يؤكد خبراء الاقتصاد أن البُعْــدُ الاستراتيجي الأول وراء عملية استهداف أرامكو في رأس تنورة في عملية الردع السابعة التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية داخل العمق السعودي بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة الأسبوع الماضي يشملُ الأضرارَ الكارثية التي سوف تصيب الاقتصاد السعوديّ في مقتل، والذي سيكبد مملكة النفط خسائر مالية واقتصادية هائلة ويؤدي إلى انخفاض الأسهم في شركة أرامكو إلى نسبة 5 %، وهي نسبة كبيرة، مقارنة بما يترتب عليه من خسائرَ فادحة في ميزانية السعودية والتي تصل إلى مئات المليارات من الدولارات، كما سيؤدي إلى فقدان الثقة لدى المساهمين، وستعمد المملكة إلى سحب رؤوس أموالهم وهو ما سيترتب عليه عدم القُدرة في الوفاء بالالتزامات والنفقات الضرورية وتآكل احتياطاتها الخارجية من النقد الأجنبي.
الثورة / أحمد المالكي
وكانت وكالة رويترز قالت إن أرامكو لاتزال في حالة إغلاق في المنطقة الشرقية جراء الهجوم الصاروخي والطيران المسير الذي نفذته القوات المسلحة اليمنية الأحد الماضي في العملية التي أطلق عليها توازن الردع السابعة.
وأضافت أن شركة أرامكو السعودية أغلقت منشآتها في الظهران ورأس تنورة والتي تضم بنية تحتية نفطية واسعة النطاق.
ولم تكن منشأة أرامكو في المنطقة الشرقية هي المستهدفة فقط حيث اعلن العميد يحيى سريع عن استهداف وقصف منشآت أرامكو في مناطق جدة وجيزانَ ونجرانَ بخمسة صواريخ باليستية نوع بدر وطائرتين مسيرتين نوع صماد٣.
وأشارت الوكالة إلى أن هجوم سبتمبر 2019م الأبرز للجيش اليمني على منشآت أرامكو السعودية في بقيق وخريص – بما في ذلك حقل نفط ومحطة معالجة – والذي أدى إلى قطع 5 % من الإمدادات العالمية اليومية لأسابيع، وإلى ارتفاع أسعار النفط.. والذي يثبت عجز السعوديين على اعتراض تلك الهجمات.
أكبر الموانئ
ويقع ميناء رأس تنورة في المنطقة الشرقية للسعودية على الخليج العربي ويُعد من أكبر موانئ شحن البترول في العالم. وتبلغ الطاقة التصديرية للميناء 6.5 مليون برميل يوميا، ما يعادل 7 % من الطلب العالمي على النفط.
ويضم ساحة لخزانات النفط بسعة 33 مليون برميل، و4 جزر اصطناعية يمكنها تحميل 6 ناقلات تصل حمولتها إلى 500 ألف طن في وقت واحد.
وجرى تصدير أول شحنة زيت خام للأسواق العالمية عبر الميناء في الأول من مايو 1939.
وفي عام 1949، أنشأت أرامكو مصفاة رأس تنورة لتصدير المنتجات الهيدروكربونية عبر الميناء. وتبلغ القدرة التكريرية لمصفاة رأس تنورة 525 ألف برميل يوميا.
إنتاج
وتتفوق شركة أرامكو على كل الشركات النفطية الأخرى من حيث احتياطياتها من النفط الخام البالغة 265 مليار برميل، أو أكثر من 15 % من كل الاحتياطيات النفطية العالمية.
وتنتج الشركة أحيانا أكثر من 10 ملايين برميل يوميا (وصل معدل إنتاجها اليومي في عام 2013 إلى 9.4 ملايين برميل يوميا)، أو أكثر من ثلاثة أمثال ما تنتجه أكبر شركة نفط مدرجة في العالم وهي “إكسون موبيل” الأمريكية، وتبلغ حصتها من الطاقة التكريرية 2.6 مليون برميل يوميا.
وقد بلغ إجمالي إنتاجها النفطي 3.4 مليارات برميل، وهو ما يمثل برميلا من كل ثمانية براميل نفط خام تنتج في سوق الطاقة العالمية، وهي أكبر كمية تنتجها الشركة في سنة واحدة عبر تاريخها، وتتجه نسبة 53.8 % من هذا الإنتاج اليومي إلى منطقة الشرق الأقصى.
نتائج مالية
وكانت شركة أرامكو السعودية، أعلنت نتائجها المالية في الربع الأول من العام الجاري 2021م، إذ كشفت عن تحقيق زيادة في الربح بنسبة 30 % على أساس سنوي، وبلغت قيمة الأرباح في الربع الأول من العام الجاري 81.4 مليار ريال سعودي (21.7 مليار دولار أمريكي).
