أحمد النظامي
لقد أحرزت القصيدة الشعبية الحربية في اليمن انتصاراً ملحوظاً ومهماً في مجابهة العدوان ؛ فأصبحت جبهة متكاملة وترسانة قوية، مواكبة لمجمل الانتصارات والفتوحات المباركة التي يحرزها أبطال الجيش واللجان الشعبية في جبهات العزة والشرف، فمع كل قذيفة تدك مواقع العدو تنطلق قصيدة من فوهة شاعر، لتتحول القصيدة الشعبية إلى فوهة بندقية، وحروفاً نارية مسيَّرة تقذف الرعب في صفوف العدوان وتعري مواقفه وتكشف أساليبه الإجرامية بكل قوة ووعي وبصيرة.
وبالتالي فقد نجحت القصيدة الشعبية الحربية بنفسها الشعبي المزلزل ونزعتها الثورية وإيقاعها الزواملي ومضمونها الصادق، وهو ما أكسبها زخماً جماهيرياً واسع المدى وستظل وتبقى نشيد المجاهدين، وصوت الأحرار، وترجمان مظلومية شعبنا اليمني العظيم، ورسالة الوعي والبصيرة ، وزلزالاً يعري مواقف العدوان السعودي الأمريكي، وتوثيقاً لهذه المرحلة وهذا المنعطف التاريخي الذي يمر به اليمن.
المتببع للقصيدة الشعبية الحربية منذ الوهلة الأولى لاندلاع العدوان الصهيو أمريكي حتى اليوم يلحظ تميزها بعدد من الخصائص والجماليات مما يؤكد جاهزية وقدرة النص الشعبي على ردع القوى الغاشمة وتعزيز الروح الجهادية والثورية في الدفاع عن الأرض والعرض والكرامة.. وبالتالي يمكن الإشارة إلى بعض الخصائص والمميزات الرائعة للقصيدة الشعبية الحربية كما يلي:
– عمق ووضوح الفكرة، وجودة السبك الفني شكلاً ومحتوى.
– النزعة الثورية ومواكبة الأحداث وبلورتها في قالب شعري بديع.
– سلاسة وبساطة اللفظ والمعنى بعيداً عن الغموض المفرط؛ ما جعلها قريبة من قلوب الجماهير متوغلة في الأعماق.
– ثراء المفردات، حيث اكتسبت القصيدة ثروة ضخمة من المفردات والألفاظ الحربية والمصطلحات القتالية، فتراها تموج بالصواريخ والمدفعية والرصاص والبنادق وF16 وغيرها من المصطلحات التي أكسبتها التجدد والتمكن من مواكبة تفاصيل المرحلة.
– تميزت بخاصية التناص الفني المشبَّع بالثقافة القرآنية كتضمين آيات وأساليب من القرآن الكريم وهو ما جعل القصيدة الشعبية الحربية أكثر عمقاً وجمالاً .
– طواعية القصيدة الشعبية للحن والأداء الزواملي إذ تحولت معظم النصوص إلى زوامل حربية تضافرت فيها قوة الكلمة وجودة الأداء الإنشادي حتى تحس وكأن القصيدة تنبت مع اللحن.
على كل، ٍ فالقصيدة الشعبية بنفسها الحربي نجحت نجاحاً ملفتاً وخلقت وعياً جماهيرياً حول كشف خطورة المنبطحين والمتأمركين ،بل نستطيع القول إنها تفوقت على زميلتها « الفصحى» في التصدي والحضور الجهادي والتنويري.
كنت قد سلّطت قليلاً من الضوء على دور القصيدة الشعبية الحربية في مجابهة العدوان من خلال برنامجي الإذاعي «حروف باليستية» عبر أثير إذاعة الحديدة، ويبقى الدور الكبير للنقاد والمهتمين وكذا طلاب الدراسات العليا «ماجستير/ دكتوراه بتناول ودراسة آفاق وتجليات القصيدة الشعبية الحربية في مجابهة العدوان ونجاحاتها المذهلة وحضورها التوعوي ؛ حتى تصبح مادةً وثقافة تدرسها كل الأجيال.