رمضان ما بين الغذاء الروحي، والانحطاط الإعلامي

رويدا البعداني
فِي الوقتِ الذي تطل علينا فيه نسائم الرحمة والغفران، وتبتهج الأرواح بقدوم هذا الشهر الفضيل الذي يعدُّ الغذاء النفسي والروحاني لتلك القلوب التي رانت عليها الذنوب، حتى تبدأ القنوات الفضائية بشنّ حربها الناعم، الذي يتمثل في المغريات الصادة عن هُدى الله، والانسلاخ التَّام من قيمنا الدِّينية وذلك بعرض المسلسلات الماجنة المتعددة المآرب، التي تستهدف العقل والقلب معًا.
إن الاعتكاف الدرامي المنحط الذي يزواله العديد من الناس في كل عام يخلُّ بالسلام النفسي للإنسان، ويسلبه الغذاء الروحي الذي أعدَّه الله تعالى في هذه الأيام المباركة، بما في ذلك قسوة القلب التي تؤدي إلى البعد عن الله والأنس به وجعله أقسى من الصخرة في تحجرها، فالتمثيل هو عبارة عن فن له رسالته السّامية التي تهدف إلى نشر الوعي بين الناس، وتثقيفهم، وتنمية مداركهم، وذلك بأساليب محمودة ترضي الله ورسوله، ولا تتنافى مع هدى الله.
أما عن قضية عرض المسلسلات الماجنة على مدار العام بنفس الإشكالية وبذات التمحور المنسل أخلاقيا لهُ يعتبر خطةٌ جهنمية مدروسة من قبلِ الغرب بالتعاون مع شُذاذ الآفاق المتعربين على بث كمية هائلة من السموم التي تنهش ديننا الإسلامي، وتهدم معاقل الهوية الإيمانية، فمن يتابع القنوات المتصدرة في المجون ستتجلى له الحقائق التي إن دلت على شيء فإنما تدل على مدى العبث والتهاوي الذي تجذر في أوساط المجتمعات العربية.
وللعلم فإن قناة MBC ومثيلاتها المعيبة تستهدف كافة الفئات من مختلف الأعمار، صغارا وكبارا وكهولا، وتغزوا أفكارهم بمعتقدات واهية، وخزعبلات بالية تضمر للمشاهد الذي تخدر على إثرها مآرب عفنة، فيصاب من يشاهدها بداء الكآبة فجأة، ويغلبه الهوى، وينزلق في حضيض التخبط والضلال فلا يرَى النور إلا من خرم إبرة أو يكاد.
فضائيات خبيثة تحقن بدواخل الإنسان أمصال الغفلة، وحب الدنيا الزائفة ، حتّى فواصلها الإعلانية لاتكادُ تخلو من المشاهد الشنيعة _عافانا الله وإياكم_ والمؤسف أنها استطاعت الولوج إلى كل منزل عربي مسلم، لقد دست براثنها وسهومها في كل ركن بضغطة زر، وبهذا انقاد الأغلب لشهواتهم ورغباتهم الدنيوية، فتخبو تقوى الله في قلوبهم، وماعاد ربيع الإنابة يزهر خريفهم، عدا أولئك الذين حاربوا هذه المجريات وصدوها بأوج وعيهم المدجج بالقرآن الكريم، الذي يتوج بالإحسان الذي هو أعلى مراتب العبادة.
والجدير بالذكر هو انبطاح بعض المسلسلات اليمينة التي لازالت تعاني من التخبط والانحطاط، وكأنها بذلك تسير على ركب المحاكاة والتقليد الذي لايحمدُ عقباه أبدًا، فنجد هُناك بعض المشاهد غير اللائقة بالدراما اليمنية؛ فتنتصب على مسرح القالب الدرامي الذي غالبا ماتكون أقرب للتفاهة وتضييع الوقت سدى. ورسالتي لكل العاملين في الدراما بشتى مجالاتها وأنتم تُعدوّن وتخرجون تذكروا أن هذه الأوزار ستعود إليكم بأضعافها فكونوا ذوي أثر طيب وإلا استقيلوا، وأنت أيها المشاهد الكريم تزود برصيد الإحسان والتقوى الذي يوصلك لبر الأمان وإياك وأن تميل فتندم، والله المستعان.

قد يعجبك ايضا