تحالف العدوان يُطلق أكاذيب مستفزة يستثمرها لتبرير جرائم الحرب التي يرتكبها
استهداف تحالف العدوان للمؤسسات والبنية التحتية.. سلوك إجرامي يستنسخ التجربة الصهيونية القذرة في الحرب على غزة
جولة عدوان أمريكية هدفها إلحاق أكبر قدر من الأذى بالشعب اليمني سعياً لتحقيق مكاسب
الثورة / تقرير / عبدالرحمن عبدالله
بتهديد تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، بتدمير وقصف مؤسسات الدولة، يدشن العدوان مرحلة جديدة من الحرب الإجرامية على اليمن، يسعى من خلالها إلى تطبيق سياسة العقاب الجماعي للشعب اليمني بتدمير بنيته التحتية المتواضعة، بهدف ترجيح كفة الحرب لصالحه بعد فشله في الميدان العسكري.
لا جديد في ما يفعله تحالف العدوان اليوم من استهداف ممنهج للمؤسسات والمنشآت المدنية ، فتحالف العدوان يدمر المؤسسات والبنية التحتية منذ اليوم الأول لحربه الإجرامية، فقد قصف المطارات والموانئ والمؤسسات والمصانع والأسواق ومحطات الكهرباء ومضخات المياه والمدارس والمباني الحكومية والسجون والاتصالات وغيرها، الجديد هو في اتباعه السلوك الإجرامي الذي درج عليه العدو الصهيوني في قصف أبراج غزة.
حيث يسبق هذا الاستهداف الممنهج حملة تحريض كاذبة ضد المؤسسات بأنها تستخدم لأغراض عسكرية، وإعلانات سابقة لعمليات الاستهداف، ففي بداية العام قام تحالف العدوان بقصف وتدمير مطار صنعاء الدولي وإخراجه عن الجاهزية بعد حملة تحريض شنها على المطار، نشر فيها لقطات فيديو مصورة استثمرها في حملة التحريض والتبرير للجريمة.
وقد استرسل التحالف في استخدام هذه الاستراتيجية متبعا سلوكاً صهيونياً معروفا في الحرب على غزة ، مستثمرا في الأكاذيب التي يطلقها عبر أبواقه وناطقيه وإعلامه ، ومنذ بداية العام درج تحالف العدوان على التحريض ضد ميناء الحديدة على سبيل المثال وبأنه يستخدم لأغراض عسكرية.
انكشفت أكاذيب العدوان من خلال تزويره لمشهد فيديو قام بسرقته من موقع يوتيوب ويعود إلى فيلم أمريكي عن العراق مدعيا بأنه من ميناء الحديدة وبأنه لمصنع صواريخ في الميناء ، وحين تحولت الكذبة إلى فضيحة دولية حاول التحالف التهدئة.
ملعب الثورة وميناء الحديدة
ليلة 23 ديسمبر هدد تحالف العدوان الأمريكي بقصف ملعب الثورة الرياضي بالعاصمة صنعاء بنفس الذرائع والأكاذيب التي استخدمها عندما دمر مطار صنعاء ، وأعلن في بيان له بأنه سيسقط الحماية عن الملعب الرياضي ، ووضع مهلة زمنية لمدة ست ساعات لإخراج ما ادعى أنها أسلحة ، لكن تحرك الطواقم الإعلامية وقتها إلى الملعب وتصويره وبثه على الهواء مباشرة- وبما أكد خلوه من أي أسلحة- جعل تحالف العدوان مفضوحا في ادعاءاته ومكشوفا في جريمة أعلن نيته ارتكابها وهي تدمير الملعب ، حاول تحالف العدوان ليلتذاك إخراج الفضيحة بالقول إنه قام بمراقبة إخراج الأسلحة حتى وصلت وسط شارع الزبيري وقام بتدميرها بعدد من الغارات ، وشن ثلاث غارات على شارع الزبيري المكتظ بالمستشفيات محدثا دمارا واسعا في المنشآت الطبية والمدنية.
منذ بداية العام الحالي، ظل تحالف العدوان يهدد بقصف ميناء الحديدة ، مستخدما حملة تحريض واسعة في إعلامه ومن خلال أبواقه وناطقيه بأن الميناء يستخدم لأغراض عسكرية ، انكشفت فضيحته حينما عرض المتحدث باسم تحالف العدوان المالكي، فيديو مزوراً اقتطعه من فيلم أمريكي منشور في موقع يوتيوب يعود لحرب العراق، أنتج عام 2007م، مدعيا بأنه لمصنع صواريخ في الميناء.
منذ بداية الشهر الحالي درج تحالف العدوان على استخدام التكتيك العدواني نفسه لكن بشكل يومي ، حيث يقوم بترويج أكاذيب بداية كل ليلة بوجود أسلحة ومعسكرات في منشآت ومؤسسات يعلن قصفها ويقوم باستهدافها ، يقول خبراء إن ذلك يأتي بعد أن يقوم تحالف العدوان بوضع إحداثيات على الأماكن والمؤسسات ثم يرسم من خلالها خطة إعلامية لوضع التبريرات والذرائع ويقوم بالقصف.
