في تعز تعمق وتجذر وعيي السياسي والثقافي في مدينة كانت تغلي نشاطا وحيوية وحراكا
المناضل عبد الله سلام الحكيمي في حوار الذكريات لـ الثورة (2-4): الوحدة كانت قائمة في العقل الجمعي اليمني كمفهوم تجاوز الجغرافيا والأجيال
في الحلقة الثانية يعرج المناضل عبد الله سلام الحكيمي – أحد أبرز المناضلين السياسيين الذين تشكلت على اجتماعهم طلائع الوحدة العربية فرع اليمن – على كثير من تفاصيل مشاهد الأحداث التي سبقت إعلان الاستقلال التام لجنوب الوطن ورحيل آخر جندي بريطاني من عدن وأسباب تأخر إعلان الوحدة اليمنية كهدف مشترك حملته قائمة أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر وعلاقة أحداث حركة 5 نوفمبر في صنعاء وكذلك الأحداث الدامية للجبهة القومية وجبهة التحرير في عدن بقضية تأجيل إعلان الوحدة كاستحقاق وطني وشعبي تُجمع عليه كل القوى في الساحة الوطنية، متطرقا إلى أسباب وعوامل وأرضية نشأة التنظيم الناصري في اليمن على امتداد حقبة الستينيات من القرن الماضي، وغيرها من القضايا، التي ستجدونها في تفاصيل الحلقة الثانية من حوار الذكريات..
حـــــــاوره/ محمد محمد إبراهيم
في الحلقة الأولى من حوار الذكريات، ذكرت أستاذ عبدالله، أنك عدت من عدن إلى صنعاء ولم تلبث فيها كثيرا فعدت إلى تعز.. فكيف كانت معرفتك الأولى بمدينة تعز الحياة والناس والحركة السياسية، وما دورها في تكوينك الحزبي الناصري.؟
– المعرفة الأولى بتعز كانت بعد الثورة إبان الوجود المصري فيها، وكان الفضل الأول في تمكيني من الاستقرار في مدينة تعز تعود للأستاذ المناضل الكبير مؤسس أول نشاط حزبي سري ناصري في اليمن الأستاذ عبده نعمان عطا الذي الحقني بجهود كبيرة بمدرسة الكويت الإعدادية في صالة، ومنه، وكنت أعرفه في عدن حين كنت صغيرا لعلاقة أسرية من بعيد بيننا، فعرفت الناصرية وتأثرت بها ولا أزال حتى الآن، لكن دون ارتباط حزبي، وأهم ما أدهشتني به تعز في تلك الفترة حيويتها السياسية وتفاعل ناسها في القضايا الفكرية والسياسية والحراك الحزبي المتدفق رغم سريته ورغم أن وعيي السياسي بدأ يتفتح في عدن حيث الناس كانوا شديدي التفاعل والاهتمام بالقضايا السياسية اليمنية والعربية وتأثرهم الكاسح بالمد القومي الناصري وخاصة عبر الأستاذ عبده نعمان عطا الذي عمل في عدن لبعض الوقت مدرسا للغة الإنجليزية في مدرسة البادري في البنجسار، لكن في تعز تعمق وتحدر وعيي السياسي والثقافي في مدينة كانت تغلي نشاطا وحيوية وحراكا.
قضية الوحدة اليمنية
أين كانت قضية إعادة توحيد اليمن من أهداف الثورتين.. ؟
– الحقيقة أن الوحدة كمفهوم إنساني يتجاوز الجغرافيا اليمنية وينتمي إلى تاريخ اليمن الحضاري، كانت قائمة في العقل الجمعي الشعبي في الجنوب والشمال لم تكن مطروحة للنقاش ولم تكن محلا لخلاف الجميع كانوا يعتبرونها آنذاك مسلمة بديهية بل وحتمية وجميع الأحزاب والمنظمات والحركات تبنت الوحدة منذ وقت مبكر إلا حزب رابطة الجنوب العربي الذي كان يعمل لقيام دولة الجنوب العربي، وما عداه فقد كانت حركة القوميين العرب وحزب البعث والناصريين واتحاد الشعب الديمقراطي (شبيبة السلفي)، بزعامة الزعيم عبدالله عبدالرزاق باذيب والناصريون كانوا جميعا يعتبرون الوحدة قضيتهم الوطنية الكبرى.
