زيد الفقيه
حياته :
هو عبدالله صالح عبدالله حسن البردوني
كانت ولادته في عام 1929م في قرية البردون ناحية الحدا ـ شرقي مدينة ذمار ، وهذا التاريخ مقدر بقراءة ارتبطت بمعرفة أم البردوني ، نخلة بنت أحمد عامر ،بأحداث مثل ضرب الطائرات البريطانية عام 1928م ، وبغرق (محمد البدر) ابن الإمام يحيى الذي هلك في البحر .
ـ أصيب بمرض الجدري وهو في سن الخامسة أو السادسة ، وعلى إثر ذلك فقد بصره .
ـ تلقى تعليمه الأولي في القرية وهذا التعلُّم لا يتجاوز قراءة حروف الأبجدية ، وضمها وفتحها وكسرها ، وكان يسمى هذا التعليم أيام التواجد التركي في اليمن كُتاب (البياض) ، وقد حفظها سماعاً في قريته (البردون) على يد الشيخ (يحيى حسين القاضي ) ، ثم درس ثلث القرآن الكريم من بداية الفاتحة والسور القصيرة التي تساعد على الحفظ السريع .
ـ انتقل إلى قرية المحلَّة في ناحية عنس جنوب شرق ذمار ، حيث كانت له أخت متزوجة إليها ، وهناك حفظ القرآن الكريم حتى وصل سورة الأنعام على يد الفقيه (عبدالله بن على سعيد).
ـ انتقل إلى مدينة (ذمار) في الثامنة أو التاسعة من عمره ، حيث أكمل تعلم القرآن الكريم في الصف الأول من المكتب حفظاً وتجويداً ، ثم انتقل إلى دار العلوم (المدرسة الشمسية) ، نسبة إلى (شمس الدين بن شرف الدين) بانيها ، وفيها أعاد دراسة تجويد القرآن على قراءتين : (نافع)، و(حفص) ، ثم أتم القراءات السبع المتواترة ، ومن شيوخه في علم القراءات :العلامة (محمد الصوفي) ، والعلامة (صالح الحودي) ،والعلامة (حسين الدعاني) ، والعلامة (أحمد النويرة).
بدأ يتغزل بالشعر ويغازله الشعر في سن الثالثة عشرة من عمره ، إذ أخذ من كل الفنون التي كانت متوفرة له ، في ذلك الحين.
انتقل إلى صنعاء وتحديداً (الجامع الكبير) حيث درس هناك على يد العلامة (أحمد الكحلاني ) والعلامة (حميد معياد) .
ـ في مطلع الأربعينيات انتقل إلى (دار العلوم) وفيها تعلم كلَ ما أحاط به منهجها ومن معلميه فيها : العلامة (جمال الدين الديب) والعلامة (الفخري الركيحي) والعلامة (العزي البهلولي ) والعلامة (قاسم بن إبراهيم)، حصل منها على إجازة من لجنة المحكمين ـ التي كان يرأسها العلامة (علي فضة) ـ في العلوم الشرعية والتفوق اللُغوي ، عُين على أثرها مدرسٌ للأدب العربي شعراً ونثراً في المدرسة العلمية نفسها ، تابع خلال هذه المرحلة درس الأدب من الجاهلي حتى عصر النهضة .
الأعمال التي شغلها
رئيس لجنة النصوص في إذاعة صنعاء ، ثم مديراً للبرامج فيها حتى عام 1980م .
ـ كتب للإذاعة برنامج(مجلة الفكر والأدب ) منذ 1964م حتى وفاته في 30 /8 /1999م .
ـ عمل مشرفاً ثقافياً على مجلة الجيش من 1969ـ 1975م ، كما كانت له صفحة أسبوعية في صحيفة 26سبتمبر ، ومقال أسبوعي في صحيفة الثورة ، بالإضافة إلى الكتابات التي كان يكتبها في الصحف والمجلات اليمنية الأخرى والعربية .
ـ كان ـ رحمه الله ـ من أوائل من أسسوا اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ، وقد انتخب رئيساً له في المؤتمر الأول .
