7 أعوام من الصمود.. والانتصار على المؤامرة
يكتبها اليوم / فريق ركن دكتور/ قاسم لبوزة
واليمن يستقبل الذكرى السنوية السابعة للعدوان بجملة من الفعاليات الثورية الاحتفائية التي تعكس حالة فريدة من الصمود واجتراح الصعاب والنهوض كل مرة من تحت ركام المعاناة بعزيمة لا تلين ..يتخلق كل يوم وعي وطني جديد وبصيرة ثاقبة لدى اليمنيين بأن قضيتهم عادلة لأنهم يدافعون عن الكرامة والاستقلال والوحدة ويواجهون التبعية والارتهان بقوة التضحيات الجزيلة لشعب مكافح وصابر.
ومنذ الوهلة الأولى للعدوان يوم الخميس 26 / آذار /مارس 2015م
تـَكّشف للجميع حجم الحقد الكبير الذي تكتنزه دول العدوان لليمن الأبي الحر المسالم وبالذات قادة تلك الدول وفي طليعتهم الدول الخليجية باستثناء عمان الشقيقة من خلال فصول المؤامرة التي أحيكت على اليمن عبر برنامج استراتيجي متقن وخطط خبيثة هدفت إلى تركيع الشعب اليمني وكسر عزيمته وتدمير مقدراته ومكتسباته..
وتبدى ذلك من حجم الآلة العسكرية الجوية والبرية والبحرية الهائلة التي حاولوا من خلالها اقتحام العاصمة صنعاء وتنفيذ المخطط التآمري بالاعتماد على الدعم العسكري اللوجستي الأمريكي ودول حلف شمال الاطلسي والكيان الصهيوني الإسرائيلي إلى جانب القوات الخليجية المشاركة في العدوان بقيادة السعودية ..ليشترك الجميع في جريمة حرب كبرى تولد عنها طيلة سبعة أعوام جرائم حرب متتالية أثقلت كاهل القتلة بكل فعل مشين وأكدت مشاركتهم في أقذر عدوان وحشي شهده العصر الحديث تجاه شعب حر كريم محب للخير والسلام.
وبتذكر بدايات المشهد الصارخ للأسف يحز في النفس انجرار قوى مسلحة يمنية ومليشيات إرهابية مصنفة عالميا في قوائم الإرهاب ارتمت في أحضان العمالة والارتزاق ورضيت بأن تكون بيادق وسهاماً مسمومة بيد الأجنبي المتآمر على بلدها، في جريمة خيانة عظمى لأنها شاركت في إراقة دماء أبناء اليمن وتهديد وحدته الوطنية ونسيجه الاجتماعي وتدمير مقدراته ومكتسباته.
وللأسف ساهمت تلك القوى في تنفيذ ذلك المخطط الخبيث المرسوم بدقة وبشكل مسبق والذي ركز على تدمير البنية التحتية الأساسية التي اقتطع اليمنيون من قوتهم لبنائها، وتدمير البنية التحتية العسكرية والأمنية بهدف إضعاف اليمن وتحويله إلى صيد سهل بيد الأعداء لإبقائه في دائرة التبعية والإذلال، وتجهيل اليمنيين وتحويلهم إلى فقراء عبر استهداف الجامعات والمدارس والمصانع والمعامل وكل سبل المعيشة لتركيعهم والقبول بالهيمنة والوصاية من جديد، وتشديد الحصار الاقتصادي لتعميق معاناة أبناء الشعب اليمني عبر إغلاق ميناء الحديدة ومطار صنعاء لقتل اليمنيين بشكل متعمد دونما رادع أخلاقي أو إنساني، والذهاب إلى أسوأ من ذلك بنقل البنك المركزي إلى مدينة عدن، لخنق الاقتصاد أكثر وأكثر وقطع مرتبات القطاع العام إمعانا في قتل اليمنيين بمختلف الوسائل وتدمير اقتصاد البلد وإيقاف عجلة الإنتاج، وتدمير وحشي للبنى التحتية العامة والخاصة في كل الاتجاهات: مطارات ومرافق صحية وأنفاقاً وجسوراً وصالات أعراس ومدارس ومستشفيات ومصانع ومعامل في حفلة جنون لا يمكن أن تحدث إلا في الجحيم وليس مع دولة ذات سيادة ومن قبل جيران وأشقاء انسلخوا من عروبتهم وقوميتهم وتحولوا إلى مخالب تدمير بيد الامبريالية الجديدة والصهاينة .
