للعاما لثامن على التوالي يقبل شهر رمضان المبارك على الشعب اليمني، وكالعادة فالعدوان السعودي قد أشغل الناس عن الضيف العزيز على قلوبهم بعد أن نشر الموت والمجاعة والدمار في ربوع اليمن السعيد وبعد أن أنهك الشعب اليمني بمختلف شرائحه وطبقاته حتى ارتسمت صورة مأساوية في ذاكرة الناس لا سيما المواطنين الذين كانوا من قبل تحت خط الفقر المدقع وغيرهم ممن قطع العدوان السعودي وتحالفه سبل عيشهم ومصادر دخلهم:
الثورة/ حاشد مزقر
وفقا لتقارير منظمات دولية كاليونيسف والصحة العالمية والصليب الأحمر ومنظمة العفو الدولية وأخيرا الأمم المتحدة، فإن الحصار المفروض على اليمن انتج أوضاعا كارثية، إذ يتعرض الشعب اليمني للتجويع وشحة الدواء والغذاء، حيث يحتاج أكثر من 24 مليون مواطن يمني على الأقل لمساعدات غذائية وصحية بصورة عاجلة، ونتيجة للحصار الشامل المفروض على الشعب اليمني ككل واستمرار الضربات الجوية تتضاعف معاناة الشعب يوما بعد آخر، وقد أدى الحصار الجائر للمشتقات النفطية إلى توقف أكثر من 50 % من القدرات التشغيلية للقطاعات الخدمية والصناعية والتجارية، و1200 منشأة مهددة ومتوقفة عن الإنتاج، وتوقف نصف عدد المصانع في اليمن عن العمل بواقع 350 مصنعاً، وارتفاع تكاليف الإنتاج الصناعي والنقل والتخزين والشحن والتأمين، وانخفاض إنتاج المنشآت الصناعية والخدمية، واتساع دائرة الفقر والبطالة، وفُقدان أكثر من 980 ألف عامل مصادر أرزاقهم، في وقتٍ وصلت فيه نسبة الفقر في اليمن إلى 75 %، بعد أن كانت قبل العدوان في حدود 47 %، وسط تحذيرات أممية من احتلال اليمن المرتبة الأولى للدول الأكثر فقراً في العالم مع استمرار العدوان والحصار في العام الجاري 2022م.
كارثية العدوان
هذه التداعيات التي تشتد قساوة مع قدوم شهر رمضان، يتحدث عنها المواطن مجاهد يحيى، فيقول بمرارة مؤلمة: الصورة كارثية، فعشرات الآلاف من الأسر تضررت من العدوان وحصاره المستمر، إذ دمرت منازل أسر كثيرة وأسر أخرى فقدت بعض أفرادها في الغارات الطاحنة التي تقوم بها طائرات العدوان في كل محافظات اليمن، كما أن أسرا أخرى فقدت مصادر دخلها التي لا تملك سواها وعلى صعيد آخر تعطلت الحياة أو تدهورت في أكثر من قطاع كالتعليم والصحة الذي يعيش أوضاعا كارثية، فعشرات المستشفيات توقفت عن العمل لأكثر من سبب وبالتالي يفقد الكثير من المرضى حياتهم وعلى صعيد آخر ارتفعت نسب الفقر في أوساط الأسر اليمنية وكذا نسب البطالة في أوساط الشعب هذا فضلا عن مئات الشباب الذين فقدوا أعمالهم في القطاع الخاص بعد تسريحهم بسبب الحصار وبسبب استهداف المنشآت الحيوية، وآخرون فقدوا أعمالهم التي كانت تعتبر كأعمال حرة وذلك بسبب العدوان، علاوة على قطع رواتب الموظفين في القطاع الحكومي واحتكارها من قبل حكومة الفار هادي ..ومن هنا فإن معاناة اليمنيين في شهر رمضان هذا العام ستكون كبيرة والسبب الأول والأخير لذلك هو العدوان السعودي الذي دمر اليمن أرضا وإنساناً لكن ثمة أمراً مختلفا فحنيننا لرمضان سيجعلنا نعيش روحانيته رغم ما سبق ذكره.