مؤلفاته
ـ له اثنا عشر ديواناً مطبوعاً ، أولها من أرض بلقيس وآخرها رجعة الحكيم بن زايد ، وثمان دراسات أدبية أولها رحلة في الشعر اليمني قديمه وحديثه ، وآخرها كتاب أشتات .
له كتب لما تُطبع هي:
ديوان :رحلة ابن شاب قرناها ، والعشق على مرافئ القمر
وكتاب عن اليمن الموحد بعنوان (الجمهورية اليمنية ) لم يكتمل.
الجوائز التي حصل عليها:
حصل على خمس جوائز عربية وعالمية ، أهمها :
ـ جائزة الأمم المتحدة (اليونسكو) عام 1982م ، وأصدرت عُملة فضية عليها صورته لكونه معاقاً استطاع أن يتغلب على إعاقته ليصبح أديباً عالمياً .
ـ ترجمت بعض أعماله إلى الإنجليزية والفرنسية .
الرسائل العلمية التي كُتبت عن أعماله
ـ البردوني شاعراً وكاتباً ،لطف أحمد اسماعيل ، دكتوراه ، القاهرة
ـ الصورة في شعر البردوني ، وليد مشوح ، ماجستير ، دمشق
ـ شعر البردوني ، محمد أحمد قضاة ، دكتوراه ، الأردن
ـ أثر التراث في شعر البردوني ، فاطمة عبدالله العمري ، الكوفة ـ العراق
ـ البردوني ناقداً ، حيدر غيلان الصالحي ، ماجستير،المستنصرية ـ العراق
ـ البعد السردي في شعر عبدالله البردوني ، محمد ردمان سعيد ، دكتوراه ، محمد الخامس ـ المغرب
ـ بناء الجملة الفعلية المنفية في شعر البردوني ، علي محمد الجلال ، دكتوراه ، الهند
الفكاهة في شخصية البردوني
يروى عن البردوني ـ في عام 1966م ـ أن لصاً دخل بيته اثر الشهرة الأدبية التي لحقت به ، وكان اللصُّ يعتقد أن ثمِّة وجبةً دسمةً ستكون في انتظاره ، وحين ولج إلى البيت خلسة لم يجد شيئاً ليسرقه ، لكنه ترك أثراً يدل عليه ،وحين عاد البردوني إلى البيت اكتشف أن لصّاً قد دخل بيته فكتب مرثية إلى اللص بعنوان (لصٌّ في منزل شاعرٍ) يقول فيها :
• شكراً دخلت بلا إثارة : وبلا طفور، أو غرارة
• لمَّا أغرت خنقت في : رجليك ضوضاء الإغارة
• لم تسلُبِ الطين السكر :ن ، ولم تُرُع نوع الحجارة
• كالطَّيف جئت بلا خُطىً : وبلا صدىً، وبلا إشارة
• أرأيت هذا البيتَ قز :ماً، لا يكلِّفُك المهارة؟
• فأتيته ترجو الغنا : ئم ، وهو أعرى من مغارة
*******
• ماذا وجدتَ سوى الفرا : غ، وهرِّةٍ تشتمُّ فارة
• ولهاث صعلوكِ الحرو: فِ ، يصوغُ من دمه العبارة
• يطفي التوقُّدَ باللظى : ينسى المرارة بالمرارة
• لم يُبقِ في كوبِ الأسى : شيئاً … حساهُ إلى القرارة
*******
• ماذا؟ أتلقى عند صعــ : لوكِ البيوت غنى الإمارة
• يا لصُّ عفواً إن رجعت : بدون ربح أو خسارة
• لمتلقَ إلا خيبةً : ونسيتَ صندوق السجارة
• شكراً، أتنوي أن تشرِّ : فنا بتكرار الزيارة؟
وهناك قصيدةٌ أخرى عن لصٍّ آخر بعنوان (لصٌّ تحت المطر) في ديوان (السَّفر إلى الأيام الخضر) كتبها عام 1973م وهي طويلةٌ لكنها ليست ساخرة مطلعُها يقول :
• الليل خريفيٌ أرعن : يهمي، يدوي، يرمي، يطعن .
