المبعوث الأممي إلى اليمن..أدوار مشبوهة وفشل محتوم

على الدرواني

 

 

منذ تعيينه مبعوثاً إلى اليمن خلفاً للبريطاني «مارتين غريفيث»، لم يحقق السويدي «هانس غروندبرغ» أي إنجازات في جمع الأطراف على طاولة واحدة، ولم يقدم أي خطوات من شأنها تخفيف الأزمة الإنسانية في اليمن، ليس لأنه عاجز أو فاشل، بل لأنه قبل لنفسه أن يتحول من مبعوث أممي إلى اليمن، إلى مبعوث سعودي إلى المرتزقة.
في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن تفاخر “غروندبرغ” بالخطوة السعودية في الإطاحة بهادي، وتشكيل مجلس جديد لأدوات الرياض، وقدمه كواحد من إنجازاته التي لم يكن له دور فيها إلا التصفيق لمحمد بن سلمان وهو يذبح شرعيتهم المزعومة من الوريد إلى الوريد، ويجهز عليها أمام الأشهاد، معتبرا ذلك خطوة مهمة في طريق «السلام» الموهوم، وهو الاحتفال الذي شاركه فيه مجلس الأمن الذي تحول هو الآخر إلى رجع صدى يردد ما تم إبرامه في الرياض تحت سمع وبصر الولايات المتحدة، مشيدا ومباركا، غير آبه بمصير قراراته وبياناته التي لا تعد حول دعم الشرعية المزعومة لهادي، ويجاوز نصوصها، مرحبِّا بمجموعة جديدة من اللصوص وقادة المليشيات الموالية لـ”أبوظبي” والرياض، ليمثلوا شرعية لا علاقة لها من قريب ولا من بعيد بالشعب اليمني ومصالحه ولا بسيادته ومستقبله.
حتى الهدنة التي أعلنها «هانس» في الثاني من أبريل يتحايل على استحقاقاتها ويقدم مبررات للرياض للنكوص والتسويف في تنفيذ التزاماتها، لا سيما ما يتعلق بالمطار الذي لم يستقبل أي رحلة جوية رغم مضي أكثر من أسبوعين، والأمر ذاته ينطبق على سفن الوقود واستمرار تحالف العدوان في قرصنتها ومنعها من الوصول إلى ميناء الحديدة، في انتهاك خطير للهدنة، ومؤشر على نوايا مبيتة لتعميق معاناة الشعب اليمني في شهر رمضان المبارك ومع قدوم أيام عيد الفطر.
حيث (‏يُمعن تحالف العدوان في احتجاز سفن الوقود وخاصة سفن ‎الديزل المفتشة أممياً والمرتبطة بكل القطاعات الخدمية كالصحة والكهرباء والمياه بهدف أن تظل تكلفة هذه الخدمات مرتفعة على المواطن وخاصة في شهر رمضان المبارك، فيما والأمم المتحدة لم تضع حدا لهذه القرصنة سواء قبل الهدنه المعلنة أو أثناءها)، كما جاء في تغريدة للمتحدث باسم شركة النفط عصام المتوكل.
وقبل ٣ أيام احتجزت بحرية تحالف العدوان سفينة ‎الديزل الإسعافية «هارفيست» التي تحمل كمية 29,976طناً رغم تفتيشها وحصولها على التصاريح الأممية، ليرتفع عدد السفن المحتجزة إلى 3 سفن نفطية جميعها مفتشة وحاصلة على تصاريح دخول من الأمم المتحدة. وأمام هذه الانتهاكات التي تمس روح الهدنة وتفرغها من مضمونها لم يقدم المبعوث الأممي أي خطوة لمنع هذه الانتهاكات، ولو حتى بيان إدانة، أو على الأقل مطالبة بتسهيل مرورها حسب اتفاق الهدنة، ولاذ بالصمت واكتفى بالحديث أمام مجلس الأمن عن دخول بعض السفن التي لا تغطي حاجة السوق المتعطش لهذه المواد الحيوية.
الأدهى والأمرّ، هو تصريحاته عن مطار صنعاء وعدم جهوزيته وحاجته لبعض الترتيبات اللوجستية وخضوعه لأعمال تجهيز لاستقبال الرحلات الجوية، في أسلوب يكذبه الواقع ووصول طائرات الأمم المتحدة بشكل شبه يومي، ومنها الطائرة التي وصل بها إلى صنعاء في الحادي عشر من أبريل.
لا يتوقف المبعوث هنا، بل يُصِّر على تجاوز دوره كوسيط أممي، ليتحول إلى منحاز بشكل كامل لطرف الرياض ومرتزقتها، مؤيدا كل ممارساتها، ومباركا كل خطواتها، ومحتفلا معها، ومشاركا لها وكأنه جزء لا يتجزأ من تركيبتها، وهو بهذا – من حيث يشعر أو لا يشعر – يضع نفسه في إطار ضيق، لا يستوعب دوره المفترض كمبعوث أممي مهمته أن يكون على مسافة واحدة من كل الأطراف، مبتعدا عن أي أدوار فعلية تمكنه من النجاح في مهمته، بدلا من أن يهتم بمعالجة الاختلالات في الهدنة، لتسهل الخطوات اللاحقة للوصول إلى سلام دائم، فإذا به يختار الهرولة خلف الرياض وأبو ظبي، منساقا وراء مخططاتهما، معبرا عن مصالحهما بما يتناقض كليا مع ولايته ومهامه المنوطة به.
نعم، ربما يعوِّض «هانس» بعضا من الشعور بالخيبة والعجز بحضوره الحفلات والمهرجانات وإلقاء العبارات المؤيدة لما يحصل فيها من تغيير في الممثلين “الكومبارس” وتغيير لبوسهم، وتنكرهم بقناع الشرعية الذي يتناوبونه اليوم وسيتنازعونه غدا، ويظل «غروندبرغ» شاهد زور على كل ما يجري، ولن يخرج خالي الوفاض من هذه الأحداث، فالخزينة السعودية التي ملأت أفواه الدول، ليست عاجزة عن ملء جيبه، لتكميم فمه، ولجعله مجرد مبعوث سعودي، للتوفيق بين المرتزقة، وهذا لا علاقة له من قريب ولا من بعيد بالسلام المنشود في اليمن.

قد يعجبك ايضا