مع انطلاق الرحلة رقم (648) من مطار صنعاء الدولي اتضح للعالم اجمع صوابيه النهج اليماني المقاوم لكل أشكال الوصاية والارتهان..
وكان لهذا الإنجاز اليماني المتمثل في كسر الحصار عن مطار صنعاء أهمية كبيرة في لفت أنظار أحرار العالم إلى حقيقة الكفاح الذي يخوضه الإنسان اليمني وإن كان كفاح أبناء الشعب هو كفاح من اجل انتزاع الحقوق المشروعة والوصول إلى وطن مستقل حيث أقفل العدو صفحة سابعة من صفحات عدوانه الآثم مليئة بالكثير من الهزائم والنكسات والحسرات والرهانات الخاسرة، وفي المقابل يفتتح شعبنا اليمني العظيم سنته الثامنة من الصمود الأسطوري الذي أذهل به العالم، وتحدى تسونامي الاستكبار العالمي بحصاد عسكري مليء بآيات الانتصارات والإنجازات كثمرة من ثمار صموده وتوكله على الله ..
وعلى الرغم مما بيد قوى العدوان من إمكانيات مادية وعسكرية كبرى جعلت الفارق في الموازين المادية كبيراً جداً لكن الشعب اليمني بثقته بالله وبوعيه بمظلوميته وحجم الاستهداف له وبأهداف العدو جعل من تلك الإمكانيات التي يمتلكها العدو مجرد أرقام تبخرت أمام صمود الشعب اليمني برجاله المجاهدين وقيادته الشجاعة.
الثورة/ أمين العبيدي
ويمكن إجمالاً أن نشير إلى أهم العوامل التي ساهمت في صمود الشعب اليمني والتي أكد الكاتب أبو هادي عبدالله العبدلي أن اليمنُ ينتصر عسكريًّا وسياسيا في وجه العدوان ونحنُ على أعتاب العام الثامن من العدوان الأمريكي السعودي الذي توهّم احتلال واستباحة الشعب اليمني أرضاً وإنساناً، وخلال سبع سنوات من العدوان شنوا حرباً عسكرية وسياسية على اليمن ولكنها باءت بالفشل أمام ثبات وصلابة أبناء الشعب اليمني الذين داسوا على حثالات الارتزاق والعمالة من ممالك الرمال وملوك الصحراء وزعامات الانبطاح والتطبيع والارتهان وعبيد الصهيونية والاستكبار العالمي..!
سبع سنوات وشارف العام الثامن على الانتصاف من العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي ولم تتمكّن دول العدوان من تحقيق أي انتصار على الأرض والواقع إلَّا ارتكاب المجازر الوحشية بحق المدنيين وانتهاكات حقوق الإنسان، بينما يسطر أبطال الجيش واللجان الشعبيّة ملحمةً تاريخيةً في دحر الغزاة وَالمحتلّين، واليوم لم يتبقَ لتحرير مارب سوى بضع كيلومترات، وهناك العديد من الانتصارات المدوية التي حقّقها أبطال جيشنا واللجان الشعبيّة وذلك نتيجة التفافه المعرفي والواعي بحكمة قيادته القرآنية وقضيته العادلة المحقة.
فيما تعزز قيادتنا الحكيمة حضورها العسكري والسياسي يوماً بعد يوم خُصُوصاً حينما لجأ الغزاةُ وَالمحتلّون بعد فشلهم الذريع إلى الحرب السياسية بما تتضمن من وضع الشعب اليمني الصامد تحت مرارة الظلم والحصار واستخدام ذلك كورقة ضغط سياسية، فدولُ العدوان لها سياسة خبيثة نابعة من البيت الأبيض وتل أبيب، بما تكشف لنا الأحداث حقيقة هؤلاء الصهاينة، وحينما تلقت مملكة العدوان ضرباتٍ موجعةً وضعت معيار المفاوضات والتداعيات بوقف العدوان على اليمن بما فيه فصل الملف الإنساني عن بقية المِلفات..!
هذا المعيار خلال سنوات من العدوان فضحت ادِّعاءاتِ أمريكا وإسرائيل وحلفائها السعودية والإمارات برغبتهم بإحلال السلام في اليمن، فاليوم يثبت المعيار اليمني بأن لا حوار ولا مفاوضات مع هذا العدو إلا حوار البنادق، وعمليات الردع، بما تشير إليه التطوراتُ والصناعاتُ العسكرية اليمنية وبأن المرحلةَ المقبلةَ هي مرحلةُ الوجع الأكبر للعدوان الذي ارتكب أبشع الجرائم الوحشية بحق أبناء الشعب اليمني في ظل صمت أممي ويمكن إجمالاً أن نشير إلى أهم العوامل التي ساهمت في صمود الشعب اليمني والتي ذكر أغلبها قائد الثورة السيد عبد الملك في خطاباته السابقة بمناسبة اليوم الوطني للصمود..
العامل الرئيسي الأول: العون الإلهي
عندما بدأ هذا العدوان بكل وحشيته بكل جبروته بكل ما فيه من تدمير وقتل ووحشية وإجرام، هذا الشعب التجأ إلى الله سبحانه وتعالى وراهن على الله وتوكل على الله واعتمد على الله ووثق بالله سبحانه وتعالى، وقرر الصمود انطلاقا من هذه الثقة انطلاقا من هذه القيم وهو يحمل هذه الروحية روحية الواثق بالله المتوكل على الله الذي يرى في اعتماده على الله وفي توكله على الله وفي التجائه إلى الله وفي رهانه على الله مصدر قوة ومصدر نصر ومصدر عزة، ويرى في ذلك منطلقًا عظيما يعطيه دائما الأمل في النصر مهما كان حجم التحدي ومهما كانت حجم التضحيات ومهما كان مستوى المخاطر، وهذا الرهان على الله وهذا التوكل على الله وهذه الثقة بالله وهذا الاعتماد على الله لم يضع أبدًا، ولم يضع شعبنا ولم يذهب سدى أبدًا كان له نتيجته، كان له ثمرته، كانت له نتائجه العظيمة والإيجابية والكبيرة، أولها هذا الصمود هذه القوة في الموقف هذه الفاعلية في الموقف.
فلذلك يمكننا اليوم أن نقول إن أول عوامل صمود شعبنا هو إيمانه بالله وتوكله على الله ورهانه على الله العظيم الكريم.
وكذلك: وجود قيادة حكيمة وشجاعة وصادقة متمثلة في قائد الثورة السيد عبد الملك الذي وجه وحدد نقاط المواجهة الأساسية في اليوم الأول من العدوان ورفع من معنويات الشعب.. وأعاد لهم الثقة بأنفسهم معتمدين على الله، ومواكبا لكل مرحلة من مراحل العدوان.
وكما نلاحظ في الأعوام والعقودٍ التي مضت ونحنُ نعاني من محور الشر أمريكا وإسرائيل ومن كان السبب في وجودهما من أعراب الخليج وغيرهم.
والآن لنا أن نفرح بمحور المقاومة والذي سيكون له الكلمة الأخيرة فيما يحدث، ومن يتابع ما يحدث بتروٍ وإلمام في العالم بصفة عامة وفي دول المحور بصفة خَاصَّة يجد أن المقاومة أخذت في التوسع وإرعاب العدوّ.
ليس على الصعيد العسكري، والمقاومة المسلحة التي أصبحت قوة ضاربة في المنطقة، بل إننا بدأنا في إرعابهم بالحرب الأُخرى، والتي تسمى بالحرب الإعلامية والتي بدأت في إزعاجهم من خلال كثرة الأقلام الحرة التي لا تخاف في الله لومة لائم، والتي لم يرض أصحابها أن تكون أقلامهم مأجورة، بل جعلوها أسلحة دمار في وجه المعتدي وفضحه للعالم الذي أصبح عبر وسائل التواصل الاجتماعي قريةً صغيرة، ينقل لمن لا يعرف حقيقة ما يجري من اعتداءات، وما تقوم به المقاومة من انتصارات.
وهو ما يحدث بالفعل والذي يُعد بمثابة إهانة حقيقية للهيلمان الأمريكي، والذي كان وما زال يسعى جاهداً في تغييب الرأي العام، وأن لا يعرف العالم ما يحدث من انتهاكات يقوم بها هو وَأذنابه.
وستظل حربنا الإعلامية عليهم قائمة كما هي المقاومة المسلحة قائمة، وهذا هو بالضبط ما يُسمى بالحرب الممنهجة، وستتسع جبهتنا الإعلامية كما هي جبهة المحور المسلحة في اتساع ويزداد مجاهدو الكلمة وستنتصر الأقلام الشريفة على الأقلام العميلة وليس هذا من نسج االخيال بل هو ما يحدث وما بدأت تشعر به أمريكا.
