مجلس الأمن منصة دولية لتبرير العدوان والحصار على اليمن

غارات وقرارات.. مجلس الأمن شريك في العدوان على اليمن ” الحلقة 24 “

تنصل مجلس الأمن عن القيام بمسؤولياته أمام جريمة العدوان على اليمن

الثورة /
استمر مجلس الأمن ولجانه في ممارسة التضليل من خلال توصيفه للنزاع في اليمن أنه نزاع غير دولي، وهدفه من ذلك مصادرة حق اليمن في المطالبة بقيام الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالقيام بمسؤولياتهما حسب الميثاق لوقف العدوان عليها وقمع الدول المشاركة فيه، كون اليمن دولة مستقلة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة، كما أن ذلك يأتي لحرص المجلس على حماية دول التحالف التي تقودها المملكة العربية السعودية والإمارات وتحضى بدعم عسكري ولوجستي من دول اللوبي الأقوى في مجلس الأمن وهي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا والكيان الصهيوني(1).
في هذا الإطار أثبتت تقارير فريق خبراء مجلس الأمن أن هناك عدواناً على اليمن مكتمل الأركان يقوم به تحالف دولي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات ومشاركة عدد من الدول، وقام هذا التحالف بتنفيذ مئات آلاف الغارات الجوية مستخدماً كافة أنواع الأسلحة ومنها المحرمة دولياً مستهدفاً بذلك المدنيين والبنى التحتية في اليمن، وقام التحالف بغزو واحتلال أجزاء واسعة من أراضي الجمهورية اليمنية وجلب المرتزقة الأجانب، كما قام بتجنيد ميليشيات محلية والدفع بها للقتال مقابل المال، إلى جانب فرضه الحصار الشامل الجوي والبري والبحري بغرض تجويع الشعب اليمني.
ووفقًا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (3314)، فإن أشكال جريمة العدوان تتمثل في أفعال أساسية أهمها :
1. قيام القوات المسلحة لدولة ما بغزو إقليم دولة أخرى أو الهجوم عليه، أو أي احتلال عسكري، ولو كان مؤقتًا، ينجم عن مثل هذا الغزو أو الهجوم، أو أي ضم لإقليم دولة أخرى أو لجزء منه باستعمال القوة.
2. قيام القوات المسلحة لدولة ما بقذف إقليم دولة أخرى بالقنابل، أو استعمال دولة ما أية أسلحة ضد إقليم دولة أخرى.
3. ضرب حصار على موانئ دولة ما أو على سواحلها من قبل القوات المسلحة لدولة أخرى.
4. قيام القوات المسلحة لدولة ما بمهاجمة القوات المسلحة البرية أو البحرية أو الجوية أو الأسطولين التجاريين البحري والجوي لدولة أخرى.
5. إرسال عصابات أو جماعات مسلحة أو قوات غير نظامية أو مرتزقة من قِبَل دولة ما أو باسمها تقوم ضد دولة أخرى من أعمال القوة المسلحة تكون من الخطورة بحيث تعادل الأعمال المعددة أعلاه، أو اشتراك الدولة بدور ملموس في ذلك.”
وعلى أساس وصف القرار (3314) لأشكال العمل العدواني، فقد تم تصنيف نماذج من الجرائم التي ارتكبتها قوات التحالف على أساس ذلك التصنيف، مع الاستشهاد بالجرائم التي أثبتها فريق الخبراء في تقاريرهم فقط، وهي كالآتي:
‌أ. الهجوم والغزو والاحتلال:
أثبتت تقارير الفريق التابع لمجلس الأمن شاملة للفترة 2015-2020 وجود أعمال الغزو والاحتلال التي نفذتها قوات التحالف على اليمن بقيادة السعودية والإمارات عندما أعلنت في مساء 26 مارس 2015 بدء تنفيذ عملية عسكرية على اليمن في إطار تحالف دولي مخالف لميثاق الأمم المتحدة تحت مسمى “عاصفة الحزم”، ومن خلال الممارسات التي قام بها التحالف على مرأى ومسمع من العالم أجمع خصوصاً ما أورده الفريق في تقريره للعام 2016 ونص فيه على: “وعلى المستوى التشغيلي، يرى الفريق أن أنشطة التحالف العسكرية تجري تحت سيطرة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على النحو التالي:
(أ) تجري العمليات الجوية في اليمن تحت السيطرة التشغيلية لمقر مشترك تقوده المملكة العربية السعودية يقع في الرياض، مع خلية استهداف ومراقبة تشرف على عمليات تحديد الأهداف وإسناد المهام، وبها ضباط من الدول الأعضاء في التحالف، باستثناء السنغال والمغرب.
(ب) تجري العمليات البرية في مارب تحت السيطرة التشغيلية للمملكة العربية السعودية.
