شدت انتباهي تصريحات رئيس الهيئة العامة للزكاة الأستاذ شمسان أبو نشطان عن برنامج الهيئة نحو الإعداد لدعم مشروع مكافحة التسول.
فعلاً العمل بهذا البرنامج هو إيجابي وإنساني بكل المقاييس ويندرج ضمن من ينبغي أن تشمله المصارف الشرعية للزكاة، لكن كنت منزعجا حين اسمع ضجيج بعض الأبواق الفيسبوكية التي تثرثر وتشكك في البرنامج وهم بلا شك أبواق عدوانية لها طابع داعشي من طراز صعتر أو عفاشي غارق بثقافة الفساد وحياة البرزخ .
البرنامج يخدم مشاريع التنمية الحضارية في المجتمع -إذا تم نقله لحيز التنفيذ خصوصا في هذه المرحلة البالغة التعقيد -بل هو جزء من مواجهة تحديات العدوان والحصار راهنا ويصب نحو خدمة الصالح العام .
أي نجاح في هذا البرنامج هو بحد ذاته يعيد الاعتبار لركن من أركان الإسلام الذي كان نظام ما قبل ٢٠١٥م قد حول مشاريع الزكاة إلى مشاريع شكلية تخدم توجهات لوبيات فساد ذاك النظام الذي لم يضع أي اهتمام لبرنامج الزكاة، ويعد موقف ذاك النظام جزءاً من الاستهداف المبطن لهذا الركن المرتبط بالثوابت الإسلامية لخدمة اللوبيات الإمبريالية بشقيها الغربي والعربي والذي لم يحسن وضع المصارف الشرعية للزكاة في مصارفها الحقيقية بل وضعها لخدمة فساد النظام فتحول المصرف إلى خدمة مراكز القوى التقليدية بذاك النظام ( المشيخة الصندقية بشقيها المشيخي الأحمر أو فرقته العسكرية + المستودعات العفاشية والحوانيت الداعشية ) .
من الطبيعي أن تنزعج تلك الأبواق من هيئة الزكاة راهناً لكون الهيئة حققت اليوم نجاحا غير مسبوق في مثل هذا المشروع وتمكنت من إعادة الاعتبار لهذا الركن من حيث التحصيل ومن حيث التصريف في المصارف الشرعية في إطار المحافظات الخاضعة لسلطات ثورة ٢١ سبتمبر، التي يقودها القائد الزاهد والمجاهد عبدالملك الحوثي بل نجاح هذه الهيئة هو جزء من نجاح أحد المشاريع الثورية ونجاح لقائد الثورة وللقيادة السياسية وللقائمين على الهيئة .
حين نلمس انزعاج القوى المضادة من نجاح هيئة الزكاة لدليل أن إدارتهم ومشروعهم الذي كان سائداً على الزكاة ما قبل ثورة ٢١ قد افتضح وبانت حقيقتهم وتعرى فسادهم وتجلت أهدافهم لخدمة الصهيونية .
قلت في قرارة ذاتي إن التوجه لدعم مشاريع مكافحة التسول هو إيجابي بكل المقاييس من ناحية إيمانية واجتماعية واقتصادية، وهو جزء من مواجهة تحديات العدوان خلال هذه المرحلة، ولهذا دفعني الفضول لكتابة هذه السطور لأطرح وجهة نظري بهذا الصدد وهي باختصار كتالي:
استعداد الهيئة لدعم هذا البرنامج يخدم توجهات ثورة ٢١_ نحو تنمية مشاريع التحضر وترميم وإصلاح الجوانب التي تشكل خدشاً و تشويهاً للوجه الحضاري باعتبار تنامي ظاهرة التسول يعكس ذاته سلباً علي الجانب الحضاري .
هذه الظاهرة ( التسول ) تتنامى من عهد نظام ما قبل ثورة ٢١_ بل النظام ذاته هو من جعلها تزداد لتصبح ثقافة أمام شريحة المتسولين في الشوارع وهي تتصاعد بشكل متوازنٍ مع ازدياد عدد السكان لكن لها تأثير على بعض شرائح المجتمع خصوصاً الأشد فقرا .