ليل الاثنين نشر تحالف العدوان بيانا يعلن فيه بأنه سيستهدف مؤسسات الدولة بحجة استخدامها لأغراض عسكرية ، قام بالاتصال بوزارة الاتصالات لإخلاء مربع الاتصالات في الجراف الغربي بالعاصمة صنعاء ، وبعد ساعتين قام بقصف وتدمير مبنى الشركة اليمنية للاتصالات الدولية تيليمن ، مدعيا بأنها غرفة عمليات تحكم لإطلاق الطائرات ، وخلال الساعات الماضية ظل يكثف حملاته التحريضية على مؤسسات الدولة وينشر عبر إعلامه بأنها معسكرات تمهيدا لتدميرها وأيضا ضمن سياق استراتيجية الحرب النفسية التي يمارسها على الشعب اليمني.
سلوك صهيوني ودفع أمريكي
سلوك تحالف العدوان اتبعه العدو الصهيوني خلال حملة القصف والتدمير لأبراج قطاع غزة ، ويبدو أن خبراء صهاينة وضعوا له هذه الاستراتيجية موضع الفعل والتنفيذ.
برأي خبراء ومحللين فإن تحالف العدوان تسعى عبر «حرب التدمير للمؤسسات والبنى والمنازل»، إلى حسم المعركة لصالحه برفع «فاتورة التكلفة على الحاضنة الشعبية» ودفع الشعب اليمني والقيادة في صنعاء إلى التراجع والقبول بـ «تهدئة بلا ثمن» أي وقف الصواريخ والطائرات المسيرة بلا مقابل ، غير أن المعادلة مغايرة لدى الشعب اليمني وقيادته التي لم تتردد في الرد وتوسيع دائرة النار لتشمل أهدافاً في الإمارات وتحدث تطورا نوعيا في ضرب الأهداف العسكرية داخل مملكة العدوان السعودية، كما حدث في الضربة التي استهدفت قاعدة عسكرية في أبها وقتل فيها جنود وضباط سعوديون خلال الأسبوع المنصرم.
يوم أمس الأول، صرّح المبعوث الأمريكي إلى اليمن بأن على (الحوثيين) أن يستوعبوا أن المفاوضات يجب أن تكون وفق ما يريده التحالف ، وأن الغارات الأخيرة ترسم أمامهم- حد تصريحه- مسارا واضحا للتفاوض ، ما يعني أن حملة تدمير المؤسسات هي استراتيجية أمريكية دفعت إليها تحالف العدوان ، باستثمار الأكاذيب الرائجة في وسائل الإعلام التابعة له وفي وسائل اعلام أوروبية وأمريكية مشهورة.
الاختلاف بين تحالف العدوان بقيادة أمريكا وبريطانيا وإسرائيل وبتنفيذ السعودية والإمارات كقوة غاشمة والشعب اليمني كقوة مواجهة دفاعية ذاتية ، أنه في مقابل صفر في بنك الأهداف لتحالف العدوان ، الذي يثبته استهدافه للمؤسسات والبنى التحتية والمنازل والأحياء ومنشآت مدنية، أظهرت القوات المسلحة للشعب اليمني تكتيكاً عسكرياً متقدماً بضرب أهداف نوعية في دويلة الإمارات وحتى في مملكة العدوان السعودية.
لكن رفع فاتورة تكلفة التصعيد بضرب الحاضنة الشعبية لمواجهة العدوان لم يعد عاملاً حاسماً ، فالقوات المسلحة باتت تملك قدرات نوعية متطورة وتنفذ ضرباتها عن وعي بنقاط ضعف تحالف العدوان ، وبأسلحة متطورة ونوعية ، وببنك أهداف مدروس ، وإذا ما استمر تحالف العدوان الأمريكي في حربه على البنية التحتية والأحياء وحتى لو صَعّدَ من مغامراته في الإمعان في التدمير ، فإن القوات المسلحة -وفق مصدر مطلع- تختزن مفاجآت وتمتلك ما لم تستخدمه بعد.
وإذا كان تحالف العدوان يستثمر في الأكاذيب بادعاءاته اليومية بأنه يقصف مصانع صواريخ ومنصات إطلاق وغرف عمليات وتحكم واتصالات عسكرية ، فإنه يوهم نفسه في ذلك إذ أن مصانع وورش التصنيع بعيدة كل البعد عن أهدافه التي يقصفها وأن التصنيع يراكم ترسانة السلاح بشكل يومي.
جرائم حرب
بدورهم يرى خبراء في القانون الدولي أن استهداف البنية التحتية والأحياء والمنازل بأنها جرائم حرب وفق قواعد القانون الدولي الإنساني ، وأن إعلان تحالف العدوان المسبق ينطوي على اعتراف واضح وصريح بأن هذه الجرائم عمدية ومقصودة وأنه يرتكبها عن سابق إصرار وترصد.
