ثلاثة أسابيع مرت على دويلة الإمارات لم تر أسوأ منها منذُ تأسيسها قُبيل عشرات السنوات، فقد تعرضت لموجات من الأعاصير اليمنية والتي عصفت بأمن واقتصاد دويلة زجاجية حديثة النشأة، تلك العمليات تنوعت أهدافها ورسائلها أيضاً، وكذلك أبعاد وآثار تداعيات هذه العمليات كانت حاضرة في القراءات والتحليلات، عن نوعية السلاح المستخدم، وكذلك فشل أنظمة الدفاع الجوي للتصدي واعتراض المسيرات والصواريخ الباليستية، والمسافة بين الدويلة المستهدفة وكيان العدو الإسرائيلي هي نفسها كانت الأبرز والأكثر سخونة للحدث، وتزامن العملية الثالثة لإعصار اليمن مع زيارة «هرتسوغ» رئيس الكيان الصهيوني لأول بلد عربي كانت وجهته لدويلة الإمارات غير الآمنة، واستراتيجية صنعاء في الدفاع المشروع عن الشعب اليمني بمواجهة التصعيد بالتصعيد، وتحذيرات وإنذارات القوات المسلحة اليمنية ماهي عواقب تجاهلها؟، وماهو المصير المجهول الذي ينتظر الإمارات والسعودية؟ .
عسكرياً: من الملفت جداً تنوع أهداف الضربات العسكرية على دويلة الإمارات والسعودية، حيث امتازت بحيويتها وحساسيتها الكبيرة جدًا، المطارات والمنشآت الاقتصادية، والقواعد العسكرية وغيرها من الأهداف النوعية التي لم يفصح عنها حتى الآن، أما الأعداد الكبيرة من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة التي قطعت مسافات تقدر بأكثر من ١٥٠٠كم، لتصل بدقة عالية وتحقق أهدافها، حيث استخدمت القوات المسلحة اليمنية في عملياتها الثلاث صواريخ باليستية ومجنحة وطائرات مسيّرة تنوعت بحسب الأهداف، ففي العملية الأولى استهدفت مطار دبي بباليستي»ذو الفقار» بينما مطار أبوظبي ومصفاة مصفح بصواريخ مجنحة نوع «قدس ٢» ، وفي الإعصار الثاني الذي كان في العمقين السعودي والإماراتي استهدفت قاعدة الظفرة الجوية بـ»ذو الفقار» بينما أهداف في دبي كانت بطائرات «صماد٣» هذا ما كان في العمق الإماراتي، أما في العمق السعودي فقد دُكت عدد من القواعد العسكرية في شرورة بطائرات «صماد١» و»قاصف 2k» ومواقع حيوية في جيزان وعسير بصواريخ باليستية، الجدير بالذكر أن مدى هذه الأسلحة المستخدمة كبير وتصيب أهدافها بدقة عالية، مقابل ذلك أثبتت منظومات الدفاع الجوي لدى النظام الإماراتي فشلها في التصدي لها من بطاريات “باتريوت” و”ثاد” الأكثر تطوراً مما زاد في رعب نظام دويلة الإمارات والتي جعلها تستجدي منظومات “القبة الحديدية” الإسرائيلية باهظة الثمن.
اقتصادياً: كانت آثار وتداعيات الضربات أكثر بكثير على المستوى المباشر، والمدى القريب مكلفة، فقد تضرر قطاع السياحة مباشرة بتوقف حركة الملاحة الجوية في مطار أبو ظبي ودبي عدة مرات، بالإضافة إلى تراجع وهبوط أسواق الأسهم الخليجية حيث ظهر هبوط مؤشر دبي الرئيسي 1.2% مع تراجع أغلب الأسهم المدرجة عليه، وكذلك مؤشر أبو ظبي يهبط 0.2%، إضافةً إلى ارتفاع أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها في أسواق النفط العالمية، كما تراجعت أسهم شركات “أدنوك” الإماراتية مما أدى إلى فقد ثقة المستثمرين بها.
وفي سياق متصل فالأضرار غير المباشرة على الجانب الاقتصادي الإماراتي لا يمكن تجاهلها، فلطالما سعت الإمارات جاهدة على مدى سنوات عديدة على بناء سمعتها الاقتصادية والاستثمارية، وبأنها أفضل بيئة آمنة للأعمال حيث تحتل المرتبة الأولى عربيًا وإقليميًا في كسب ثقة المستثمرين الأجانب، فتحذيرات القوات المسلحة اليمنية للمواطنين والمقيمين والشركات الأجنبية والمستثمرين بمغادرتها والابتعاد عن المنشآت الحيوية كونها أصبحت دويلة غير آمنة، فمن الممكن أن يؤثر بشكل كبير وأن تشهد تراجعاً في قطاع السياحة والنقل، وفي قطاعات أخرى كالنفط والتبادل التجاري والعقارات، وأما معرض “إكسبو 2020م” الذي افتتح قبيل ثلاثة أشهر وسيستمر ثلاثة أشهر أخرى فكان من المتوقع زيارته 25 مليون سائح والتي ستجني من عائداته السياحية قرابة 23 مليار دولار، ولكن بعد رسائل متحدث القوات المسلحة بشأنه ستنخفض نسبة الأرباح والزيارات عن ما كان متوقعًا.
ميدانيًا: واصلت القوات المسلحة اليمنية في التصدي لزحوفات مرتزقة الإمارات المسماة “عمالقة” في محافظة شبوة ما أجبرها إلى الانسحاب والذي أسمته بـ”إعادة التموضع” وهو انسحاب واضح يعبر عن فشل تلك القوات بعد أن استنزفتها القوات المسلحة اليمنية بعدةِ ضربات صاروخية استهدفت تجمعاتهم وعتادهم ما أدى إلى مصرع العديد من قياداتهم آخرها ما كان بالأمس باستهداف غرفة عمليات ميدانية في عسيلان التي تدير المعارك في شبوة وفيها لقي إماراتيون مصرعهم، الأمر الذي استنزفهم بشريًا و أدى لتدمير معداتهم العسكرية الكثيرة، وهذا التصعيد الميداني الكبير من قِبل الإمارات والتي صبت بثقلها العسكري عبر ضرباتها الجوية المكثفة، ومرتزقة الداخل السلفية لتحقيق أدنى تقدم عسكري، قابلهُ تصعيد من قوات الجيش واللجان الشعبية.
وأما توجيهات رئيس المجلس السياسي الأعلى/مهدي المشاط للجيش واللجان الشعبية والقوة الصاروخية، والطيران المسيّر بمضاعفة الجهود والاستمرار بالعمليات النوعية الرادعة، وبأن الاستمرار في العدوان والحصار والاحتلال سيشكل خطورة على الاقتصاد الإماراتي، وفي ذات السياق كانت تصريحات وزير الدفاع اليمني اللواء/محمد العاطفي بضربات موجعة ومرعبة في العمق الاستراتيجي العسكري والاقتصادي لدول العدوان، وبأن ما وجهته القوة الصاروخية والطيران المسيّر من ضربات موجعة ما هي إلا “رسائل تحذيرية”، ولكن إن ظلّ فهمهم بطيئًا فليكونوا على بيّنة أننا قادرون، ونمتلك الوسائل والأساليب المشروعة القادرة على تأديب من أعيته الحماقة والطيش.
فهيّ تحذيرات وتهديدات لا ينبغي على نظام دويلة الإمارات تجاهلها، ومن الأفضل أن تأخذها بعين الاعتبار وتجر أذيال الهزيمة والخيبة التي منيت بها طيلة السبع سنوات، مالم فهناك خيارات استراتيجية لا مفر للعدو فيها سوى الهزيمة والندم والخسارة.