الثورة /
في العام 2021م تزايدت مخاطر أعداد الفقراء في اليمن مع فقدان الأمل في إنقاذ الريال المنهار خاصة في مناطق سيطرة حكومة المرتزقة والتي شهدت موجة إضرابات تنديدا بارتفاع الأسعار وتدهور الوضع المعيشي للناس.
وحمل انفجار الاحتجاجات وثورة الجياع بمناطق سيطرة حكومة المرتزقة في طياته الكثير من المخاوف التي يستشفها خبراء الاقتصاد بسبب فقدان الناس الثقة في الحكومة لعجزها عن معالجة الأزمة الاقتصادية التي تنذر باتساع خارطة الفقر أكثر مما هي عليه بسبب تسارع السقوط للعملة اليمنية مقابل الأجنبي .
وشهدت مدن عدن وتعز ولحج وحضرموت وغيرها من المحافظات والمناطق المحتلة موجة احتجاجات وإضرابات تنديدا بارتفاع الأسعار وتدهور الوضع المعيشي للناس والناجم عن الهبوط الحاد للعملة المحلية بعد أن وصل سعر الدولار مطلع ديسمبر 2021م إلى 1700 ريال للمرة الأولى بينما يباع الريال السعودي بنحو 444 ريالا يمنيا.
حيث نفذ التجار في تعز إضرابا عن العمل احتجاجا على عجز السلطات في وقف انهيار الريال. وقال تكتل تجار تعز في بيان إن “الإضراب جاء بسبب تردي الوضع الاقتصادي”. وحذروا من أن “استمرار انهيار العملة ستكون له تبعات على المواطن والوطن من سوء وضرر”.
وطالبوا السلطات التابعة للاحتلال السعودي الإماراتي “بإيجاد حلول عاجلة لتدارك الاقتصاد الوطني، ومنع تدهور العملة الوطنية واستعادة قيمتها”.
وأدى استمرار انهيار العملة دون حلول إلى تعليق النشاط المصرفي في عدن والمحافظات المحتلة . وأعلنت جمعية الصرافين اليمنيين في عدن تعليق أعمال القطاع المصرفي ، احتجاجا على تدهور سعر الريال.
وناشدت الجمعية في بيان الفار هادي “اتخاذ قرارات عاجلة لوقف التدهور الحاد لسعر العملة المحلية”.
وقالت الغرفة التجارية في بيان إن “الارتفاع المتسارع لأسعار صرف العملة الصعبة والانهيار الكبير للريال يؤديان إلى اضطراب خطير في التجارة والصناعة، و يعيقان استمراريتهما”.
وحذرت من أن “انهيار العملة سيؤدي في نهاية المطاف إلى شح المعروض السلعي الذي سيدفع البلد إلى حافة المجاعة”.
ورغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها معظم اليمنيين، عمقت أزمة الخبز مأساة السكان الذين لا يستطيعون توفير أدنى متطلبات الحياة.
وأعلنت جمعية المخابز والأفران في عدن كذلك رفع سعر الخبز بنسبة 50 % جراء زيادة أسعار الدقيق. وقالت في بيان إنها “قررت رفع سعر رغيف الخبز من 50 إلى 75 ريالا لكي يستمر في الاحتفاظ بجودته وقيمته الغذائية جراء ارتفاع أسعار الدقيق والمواد الداخلة في صناعته”.
وحذر خبراء اقتصاد ومهتمون بالشأن الاقتصادي اليمني أن “الوضع الاقتصادي في المحافظات المحتلة أصبح لا يطاق ويحتاج إلى تدخل عاجل وإنقاذ بدعم داخلي وخارجي عاجل في ظل الظروف الصعبة”.
ومنذ بداية 2021م ارتفعت الأسعار في المناطق الواقعة تحت سلطة المرتزقة بنسبة 90 %، وفق ما أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في حسابه على تويتر بينما يقول المحللون وخبراء الاقتصاد أن فارق الأسعار للمواد الاساسية والغذائية والخدمات تتجاوز 400 % في عدن والمحافظات المحتلة عما هو في صنعاء والمحافظات الواقعة تحت سلطة المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني.
وقال البرنامج الأممي في بيان مقتضب إن “20 مليون يمني بحاجة حاليا إلى مساعدات إنسانية عاجلة”، محذرا من أن “عائلات اليمن تواجه حاليا مستويات غير مسبوقة من الجوع”. وأضاف أنه “يحتاج إلى 1.98 مليار دولار في العام 2022 لإغاثة اليمنيين”.
وبحسب تقديرات الأمم المتحدة أدت الحرب إلى خسارة الاقتصاد اليمني نحو 126 مليار دولار، في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم، حيث يعتمد معظم السكان البالغ عددهم 30 مليونا على المساعدات.
ولعبت حكومة المرتزقة دور المتفرج العاجز إن لم تكن تساهم وهي ترى بأم أعينها حجم الانهيار الاقتصادي الذي أدّى إلى تدمير شامل للأوضاع المعيشية، ومن ثم تكبيد السكان كلفة شديدة البشاعة.
لم تكترث حكومة الفنادق بدءًا من الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي، وجنرال الإرهاب علي محسن الأحمر، وصولًا إلى كل قيادات هذا النظام والمنتفعين من ورائه بالتدخل من أجل تحسين الوضع المعيشي، لكنّ الشغل الشاغل لنظام ما يسمى الشرعية تمثّل في العمل على تكوين ثروات ضخمة مصحوبًا بتعميق الأزمات على السكان وفق محللين ومتابعين للشأن الاقتصادي في اليمن.
وبنظرة بسيطة لقيمة الريال أمام الدولار على مستوى جغرافي واسع النطاق، يلاحظ أن الانهيار الاقتصادي في المحافظات المحتلة أوسع نطاقًا وأشد فداحة مما هو الحال في المحافظات الحرة الواقعة تحت سلطة المجلس السياسي الأعلى ، وهو أمر يفترض أنه غير منطقي بالنظر إلى أنّ مناطق الشمال الخاضعة لسيطرة حكومة الانقاذ الوطني تعيش استقراراً معيشياً واقتصادياً نسبياً حيث استطاعت المحافظة على استقرار سعر الصرف للريال عند 600 ريال للدولار رافقه استقرار في أسعار السلع والخدمات وإن ظهرت ارتفاعات بسيطة في أسعار السلع الغذائية الأساسية نهاية العام 2021م في ظل عدوان وحرب عسكرية وحصار اقتصادي بري وبحري وجوي شامل .
لكن هذا الاستغراب سرعان ما يُزال بالنظر لما تقترفه ما تسمى بـ “حكومة الشرعية العميلة” حيث تقوم بتغذية الانهيار الاقتصادي في المحافظات المحتلة واليمن بشكل كامل، ما يعني أن الكلفة التي يتكبّدها المواطنون “مضاعفة” بشكل كبير.
وتخطط أمريكا وحلفاؤها لإشعال مجاعة شاملة في المحافظات الواقعة تحت سلطة المرتزقة التابعين للسعودية والإمارات وقطر، وهو ما يفسر حالة التراخي التي تمارسها حكومة الفار هادي عن إجراء الإصلاحات الاقتصادية اللازمة ، وهو ما يتسبب في تأزيم الوضع المعيشي وانهيار الوضع الاقتصادي ضمن أجندة أمريكا الاقتصادية الاستعمارية التي تنفذها في اليمن .