ما علاقة قضية إعادة الوحدة اليمنية بواحدية الثورتين سبتمبر وأكتوبر ؟
– مسألة واحدية الثورتين لم تكن في الماضي تثير أي لغط أو جدل حولها بل كانت مسلمة بديهية وانا من المؤمنين بواحدية ثورتي سبتمبر وأكتوبر من ناحية أن انطلاقتهما جاءت في ظل مناخ وبيئة سياسية آيديولوجية واحدة فكلتاهما تأثرتا بالثورة المصرية ٢٣يوليو١٩٥٢ وبقائدها الزعيم القومي البارز جمال عبدالناصر بل انهما في أهدافهما وشعاراتهما تقريبا نقل حرفي لأهداف وشعارات الثورة المصرية ذات الأفق القومي الثوري التحرري ولم يعد خافيا أن الثورة المصرية لعبت دورا رئيسيا في تنظيم كل منها وتفجرهما سواء سبتمبر أو أكتوبر وبناء على هذه الخلفية التاريخية فإن واحدية الثورتين ثابتة ومنطقية ولهذا تلازمتا منذ بداية انطلاقتهما مع هدف إعادة الوحدة اليمنية كهدف وطني اكبر..
سنوات الكفاح المسلح
أشرت سابقا أنك عدت من تعز إلى عدن فكيف وجدت عدن في سنوات الكفاح المسلح وكيف كانت حياة الناس.. ؟
– الكفاح المسلح في الجنوب ضد الاستعمار البريطاني انطلق في أكتوبر ١٩٦٣واخذ منذ ذلك التاريخ يتصاعد ويتسع، وان كانت هناك انتفاضات شعبية وقبلية سبقت هذا التاريخ الرسمي لانطلاق الثورة بشكل منظم على فترات متقطعة وكانت هناك منظمات في السلطنات والمشيخات وفي الجيش العربي في الجنوب آنذاك وأندية وجمعيات وأحزاب اندمجت غالبيتها ضمن ثورة أكتوبر وكانت جزءا منها حين انطلاقتها، وفي ذلك الوقت لازلت في عدن ثم بعدها بسنوات قليلة تنقلت بين عدن وصنعاء وتعز، كانت الحياة عادية بشكل عام ماعدا المظاهر المسلحة للجيش البريطاني التي بدأت تنتشر في المدينة وتنشئ نقاط تفتيش في بعض مداخل المدينة وهو أمر لم يكن معتادا من قبل إلا فيما ندر، إلا من استعراض لفرقة موسيقى القرب الاسكتلندية الشهيرة بزيها التقليدي التي كانت تجوب بعض شوارع المدينة عازفة موسيقاها التي كانت تشد إعجاب العامة، طبعا كان هذا التقليد يتم سنويا تقريبا، بطبيعة الحال وبحكم طبيعة حرب العصابات في المدينة التي كانت تستند إلى حاضنة شعبية من المواطنين وأصحاب المحلات وأيضا من تعاون سري من الأحرار في جيش الجنوب والشرطة، لم تشهد المدينة دمارا أو تهديما للمباني والمنشآت، وفي المراحل اللاحقة للثورة في المدينة كنا نرى الفدائيين إما فرادى أو بأعداد قليلة يتحركون ببنادقهم علنا في شوارع المدينة، بعد انكفاء قوات الاحتلال غالبا داخل ثكناتها ،كان منظر الفدائيين المسلحين وهم يتحركون في الشوارع وينفذون عملياتهم غير مألوف لنا طبعا لكننا كنا نعجب بذلك وفقا لما نسمعه من كبارنا الذين يتفاعلون ويساندونهم كانت روح الثورة متأججة آنذاك.
