اليمن بلدٌ زراعي يمتلك كل المقومات التي تجعل منه سلة غذاء محلية ودولية واعدة
أهمية تفعيل الجبهة الزراعية في ظل تمادي دول العدوان في مواصلة الحصار المطبق
هناك مناطق مؤهلة لزيادة إنتاج القمح في اليمن إلى (114 ألف طن) أي بأكثر من ضعف مستواه الحالي (107.7 %)
لأن القمح سلعةً استراتيجيةً، ترتبط بأمن البلاد، واستقلال القرار الوطني؛ فإن ذلك يستوجب التعاطي مع الفجوة الغذائية في هذا المحصول المهم من منظور استراتيجي واسع على المدى القصير، والمتوسط، والبعيد، وذلك بالتركيز على التوسع الرأسي في زيادة الإنتاجية، وأيضاً التوسع الأفقي في المساحة المزروعة، مع تقليص إنتاج واستهلاك القات الذي يستهلك حوالي (30 %) من المياه المُستخدمة في الزراعة، وتتمدد زراعته كل عام على حساب المحاصيل الأخرى ، وتأتي أهمية الاهتمام بالزراعة وخاصة ما يتعلق بإنتاج المحاصيل الاستراتيجية التي تعتبر جزءاً من الأمن القومي لليمن ، وذلك مع تعاظم الحرب الاقتصادية واستمرار الحصار المطبق على الشعب اليمني من قبل قوى العدوان للعام السابع على التوالي..التفاصيل:-
الثورة / أحمد علي
اليمن بلدٌ زراعي يمتلك كل المقومات، والإمكانيات، التي تجعل منه سلة غذاء واعدة، للداخللا والخارج، غير أنه تحول إلى بلدٍ مُستوردٍ للغذاء لسد حاجاته من السلع الضرورية، نتيجة للسياسات التي فرضت على الأنظمة السابقة من قبل السفارة الأمريكية والبنك الدولي حيث أهُملت الأراضي الزراعية، وأصبحت اليمن تستورد الحبوب من الخارج وبنسبة 90 % ، ولم يتم إعطاء الزراعة القدر الكافي من الاهتمام في ظلِّ انتشار زراعة القات، ناهيك عن اتساع نطاق الهجرة من الأرياف إلى المدن، فلم يعد الإنتاج الزراعي قادراً على سد احتياجات المواطنين من الغذاء، في ظلِّ الاعتماد الكبير على الاستيراد.
وفي هذا السياق، يُشير الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي إلى توافر المقومات الأساسية في اليمن، والتي تُمكنه من تحقيق التنمية الزراعية، والوصول إلى الاكتفاء الذاتي الغذائي، لاسيَّما وأن اليمن يمتلك كامل المؤهلات الطبيعية للإنتاج الزراعي، وبما يؤهله لتحقيق الاكتفاء الذاتي في كثير من السلع الغذائية، ومرّد ذلك الأراضي الشاسعة، والصالحة للزراعة، والتي بمقدورها إنتاج كل الحاجات من الغذاء، وتحديداً الحبوب، حيث يقول: “في اليمن نفسه كم من الأراضي في اليمن تصلح للزراعة، ونحن نستورد حتى العدس وحتى الفاصوليا والقمح والذرة من استراليا ومن الصين وغيرها، واليمن يكفي – لو زُرع – لليمن ولغير اليمن “.
ويُؤكِّد السيد القائد عبد الملك بدرالدين الحوثي بالقول: “في بلدِنا اليمن، في إجراءاتٍ أو في مُسوحاتٍ ودراساتٍ سابقةٍ وصلتْ إلى نتيجة أنَّ محافظةَ الجوف ومحافظةَ مارب ومحافظةَ حضرموت كافيةٌ في توفيرِ ما نحتاجُه من قَمح، دع عنك بقيةَ المحافظات، كلُ المحافظاتِ الجبليةُ صالحةٌ للزراعةِ لمختلف المُنتجاتِ والمحاصيل الزراعية، “تهامة” كذلك تُعتبر سلَّةً غذائيةً لليمن، وذاتَ قدرةٍ كبيرةٍ جداً على إنتاجِ مختلفِ المحاصيل الزراعيةِ المهمة“.
ويُضيف بالقول: “من المهم أن يحرصَ الناسُ على الحفاظ على المناطق الصالحة للزراعة، تبقى للزراعة، بعض المناطق مثل الحقل في عَمران حقل البَون، مثل مناطق أخرى، الحقل في ذمار، الحقل في صعدة، مناطق خصبة جداً للزراعة…”.
دراسات زراعية
ويشدد خبراء زراعيون مختصون على ضرورة إجراء الدراسات، والبحوث، التي يُمكن الاستفادة منها، في توسيع زراعة، وإنتاج القمح، والحبوب، وحثّ الجامعات، والمعاهد المُتخصصة، على تبنيها، بحيث يتضمن ذلك، دراسة دقيقة للمناطق التي يُمكن زراعة القمح فيها بكمياتٍ كبيرة، كمحافظات (الجوف، مارب، وحضرموت)، وغيرها من المناطق في السهول، والوديان، والمرتفعات، في اليمن.
ووفقاً لدراسةٍ زراعية بعنوان (الاستراتيجية –الاقتصادية) لإنتاج القمح، نفذتها وزارة الزراعة فإن المنطقة الشرقية، والمُرتفعات الجبلية (الشمالية والوسطى) أهم المناطق الواعدة لزراعة القمح في اليمن، وتتمتع المنطقة الشرقية على وجه الخصوص، وتشمل محافظات (مارب، وحضرموت، والجوف) بمزايا فريد عن سواها من المناطق اليمنية، مثل وفرة المياه الجوفية، وقابلية إدخال الميكنة في العمليات الزراعية، ممَّا يؤهلها لزيادة إنتاج القمح بعوائد مُجزية إلى (114.000 طن)، أي بأكثر من ضعف مستواه الحالي (107.7 %)، وذلك من دون تغير كبير في المساحة المزروعة.