كما أعلنت أكبر الشركات المنتجة للنفط في العالم، توزيعات أرباح بقيمة 70.3 مليار ريال سعودي (18.8 مليار دولار أمريكي)، ستدفعها خلال الربع الثاني من هذا العام.
“الردع 7”
الردع السابعة لم تتح فرصة لأرامكو أن تستمتع بذلك الزهو الذي ظهر في تصريحات الشركة عن الإنجازات التي حققتها هذا العام، حيث قال رئيس “أرامكو السعودية” وكبير إدارييها التنفيذيين، أمين بن حسن الناصر: “خلال الربع الأول، حققنا، مزيداً من التقدم في جهودنا الرامية لتحقيق أهدافنا الاستراتيجية. فبرنامج تحسين محفظة الأعمال الذي تنفذه الشركة يواصل تحديد فرص إيجاد القيمة، وتجلّى ذلك في صفقة استثمارية رائدة في البنية التحتية بقيمة 46.5 مليار ريال سعودي (12.4 مليار دولار أمريكي) هي صفقة خطوط أنابيب النفط التي أعلنّا عنها مطلع الربع الثاني”.
وبحسب البيان، فقد بلغ صافي دخل أرامكو السعودية 81.4 مليار ريال سعودي (21.7 مليار دولار أميركي) خلال الربع الأول، بزيادة نسبتها 30 % مقارنة بـ 62.5 مليار ريال سعودي (16.7 مليار دولار أمريكي) في الربع الأول من عام 2020 حسب بيان الشركة.
وحققت الشركة تدفقات نقدية من أنشطة التشغيل بلغت 99.3 مليار ريال سعودي (26.5 مليار دولار أميركي)، وتدفقات نقدية حرة، بلغت 68.5 مليار ريال سعودي (18.3 مليار دولار أمريكي) خلال الربع الأول من هذا العام. في حين بلغ حجم النفقات الرأسمالية خلال الربع الأول 30.8 مليار ريال سعودي (8.2 مليار دولار أمريكي).
وتتولى الشركة الإشراف على احتياطيات من الغاز الطبيعي تبلغ نحو 288.4 تريليون قدم مكعب. وفي عام 2013، بلغ إنتاجها السنوي من الغاز (الخام والغاز المسلم إلى المعامل) 4.02 تريليونات قدم مكعب.
وتملك أرامكو (والشركات التابعة لها) أو تشارك في ملكية بعض المصافي المحلية والدولية التي تبلغ طاقتها التكريرية الإجمالية نحو 4.9 ملايين برميل يوميا، وتبلغ حصة الشركة من هذه الطاقة التكريرية 2.6 مليون برميل في اليوم، الأمر الذي يجعلها سادس أكبر شركة في مجال التكرير عالميا.
ووفقاً لخبراء الاقتصاد: تعتبر أرامكو شركة سعوديّة تعمل في مجالات النفط والغاز الطبيعي والأعمال المتعلقة بها من تنقيب وإنتاج وتكرير وتوزيع وشحن وتسويق، وتعد أكبر شركة في العالم، حَيثُ قدرت قيمتها السوقية في عام 2015م حوالي 10 تريليونات دولار، وبلغ إجمالي أرباحها في العام 2018م حوالي 111 مليار دولار، أي ما يعادل أرباح الشركات الكبرى في العالم، وتعتبر عصب الاقتصاد السعوديّ الذي دخل المراحل الأخيرة للانهيار الاقتصادي نتيجة لعمليات نوازن الردع التي ينفذها الجيش واللجان الشعبيّة ممثلاً بالقوة الصاروخية والطيران المسيّر.
ويؤكد خبراء الاقتصاد أن هذا الرد يعتبر ضرورة ويندرج ضمن دائرة الحرب الاقتصادية التي يرتكبها تحالف العدوان والذي استهدف البُنية التحتية للاقتصاد اليمني وجعلها أهدافاً عسكرية منذ الوهلة الأولى لعدوانه الغاشم في 26 مارس 2015م، مخالفاً بذلك القوانين الدولية، ومتجاوزاً كُـلّ أخلاقيات الحروب، وشمل كذلك هذا العدوان الغاشم حرباً مالية ونقدية واقتصادية ونهب فيها ثروات اليمن وموارده السيادية من النفط والغاز وجميع الإيرادات في المنافذ البرية والجوية والبحرية وتوريدها إلى حساباته الخارجية في البنك الأهلي في الرياض، ومنع دخول سفن النفط إلى ميناء الحديدة، ومنع صرف مرتبات الموظفين، وفرض القيود على الصادرات والواردات، وخلّف الكثيرَ من الأزمات، إضافة إلى طباعة آلاف المليارات من العُملة المزوَّرة، حَيثُ ضرب فيها الاستقرار المعيشي والاقتصادي في بلد الإيمان والحكمة وأثّر ذلك على انخفاض كبير في نصيب دخل الفرد والناتج المحلي الإجمالي.