السياحة بناء وقيم
يعتقد البعض أو الكثير ممن يمتلكون القرار في بلادي أنه لم يحن الوقت حتى للتفكير في السياحة وأن هناك أولويات عليهم البدء بها وهذا لأنهم في الأصل لا يفهون السياحة بل يجهلون أهمية السياحة برغم أنهم لم يتركوا مقصداٍ سياحيا إلا وقد مكثوا فيه ونقلوا إلى أقرانهم وإحيائهم ما يفوق الوصف مما يجدونه من التنظيم والأمن والأمان والنظافة والعمران والحدائق الغناء والأشجار المتعالية باخضرارها وكيف ترتبط حياة الناس بالخدمات العامة والمياه والكهرباء والاتصالات وغياب الجريمة وسرعة القبض على الجناة أن حدثت وفي ساعات أو سويعات لماذا لأن تلك البلدان أصلاٍ تعمل بجد ومثابرة ومسؤولية وحب لأداء الواجب وحب الوطن النابع من حب الأسرة والأبناء والآباء والأمهات وتعمل بعض الدول برغم قلة الإمكانات لكن الإعداد الجيد والرقابة الدائمة والالتزام هو من يقود عملية الضبط الإنساني من الداخل أي داخل الذات لا تريد محركاٍ لها بل هي المحرك.
ثم يقول هؤلاء في قراراتهم وهم من يملكون أسس الدولة ومقوماتها متى يمكن أن تكون بلادنا كتلك البلدان ولا يفكرون أبداٍ فيما يقتلون أوقاتهم العالم المتحضر المتمدن أو الساعي نحو المدنية يعيش في حالة سباق مع الساعة والأيام والشهور يحاسب كل نفسه ماذا قدم البلده وماذا حقق في إطار عمله وما أوجه التقصير وما كان ينبغي القيام به¿ عجلات الزمن تدور إلى الأمام وكلما تقدم الإنسان خطوة تابع بعدها خطوات ثابتة وفي خط مستقيم لا انحراف ولا عشوائية أهداف محددة سياسات مرسومة إجراءات معلومة لذلك تجدهم في حالة عمل متقن وأجساد قوية لا تعرف الكامل وهم في هذا الكفاح والنضال والبناء العالم يدرك معنى السياحة واحتياجات السياحة وأن كل انجاز ومنتج زراعي أو صناعي أو استهلاكي وكل مساحة خضراء وشارع جميل هو من أجل حياة خضراء نظيفة وبيئة سليمة هي من أجل سعادة الإنسان ومن أجل السائح ومن أجل جذب الاستثمار الذي يحس بالأمان في مثل هذه البيئة فالسياحة في الأصل المنتج والمنتج في الأصل مجموعة منجزات وخدمات متتابعة ومترابطة وطبيعة يحتضنها المواطن كاحتضان ولده وطفله كاحتضان أمه وحبيبته فهو يهدهدها ويربيها وينميها ويحافظ عليها وعلى ذلك تعلموا حب الأوطان وتعلموا السياحة في الأقطار وعشقوا الثقافة والفن والعادات والتقاليد وعشقوا النظافة وجمال البيئة وترتيبها وتحسينها فلا يقطعون شجرة ولا يقطعون زهرة ولا يرمون ورقة يستعيدون نشاطهم وحيويتهم ولو بلغوا من العمر عتيا إنها حياتهم ولا أحبذ أن أدخل في مقارنة جدلية بيننا وبين من يعمرون بلدانهم من عرب وعجم ومن يسعون في الأرض فسادا.