لكن بفضل الله وثبات شعبنا الحر الأبي وقيادته الثورية والسياسية ومعها القوى الوطنية الشريفة في الداخل التي كلها تمثل نقاط قوة تظهر كل يوم وتتشكل ملامح التبدّل في حصيلة التوازنات والشواهد الصارخة، التي تحملها يوميات الحرب، وتؤكد أن بلوغ الضربات اليمنية للعمق في شبه الجزيرة العربية، وتراكم التغيرات في جبهات القتال اليمنية لصالح الجيش واللجان الشعبية المقاتلة، يؤسّس لهزيمة قوى العدوان وانتصار اليمن، الذي يكتسب قيمته وأهميته من حجم الاحتشاد المعادي الذي جمع شذاذ الآفاق وأصحاب المشاريع الاستعمارية المكشوفة، ويرى اليوم الجميع شواهد ذلك بالعين المجردة دونما حوائط صد أو موانع.
ورغم كل ذلك ظل الداخل الوطني حريصا على من ذهبوا بعيدا عن الخط الوطني واستهوتهم مصالحهم الذاتية وأبقى على أبواب التوبة مفتوحة أمامهم رغم جرم المغرر بهم تجاه وطنهم مكررا الدعوات لهم للعودة إلى جادة الصواب، وذلك انطلاقا من علو قامة اليمنيين في التسامح والتصالح.. والتسامي على الجراح.
لكن على أولئك المتماهين مع مشاريع العدوان حتى اليوم ولم يستغلوا فرصة العودة إلى الصف الوطني المقاوم للعدوان، أن يفهموا أن من يحاصر الشعب اليمني ويقتل المدنيين في مختلف مناطق اليمن سيدفع الثمن غاليا في عقر داره وأن اذياله من مرتزقة الداخل سيحظون بنفس القدر وربما أشد من ذلك العقاب. ولمن لا يزال يعتقد أو يصدق تلك الأسطوانة المشروخة التي ظل العدوان يرددها بتحويل المناطق التي احتلها إلى جنة دانية عليه أن يرى بالعين المجردة مشاريعه في المحافظات الجنوبية المحتلة حيث لم تهنأ مدينة عدن بلحظة استقرار واحدة منذ أن وطئتها أقدام المحتلّين الجدد في العام 2016م، بل دخلت في دوامة من الفوضى والأزمات اللامتناهية أمنياً وسياسياً وعسكرياً واقتصادياً ومعيشياً، حتى وصل الناس فيها إلى البحث عن الخبز والذي كان عنوانا بارزا للأزمة الاقتصادية مؤخرا.
ونحن لا نرى في ذلك ما يدعو للتعجب بل هي نتيجة طبيعية في ظلِّ استحكام قبضة تحالف العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي البريطاني، وسماسرة وتجار الحرب والنفط، وهوامير وحيتان المال، وغياب الدولة واختطاف مؤسسات الدولة، بما فيها فرع البنك المركزي في عدن، الذي بات يفتقر إلى أدنى مقومات السياسة المالية والاقتصادية، وبات أشبه بملهى للقمار والمقامرين على حساب العملة الوطنية وقوت المواطن المغلوب على أمره، حتى وصل الأمر إلى حد لا يطاق.
ولا يقف الأمر عند مدينة عدن، بل يكاد يشمل كلّ المحافظات المحتلة والمرتهنة لدول العدوان، بما فيها المديريات المحتلة في تعز ومارب، التي تعاني أزمات معيشية مركبة أثقلت كاهل الناس وبعضها فوضى أمنية تهدد السكينة العامة إلى جانب أزمة نقدية تعد الأسوأ في تاريخ اليمن على الإطلاق، بسبب التضخم النقدي الكبير للعملة غير القانونية التي طبعتها حكومة الفنادق.
وفي السياق أيضا لا يفوتنا التعريج على دعوة الحوار السعودية التي تفتقد للكثير من الجدية، إذ من الطبيعي أن ينعقد الحوار في بلد محايد ولعل عمان الشقيقة ربما تحضر في الذهن أولا هذا إن كانت السعودية جادة للخروج من مأزق اليمن الذي يتسع أفقه ومداه ليطال المشهدين الإقليمي والدولي بتأثيراته الخطيرة ..وعلى الأقل كان يجدر بالسعودية إظهار النوايا الحسنة قبل الدعوة للحوار بالتخلي عن جريمة الحصار للمشتقات النفطية لتبدو الدعوة للحوار جدية وتعبيراً عن توجه حقيقي نحو إيقاف العدوان الظالم على اليمن.
وعلى أية حال.. انتصار اليمن الكبير يقترب بهزيمة مبرمة لحلف العدوان، وهي صفحة جديدة قادمة في تاريخ المنطقة، ستشعّ بنتائجها وتداعياتها في الوطن العربي برمّته.. والأيام بيننا.
نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام