“الإمارات“ رائدة التجسس في العالم، هكذا يصفها الإعلام الغربي، نظراً لكثرة أنشطتها التجسسية التي استهدفت مواطنيها وجيرانها والعالم، والتي باتت مصدر تهديد لخصوصيات الأفراد والمجتمعات .. إضافة إلى تهديدها لأمن الدول العربية، بعد أن حولت الإمارات أراضيها- بعد التطبيع مع كيان العدو الصهيوني- إلى مسرح استخباراتي ، ووكر لجهاز الموساد.
التقرير التالي يسلط الضوء على جزء من نشاط الإمارات الذي استحقت به لقب رائدة التجسس في العالم .تقرير /محمد الروحاني
في العام 2008م، أسست الإمارات في أبوظبي وحدة “ سرية “ للتجسس حملت اسم مشروع “ DREAD” بقيادة الخبير الأمريكي والمسؤول السابق في “البيت الأبيض” في ملف “مكافحة الإرهاب”، ريتشارد كلارك .
وبحسب تقرير صادر عن وكالة “ رويترز “، فقد نفذت الوحدة الالاف من العمليات التجسسية على المواطنين الاماراتيين وانطلقت منذ 2011 م لملاحقة المعارضين ومجموعات حقوق الإنسان وعدد من المسؤولين الدوليين.
ووفق الوكالة فإن، من بين الأهداف التي تعرّضت لهجمات المشروع الإماراتي، التجسسي ، كلاً من “FIFA” والأمم المتحدة ودبلوماسيين وعاملين في منظمات حقوق إنسان، إلى جانب شخصيات مثل الاقتصادي أحمد غيث السويدي والناشطة السعودية لجين الهذلول.
الوكالة استندت في تحقيقها إلى فحص أكثر من 10000 وثيقة لبرنامج DREAD، وقابلت أكثر من عشرة مقاولين وعملاء استخبارات ومطلعين حكوميين سابقين، لديهم معرفة مباشرة بالبرنامج، وتمتد الوثائق التي استعرضتها الوكالة على مدار عقد تقريبًا من البرنامج الذي بدأ عام 2008م، وتشمل مذكرات داخلية توضح لوجستيات المشروع وخططه التشغيلية وأهدافه.
تنوعت أهداف الوحدة التجسسية الإماراتية “ DREAD” وفق تقرير وكالة رويترز، ما بين محليين وأشقاء ودوليين، إلى جانب بعض المنظمات الإقليمية والدولية، والنشطاء في الخارج.
باع طويل في الجاسوسية
بالتزامن مع استهداف مواطنيها والمنظمات الإقليمية والدولية والنشطاء في الخارج، ارتبط اسم الإمارات بالكثير من شبكات التجسس في العالم ومنها الدول العربية .
ففي يوليو 2014 م ألقت حركة حماس القبض على ضابط في جهاز أمن الدولة الإماراتي دخل إلى قطاع غزة على أنه طبيب يعمل في الهلال الأحمر الإماراتي، والذي اعترف أن عدداً من العاملين في المستشفى الميداني ليسوا سوى ضباط في جهاز أمن الدولة الإماراتي وأن دخولهم كان بغرض جمع معلومات وإيصالها إلى جهاز الأمن في الإمارات الذي يشرف عليه محمد دحلان والذي تدخّل لدى حماس للإفراج عن الضباط ولملمة فضيحة الإمارات وتجسسها بواسطة الهلال الأحمر لحساب الإسرائيليين .
وفي يناير 2018 م كشف موقع “أسرار عربية” امتلاكه لوثائق تثبت تورط أبو ظبي في إنشاء شبكة تجسس “عملاقة” في تونس، يديرها جهاز أمن الدولة الإماراتي في محاولة للتأثير على الحياة السياسية في البلاد .
وقال الموقع إن الوثائق والمراسلات التي حصل عليها والمسربة من دولة الإمارات، كشفت تورط شخصيات كبيرة في تونس، من بينها الرجل الثاني في حزب نداء تونس محسن مرزوق، مشيرًا إلى أن الشبكة تجسست على الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي وحركة نداء تونس التي يتزعمها، إضافة إلى حركة النهضة وأعضاء في البرلمان.
كذلك تمكنت أجهزة الأمن العمانية في مايو 2018 م من الحصول على معلومات عن شبكة تجسّس إماراتية تنشط ضد السلطنة، حيث كشفت تدخل حاكم دبي محمد بن راشد، شخصيًا في ملف الشبكة، الأمر الذي أحدث حالة من التوتر في العلاقات بين البلدين .
وبالتزامن اعتقلت قوات الأمن الصومالية شبكة تجسس إماراتية أخرى تعمل لصالح أجندة أبناء زايد في الصومال تحديدًا وفي القرن الأفريقي على وجه العموم، في ظل صراع النفوذ في هذه المنطقة الإستراتيجية من القارة الإفريقية .
برامج إسرائيلية للتجسس على المواطنين
في مايو 2021م نشرت “صحيفة نيويورك تايمز” تقريرًا كشفت من خلاله استخدام أبو ظبي برامج تجسس إسرائيلية لمراقبة عموم الشعب الإماراتي، خاصةً الناشطين السلميين، وبالتحديد نظام “عين الصقر”، تزامن ذلك مع تصاعد الانتقادات الموجهة لحكومة الإمارات بسبب القيود المفروضة على الحريات العامة والتجسس على المواطنين والمقيمين، على حد سواء.