يا أحبائي القراء نحن الآن في القرن الواحد والعشرين ومن العيب أن يكون الثلاثي القاتل هو المسيطر علينا وعلى سياستنا ونهجنا وأحزابنا وحتى الفقهاء والعلماء والنوابغ ورجال المال فسياستنا لازالت قاصرة ونهجنا غير واضح وأحزابنا في صراع دائم وفقهاؤنا ليس بينهم تقارب ومذاهبنا مفككة وإيماننا هبط إلى الصفر لأننا تمادينا في سفك الدم والتجبر والتكبر بلا روية حتى ضاعت الأنفس والأعراض والأموال وهدمنا كل بناء وكل شيء جميل في حياتنا حتى اخلاقتنا وأعرافنا وتقاليدنا لم تعد هي إن الاهتمام بالسياحة يعنى اهتماما بالأمن ورجل الأمن ومستلزمات الأمن وجاهزية الأمن ورجولة رجل الأمن لقد أصبحنا نتيجة لهذا التمزق وأصبح المواطن وأنا واحد منهم عرضة لتهجم الصومال اللاجئين وفي شمس النهار وفي شوارع العاصمة عتوة وبالتعدي والقهر يسلبوك ما معك وأمام أعين العين الساهرة حماها الله فهي تعجز أن تتدخل في بلادنا لأنها منفردة ولا تملك القوة ولا تملك الإمكانات ولا تملك من البحث والتحري إلا الاسم فقط لا اتصال ولا تواصل لا شبكة ربط بين النقاط ولا بين الأقسام ولا بين الأفراد وكل يبحث عن سد رمق يومه ولو فكرت الحكومة بالسياحة ولو فكرت بحياة الناس لفكرت في انضباط وقت الدوام وفكرت في مستلزمات العمل وتوفير وسائل الأداء ونجاحه لكن الكل معذور فهم السلطة يأخذ الوقت والوقت ملك الشعب والشعب لم يعد بحاجة لهذا الوقت لهذا أصبح احترام الوقت من الخزعبلات وأصبح الكل يعيش في جزر متفرقة لا نعلم ما هو الرابط الذي قد يجمعنا لنشعر بأننا في اليمن وليس في الصومال وأن هذا الوطن مسؤوليتنا وأن أول الالتزامات احترام الوقت الذي يهدر في الهدم والخراب والصراع والنزاع وقتل الأبرياء من الجنود ورجال الأمن والمواطنين والقبائل, أن وزارة السياحة عندما نطالب بنشاط سياحي هي تطالب بالسلام والصلح والتصالح وردم فجوة الخلافات والمناكفات.
عندما نطالب بالاهتمام بالسياحة هي تسعى لتحقيق الأمن وسيطرة الأمن على بؤر الإجرام وتأمين الناس عندما نطالب بمشاريع سياحية إنما نؤكد للاستثمار أن اليمن واعد بالخير والمحبة وأهله أهل حكمة وإيمان مهما حصل الاختلاف, عندما نشجع الاستثمار السياحي إنما نشجع فتح أبواب الرزق الشريف للعاطلين عن العمل عندما نطالب السياحة بالاستقرار في مبنى إنما تقول للسلك الدبلوماسي أصبح لدينا عنوان يمكن لكم زيارتنا لقد أصبحت السياحة في خير لأن بلدنا كما هو معروف لديكم أنه بلد مضياف وأن حكومتنا هي وجه الخير فهل نفرغ أنفسنا للالتزام بالدوام مثل الأمم, الكثير يخرج من العاشرة والحادية عشر والمبالغ في الدوام الثانية عشر عدا النادر والنادر لا حكم له وذلك احتراماٍ للوقت والذي هو نعمة من الله.
هل نفرغ أنفسنا لنظافة العاصمة كما نفرغ أنفسنا للتعبير عن الرأي وهو حالة سلمية وسلوكية راقية ولكن خارج أوقات الدوام والنظافة هي دعوة ونداء سياحي وفوق ذلك نداء إيماني وهي تعبير حقيقي عن التغيير التغيير للأفضل ولبناء الوطن وإلا تركناه ملجأ وهاجرنا طالما أصبحنا عاجزين عن احترامه وحمايته وحماية مواطنيه هذه هي السياحة دعوة تهيئة وإعمار وإعداد البيئة واقتصاد وعمل وإنتاج وليست دعوة خمول وركون وفسق قال تعالى:” لكم دينكم ولي دين”.