التطورات في أوكرانيا والتي حسمت مبدئيا لصالح أنصار الغرب وخروج حلفاء روسيا من السلطة يفتح الباب إلى مرحلة جديدة من سياسات المد والجزر على الساحة الدولية خصوصا أن موسكو لم تتقبل ما جرى في كييف حيث لاتزال تشكك من باب التأكيد بأنها لاتزال تمتلك الكثير من الأوراق التي يمكن أن تلعبها مستقبلا.
الاحتفال الإعلامي والضجيج الدبلوماسي المستفز الذي جاء من العواصم الغربية والاتصالات المطولة والمكثفة من قبل مسؤولين أميركيين وأوروبيين بالقيادة الروسية عقب التطورات الدراماتيكية يعكس مدى أهمية المعركة التي كانت تدار بين القوى الدولية التي تعاني من مشاكل انحسار وتراجع على المشهد الدولي وبين القوى المتحفزة والصاعدة من الجانب الآخر الأمر الذي سيجعل الكثير من الخبراء والمحللين الاستراتيجيين يقفون مطولا للمحاولة في قراءة واستنتاج ما سيترتب على ذلك من تطورات قادمة.
ومن المعروف أن أوكرانيا تشكل الخلفية الجيوبوليتيكية التي فقدت عقب انهيار الاتحاد السيوفياتي وحاولت روسيا استعادتها بالطريقة الديمقراطية التي اعتقدت أن الغرب لن يستطيع الانقلاب عليها إلا أن ما حصل هو تكرار لسيناريو الثورات الملونة في تسعينيات القرن الماضي ويبدو أنه نجح حتى الآن خصوصا أن كثيرا من المتابعين يستبعدون أن تلجأ موسكو إلى التدخل العسكري كما حدث مع جورجيا في أواخر العقد الماضي ما يجعل البعض يتساءل ما الذي لايزال في جعبة رجل الكرملين القوي الصاعد فلاديمير بوتين الذي فضل الهدوء على أي رد متسرع رغم قسوة الضربة التي تلقاها من المعسكر المنافس له على المسرح الدولي.
ومهما تكن الضربة التي تلقاها بطل الجمباز فإنها – حسب المراقبين -لن تضعه أرضا بل ترك الطرف الآخر في حالة ترقب وحذر من طريقة الرد التي قد يكون يفكر فيها بوتين الذي انتهى من احتفالات اختتام أولمبياد سوتشي التي حققت بلاده المركز الأول في الميداليات الذهبية فيها إضافة إلى نجاح التنظيم والأمن واستعراض القوة الاقتصادية التي أبدتها الحكومة الروسية للعالم وإن كان خصومه الغربيون قد حاولوا تعكير ذلك النجاح بهزيمته في أوكرانيا.
ويتوقع أن تكون المرحلة القادمة مليئة بالمفاجآت والشد والجذب بين روسيا والغرب (الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية وسيحاول كل طرف الحفاظ على مكاسبه والبحث عن انتصارات في مواقع أخرى أكثر سخونة وأهمية..
Prev Post