ويقول متابعون إن هذه السياسة أعادت إلى الأذهان مشاهد مروعة لجرائم مماثلة ارتكبها العدو الصهيوني في حربه الإجرامية على قطاع غزة ، وتدمير بنايات سكنية فوق رؤوس ساكنيها.
ويهدف تحالف العدوان- من وراء هذه السياسة التي تندرج في إطار أعمال الانتقام المحظورة دوليا التي تشكل جريمة حرب مكتملة الأركان- إلى إرهاب وترويع المدنيين ، والتنكيل بهم ضمن إطار سياسة العقاب الجماعي التي يمارسها من خلال الحصار والتجويع واستهداف مقومات الحياة ، لاختلاق مشكلة إنسانية كبيرة واستخدامها أداة ضغط على قيادة مواجهة العدوان.
طور إجرامي بشع
يدخل الشعب اليمني مواجهة عسكرية مع تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي في ظروف اقتصادية خانقة، زادها سوءاً حجم ومستوى القصف العدواني المتواصل منذ أشهر ، والذي استهدف منشآت اقتصادية حيوية، شملت تدميراً ممنهجاً للبنى التحتية.
واستهدفت الطائرات الحربية الأمريكية، قطاع الخدمات كالمطار والاتصالات بشكل مُركّز ، إضافة إلى تضرر قطاعات رئيسية كقطاعات النقل والجمارك وطرق النقل الرابطة بين محافظات اليمن.
فقد قام تحالف العدوان بقصف حوالي 100 شبكة اتصالات علاوة على قصف النافذة الدولية للاتصالات في الحديدة وقطع الانترنت والاتصالات الدولية لعدة أيام ، وقصف وتدمير مبنى الشركة اليمنية للاتصالات في العاصمة صنعاء ، وقصف تحالف العدوان جمرك عفار في البيضاء ، ودمر مطار صنعاء الدولي ، واستهدف مخازن وهناجر تتبع رجال الأعمال والتجار في العاصمة صنعاء.
قطع قنوات الاتصال والتواصل
أدى القصف الأمريكي الذي شنته الطائرات الأمريكية الإماراتية السعودية على النافذة الدولية للاتصالات في الحديدة ليلة 22 يناير 2022 إلى انقطاع الاتصالات والانترنت عن اليمن لمدة خمسة أيام ، حيث تم تدمير النافذة الدولية وقطع خطوط التغذية الرئيسية لليمن بالانترنت والاتصالات الدولية مما أسفر عنه خسائر اقتصادية ومالية هائلة.
كما انتهجت السياسة السعوأمريكية في القصف التركيز على قطع خطوط الاتصالات بقصف شبكات التغطية ، تحقيقاً لأهداف أمنية وعسكرية، ومن ضمن ذلك التنغيصُ على حياة الشعب اليمني.
ويلاحظ في هذه الجولة تركيزاً أمريكياً سعودياً إماراتياً على إيقاع أكبر أذى بالاقتصاد اليمني ، من خلال استهداف الاتصالات بشكل أساسي ، واستهداف مؤسسات الدولة بشكل عام في صورة تكشف أن الهدف هو ضرب الحالة من الاستقرار والهدوء الذي تعيشه المحافظات الحرة وغير الخاضعة لسيطرته بعد فشله في استخدام أوراق الاقتصاد والعملات والأسعار والحصار.
جولة عدوان أمريكية هدفها إلحاق أكبر قدر من الأذى بالشعب اليمني
وكان واضحاً أن العدوان السعودي الأمريكي تجهز لهذه الجولة من العدوان العسكري، من خلال وضع بنك أهداف مدنية: أحياء منازل مخازن شبكات اتصالات جمارك مؤسسات وبنى تحتية ، تزامنت مع تشديد الحصار على الوقود بشكل غير مسبوق يهدد بتوقف عمل المؤسسات وحركة النقل.
في سياق آخر يبدو واضحا بهذه الجولة من العدوان أن استهداف المنشآت الحكومية في صنعاء جاء بعد جولة استهداف للمنازل والأحياء والشوارع العامة وسط العاصمة ، ونظراً إلى أن جزءاً كبيراً من هذه المقرات يقع في وسط الأحياء السكنية، يهدف العدوان إلى خلق موجات نزوح جماعية للمواطنين داخل العاصمة ، يتضح ذلك من خلال ممارسته حربا نفسية بوضع إحداثيات ليلية للقصف في مناطق متعددة لخلق حالة هلع وإرباك ، لكن ذلك لم يحدث لعوامل أهمها أن السكان جميعا باتوا في حالة من الاستنفار ضد تحالف العدوان ومواجهته.
وتشير الجرائم- التي يمارسها تحالف العدوان بقصف مؤسسات والتهديد بتدمير أخرى وباستهداف الأحياء، كما حدث في الحي الليبي بالعاصمة صنعاء الشهر المنصرم- إلى اتباعه استراتيجية إيقاع أكبر قدر من الأذى للمدنيين على الصعيد السياسي والاقتصادي والإنساني.