أمريكا بالفعل قد أهينت كرامتها بظهور محور المقاومة ولم يُعد ذلك الاسم المخيف الذي لا يجرؤ أحد أن يرد عليه، ومن ما زال يجهل هذهِ الحقيقة سيعرفها قريباً، فكل شيء سيكون واضحًا في الفترة القادمة.
أما ما هو واضح وجليّ هو ما تقوم بهِ منذُ سنوات دول محور المقاومة التي تمرغ كُـلّ يوم أنف أمريكا في الوحل بصورة مباشرة إعلامياً وغير مباشرة حربياً، وأمريكا تعلم أنها هي المقصودة في الحالتين، وسيأتي اليوم الذي لن يعود لها حَـلّ أَو خيار غير الانسحاب من المنطقة مُرغمة غير راغبة.
دول محور المقاومة في اليمن وفلسطين ولبنان وسوريا والعراق، قد حدّدت طريقها وأثبتت وجودها وإعلانها المقاومة حتى النصر جنباً إلى جنب مع ترسانة الحرب الإعلامية، ويجب على كُـلّ شرفاء العالم الوقوف معها وإلى جانبها فهي من حملت راية الجهاد، وهم الأحرار الذين يجب على من يريدون الحرية السير معهم والتعلم منهم، فهم الأحرار حقاً، لا من يدعونها وهم يذبحون الحرية في كُـلّ مكان يتواجدون فيه، والعاقبة للمتقين
أسرار الصمود
أما عن أسرار الصمود فيقول الأستاذ / سند الصيادي:
عامٌ الثامن في مشوار الصمود اليمني في مواجهة العدوان وَالغزو وَالاحتلال الخارجي، والشعبُ اليمني لا يزال يخوضُ الملاحمَ الكبرى دفاعاً وحفاظاً على ثورته السبتمبرية الفتية وَمكاسبها العظيمة التي تحقّقت لهذا الوطن وَأعادت إحياءَ دوره ومكانته التاريخية، بعد عقود طويلة من الخسائر وَالانتكاسات التي طالت كُـلَّ مفاصل قوَّتِه كشعبٍ وَأرضٍ وَهُــوِيَّةٍ وَمقدرات، وَأوشكت على أن تلغيَ وجودَه.
عامٌ ثامن وَالعدوانُ بكل مكوناته المعروفة لا يزال يبحَثُ عن نصرٍ يمكن من خلاله أن يحقّقَ اختراقاً وَيثمّن خسائرَه وَيحفظ سُمعتَه التي استهلكها كلها في ملعب المواجهة مع هذا الشعب، فيما الشعب لا يزال يقاوم متسلحاً بكل ما أُوتي من إيمان وَحكمة وَبأس، أسلحة أثبت جدواها ميدانُ المعركة التي فرضتها الحساباتُ الخاطئةُ لأعدائه، وبها اتسعت رئةُ صبره وَطالت أنفاسُه، بحيث عجز المعتدي عن خنقِه بكل السبل.
إنه شعبّ يولدُ من بين الرماد خبيراً بالفطرة في تحويلِ التحديات إلى فرص وَالهجوم إلى دفاع، كيف له أن يموتَ أَو ينكسرَ، فقد تجلى إبداعُه وَظهرت كُـلُّ ملكاته على ضجيج القصف وَالدمار، وَمن بكاءِ الأطفال تحت الانقاض استلهم الفكرةَ التي تشبعت من أنين الجوعى بالتجربة، وَاستمدت من صرخات الغضب حدةَ الرد وَحكمةَ الخطاب.
وعلى أعتابِ الثامن، لا أسرارَ لكل هذا الصمود المتوازي معه التطور النوعي في القدرات، إلَّا لمن أعمى الله بصرَه وَقلبَه، وَبات يواصلُ تعثُّره بين النكبات باحثاً عن سراب، أما من اهتدى فقد اتضحت له عناصرُ المعادلة وَانذهل من حجم الفاعلية وَالأثر الذي تُحْدِثُه، والفارق الذي تقلصه في المعركة؛ وَلأَنَّها لم تعد سِرًّا عسكريًّا.. وَجب أن نُصَدِّرَها لجميعِ المستضعفين وَالتائهين في أمتنا وَالعالم، لينفضوا غُبارَ الذل وَليحيوا بكرامةٍ وَإباء.. إنه القرآنُ الذي بين أيديكم، إذَا ما قرأتموه بتفكُّر وَتدبير، ستجدونه المنهاجَ الأعظمَ، ولن تخطئوا تقديرَ قرنائه ولا قادته الذين بهم لا سواهم عِزَّتُكم وَانتصارُكم.