وبالتوازي، تتميز بعض مناطق المرتفعات الجبلية، مثل محافظات (إب، ذمار، البيضاء، المحويت)، بتوفر مصادر المياه الجوفية للري، والأمطار الغزيرة في هذه المناطق مثل إب، وتنوع طبوغرافية الأراضي بين قيعان واسعة، ومُدرجات جبلية، إضافة إلى قابلية إنتاج القمح في موسمي الشتاء، والصيف، وتمتعها بإنتاجية عالية يُمكن أن تبلغ (5) أطنان للهكتار، يوجد فرصة غير مُستغلة لزيادة إنتاج القمح في المرتفعات الجبلية بحوالي (122.3 %) عن مستواه الحالي، بالتزامن مع زيادة المساحة المزروعة بحوالي (27.6 %).
وإجمالاً، فإنه في حال تطبيق الحزمة المتكاملة تقنيات الإنتاج الحديثة يوجد فرصة كامنة (غير مُستغلة) لزيادة إنتاج القمح في المناطق الواعدة (المناطق الشرقية والمرتفعات الجبلية) بمعدل (118.2 %) عن مستواه الحالي، أو بكمية إضافية قدرت بحوالي (228.559 طناً)، وهذا إن تحقق سيسهم في زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح في عموم البلاد، وتنخفض فاتورة الواردات، وعجز الميزان التجاري، فضلاً عن توفير كثير من فرص العمل، والدخل للأسر الزراعية.
وبحسب خبراء الزراعة يحتاج تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الغذاء إلى تطبيق تنمية زراعية أفقية، من خلال الاستفادة من الأراضي الزراعية غير المُستغلة، والصالحة للزراعة، وزيادة المساحة المزروعة، واستصلاح الأراضي التي تدهورت ، فضلاً عن ترشيد استهلاك المياه لأغراض الري، بالإضافة إلى تطبيق التنمية الرأسية الزراعية، والمُتمثلة في استخدام الفنون الزراعية المتطورة، والحديثة.
بمواصفات عالمية
وتؤكد دراسة علمية حديثة، أعدها الباحث اليمني محمد سالم المصلي، أن القمح اليمني بمواصفاته، وجودته يعد من أجود أنواع القمح العالمي، وبينت الدراسة أن أصناف القمح اليمني، والتي تميل إلى اللونين الأبيض، والأحمر الفاتح، لها ميزة عالمية، كون وزن كل ألف حبة منها، تتراوح ما بين (34 – 50جراماً)، وهي ميزة عالمية؛ لأن الأوزان القياسية لهذه الأنواع من القمح، والمعروف بالقمح الصلب يتراوح أوزانها ما بين (20 – 32 جراماً).
وأوضحت الدراسة، أن اليمن تتمتع بخصوبةٍ واسعةٍ لزراعةِ القمح، وخاصة في سيئون، ووادي حضرموت، وذمار، والحديدة، وصنعاء، وشبوة، وأن القمح اليمني يضاهي القمح الإيطالي، والاسترالي، والأمريكي، والفرنسي، من حيث توفر البروتين لقمح السنابل.
من الخارج
وبالرغم ممَّا تمتلكه اليمن من مقوماتٍ اقتصاديةٍ وإنتاجيةٍ كبيرة، إلاَّ أن الأرقام والنسب عن حجم الغذاء القادم من الخارج مُهولة تصل إلى أكثر من (80 %) من الغذاء يتم استيراده من الخارج، وبمبالغ تصل إلى مئات المليارات كل عام، الأمر الذي يحتم على الجميع الاتجاه نحو الاعتماد على الذات، والرجوع إلى زراعة الأراضي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، لاسيَّما مع استمرار العدوان، والحصار الاقتصادي الشامل، الذي يجب تحويله إلى فرصة، لإنعاش القطاعات الإنتاجية، وعلى رأسها التوجه نحو إنعاش الزراعة في مجال الحبوب، التي تعد أهم سلعة غذائية يحتاجها جميع سكان اليمن دون استثناء، خاصة وأن اليمن يمتلك مقومات زراعية، وبشرية كبيرة، ومتوفرة في مجال الزراعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي.
الجبهة الزراعية
وتتعاظم أهمية إعادة تفعيل الجبهة الزراعية مع تمادي دول العدوان في مواصلة الحصار المطبق للعام السابع على التوالي، ومنع دخول نحو 90 % من الواردات والمواد الغذائية والحبوب بأنواعها، بعد تدمير كل مقدرات الحياة في اليمن.
ومعلومٌ أن الحبوب من المحاصيل الاستراتيجية المرتبطة بسيادة الدول، وتحرر قراراتها، لذا لن يتمكن اليمنيون من نيل حريتهم وامتلاك قرارهم السيادي، إلا إذا تمكنوا من إنتاج احتياجاتهم من الغذاء.
واليمن يعاني في الوقت الراهن من فجوة غذائية كبيرة في الاقتصاد القومي، في محاصيل الحبوب الرئيسية، خاصة القمح والذرة الصفراء، ما يجعل قضية تأمين الغذاء من أهم الأولويات التي يجب الاهتمام بها، والعمل دوما على تضييق تلك الفجوة وتحجيمها، وصولا إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي، لأن من لا يملك قوته لا يملك قراره، ومن لا يملك قراره لا يملك حريته واستقلاله وسيادته.