• ومن لطائفه مع من حوله :
أنه كان في أحد فعليات المهرجان الثقافي اليمني بالسعودية وتم اختياره مقدماً لصباحية شعرية شارك فيها عددٌ من الشعراء اليمنيين ، وقد تصدر الصباحية شاعرٌ ودبلوماسي، كان أسمر البشرة ، وبعد أن تم قراءة قصائده جاء الدور على الشاعر / عبدالكريم الرازحي ، الذي بدأ قصيدته قائلاً : أيها الأسود الخبيث !
أيها الأسود القذر !!
فعلق البردوني : مش هكذا يارازحي !وجهاً لوجه، فضجت القاعة بالضحك والتصفيق ، وأول الضاحكين والمصفقين كان الدبلوماسي الشاعر الذي كان يعرف أن الرازحي يقصد بالأسود ـ النفط ـ البردوني كان يعرف أيضاً لكنه أراد فيها التورية.
• أحد زملائنا اسمه /عبدالمجيد التركي التقى الأستاذ/ البردوني فقال له يا أستاذ لقد حفظتُ خمسين قصيدةً من شعرك ، فأجاب : إذاً ما عادكش تركي .
• في نهاية السبعينيات جاء أحد الشعراء (النظامين) إلى منزل البردوني زائراً ، وأثناء حديثهما أراد أن يلفت انتباه البردوني فقال: لقد اتجهت أخيراً ـ عن قناعة ـ إلى كتابة الشعر الحديث ، واسمعه بعض مقاطع ، كان منها مقطعٌ يقول:( الشمس تقبل وجنة حبيبتي ) قال البردوني ليس فيها جديدٌ قال الشاعر: (الشمس تقبل وجنة حبيبتي) هذه صورة فنية حداثية إبداعية ، قال البردوني الشمس تقبل حتى وجنة الكلب .
• عندما انتهى البردوني من إلقاء بائيته المشهورة (أبو تمام وعروبة اليوم) في مهرجان المربد بالعراق تقدم إليه الشاعر نَزار قباني واحتضنه وعرَّفه بنفسه (أنا نِزار) رد البردوني ببديهته :قل نَزار ـ بفتح النون ـ لا بكسرها لأن بالكسر تعني القلة ، فكان هذا اللقاء عربون صداقة بينهما .
• كان البردوني ذات يوم في مجلس حكومي رفيع المستوى ـ قبل الوحدة ـ فسأله أحدهم بقصد إحراجه لماذا يا أستاذ عبدالله لا تكتب عن الديمقراطية والحرية ؟ فأجاب على الفور الغيبة حرام .
الظواهر الشعرية عند البردوني
هناك بعض الظواهر التي تلفت نظر القارئ أو الباحث في شعر البردوني ، ومنها (ظاهرة الحنين إلى عروبة الأمس) فالبردوني يستحضر في شعره عدداً من الأسماء العربية والأماكن التي كان لها دورٌ في تشييد الحضارة العربية الإسلامية ، وهو ضرب من الحنين إلى ذلك الزمن العلمي والمعرفي الجميل ، فيفخر بانتمائه العربي وانتسابه إلى حضارةٍ ضاربة بأطناب العلم والمعرفة شأواً يفخر به كل عربي ، إذ تعد العلوم العربية في الفلك ، والطب ، والرياضيات ، والطيران ، والتقانة ،هي المؤسس للعلوم الحديثة ، وهناك عدد من الكتب ـ باللغات الأجنبية ، ترجمت إلى العربية تحدثت عن ذلك ومنها على سبيل المثال لا الحصر :
ـ موسوعة تاريخ العلوم العربية ، صدرت عن مركز دراسات الوحدة العربية.
