شركاء العمل السكاني يستعرضون الصيغة النهائية لوثيقة السياسة السكانية في اليمن
توقعات بوصول عدد السكان في اليمن إلى 61 مليون نسمة في عام 2035
العدوان والحصار تسببا في تدهور الأوضاع والمؤشرات السكانية والديموغرافية والتنموية
وفيات الأمهات وصلت إلى أكثر من 500 حالة وفاة حسب تقديرات وزارة الصحة والمنظمات الدولية
توقعت إحصائيات رسمية حديثة أن يقفز عدد السكان في اليمن إلى 61 مليون نسمة في عام 2035م، وتعتبر الزيادة السكانية من أحد الأسباب الرئيسية لمعظم مشاكل العالم.
وهذا إما بسبب نقص الغذاء أو عدم وجود المياه الصالحة للشرب أو نقص الطاقة، وتتأثر كل بلد في العالم بهذه المشكلة – أو ستتأثر بها. ويواجه اليمن تحدياً حقيقيا في جانب النمو السكاني سيجعل من الصعب مكافحة الفقر كما سيزيد من ضعف الخدمات الصحية والاجتماعية والتعليمية ، وسيزيد من صعوبة المحافظة على تنمية الموارد وفقا للمعنيين حيث يجب تعزيز وتوسيع دائرة الوعي المجتمعي بالقضايا السكانية وما تمثله من عوائق كبيرة أمام مجالات التنمية والاستقرار الاقتصادي ما أدى إلى قصور في قدرة الحكومة على توفير الخدمات المختلفة للسكان.
الثورة / أحمد المالكي
عقد هذا الأسبوع بصنعاء لقاء موسع لشركاء العمل السكاني حول مراجعة السياسة السكانية بعنوان “السكان والتنمية .. التحديات والرؤى المستقبلية”، نظمته الأمانة العامة للمجلس الوطني للسكان.
وفي الافتتاح اعتبر وزير التخطيط والتنمية عبدالعزيز الكميم أن اللقاء يمثل محطة مهمة من محطات التخطيط التنموي وفقاً لنهج التخطيط التشاركي، الذي انتهجته الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة، من أجل تحديد الأولويات والتحديات ووضعها في إطار خطة شاملة واضحة المعالم والأهداف على المستوى المركزي والقطاعي والمحلي بغرض اللحاق بركب الدول التي قطعت شوطاً كبيراً في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
تحديات
وأكد أن الوطن يواجه تحديات معقدة للغاية حيث ارتفعت نسبة الفقر وأعداد النازحين، ومعدلات وفيات الأمهات والأطفال بسبب الحصار وتدمير المنشآت الصحية، كما تدهورت مؤشرات التعليم وغيره من القطاعات التنموية والخدمية.
وقال الوزير الكميم، إن “ذلك يضعنا أمام تحديات وإشكاليات جديدة تزيد من تعقيدات الوضع التنموي والاقتصادي في بلادنا، لكننا في الوقت نفسه يجب ألا نغفل الجانب التنموي الذي يجب أن يسير العمل فيه جنباً إلى جنب مع أعمال الإغاثة الإنسانية”.
وأشار إلى أهمية التنسيق والتعاون بين جميع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة ومنظمات المجتمع المدني من أجل بدء مرحلة البناء والتنمية الشاملة والمستدامة.
وحث وزير التخطيط، صندوق الأمم المتحدة للسكان والمنظمات الأخرى، على زيادة الدعم الخاص بتنفيذ البرامج والمشروعات السكانية، معبراً عن أمله في أن يمثل اللقاء خطوة مساندة لجهود مراجعة وتطوير وتحديث السياسة الوطنية للسكان، والدفع بالعمل السكاني بما يتناسب مع حجم التحديات والإشكاليات التي تواجه الوطن نتيجة استمرار العدوان والحصار.
من جانبه أوضح الأمين العام المساعد للمجلس الوطني مطهر زبارة أن اللقاء يأتي في إطار نهج التخطيط التشاركي لتنفيذ الرؤية الوطنية لبناء الدولة والتنمية المستدامة.
ولفت إلى أن اللقاء سبقته عدة لقاءات تنسيقية قطاعية مع مختلف شركاء العمل السكاني تم خلالها استعراض ومناقشة الإشكاليات الحالية الواردة في السياسة السكانية والإشكاليات المستجدة التي أفرزتها الأوضاع التي تعاني منها البلاد جراء العدوان والحصار.
وأكد أن الهدف من اللقاء استعراض الصيغة النهائية للإشكاليات والتحديات التي تتضمنها الوثيقة الأولى للسياسة السكانية المحدثة.
واستعرض زبارة الآثار الناتجة عن العدوان والحصار الذي تسبب في تدهور جميع الأوضاع والمؤشرات السكانية والديموغرافية والتنموية وتوقف جميع البرامج السكانية والتنموية التي كانت قد شهدت نشاطاً مكثفاً قبل العدوان أدى إلى تحسن العديد من المؤشرات خاصة مؤشر وفيات الأمهات الذي شهد انخفاضا ملحوظاً وصل إلى 148 وفاة لكل مائة ألف ولادة حية حسب نتائج المسح الديموغرافي الصحي عام 2013 .