تدهور الأوضاع تباعا
احمد الجعشني هو الآخر يتحدث عن قدوم شهر رمضان الحالي قائلا: كنت منذ أعوام قبل أن يشن الظالمون عدوانهم على اليمن أرتمي ومعي أسرتي في أحضان المناطق الجبلية في قريتنا بمجرد مجيء شهر رمضان المبارك واليوم ونحن في الأيام القليلة التي تسبق شهر رمضان أصبحت عاجزا عن تأمين مصروف واحتياجات أبنائي ولو بالقدر اليسير، فبالكاد أوفر قيمة رغيف الخبز لهم بعد أن تحولت للعمل كحمال في أحد الأسواق وحتى اللحظة يعجز لساني عن الرد على أسئلتهم لماذا لم أشتر لهم احتياجات رمضان؟ فللأسف معاناة الناس تضاعفت وظروفهم المادية بعد ثمانية أعوام من العدوان أصبحت في الحضيض ولم يعد يقدر أقل مواطن تضررا على تحمل تكاليف رمضان والعيد تباعا فكيف بتأمين مواصلات سفر وغيرها إلى قريتنا كما الأعوام التي سبقت العدوان السعودي وتحالفه، وهناك معاناة لدى الكثير ممن فقدوا عملهم وممن تدهورت أوضاعهم المادية والمعيشية والتي تشتد عاما بعد عام بسبب استمرار حصار العدوان على الشعب اليمني.
ذكرى قاسية
عبدالجبار الأهجري – شاب في الـ٤٠ من عمره أصبح تائه الفكر وغارقا في الهموم وتحول شهر رمضان في نظره إلى مناسبة مؤلمة حياتيا، لكنها مازالت مناسبة دينية غالية على قلبه، فبعد أن فقد عمله في مصنع المرطبات بمحافظة الحديدة جراء تعرضه لقصف طائرات الإجرام السعودي منذ سنوات وهو لم يعش منذ لحظتها في وضع مستقر وهو الآن لا يملك عملاً يؤمّن له راتبا شهريا يعينه على الاستمرار في الحياة، وبحسب تعبيره وقراءة ملامح وجهه الشاحبة والحزينة فإن الصواريخ التي دمرت المصنع لم تنتزع رزقه ومصدر دخله الوحيد فحسب، بل إنها جعلت أطفاله الأربعة وزوجته يتمرغون الجوع والألم والفاقة ليعيشون في لهيب المعاناة وتعاسة البؤساء، وكما يقول كلما اشتد الحصار ارتفعت أسعار المشتقات النفطية والسلع الغذائية، فأسعار رمضان الماضي أقل من أسعار رمضان الحالي ولهذا ساءت أحوالنا وقست علينا الحياة، مضيفا: بعد كل الذي أحدثه العدوان في كل نواحي حياتنا فإن شهر رمضان لم يعد سوى ذكرى قاسية لنا فنحن غير قادرين على تأمين لقمة العيش البسيطة فضلا عن توفير متطلباته الكبيرة والباهظة ولم نعد نحلم بشيء سوى الأمن ولقمة العيش.
حشرجة قاسية تخنق كلمات العديد من الناس، فمرارة المعيشة مؤلمة تحكي تفاصيل يصعب الإفصاح عنها فقبل أن تشن السعودية عدوانها الآثم كانت حياتهم كحياة بقية الناس الميسورين، آمنين في منازلهم ولقمة العيش متوفرة وكذا مطالب الأطفال والأسرة ككل، وكان رمضان لا يأتي إلا وقد منحوه الكثير من طقوس الاستقبال والترحاب فيوفرون له كل ما يمكن أن يجعل لحظاته كلها سعادة سواء من المواد الغذائية أو المستلزمات الأخرى مما يسهل عليهم إحياء شعائر الله و كان كل رب أسرة يعمل جاهدا على إسعاد جميع أفراد أسرته ولم يشعر أي منهم بالمهانة يوما رغم بعض الأزمات المالية إلا بعد أن شنت أول غارة عدوانية على اليمن .