ـ وكتاب :شمس العرب تسطع على الغرب ، للمستشرقة الألمانية زيغريدهونكه. والبردوني يريد أن نعيد لهذه الحضارة وحدتها في وطن واحدٍ ومسمى واحدٍ ،لذلك يوحد هذا الوطن المبعثر في قصيدة واحدة لعلها تصل إلى هذه الوحدة يقول :
دعني أغرد فالعروبة روضتي : ورحاب موطنها الكبير رحابي
فدمشق بستاني ومصر جداولي : وشعاب مكة مسرحي وشعابي
وسماء لبنان سماي وموردي شرابي : (بردى) ودجلة والفرات شرابي
وديار (عمان ) دياري وأهلها : أهلي وأصحاب العراق صحابي
بل أخوتي ودم (الرشيد) يفور في :أعصابهم ويضج في أعصابي
يستخدم الرموز الشعرية لمحاكاة عصرهم وحنينه إلى عروبتهم يدفعه للتماهي مع شعراء ذلك العصر من خلال استدعائهم في قصائده ليوصل رسالة للقارئ مفادها : أننا اليوم بأمس الحاجة إلى عودة ذلك العصر، من ذلك قوله :
• وأهز في ترب (المعرَّة) شاعراً
مثلي توحد خطبه ومصابي
ويسأل أبا تمام عن تغيِّر حال الأمة :
• ما ذا جرى يا أبا تمام تسألني ؟
عفواً سأروي ولا تسأل وما السبب
• ماذا ترى يا أبا تمام هل كذبت
أحسابنا؟ أو تناسى عرقه الذهب
• حبيب هذا صداك اليوم أنشده
لكن لماذا ترى وجهي وتكتئب؟
كما استدعى وضاح اليمن في قوله:
حبيب وافيت من صنعاء يحملني :
نسرٌ وخلف ضلوعي يلهث العرب
ماذا أحدث عن صنعاء يا أبتي ؟
مليحة عاشقاها السل والجرب
ماتت بصندوق (وضاحٍ) بلا ثمنٍ
ولم يمت في حشاها العشق والطربُ
إلى أن يقول:
عروبة اليوم أخرى لا ينم على
وجودها اسم ولا لون ولالقبُ
ماذا فعلنا؟ غضبنا كالرجال ولم
نصْدق وقد صدق التنجيم والكتب
وقد تدرج البردوني في حنينه إلى عروبة الأمس فكان على ثلاث مراحلٍ بدأت المرحلة الأولى من عام 1958ـ 1966م ، وتمثلها قصائده : عودة القائد ،أنا الغريب ، زحف العروبة .
المرحلة الثانية من 1966ـ 1971م ، وتمثلها الغزو من الداخل، من منفى إلى منفى، بلادي في المنفى.
المرحلة الثالثة والنهائية وتمثلها قصيدة (أبوتمام وعروبة اليوم) التي وصل بها الشاعر إلى ذروة الحنين .
ظاهرة التماهي الشعبي
الذي يقرأ البردوني يجده يختار رموزه الشعرية أو أبطال قصائده من قعر مجتمعه كما يختار نجيب محفوظ أبطال رواياته ، لتوظيف حالة أولئك الشخوص فيما يذهب إليه من دلالات في شعره، ويرى هشام علي بن علي أن البردوني يقدم في نتاجه الأدبي سيرة شعب ، وسيرة مثقف ، ارتبط فكره بما يحدث في المجتمع من خلال مشاركته الفاعلة في تحولاته ، وهذا الترابط بين المثقف والمجتمع هو التعبير الفعلي عن حقيقة المثقف العضوي الذي تحدث عنه المفكر الإيطالي (انطنيوغرامشي) ، وقد مثل البردوني نموذجاً لهذا المثقف العضوي في اليمن ، وتجسيدا لتلك الرؤية فإن البردوني يعيش حياة الناس بكل مناكبها : حلوها ومرها ، يقول مخاطباً الرصيف في قصيدة (حواريَّة الرصيف):
• يمضي لفيفٌ ويليه لفيفْ
وأنت ثاوٍ هاهنا يارصيف!
