمة اليمنية صنعاء في مواجهة العدوان ويعكس إجمالا المشهد اليمني الصابر والصامد في وجه العدوان بوصف صنعاء مركز الثقل السياسي لليمن والحاضنة الأكبر لكل الطيف اليماني .
خطاب السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي أمام قيادة العاصمة صنعاء وشخصيات حكومية وعلمائية واجتماعية ونيابية الأربعاء، أتى تذكيرا اليمنيين بأن الهدنة التي يعيشها الميدان اليمني مؤقتة، وأن حديث الطرف الآخر عن السلام مجرد نصب لشراك الخداع، حيث أن المعطيات الميدانية والعملية تقول عكس ما تنطق به ألسنة الأمريكيين وتلك علامة المنافقين، الاستعداد في معسكر تحالف العدوان يجري على قدم وساق لمعركة يبدو أنها ستكون فاصلة ولن تكون لها خطوط .
وفي مقابل ذلك يحذر السيد عبد الملك من التراخي لدى الطرف الوطني في ظل الهدنة، خاصة والمؤشرات القادمة من الطرف الأخر سلبية حيث لا التزام بالشق الإنساني للهدنة أو بشقها العسكري كما تحدده الهدنة، وفي ظل تحشيد وتجنيد لا يتوقف وتدفق للأسلحة من قبل التحالف وقوات اجنبيه ما فتأت تصل إلى عدن والمكلا والمهرة والجزر اليمنية.
استعرض السيد عبد الملك ما تعرضت له صنعاء منذ بداية العدوان من غارات مكثفة وهجمات صاروخية لم توفر فيها الأسلحة المحرمة، وكيف صمدت العاصمة أمام الحملات العسكرية لاحتلالها، حيث كانت جحافل المرتزقة والتحالف على بعد 40 كيلو مترا من العاصمة صنعاء، وكيف جرت محاولات أسقاطها من الداخل في ديسمبر 2017م، وكيف استهدفت بالعمل الأمني والاستخباراتي عبر خلايا القاعدة وداعش التي ظهرت بتنسيق كامل وارتباط وثيق بالسعودية والاستخبارات الأمريكية، وجميع تلك الأعمال العسكرية كانت مصحوبة بحملات إعلامية وحرب اقتصادية ونفسية ودعائية .
وإلى جانب كل تلك الأساليب لم يوفر العدوان أي أساليب لتهجير سكان العاصمة صنعاء عبر التهديد بمسح أحياء بكاملها، والتضييق على اليمنيين في معيشتهم برفع الأسعار أو احتجاز سفن الوقود في البحر ومقطورات الغاز في مناطق المرتزقة .
تحدث السيد عبد الملك عن كل تلك المعاناة وعن سبع سنوات انصرمت من عمر العدوان والحصار بطعم الانتصار لدى القائد والشعب، حيث تجاوزت صنعاء بصمود وصبر وتكافل كل تلك المؤامرات، ودليل انتصارها أنها أضحت أكبر حاضن سكاني وحاجز صد متقدم لكل أبناء الشعب اليمني رغم عودة الغارات على الأحياء السكنية مؤخرا قبيل الهدنة والتهديد بهجمات جوية أوسع واستمرار التهديدات بكل أشكالها من قبل تحالف العدوان وماكينته الإعلامية.
ذكّر السيد الشعب اليمني بتاريخ مشرّف لعاصمتهم في التصدي لهجمات الغزاة والطامعين، مؤكدا أنها وفي مواجهة عدوان العصر حاضرة بذات الموقف ولكن بزخم اقوى وأعظم وأصلب مما كانت عليه على مر التاريخ .
وأشار إلى صنعاء بوصفها تعبر عن أصالة اليمن وعنوان هويته الإيمانية، ولسكانها الذين يتجاوز تعدادهم اليوم 4 ملايين بأن صنعاء غدت نموذجا للتعايش بين أبناء البلد بمختلف مكوناتهم ما يوجب الحفاظ على هذا النموذج الخلاّق الذي يسعى العدوان إلى هدمه كهدف أساسي لعدوانه على اليمن.
ووجوب العمل على التصدي لأشكال الحرب الناعمة فكريا وأخلاقيا والتي لا يكف التحالف المعادي عن استعمالها لتدمير نموذج صنعاء وهد جدار صمودها من الداخل.
السيد عبد الملك أكد أن الأعداء الذين راهنوا على أن يحسموا معركتهم ويصلوا إلى صنعاء في أسبوعين إلى شهرين وصلوا العام الثامن وقد شبعوا يأسا وإحباطا واقروا في انفسهم بالهزيمة، مستعيذا كلمات الزامل الشعبي “صنعاء بعيدة”.
ومن استعراض للإنجازات على مدى السنوات الثمان، إلى التذكير بالتحديات التي لا تزال ماثلة، فتحالف العدوان يسعر نار الحرب رغم الهدنة ويستعد لجولة جديدة بعد أن وحد مرتزقته في مجلس عار ونقلهم إلى عدن ليجبرهم على القتال وكانه يقول لهم صنعاء أمامكم والبحر من خلفكم .
قال السيد إن العدو ما يزال متكبرا ولم يتعلم بعد من نكساته المتتابعة ويجره طمعه في ثروات البلد إلى خوض مغامرات جديدة، ما يوجب التحلي باليقظة والوعي والبصيرة والاستعداد، ومواجهة الدعايات التي تحاول حرف البوصلة إلى الداخل والانشغال بقضايا جانبية تسرق الانتباه وتشتت الجهود عن الخطر الداهم الاحتلال والغزو الخارجي.
