في انتخابات العام ١٩٩٣م كان الشيخ علي جميل مرشحا عن الاشتراكي في دائرة ظليمة بمحافظة عمران ، منافسا لحميد الأحمر ، لم يكن علي جميل يملك من وسائل القوة والتأثير غير شعبيته التي اكتسبها وهو يناضل في صفوف الشعب اليمني.
كانت منافسة حميد الأحمر صاحب المال والسلطة والقوة والجاه وابن عبدالله الأحمر مغامرة، لكن الجماهير كانت تعرف من يقدر على خدمتها، ويحترم حقوقها ويدافع عنها؛ أي أنها كانت تعرف لمن تعطي صوتها.
نافس الشيخ علي جميل حميد الأحمر شيخ المال والعنجهية والنفوذ، وكان النجاح حليفه، إذ فاز بتمثيل الدائرة، لكن العنجهية والغرور لمشيخة الأحمر رفضت النتائج، واعتدت على المواطنين وقامت بضرب مقر الاشتراكي في ظليمة بالبوازيك ، بل وصادرت نجاح علي جميل بالقوة لصالح مال الأحمر ونفوذه ، ثم حصلت تسوية بين الأحمر والحزب الاشتراكي الذي خذل علي جميل بالتنازل عن فوز الشيخ جميل في الدائرة لحميد الأحمر مقابل تنازل شيخ الإصلاح الأب “عبدالله بن حسين الأحمر” عن الطعون التي قدمها ضد الاشتراكي.
لم يكتف حميد الأحمر بذلك، بل كلف عصاباته باغتيال علي جميل، وقام بإرسال حملة سلطوية لهدم بيوت آل جميل وقتل أخيه محمد جميل، ونهب ممتلكاتهم، والحال كذلك فقد تعرض كل من نافس بيت الأحمر في حاشد لنفس المصير وتمت مطاردتهم وإرسال الحملات العسكرية عليهم.
فمثلا تقطعوا للشيخ محسن الغولي وقتلوه لأنه كان منافسا لمشيخة الأحمر ، وفي مملكة (الجعاشن)، التابعة للشيخ/ محمد أحمد منصور، دخل الشيخ وعسكره إلى مراكز الدائرة التي كان ابنه مرشحا فيها وينافسه أحد الاشتراكيين، أخذ الشيخ كل أوراق الاقتراع وكتب اسم ابنه عليها، وكلف عسكره بوضعها في الصندوق قائلا : هذا لي والباقي لكم !! ودون أن تجرؤ اللجان على قول “بم” ، وهكذا مضت ديمقراطية الشيخ في كثير من دوائر الجمهورية ، وهكذا ترعرعت وقامت.
حدث هذا في انتخابات ٩٣م التي كانت إلى حد ما شبه نزيهة في بعض المناطق التي يضعف فيها نفوذ مشائخ الإقطاع وحلفائهم الإخوان ، أما ما بعدها فالحال أسوأ.
لدى جماعة الاخوان خبرة في التزوير؛ وحصل أن نقلوا أعضاءهم عند القيد والتسجيل من دائرة إلى أخرى، وجيشوا من الريف إلى المدينة، وزادوا على ذلك بإصدار فتاوى وزعوها عشية الاقتراع عنوانها : (لا تنتخبوا الشيوعيين) وبالذات في مراكز المدن.
أما ما حدث بعدها من انتخابات فكان التزوير مباحاً لكل شيخ وبلطجي ، وفي آخر انتخابات برلمانية في جمهورية الشيخ، صادر “أولاد الأحمر” خمس دوائر في حاشد تفيدها الشيخ وأولاده.
ومن الدواهي أن حسين الأحمر نجح في دائرة لم يكن مسجلا فيها !!
لم تجرؤ اللجنة العليا للانتخابات أن تعترض على ذلك الاختراق للنظام الانتخابي، ولم يجرؤ أي شخص أن يعترض، كما لم يكن أحد ليجرؤ أن ينافس، أو يترشح أمام الشيخ وأولاده، وللزوم الديكور الديمقراطي كانوا يرشحون خدمهم لينافسوهم وفي الأخير يصوتون للشيخ.
وفي آخر لحظة عندما يضمنون النجاح يأخذون مجموعة بطاقات ويضعون اسم المنافس عليها ويرمونها في الصندوق.
كان الأحمر وأولاده يعتبرون حاشد إقطاعية خاصة، وكل من حاول الظهور قتلوه؛ ابتداء من عضو مركزية الاشتراكي محمد حسين الحوثي، وليس انتهاء بالشيخ علي جميل، بل إن أيديهم امتدت بالاغتيالات إلى مناطق بكيل في سفيان وصعدة.
في دائرة المدعو/ حمود خالد الصوفي ( ٣٧ ) مديرية السلام – تعز وفي آخر انتخابات رئاسية، عندما رأى مشرفو المؤتمر أن الأصوات تصب لصالح مرشح المعارضة “بن شملان” افتعلوا إشكاليات من أجل أن يقوموا بالتزوير، وأثناء المهاوشة رمى أحدهم بصندوق إلى جربة مجاورة لمركز الاقتراع، وجاءت امرأة فلاحة صباحا لجلب طعم لأبقارها وجدت الصندوق بين الزرع.
وضعت المرأة الصندوق بين العلف وأخذته إلى بيتها، كانت تحسب أن في الصندوق مالا، عندما فتحه رب الأسرة وجد فيه أوراق اقتراع، قام بفرزها فوجدها كلها لصالح مرشح المعارضة عدا ورقة واحدة لصالح مرشح الحزب الحاكم.
بعد حرب ٩٤م المشؤومة أصبح كل شيء مباحا لعفاش وعصابة ٧/٧ الدموية، وسمعنا صراخا رسميا يدعو إلى الاحتكام لصندوق التزوير، ولكل ذلك كانت أحزاب العصابة تحقق أغلبية مريحة وقاهرة على الشعب عن طريق مصادرة إرادة الناس بالغلبة، وكانوا يعلنون النتائج قبل الفرز.
وبشهادة الخائن علي محسن فإن عفاش لم يفز في الانتخابات الرئاسية ، بل هدَّد بإحراق العاصمة صنعاء إن لم ينجح، فأهدته اللجنة العليا للانتخابات فوزا مزورا وبلا فرز ، وهكذا كانت الديمقراطية في جمهورية الشيخ والعصابة العفاشية.