ما هي أبرز مشاهد الكفاح المسلح التي تتذكرها.. ؟
– الحقيقة أن روح التحدي الشعبي كانت واضحة للمستعمر حتى ونحن لانزال طلابا في مرحلة التعليم الأساسي مثلا كنا نشعر بحماس وتعاطف مع الثوار وضد المحتل، اذكر حين كنا ننتقل بالحافلة من البيت إلى المدرسة والعكس توقفنا نقاط التفتيش العسكرية البريطانية ويصعدون إليها للتحقق من عدم وجود عناصر ثورية مطلوبة في الحافلة، يجري نقاش حاد بينهم وبين الطلاب ويتحول إلى شبه مزاح والطلاب يهاجمون بالكلام طبعا الاستعمار ويهتفون باسم الجبهة القومية أو جبهة التحرير أو جمال عبدالناصر أو السلال لكن لم يكن جنود الاحتلال آنذاك يستخدمون العنف أو القسوة خاصة مع الطلاب أو في الشارع إلا في حالات محددة حين يتعرضون لضربات موجعة من الثوار، وفي بعض الأحيان حين يرتكب جنود الاحتلال تجاوزات وممارسات ضد المواطنين لا يجيزها القانون وترفع إلى القضاء غالبا ما تكون أحكامه منصفة، وقد رأينا بعض الجنود يعاقبون ويرحلون وأيضا يتعرضون أحيانا للضرب الجسدي من قبل الشرطة العسكرية في حالة ما أساء الجندي التصرف كأخذ شيء بالقوة من مواطن اشتكى لأقرب دورية يصادفها من الشرطة العسكرية، رأيت مرة في “القلوعة” كيف قامت دورية الشرطة العسكرية لقوات الاحتلال بضرب جندي بريطاني أخذ محفظة مواطن أثناء التفتيش في الشارع وأخذوه وحملوه ورموا به في الدورية وكثير من المشاهدات أما عيانا أو سماعا لكن الحيز قد لا يتسع لها.
خلال سنوات الكفاح المسلح برزت شخصيات وطنية ورجال دين تمتعوا بحضور لافت في أدبيات تلك المرحلة ومذكراتها، أمثال الداعية محمد سالم البيحاني.. فهل عرفت البيحاني.. ؟
-شخصيا لم أتعرف على الشيخ محمد سالم البيحاني، لكني كنت أسمع عنه كثيرا وعن خطبه في المسجد والتي كانت تحاط بإعجاب واسع وكان هناك حسب ما اذكر ثنائي القطبية الدينية في عدن هما: البيحاني وباحميش، واعتقد أن الشيخ البيحاني كان أقرب إلى جو تلك المرحلة من الروح الثورية والمد القومي العربي المناهض للاستعمار من الشيخ باحميش، غير أني لا اذكر انخراط أي منهما في العمل السياسي سواء المنظم أو الدعوي، وربما كان سبب الشعبية الأكبر للشيخ البيحاني انه كان خطيبا مفوها ومؤثرا في الجمهور اكثر من الشيخ باحميش.