(ج) تجري العمليات البرية في عدن وفي محيط المكلا تحت السيطرة التشغيلية للإمارات العربية المتحدة”
1 – غزو الأراضي اليمنية وقصفها من قبل قوات التحالف:
هجمت قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات على الأراضي اليمنية وقامت باستهداف المدنيين بالضربات الجوية وقصف الأحياء والتجمعات السكنية واعتبار مدينتي صعدة ومران من الأهداف العسكرية بعد إعلانها محافظة صعدة منطقة عسكرية سعياً لاستمرار غزوها ومحاولة احتلالها، وتُعد هذه الأفعال انتهاكات جسيمة لمبادئ القانون الدولي الإنساني ارتكبها التحالف على نطاق واسع وبطريقة منهجية، مستخدماً حتى الذخائر العنقودية في المناطق الآهلة بالسكان، ولم تسلم منه مخيمات النازحين واللاجئين، وكذلك التجمعات المدنية بما في ذلك حفلات الزفاف والمركبات المدنية كالحافلات والمناطق السكنية والمرافق الطبية والمدارس والمساجد والأسواق والمصانع ومخازن الغذاء وغير ذلك من الأعيان المدنية بجانب استهدافه لأهم البنى التحتية المدنية مثل مطار صنعاء وميناء الحديدة وطرق المرور المحلية.
وبحسب ما ورد في تقرير مجلس الأمن (لفترة 2015) ففي الشهرين الأولين فقط من بدء عمليات التحالف وفي مدينة صعدة بالتحديد والتي هي أشد المدن المستهدفة تضرراً من الغارات الجوية دُمر فيها مالا يقل عن 226 مبنى.
واستمر قصف قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية خلال الفترة من 26 مارس 2015 حتى كتابة هذه الدراسة بالوتيرة نفسها مع تنويع في شكل الانتهاكات والجرائم والأسلحة المستخدمة، وبحسب ما وثقه الفريق التابع لمجلس الأمن وما ورد في تقاريره السنوية عن الحالات التي حقق فيها نجد الآتي:
وثّق الفريق التابع لمجلس الأمن عدد (119) طلعة جوية نفذتها قوات التحالف تتعلق بانتهاكات القانون الدولي الإنساني خلال عام 2015، وكانت العديد من الهجمات تشمل عدة غارات جوية على أهداف مدنية مختلفة، ومن مجموع هذه الطلعات الجوية حدد الفريق عدد (146) من الأعيان المستهدفة ووثق عدد (3) حالات لطائرات عمودية طاردت مدنيين فارين من عمليات قصف المناطق السكنية وأطلقت النار عليهم .
في عام 2016 حقق فريق الخبراء في عشر غارات جوية فقط، شنها طيران التحالف نجم عنها (292) حالة وفاة، منها (100) قتيل في صفوف النساء والأطفال، كما دمرت الغارات (3) مباني سكنية و(3) مجمعات صناعية مدنية ومستشفى وسوق(2).
ومن أبرز الجرائم التي أوردها الفريق في تقريره عام 2016 جريمة استهداف الصالة الكبرى(3)، حيث كان أكثر من (1000) شخص يشاركون في مراسيم عزاء والد وزير الداخلية، “والتي أسفرت عما لا يقل عن 827 إصابات وجروح في صفوف المدنيين، وكان ما لا يقل عن 24 من الجرحى أطفالا.”، حسب نتائج تحقيق الفريق في التقرير.
في العام 2017 حقق الفريق أيضاً في (10) غارات جوية تسببت في سقوط (175) قتيلاً و(135) جريحاً فيهم (85) طفلاً على الأقل، ودمرت الغارات (5) مبانٍ سكنية و(2) سفن مدنية و(1) سوق و(1) فندق صغير وموقعا تابعاً لقوات هادي.
في العام 2018 حقق الفريق في (5) غارات جوية طالت مدنيين وأهدافاً مدنية نتج عنها نحو (78) قتيلاً و(153) جريحاً وألحقت أضراراً كبيرة بالممتلكات المدنية، كان أبرزها استهداف باص أطفال ضحيان بقنبلة جوية أسفرت عن مقتل حوالي (43) وجرح (63) معظمهم من الأطفال، وكذلك قصف منطقة مأهولة بالسكان مستهدفاً سوق السمك ومستشفى الثورة بمدينة الحديدة الساحلية نتج عنه مقتل (55) شخصاً وجرح (170) شخصا.
في العام 2019 حقق الفريق في (8) غارات جوية أدت إلى مقتل حوالي (146) شخصاً وإصابة (133) آخرين في البيضاء والضالع وذمار وصعدة وصنعاء وتعز، وكان من أبرزها ما ارتكبته قوات التحالف في 31 أغسطس 2019 عندما استهدفت كلية المجتمع في محافظة ذمار وكان داخلها أكثر من (170) محتجزاً بحسب إفادة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وقد نتج عن هذا الاستهداف مقتل مالا يقل عن (100) شخص وإصابة مالا يقل عن (40) شخص، وقد أفاد الفريق أن هذا الموقع يستخدم سجناً منذ العام 2017 وورد ذكره في تقرير سابق للفريق إلى جانب أنه معروف محلياً بكونه حجزاً.
في العام 2020 حقق الفريق في (5) غارات جوية واختتم تحقيقاته في حادثين بتاريخ 14 فبراير و12 يوليو أسفرا عن مقتل (41) شخصاً وإصابة (24) آخرين كان أغلب الضحايا من النساء والأطفال.
