نشرت مجلة العربي مقالة بعنوان: ” باب المندب أو بوابة الدموع كيف تتصاعد التهديدات؟” في العدد (752 ) للدكتورة أماني الطويل وقبل الرد على هذه المقالة لنا عتب شديد على القائمين على مجلة العربي الكويتية التي كانت منبراً للثقافة والأدب،
كيف وقعت المجلة في هذا المنزلق وسمحت لكاتبة دلت مقالتها على أنها لا تفقه شيئاً عن اليمن ؟ ولا عن معنى كلمة ” مندب” ؟ ولا عن خلفيات الصراع السياسي والتجاذبات الدولية حول المنطقة ككل؟
وما يجب الإشارة إليه أن:
– وصف أنصار الله بالـ”مليشيات الحوثية” يدل على موقف الكاتبة المتحيز.
– إن موقف أنصار الله هو موقف الغالبية العظمى من الشعب اليمني الذي رفض حياة الذل في دولة يهمن على قرارها السياسي (وغير السياسي ) أمريكا والسعودية منذ عقود . إن الشعب اليمني يريد دولة مستقلة حرة .
– إن اليمن المستقل قادر على حماية أمن البحر الأحمر .
– إن وجود القوات السعودية والإماراتية بجنودها أو بمرتزقتها في اليمن والبحر الأحمر يعني من وجهة نظر كثيرين وجود القوات الإسرائيلية .والتطبيع خير دليل على ذلك .
– خير للخليج ولدوله إن أرادت الأمن أن تترك اليمنيين وشأنهم، وقد شاهد العالم ما جنته الدول الخليجية على اليمن .من قتل وحصار وجوع ومرض في أزمة إنسانية فظيعة .
– لقد كشف العدوان على اليمن (من ضمن أشياء كثيرة) حال الثقافة والمثقفين في الوطن العربي، غاب موقف المثقفين الأحرار المعبرين عن هموم الشعوب وتطلعاتها وصرنا نرى كتابا يتحدثون باسم أنظمة مستبدة قمعية متخلفة .
وعود على بدء فقد تناول المقاول أهمية مضيق باب المندب، ومن عنوان المقال يتضح -كما ذكرت – أن أغلب من يكتبون عن اليمن لا يعرفون عنها الكثير ولا يخدمون الحقيقة . للأسف !
ولنبدأ بذكر معنى اسم باب “المندب” الذي عرفته في عنوان وبداية مقالتها بـ”كثرة الدموع والآلام” وهذا خطأ فادح يقع فيه الكثيرون، والحقيقة أن المندب ليس من الندب والبكاء، (المندب) في لغة أهل اليمن من الندب أي الاجتياز، وباب المندب هو أقرب مكان يجتاز منه إلى أفريقيا والعكس .
وعقب تعريفها الخاطئ تنتقل إلى حقيقة التواجد العسكري العالمي في البحر الأحمر بسبب وجود أنصار الله حلفاء إيران كما تدعي وبالتالي حرص الغرب على منع إيران من وضع قدمها في البحر، وهذه مغالطة واضحة لتحميل المسؤولية أنصار الله في تجاوز للحقائق الجغرافية والتاريخية، منها أن لليمن أفضلية استراتيجية في السيطرة على الممر لامتلاكه جزيرة بريم إلا أن القوى الكبرى وحليفاتها عملت على إقامة قواعد عسكرية قريبة منه وحواليه لأهميته العالمية في التجارة والنقل والبحر الأحمر، ويقع في قلب ” قوس عدم الاستقرار”، كما حدده البروفيسور برجينسكي مستشار الأمن القومي الأمريكي وهو “القوس: الذي يضم الشرق الأوسط والقرن الأفريقي ومنطقة المحيط الهندي.
ومن المعروف أن مشروع أن يظل البحر الأحمر خالياً من التواجد العسكري الأجنبي وتأمين الملاحة فيه على مسؤولية الدول المطلة عليه كان من أهم أسباب اغتيال الرئيس اليمني الأسبق إبراهيم الحمدي سنة 1977م.
فلدى الغرب اتفاق مضمونه: ( لاحق للعرب في السيطرة أو تقييد حرية الملاحة فيه) ويقول ( لوك كوفي)، مدير مركز أليسون للدراسات السياسة الخارجية التابع لمؤسسة التراث الأمريكي: باب المندب هو أخطر المضايق وأكثرها محلاً للتنازع الجيوسياسي في العالم”.
لقد تنازعت السيطرة على باب المندب قوى استعمارية عديدة فرنسية وبريطانية وإيطالية وتركية وألمانية، وعلى ذلك كانت حيلة حرق مخزن الفحم للبريطانيين فى عدن سنة 1832م عذراً للسيطرة على البحر الأحمر واحتلال عدن وسبق محاولة البرتغال احتلال سقطرى والسيطرة على جنوب البحر الأحمر وقرصنتهم للنشاط التجاري لحصار مصر المملوكية، والجزائر فى القرن السادس عشر .. كانت كل هذه الحوادث وغيرها أسباباً لأهمية هذا البحر عالمياً على النشاط التجاري والاقتصادي والعسكري فالبحر الأحمر وباب المندب واحد من أهم ممرات النقل والمعابر على الطريق البحرية بين بلدان أوروبية والبحر المتوسط، وعالم المحيط الهندي وشرقي أفريقيا. زاد من أهمية الممر أن عرض قناة عبور السفن، الواقعة بين جزيرة بريم والبر الإفريقي 16كم وعمقها 100 – 200متر، مما يسمح للسفن وناقلات النفط بعبور الممر بسهولة على محورين متعاكسين متباعدين.
والمهم على الجميع معرفة أهم الحقائق أن اليمن في سيطرتها على باب المندب تصير دولة قوية يمتد نفوذها إلى كل الجغرافيا التاريخية لها وتستقر المنطقة والإقليم بتلك السيطرة.
فهل في ذلك إضعاف للعرب (وللخليج) ؟ أم قوة وأمن واستقرار؟