عبد الناصر في اليمن
• في 1965م زار الزعيم العروبي القومي جمال عبد الناصر اليمن.. وكان له كلمة قوية وجهت لبريطانيا واصفا إياها بالعجوز الشمطاء.. أين كنت يومها ؟ وماذا تتذكر من تلك الزيارة.. ؟
– في عام ١٩٦٥م كان عمري ما بين ١٤-١٥سنة وكنت طالبا في السنة الثانية المتوسطة بالمعهد الفني بالتواهي، وأتذكر أن زيارة الزعيم الكبير جمال عبدالناصر إلى تعز كان لها تأثير كبير مشهود وملموس في مسار التفاعل الثوري في الشارع العدني، حيث كانت عدن يومها غير عدن كما عهدناها ما قبل الزيارة التاريخية، إذ كانت تموج بحركة شعبية غير عادية وكأنها في يوم عيد بهيج، ومما أتذكره أن الناس كان يستعدون بحماس شديد للسفر إلى تعز لمشاهدة عبدالناصر لكن السلطات البريطانية أوقفت حركة سيارات النقل بين عدن والشمال وكانت الرحلة إلى تعز تأخذ تقريبا يومين بلياليهما لوعورة الطريق، لكن كثيراً من الناس المتدفقين حماسا قرروا السفر سيرا على الأقدام إلى تعز واغلبهم عمال من الشمال ومن الجنوب وفعلا ساروا على الأقدام إلى تعز ومن بقي التصق بالمذياع ليسمع إذاعة صنعاء وصوت العرب وغيرهما لمتابعة الخطاب وأخبار الزيارة التاريخية ورفعت في عدن صور عبدالناصر والسلال وعلم الجمهورية العربية المتحدة واليمنية ونظمت مسيرات ومهرجانات ونظمت قصائد وغنت أناشيد وكانت الزيارة محور احاديث الناس لأيام وأسابيع فالذين عادوا ورأوا عبدالناصر حكوا الحكايات والمشاهدات وكيف رأوا عبدالناصر وماذا قال وكيف تفاعلت الحشود البشرية، مع خطاب عبد الناصر، وغير ذلك من تفاصيل الحياة في مدينة تعز يومها ..
هل تتذكر شيئا من قصائد وأناشيد تلك الفترة.. ؟ ومن هم رموز الحركة الفنية والشعرية الذين كان لهم حضور لافت ؟
– أتذكر الكثير وقد لا يتسع المقام لذكرها لكن أهم ما أتذكره قصائد حماسية متنوعة، لكل من إدريس حنبلة ومحمد سعيد جراده ولطفي جعفر أمان والجابري وعبدالله هادي سبيت ومن الفنانين محمد مرشد ناجي ومحمد سعد عبدالله واحمد قاسم ومحمد محسن عطروش وآخرين.
الوحدة والاستقلال
في 30 نوفمبر 1967م أنزل الوجود البريطاني أعلامه من أراضي اليمن الجنوبية ورحل آخر جندي من عدن.. أين كنت يومها.. ؟ وماذا تتذكر من مجريات الأسبوع الأخير قبل الجلاء.. ؟
– كنت حينها متنقلا للدراسة بين عدن وتعز من كلية بلقيس التي درست فيها عاماً واحداً فقط لإغلاق المدارس الحكومية بسبب المظاهرات وبقاء كلية بلقيس مفتوحة في عدن قبلها كنت قد انتقلت إلى تعز وحصلت على شهادة الإعدادية العامة من مدرسة الكويت في صالة وبعدها المدرسة الفنية في تعز الخ والواقع أن الشعب اليمني هناك تأثر بعمق بالمد القومي التحرري العربي الناصري وتفاعل معه وواكبه وانطلق في احتفالات ومهرجانات كثيرة معبرا عن فرحته وابتهاجه بالاستقلال والتحرر من الاستعمار وانطلق الشعراء والأدباء والفنانون في الابتهاج بهذا الحدث التاريخي كما هو الحال أيضا في الشمال الذي كان يخوض مواجهة شرسة ضد محاولات إعادة الملكية بدعم من دول الإقليم كالسعودية وايران الشاه والأردن وبعض الدول الغربية الاستعمارية وهي مواجهة تكللت بكسر حصار صنعاء وانتهاء الحرب لتبدأ مرحلة جديدة فيما عرفت بالمصالحة الوطنية الخ.