• تستعرض الأطوار مستنكراً
ومُبدياً صبرَ الحياد الحصيف
• تستقرى الأقدامَ ،هل أنت مِن
قراءهِ الأوجاع مضنى أسيف؟
• أعيا، لماذا تلك ملْأى وذي
جوعى ، وذا فخمٌ وهذا نحيف؟
• هذه كشيخٍ ماله لحيةٌ
هذا كأنثى ذات ذقن نتيف
• ذاك الذي يقتاد سيارةً
مثل الذي تسْتافُ جحشاً عجيف
حين خاطب البردوني الرصيف إنما أراد أن يجسَّ نبض الشارع ويتلمَّس همومه ، أما في قصيدة (إلا أنا وبلادي) فيخاطب الوطن ويعرض من خلال بؤس الناس حالة هذا الوطن ألبائس يقول:
• يا بلادي التي يقولون عنها
نك ناري ولي دخانُ التقادي
• ذاك حظَّي لأن أمي (سُعودٌ)
وأبي (مُرشدٌ) وخالي (قمادي)
• أو لأني دفعتُ عن طهر أختي
وبناتي مكرَ الذئاب العوادي
• أو لأني زعمتُ أن لديهم
لي حقوقاً من قبل حق( أبن هادي)
إلى أن يقول :
• هذه كلها بلادي ، وفيها
كلُ شيء إلا انا وبلادي
حداثة البردوني
وعلى هذا الأسلوب نسج البردوني دواوينه الشعرية، فقولبها بقالب (امرئ القيس ) وساغهابشكلانية الروس ، ويرى الدكتور وليد مشوح أنه كان سمة مميزة في الثقافة اليمنية ، وعلامة بارزة في الأدب العربي الحديث ، كما كانت له خصوصية في الجمع بين المحافظة التراثية ، والوعي الحضاري ، فجاء شعره كامتداد للماضي بأصالته وعنوانه ، وإيلاج في الحاضر ، إنه بكلمة أدق التعبير الواضح عن جمع الأصالة والمعاصرة في قالب شعري واحد . وقد افاض استاذنا الأجل الدكتور / عبدالعزيز المقالح في دراساته عن البردوني ،لافتاً عناية البحاثة إلى ملامح الحداثة وأبعاد التجاوز في شعر البردوني .
في الواقع أن البردوني كان واحداً من كوكبة المفكرين والأدباء الذين دأبوا على تجذير الوعي التنويري والحداثي في بلادنا ، بدءاً بأحمد عبدالوهاب الوريث بتأسيس مجلة الحكمة ، مروراً بالدكتور المقالح، والزبيري ، والموشكي ، وعبدالرحمن الارياني ، وأحمد حسين المروني ، والجاوي ، والربادي ، وجماعة الضباط الأحرار ، هؤلاء لم يولدوا حداثيين ، لكنهم تشربوا الحداثة من خلال المعارف التي اطلعوا عليها والفكر المستنير الذي كانوا يحملونه .
البردوني شاعرٌ هضم التراث والطلع على النظريات النقدية الحديثة ، ومن ثمَّ فقد صاغ شعره بإيمان منه أنه يقدم رسالة إنسانية لشعبه ، ليخرِجه من ذلك النفق المظلم إلى شعاع الحرية ، ومن ثمَّ فقد عمل برؤى (رومان جاكبسن) الذي يرى أن القول رسالة انشأها مرسل ووجهها إلى مرسَل إليه ، وفي ذات الوقت هي بحاجة إلى ثلاثة عناصر أخرى هي: السياق الذي يعود إليه المتلقي بوصفه مرجع للدلالة، والوسيلة وهي اللغة كيفما كانت ، والشفرة ، وهي الخصوصية الأسلوبية التي تتضمنها الوسيلة .
مرسل ـــــــــــ رسالة ــــــــــــمرسل إليه
سياق
وسيلة
شفرة
ومن هنا فقد جاور البردوني جاكبسون لتوسله برؤيته النقدية لإيصال رسالته الأدبية الإنسانية إلى مبتغاها ، فكان حداثياً وتراثياً بامتياز ، استخدم في سبيل إيصال شعره للعالم أسالبَ متعددة ، كانت السخرية واحدة من تلك الأساليب أو الوسائل التي حملت المنجز الشعري البردوني.