وأوضح أن الوضع أخذ في التدهور بسبب العدوان حتى وصل إلى أكثر من 500 حالة وفاة حسب تقديرات وزارة الصحة والمنظمات الدولية، لافتاً إلى أن اليمن أمام تحديات كبيرة وعلى الجميع تحمل مسؤولياته من خلال التخطيط العلمي الاستراتيجي لتنفيذ البرامج والمشاريع.
واعتبر الأمين العام المساعد للمجلس، الرؤية الوطنية الإطار المشترك لجميع الجهات للعمل لتحقيق التنمية المستدامة ..مؤكدا أن الخطوة القادمة تتمثل في وضع الأهداف المحدثة الخاصة بالسياسة الوطنية للسكان وفقا للمستجدات المحلية والالتزامات الإقليمية والدولية المتمثلة في أهداف التنمية المستدامة ومخرجات قمة نيروبي حول السكان والتنمية.
وطالب صندوق الأمم المتحدة للسكان بتكثيف الدعم المقدم للبرامج والمشاريع السكانية للمضي قدماً نحو تحقيق الأهداف التي يسعى إليها الجميع .. مشيدا بدعم وزارة التخطيط لقضايا السكان والتنمية وكذا صندوق الأمم المتحدة للسكان .
طرق علمية
وأكدت الدراسة حديثة عن السكان والتنمية في اليمن وتحديات المستقبل صدرت عن الأمانة العامة للمجلس الوطني للسكان أن التقديرات لحجم السكان وخصائصهم تعتبر من أهم الطرق العلمية المعتمدة في التخطيط التنموي ورسم السياسات المستقبلية الهادفة إلى تقدير الاحتياجات وتوفير الموارد اللازمة لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وأوضحت أنه قد تم اعتماد ثلاثة افتراضات لاتجاهات معدل الخصوبة البشرية في الفترة التي تغطيها هذه الإسقاطات السكانية، والتي وضعت من قبل خبراء متخصصين في العمل السكاني بالتعاون والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة وتم عمل تقدير للسكان في ضوء الافتراضات التالية: ثبات معدل الخصوبة الحالي ويسمى البديل الأول 6 مواليد بالمتوسط للمرأة خلال السنوات القادمة.
تفاوت كبير
ويقول خبراء الاقتصاد إن أكبر التحديات التي يواجهها الاقتصاد اليمني، تتمثل في التفاوت الكبير في توزيع الدخول والثروة حيث إن 10 % من السكان الأقل دخلاً لا يحصلون سوى على 3 % من الدخل القومي، بينما 10 % من السكان الأعلى دخلاً يستحوذون على ما نسبته 34 % من الدخل القومي، حسب إحصائياتحكومية.
وزادت معاناة الاقتصاد اليمني الذي أصبح على حافة الانهيار، مع استمرار العدوان والحصار الغاشم والشامل والذي بدأ منذ مارس 2015م ،الأمر الذي أدى إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية.
ويعيش ثلث السكان على أقل من دولارين يومياً، وزادت الديون الخارجية للبلاد، بقيمة 114 مليون دولار خلال السنوات الأخيرة ، لتصل إلى 7.44 مليار دولار، مقابل 7.326 مليار دولار عام 2014 – 2015م ، حسب بياناتالمصرف المركزي، فيما أرجع الخبراء الزيادة إلى تراجع موارد البلاد من النقد الأجنبي.
وأكد تقرير اقتصادي صادر عن مركز بحوث التنمية الاقتصادية والاجتماعية، أن مشكلة الفقر والبطالة الناتجة عن زيادة عدد السكان دون خطط لاستيعابهم في تنمية البلاد، كانت سببا رئيسا في الفوضى وتدهور الاقتصاد والاستثمار.
انفلات وتشرد
ونبه التقرير إلى أن الشباب في اليمن يعانون من حرمان وانفلات وتشرد يدفعهم لانحرافات شتى، أخطرها الانخراط في صفوف الجماعات الإرهابية، التي تنتشر بصورة مخيفة في مناطق اليمن، وتسببت في تدهور بيئة الاستثمار وتعطيل الأعمال وإنهاك اليمن اقتصادياً.
وأشار التقرير إلى عدة أسباب لانتشار البطالة، منها غياب التخطيط للتنمية السكانية وغياب العمل بآليات التنمية المستدامة وصراعات سياسية وحروب داخلية، بالإضافة إلى تراجع دور الدولة في النشاط الاقتصادي وسوء مناخ الاستثمار والفساد الذي أصاب مؤسسات الدولة والترحيل الإجباري للعمالة اليمنية من السعودية، بسبب حرب الخليج الثانية وضعف مستوى التأهيل والتدريب للقوى الشابة وتدهور المستوى المعيشي للأسرة.
ويعاني الاقتصاد اليمني اختلالات كبيرة في توزيع السكان، مقارنة بالمساحة وحجم الموارد الاقتصادية المستغلة مع وجود التحديات الاقتصادية الكبيرة، حيث يتركز أغلب النشاط الاقتصادي على سبيل المثال في العاصمة صنعاء التي يقطنها 9 %، من إجمالي السكان في مساحة لا تتجاوز نسبتها 0.04 %، ويعيش 0.45 % من إجمالي السكان في محافظة المهرة على مساحة تصل نسبتها إلى 17.3 %، من إجمالي المساحة.