مؤكدا أن احتلال الأعداء لبلدنا هو أكبر جريمة وهو الفساد بعينه وذكّر هنا السيد عبد الملك بجريمة اغتصاب ست فتيات في حيس وكان يمكن أن يكون في صنعاء لو تمكن منها الأعداء .
السيد القائد أكد أن السيطرة على اليمن من قبل تحالف العدوان تعني خضوعه لأمريكا وإسرائيل وهو ما لا يقبل به أي يمني شريف وحر قدم من أجل منع ذلك التضحيات الجسيمة حيث قوافل الشهداء تترى ذودا عن ثرى اليمن واستقلاله وصونا لدينه ومجتمعه .
في نهاية مشهد المعركة عسكريا واقتصاديا واجتماعيا على مدى ثمان سنوات يضع القائد خطة النصر الجامعة لإمكانيات الدولة وطاقة المجتمع باعتبارهما الثنائي الذهبي الذي يصنع النصر ومن شأن اجتماع الطاقات الرسمية والشعبية إحراز الانتصار الحاسم .
تنطلق الخطة من تحديد التحديات القائمة بعد ثمان سنوات من القتال والصمود وتتلخص التحديات وفق رؤية القائد وهو الملم بكل تفاصيل المعركة وخلفياتها في الآتي :
•عدو مستكبر لا يستفيد من فشل مؤامراته في كل المجالات، وطامع في ثروات البلد
• التحلي باليقظة والوعي والبصيرة والاستعداد لكل مؤامرات الأعداء.
• الحرب الدعاية لصرف الاهتمام عن الأولويات المهمة وتزييف الوعي.
• احتلال الأعداء يترتب عليه كل الإجرام والفساد، فهو أكبر طامة.
• السيطرة على اليمن تعني إخضاع اليمن لأمريكا وإسرائيل.
وانطلاقا من هذه التحديات يضع القائد الأولويات للمرحلة القادمة ضمن خطة مواصلة المعركة وإدارتها بما يتناسب وحجم التحدي في كل مرحلة من العدوان الذي فرض على اليمن، وتتمثل في :
• الأولوية الكبرى لدفع خطر احتلال البلد.
• الاستمرار في التعبئة والتوعية بشكل مستمر
• التصدي للحرب الناعمة .
• على الصعيد العسكري:
– الاستمرار في التحشيد والتجنيد.
– الحفاظ على الجهوزية العالية.
وتعزيزا لعوامل المواجهة لتحقيق الأولويات خلال المرحلة القادمة يشدد السيد على قرب الدولة من المواطنين وتعزيز التكافل وقرب المسؤول من المواطن، إضافة إلى استثمار التجار أموالهم في الداخل لخفض نسب البطالة وتوفير العملة الصعبة لصالح البلد، إضافة إلى الاستمرار في برامج الاكتفاء الذاتي خاصة والعالم مقبل على أزمات اقتصادية وغذائية نتيجة الصراع الأمريكي الروسي الصيني، صراع لا أخلاق له ولا مكان فيه للدول الضعيفة.
في الخلاصات :
وضع السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي ملامح وخطوط المرحلة المقبلة من المواجهة والتي يبدو أنها ستختلف عما ألفه اليمن خلال محطات العدوان السابقة، إذ يلقي العدوان بآخر أوراقه في اتجاه معركة فاصلة قد لا يوفر فيها ورقة إلا واستخدمها بقسوة .
في ثنايا خطاب القائد ثمة ما يشير إلى قسوة المواجهة المقبلة وسهولة الانتصار فيها متى تم الالتزام بمحددات الخطة التي وردت في ثنايا الكلمة في الجانب العسكري تحشديا وجهوزية، وعلى المستوى الشعبي نفيرا وصموداً ورفدا للجبهات، ورسميا اقترابا من المواطن والتخفيف من نتائج المواجهة المعيشية بقدر المستطاع .
ما قدمه السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطابه أمام قيادات أمانة العاصمة صنعاء يتجاوز كونه خطة مواجهة إلى خطة بناء شاملة ستمكن اليمن من وضع قدمه على خارطة الدول الإقليمية المؤثرة من حيث القوة العسكرية والاقتصادية وذلك هو عماد الدول الكبرى، إذ ليس من المعقول أن تنجح في الجزئية العسكرية وتظل عالة على الآخرين في غذائك وكمالياتك .
لعقود افتقد اليمن قيادة لو كانت وجدت لوفرت عقودا من اضطهاد اليمني إقليميا ودوليا وسرقة ثرواته من قبل الطغاة وأدواتهم العفنة .
ليس مبالغا القول إن المنطقة والعالم على أعتاب عصر اليمن فيه هي العائد بقوة وبأس شديد تحدث عنه القرآن، يعود اليوم تحت قيادة ابن المصطفى والتفاف الأنصار من حوله كما كانوا مبتدأ الإسلام وعماده .
بين خطاب السيد عبد الملك ثاني أيام العدوان والذي أطلق فيه عبارته المشهورة تعليقا على من يريدون إخضاع اليمن للمحتل والغازي “في اليمن هذا غير وارد” وخطابه الأربعاء الماضي مع اقتراب الهدنة الهشة من نهايتها واستعدادات العدو العسكرية فيه استعارة لعبارة” صنعاء بعيدة.. قولوا له الرياض أقرب “استعارة مكنية، وإشارات عسكرية للداخل والخارج بأن صنعاء في حالة معنوية عالية بعد ثمان سنوات من العدوان تشابه في حالتها أول يوم في المعركة، صنعاء اليوم واثقة من النصر وقد استعدت جيدا..