وقد أظهرت الرسائل الإلكترونية المسربة والمتبادلة بين الشركة الإسرائيلية ومسؤولين إماراتيين كبار، بشأن تحديث تقنيات التجسس، أن الإماراتيين كانوا يسعون لالتقاط المكالمات الهاتفية لأمير قطر منذ عام 2014م، كذلك أظهرت طلب الإماراتيين التقاط المكالمات الهاتفية للأمير السعودي متعب بن عبد الله قائد الحرس الوطني السابق، الذي وصفته الصحيفة بأنه كان منافسًا محتملًا على العرش.
وفي 11 من سبتمبر 2018م ، قدمت الباحثة الأمريكية أستاذة الصحافة في الجامعة الأمريكية بدبي، ياسمين بحراني، شهادة صادمة بشأن حدة المراقبة والتجسس في دولة الإمارات التي باتت واحدة من أكثر دول العالم قمعًا، حيث قالت في مقال نشرته “صحيفة واشنطن بوست” الأمريكية، إن عيون حكومة الإمارات تراقب مواطنيها والأجانب المقيمين فيها عن كثب، ودبي وأبو ظبي من بين أكثر المدن رصدًا لأنفاس سكانهما في العالم.
مصدر تهديد للأفراد والمجتمعات
مؤسسة “سكاي لاين” الدولية، أكدت في أغسطس 2019 م ، في تقرير لها، أن عمليات الإمارات التجسسة تجري على نطاق واسع، وتهدد خصوصية الأفراد والمجتمعات حول العالم.
مصدر تهديد لأمن الدول العربية
منذ العام 2005 م ، ارتبطت الإمارات بعلاقات وطيدة مع جهاز “الموساد” وهو ما أكده ضابط موساد سابق في لقاء مع صحيفة “ إيسرائيل اليوم “ في أغسطس 2020 م.
ديفيد ميدان، مسؤول تجنيد العملاء للموساد حول العالم، قال إن “عام 2005م شهد أول زيارة له إلى دولة الإمارات، وهي الرحلة الأولى لأول مسؤول كبير من جهاز الموساد مع هذه الإمارة .
وكشف أنه في “المرة الأولى التي تواجد فيها في أبوظبي في 2005م، التقى مع محمد بن زايد وإخوته”.
وبعد إعلان تطبيع الإمارات مع كيان العدو الصهيوني في أغسطس 2020م ، تعززت العلاقة بين أبوظبي وجهاز الموساد وتحولت كلاً من أبوظبي ودبي إلى وكر “للموساد “، وهو ما أكدته الوثائق التي كشفت وسائل الإعلام عنها في نوفمبر 2021 وبموجبها منحت الإمارات الوافدين “الإسرائيليين” إليها الحصانة القضائية والأمنية والضريبية والجمركية الكاملة.
وتظهر الوثائق التي كشفها موقع “إمارات ليكس” اتفاقا بين السلطات الأمنية الإسرائيلية والإماراتية، خلال زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي إلى أبوظبي بتاريخ 29 /06 /2021، على عدة نقاط تتعلق بأمن السياح والتجار والمهندسين الإسرائيليين المقيمين في الإمارات ومعرض إكسبو 2020 بدبي.
وتكشف الوثائق المسربة استقرار 7 وكلاء وضباط في الأمن الداخلي الإسرائيلي بهوية إماراتية في 7 مراكز قيادية شرطية في أنحاء الإمارات (أبوظبي، دبي، الشارقة، رأس الخيمة، الفجيرة، أم القيوين، عجمان) وفي معرض إكسبو 2020م. حيث تقرر أن يعمل الوكلاء بوصفهم كبار المستشارين لقيادات الشرطة المحلية.
كما تنص الوثائق على أن تكون مهام ضباط الشاباك تحت إشراف مباشر من قائد الشرطة المحلية الإماراتية، حسب كل إمارة بعد أن فُتح فيها مكتب مشترك خاص بكل من هؤلاء الوكلاء الممثلين للموساد والشاباك. ووفقا للوثائق، يتعين على كبار قادة شرطة الإمارات توفير الإمكانيات اللازمة لإنشاء مكتب مستقل لضباط الموساد والشاباك جنب مكاتب عملهم، علاوة على توفير القوات والأجهزة والدعم اللازم لهم لتنفيذ عملياتهم المبرمجة.
في المقابل، يلزم لهؤلاء الضباط استخدام إمكانيات شرطة الإمارات لكل إجراء يخططون له.. وتخلص الوثائق إلى أن الحكومة الإماراتية- عبر إعطاء الاتباع الإسرائيليين فيها الحصانة القضائية والأمنية والضريبية والجمركية- تجاهلت حقوق مواطنيها، نظرا لأن انتهاكات وجرائم الإسرائيليين في أنحاء الإمارات كلها يجري التحقيق القانوني فيها بواسطة ممثلي الموساد والشاباك فقط.
مخاوف عربية من التجنيد
ووفق مراقبين فإن إعلان التطبيع قد حوّل الإمارات إلى مسرح عمليات استخباراتية جديد وهو ما يمثل خطراً على أمن الدول العربية نظراً لوجود ملايين من أبناء هذه الدول في الإمارات الذين يمكن تجنيدهم واستخدامهم من قبل الموساد في عمليات تضر بأمن بلدانهم بمشاركة الإمارات التي أنشأت العديد من الخلايا التجسسية في عدد من الدول العربية .