برأيكم لماذا حضر الاستقلال وغابت الوحدة المفترض إعلان إعادتها في ذلك اليوم.. ؟
– كان من المفترض وطنيا تتويج الاستقلال بإعلان الوحدة اليمنية دون انتظار تشكيل دولة في الجنوب مقابل دولة في الشمال، مع كل ما نتج عن ذلك من تعقيدات وبروز عوامل الصراع لأسباب حزبية وسياسية، واعتقد أن الجبهة القومية المدارة من حركة القوميين العرب آنذاك حرصت على إنشاء دولة خاصة في الجنوب تعبر عن فكرها ومشروعها السياسي والفكري الخاص بها خاصة أنها كانت حينها قد دخلت في خلاف وافتراق مع الرئيس جمال عبدالناصر وانفصلت عن فكره وتجربته السياسية القومية وبدأت بتبني النهج الفكري السياسي اليساري الماركسي، وبالمقابل لم تكن سلطة انقلاب ٥ نوفمبر في الشمال آنذاك متحمسة للدخول في وحدة فورية مع الجنوب، ولعل هناك عوامل طائفية ومذهبية مبطنة لدى الجانبين، إضافة للصراع الذي كان قائما حينذاك بين حركة القوميين العرب التي هيمنت في الجنوب واستلمت حكمه وبين حزب البعث الذي هيمن عقب انقلاب ٥ نوفمبر على الحكم في الشمال، كما لعبت الحركة القومية دورا مستترا للحيلولة دون قيام الوحدة عقب استقلال الجنوب مباشرة، مما عكس نفسه سلبا في سلسلة الحروب والاقتتال التي نشبت على فترات بين الشطرين.
وما هي علاقة أحداث 5 نوفمبر في صنعاء أو الانقلاب الأبيض على السلال بملفي: الوجود المصري في اليمن، وعلاقات النظام في صنعاء والجبهة القومية وجبهة التحرير في عدن.. ؟
– كما ألمحت في إجابتي السابقة، أؤكد أن ثمة علاقة تنافر واضحة جدا بين حركة 5 نوفمبر وملف الوجود المصري في اليمن، إذ قامت على إثر أحداث خلاف كثيرة عكست التباين والخلاف بين السلال كأول رئيس جمهورية مدعوم رأسا من الزعيم عبد الناصر عبر القوات المصرية في اليمن، وبين القاضي الإرياني الذي كان يتزعم فريق المناضلين السبتمبريين الذين رفضوا في الأخير وجود القوات المصرية في شمال اليمن، أيضا حركة القوميين العرب التي كانت تدير الجبهة القومية في الشمال كانت تعتبر حركة 5 نوفمبر رجعية من الناحية السياسية رغم افتراقها وخلافها مع جمال عبد الناصر كما أشرت في إجابتي السابقة.
التنظيم الناصري
في سنة 69 أنضم عبد الله سلام الحكيمي إلى العمل السياسي.. منتسبا للحزبي السري للتنظيم الناصري.. لماذا في هذا التاريخ بالذات ولماذا <السري> ؟
– نعم في أبريل عام ١٩٦٩م، وفي تعز انضممت إلى التنظيم الناصري الذي اطلق عليه آنذاك “طلائع الوحدة العربية” وكان عبارة عن إطار واسع أو غطاء واسع أو واجهة للتنظيم القومي الأصل” الطليعة العربية” فرع اليمن دون أن يكون في الحقيقة على علم به بفعل طابع السرية المطلقة آنذاك لأي نشاط حزبي إذ كان الانتماء الحزبي مجرما بنص الدستور ومعاقبا عليه، وعموما فإن طلائع الوحدة العربية، فيما عرفناه لاحقا، غطاء للطليعة العربية فرع اليمن، مثلما كانت جبهة ١٣ يونيو في مرحلة لاحقة غطاء لتنظيم الطلائع الوحدوية اليمنية كما سياتي بيانه.