خَلُص فريق الخبراء في تحقيقاته إلى أن استخدام الأسلحة الدقيقة التوجيه يُعد مؤشراً قوياً على أن الأهداف المقصودة هي نفسها المتضررة من الغارات الجوية، وهذا ما يثبت أن التحالف عمِد إلى استهداف المدنيين بشكل مباشر منتهكاً بذلك كافة القوانين والأعراف. كما أثبت الفريق في تلك التحقيقات أن أغلب الغارات الجوية للتحالف لم تستهدف أهدافاً عسكرية، ورأى أن التحالف لم يفِ بمقتضيات القانون الدولي الإنساني، وأن بعض هذه الغارات قد تكون بمثابة جرائم حرب(4). كما أكد الفريق أن جميع دول التحالف تتحمل المسؤولية عن كافة الأعمال التي يقترفها الأشخاص الذين يشكلون جزءاً من قواتها المسلحة.
2 – احتلال قوات التحالف للأراضي اليمنية:
أثبت الفريق من خلال ما أورده في الفقرات (150-154) من التقرير الشامل لفترة عام 2016 رقم S/2018/193 أن حالات الطرد والترحيل القسري المبنية على التمييز الفعلي ضد الشماليين في عدن توضح بما لا يدع مجالاً للشك عدم وجود سلطة قانونية وشرعية في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات التحالف والميليشيات المسلحة التابعة لها، حيث أن السبب في مثل هذه الأعمال والتصرفات هو وجود الاحتلال وانعدام شرعية السلطات المحلية.
الفقرة (34) من تقرير الفريق للفترة 2017 رقم S/2018/594 أكدت استمرار حالة الاحتلال، حيث نصت على: “تواصل قوات التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية توفير الدعم المالي والسياسي والعسكري واللوجستي للقوات المسلحة اليمنية ولعدد من القوات المسلحة المقاتلة بالوكالة عنها وتقاتل قوات المملكة العربية السعودية في جبهتي قتال رئيسيتين هما ميدي ومارب في حين تقاتل قوات الإمارات العربية المتحدة بصورة عامة في عدن وأبين وحضرموت ولحج والمهرة والمخا وشبوة”، مع تأكيد الفريق في الفقرة (50) أن هادي فقد القيادة والسيطرة الفعلية على القوات العسكرية والأمنية العاملة باسم “الحكومة الشرعية في اليمن”.
الفقرة (45) من التقرير نفسه جاء فيها أن المملكة العربية السعودية شنت غارات على تعز وأصابت إحدى تلك الغارات عناصر من اللواء 22 مدرع في منطقة العروس في جبل صبر.
وأثبت الفريق من خلال ما أورده في الفقرة (43) من تقرير الفترة 2018 رقم S/2019/83 أن مناطق العمليات الرئيسية لقوات التحالف توجد على الحدود اليمنية الشمالية ولها تواجد في سقطرى، وأن القوات الإماراتية تقاتل في عدد من المحافظات، حيث نصت الفقرة على الآتي: “ومناطق العمليات الرئيسية لقوات التحالف توجد على الحدود اليمنية الشمالية في محافظات حجة ومارب والمهرة، ولها وجود عسكري ضئيل جدا في سقطرى، في حين تقاتل قوات الإمارات العربية المتحدة أساسا في محافظات عدن وأبين وحضرموت والحديدة وشبوة وتعز (باستثناء مدينة تعز).”
وما ورد في الفقرة (24) من تقرير الفريق للفترة 2020 رقم S/2020/326 تحت عنوان “إعادة انتشار قوات الإمارات العربية المتحدة في اليمن، حيث أثبت وجود قاعدة إماراتية في البريقة بعدن سلمتها الإمارات للسعودية عقب توقيع اتفاق الرياض في نوفمبر 2019.
أما الفقرة (59) من التقرير S/2021/79فقد بيّنت وجود قواعد عسكرية لقوات الإمارات العربية المتحدة في بلحاف والعلم بمحافظة شبوة، ونصت على: “، وفي حين وقعت بعض الحوادث الأمنية البسيطة أثناء تنقل قوات الإمارات العربية المتحدة بين قواعدها في بلحاف والعلم…”
كما أثبت الفريق في الفقرة (100) من التقرير S/2020/326 وجود سجون تشرف عليها الإمارات في القاعدة الإماراتية في منطقة البريقة بمحافظة عدن.
أما الفقرة (127) من التقرير S/2021/79 فقد بيّن الفريق فيها أنه حقق في حالات الاعتقال والاحتجاز التعسفيين والاختفاء القسري والتعذيب على أيدي قوات الإمارات العربية المتحدة في اليمن، كما أثبت أن هذه القوات تسيطر على بلحاف ـ شبوة، ومطار الريان الدولي ـ المكلا، وموقع قريب من ميناء الضبه النفطي ـ الشحر حضرموت.
ومن خلال كل ما سبق يتضح ويثبت حالة الاحتلال في إطار تنفيذ التحالف لجريمة العدوان على اليمن بقيادة السعودية والإمارات.

قد يعجبك ايضا