الأندية الرياضية.. كما قالت جدتي!!

حسن الوريث

 

 

مازالت أنديتنا واتحاداتنا الرياضية بعيدة وبعيدة جدا عما يجري في عالم الرياضة بكل تفاصيله، ومازلنا بالتأكيد نحتاج إلى جهود كبيرة لننهض برياضتنا ونخرجها من واقعها المرير والمؤلم الذي تعيشه والذي وصلت إليه وربما يزداد تدهورا وتدهورا لأننا نقف مكاننا والعالم يسير بخطوات واسعة إلى الأمام، ومعنى ذلك أننا نتأخر ونتخلف مسافات بعيدة عنه وسيصعب علينا اللحاق به لو استمر الحال هكذا وأنا هنا أتحدث عن كافة أطراف العمل الرياضي وليس عن طرف واحد فقط فالجميع يتحملون المسؤولية عن وجود هذه الهوة الكبيرة بيننا وبين بلدان العالم في هذا المجال.
حينما نتحدث عن مسؤولية تدهور رياضتنا فنحن نؤكد أن الجميع يتحملون المسؤولية ابتداء من قمة الهرم في الدولة والحكومة مرورا بقيادة وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية والاتحادات والأندية وصولا إلى الإعلام الرياضي الذي بلا شك يتحمل مسؤولية لا تقل عن مسؤولية تلك القيادات في الوضع المزري الذي تعيشه الرياضة اليمنية، وسنتحدث إجمالا وتفصيلا عن دور كل أطراف منظومة العمل الرياضي في مواضيع لاحقة، والأكيد أن البداية من قمة هرم الدولة والحكومة التي تتحمل المسؤولية الأولى من خلال عدم وجود رؤية حقيقة لقطاع الشباب والرياضة ونظرتها القاصرة جدا للرياضة وعدم الاهتمام بها واعتبارها مجرد تسلية لا تستحق أي اهتمام إطلاقا وأن هناك مواضيع وقضايا أهم من الرياضة وهذا يتجلى بوضوح في خططها وبرامجها الغائبة تماما عن أي استراتيجيات ورؤى للعمل الشبابي والرياضي وجعل قطاع الشباب والرياضة من القطاعات الهامشية في كل شيء.
وسأخصص هذا الموضوع لقضية هامة أعتقد أنها من أسباب تخلفنا وتدهور العمل الرياضي في بلادنا وأتحدث هنا عن الأندية الرياضية وما تعاني من أوضاع مأساوية من كافة النواحي وأهمها الجوانب الإدارية التي هي مربط الفرس في كل شيء، فعندما تفتقر للإدارة الناجحة فهذا يعني أن كل شيء لديك سيكون سيئا ونحن في كل أنديتنا الرياضية دون استثناء نفتقد فعلا لهذا الأمر ومعظم من يتولى قيادتها مع الأسف الشديد يسيرون كما قالت جدتي أو كما يقال أننا وجدنا آباءنا هكذا ولا يمكن إلا احترام تقاليدهم وعدم المساس بها، وهنا تكمن المشكلة فعندما يوجد لديك أشخاص غير قابلين للتطور فستبقى بالتأكيد مكانك على أسوأ الاحتمالات وسأورد هنا مثلا واحدا للتأكيد على ما قلته ولكم أن تحكموا بعد ذلك.
بالتأكيد أن معظم بل كل الأندية الرياضية تظل تنتظر ما يأتيها من دعم صندوق رعاية النشء والشباب وإذا تأخر هذا الدعم لأي سبب كان فإن الأنشطة والبرامج تتعطل بل وتختفي في أحايين كثيرة والأندية المحظوظة هي التي لديها عقار تستفيد منه أو رجل أعمال يدعمها وتظل معتمدة عليه فإن حدث شيء لهذا العقار تعطل النادي وإن غاب رجل الأعمال لأي سبب انتهى كل شيء، وهناك أمثلة كثيرة لا تعد ولا تحصى لأندية حدث لها هذا الأمر والبقية ستأتي لأن المسألة مسألة وقت لا أكثر ولا أقل، وبحسبة بسيطة أريد أن أقول لكم فكروا معي لإيجاد إجابات لبعض هذه التساؤلات التي يمكن أن تساعدنا ونقول من هو أغنى ناد في بلادنا؟ وكم في رصيده من الأموال في البنوك؟ وكم من العقارات يمتلك؟ وكم هي قيمتها المادية؟ وكم تدر عليه من دخل؟ وهل يكفي هذا الدخل لإدارة العمل الرياضي داخل النادي؟ ومن هو رجل الأعمال الذي يمكنه أن يتكفل بدعم أي ناد بشكل دائم دون أن يصيبه الإحباط من اعتماد النادي عليه فقط؟ وهل لدى أي ناد من أنديتنا استثمارات حقيقية وليس مجرد دكان هنا أو مطعم هناك أو .. يذهب ريعها أحيانا قبل أن ينتهي الشهر؟.
مما لا شك فيه أن الإجابات مهما كانت فأنها تؤكد النتيجة المعروفة أن معظم أنديتنا إن لم نقل كلها فقيرة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فأغنى ناد في اليمن ربما يكون رصيده خمسين مليوناً إلى ستين مليوناً وهذا المبلغ لا يساوي شيئا مقارنة بما يجب أن يكون، وأنا هنا أتحدث عن أغنى ناد ولم أتحدث عن أفقر ناد لأن حوالي 95% من أنديتنا مفلسة ولا تمتلك الواحد منها حتى عشرة آلاف ريال في رصيده ودعمها من الصندوق يخرج أولا بأول لتغطية التزاماتها المختلفة وتظل مديونة طوال الوقت، وإذا تحدثنا عن استثمارات الأندية فسنجد أنها فعلا غائبة ومعظم إدارات الأندية ليست لديها رؤية حقيقية لخلق استثمارات تجعلها تستغني عن الانتظار الممل لما يمكن أن يجود به لها صندوق الشباب الذي أتوقع أن يغيب وربما ينتهي تماما وحينها ربما تغلق معظم الأندية أبوابها وهناك الكثير من الأندية لم يعد لها وجود سوى في كشوفات وزارة الشباب والرياضة ويمكن تأكيد هذا الكلام بدون عناء كبير فلو حسبنا عدد أندية الجمهورية وكم منها مازالت متفاعلة لوجدنا أن غالبية الأندية مغلقة أما تلك الأندية المحظوظة التي استقطبت بعض رجال المال والأعمال فهي في طريقها إلى أن تلحق بركب الأندية المغلقة إذ أن اعتمادها على هؤلاء لن يطول وبعضهم سيتخلى عنها إن آجلا أو عاجلا لسبب أو لآخر.
من وجهة نظري أن إدارات الأندية في بلادنا مطالبة بوضع رؤى واستراتيجيات خاصة بها وإيجاد استثمارات حقيقية ومتنوعة خاصة بها والاستفادة من تجارب الأندية العالمية في هذا الجانب وأن لا تبقى معتمدة على تلك البقرة الوحيدة التي كثر من يحلبها وسيؤدي ذلك إلى جفافها قريبا وبالتالي توقف كل الأنشطة الرياضية وإذا لم تتنبه الأندية لهذا الأمر ستجد نفسها أمام وضع لا تحسد عليه وحتى بعض تلك الأندية التي لديها دكاكين ستلحق بالركب وتغلق أبوابها وستظل – كما قالت جدتي محصورة بين انتظار دعم صندوق وزارة الشباب والرياضة وإيجارات الدكاكين والصنادق.

قد يعجبك ايضا