أما عن دلالات تاريخ الالتحاق بالتنظيم الناصري، فذلك لأني كنت حينها في المرحلة الثانوية من الدراسة في تعز والتقيت بناصريين أعرفهم فكان الانضمام، لكن لابد لي من القول: إني كنت انشط في عدن وأتابع الصحف والمجلات والأنشطة الطلابية والاجتماعية قبل الانضمام بسنوات قليلة معتبرا نفسي ناصريا متحمسا قبل أن اعرف بوجود تنظيم ناصري.. ومن المفارقات العجيبة أني في عدن كنت أتابع باهتمام الصراعات البينية في الجبهة القومية الحاكمة ولست ادري لما كنت اعتبر الشخصية البارزة محمد علي هيثم ناصريا ؟! الشاهد اني سافرت إلى تعز باحثا عن الناصريين لينصروا محمد علي هيثم وكان الحوار معهم هناك بمثابة مدخل حسب تقديرهم للاستكشاف والتقييم لي واستقطابي وبدلا من العودة إلى عدن بجحافل الناصريين من تعز لنصرة هيثم أصبحت عضوا كما قلت في التنظيم الناصري واستقريت في تعز للدراسة !
• صف لنا تفاصيل نشأة التنظيم الناصري.. ؟ ومن أسسه .. ؟ وكيف كان العمل السياسي في البلاد.. ؟
– إضافة إلى ما تعرضت إليه آنفا من الملامح الأولى لنشأة التنظيم الناصري والظروف السياسية التي كانت خلف نشأته، أؤكد أن نشأة التنظيم الناصري امتداد طبيعي للمد القومي الذي عرفت به تلك الفترة السياسية، ويمكن الإشارة إلى أن من أسسه هو شعبة الشؤون العربية في المخابرات المصرية التي لعبت الدور الرئيسي في نشأته وتأهيل وتدريب كوادره وقياداته في مختلف الساحات العربية ومنها اليمن، وفي اليمن تم التركيز أولا على العناصر العسكرية في الجيش الذي توسع على يد المصريين، فكان معظم عناصر تنظيم الطليعة العربية فرع اليمن من ضباط الجيش وبعض رجال القبائل من غير المشايخ الكبار ثم توسع التنظيم في أوساط الطلبة الدارسين في الجامعات المصرية وهكذا.. واذكر مثلا أول أمين عام للفرع كان الأستاذ عبده نعمان عطا وأيضا قائد جيش التحرير في الجنوب عبدالله المجعلي والمرحوم صالح الحارثي وعلي البيحاني والدكتور محمد قائد الأغبري وهاشم علي عابد وآخرون إلى أن آلت قيادة التنظيم أولا للشهيد سالم السقاف ثم للشهيد عيسى محمد سيف وقبلها لفترة قصيرة في ظل ظروف صراع حينا تولى الأستاذ علي سيف حسن الضالعي الأمانة العامة ولم يمكث طويلا..
الصعود لعضوية اللجنة المركزية
ما هي عوامل صعودك إلى عضوية اللجنة المركزية والقيادة التنفيذية للتنظيم الناصري.. ؟
– اللجنة المركزية عادة ينتخبها المؤتمر العام وهي تنتخب القيادة التنفيذية وحظيت بثقة المؤتمر فانتخبت عضوا في اللجنة المركزية عام١٩٧٧، وكان أداء التنظيم من قبل هذا التاريخ ليس فعالا ومضطربا إلى أن بدأت خطوات جادة وناجحة لإعادة ترتيب أوضاع التنظيم في ظل قيادة الشهيد سالم محمد السقاف لتتوج بقيادة الشهيد عيسى محمد سيف التي شهد التنظيم خلالها قفزات هائلة تنظيميا وسياسيا وجماهيريا، أما عن عوامل صعودي إلى عضوية اللجنة المركزية فلعل المؤتمر لاحظ اني كنت نشيطا وقارئا نهما ومحاورا لا بأس به ورجل علاقات واسعة فانتخبني على ما أظن إضافة إلى أني كنت منضبطا جدا حينها، أما عضوية القيادة التنفيذية فقد كنت عضوا احتياطيا في القيادة التنفيذية ومعي الشهيد محمد احمد إبراهيم، فتم في اجتماع اللجنة المركزية، التي اتخذت قرار القيام بالتغيير الثوري عقب جريمة اغتيال الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي، تصعيدي والشهيد محمد إبراهيم بدلا عن الشهيد إبراهيم الحمدي والأخ عبدالله عبدالعالم إلى عضوية القيادة التنفيذية العليا.