نظام ما قبل ثورة ٢١ سبتمبر لم يضع أي اعتبار لهذه الظاهرة ولم يكلف ذاته حتى بإعداد برنامج إحصاء لهذه الفئة، بل له دور سلبي في تعميق هذه الظاهرة بشكل غير مباشر لكونه نظاماً ادمن التسول أمام دول العالم على حساب كرامة الأرض و الإنسان من خلال البحث عن المساعدات والهبات الدولية والذي لم يحسن تنظيم موارد وثروات البلد، فتحول النظام إلى مستهلك لا منتج أي استمر في السير على خط الفساد فاصبح تسوله غير مباشر وانبثق عنه تسول هذه الفئة بشكل مباشر، ولنأخذ في الحسبان أن رموز ذاك النظام الذي تأسس عام ٧٨ بصنعاء هو نظام متسول بمرتبة الأشرف فأتخذ التسول شعاره أمام دول العالم ودون خجل، لأنه نظام بلا كرامة، ولهذا السبب تنازلت رموزه عن جزء كبير من السيادة اليمنية لصالح كيان آل سعود ابن سلول، أي باعوا الأرض والثروة، ومن يتذكر صفقات بيع الحدود من قبل عفاش ومن معه ومشيخة الصندقة ومن معها والفرقة واخطبوطيتها فهاهم أبناء اليمن يدفعون فاتورة تلك الجرائم وتسول النظام: يكفي فقط حين نشاهد نفط اليمن الذي ينهب من أراضينا المغتصبة من قبل الكيان السعودي في منطقتي شروره والوديعة يصل إلى مليون وسبعمائة وخمسين الف برميل يومياً هي كفيلة بأن تخرج اليمن من دول العالم الثالث وكفيلة بأن تقضي على كل أشكال التسول اذا لم يتنازل عنها ذاك النظام الفاسد .
من يعود لارشيف التاريخ سيجد شيخ الصندقة في العقود المنصرمة وهو يقول لن نختلف مع شقيقتنا السعودية على حفنة تراب مع أن هذه العبارة خطيرة وجريمة كبرى بحق اليمن والذي كان من المفترض أن يحاكم عليها لكونه ليس مخولاً ببيع أرضنا بل إطلاقه تلك العبارة التي تعمق ثقافة الخيانة للوطن وتنمي الفساد والعمالة وتوسع ثقافة التسول من خلال التسول السلطوي وصولا إلى تنمية التسول في الشوارع، هذا ما جعلني أتذكر أبياتاً شعرية للراحل عبدالله البردوني حين قال . أمير النفط نحن يداك ونحن أحد أنيابك ونحن القادة العطشى إلى فضلات أكوابك. فحكامون في صنعاء وفراشون في بابك . فرحمة الله على البردوني وغضب الله على نظام ما قبل ٢٠١٥م .
هنا يكمن الدور الإنساني والوطني والإيماني في دور هيئة الزكاة راهناً في معالجة جرائم نظام التسول والعمالة والارتزاق وإعادة الاعتبار للكرامة الإنسانية والوطنية وخدمة الإسلام وتصب جهود هذه الهيئة نحو تنمية الجانب الحضاري وهذا مفخرة لقيادة الهيئة.
من الثوابت المنطقية أي كلما ازداد التسول وتنامت ظاهرة المتسولين بكل أشكالهم وألوانهم فإن ذلك يمثل خدشا للكرامة وجرحاً للإنسانية خصوصاً عندما تصبح هذه الظاهرة ثقافة روتينية لدى هذه الفئة، ثم تصبح حالة إدمانية فأي مولود جديد يأتي من صلب المتسولين يتجه من الطفولة نحو ممارسة هذه الظاهرة بدلاً من أن يتجه للمدرسة، الأمر الذي يجعل هذه الفئة بعيدة عن الدمج المجتمعي وخارجة عن المشاركة بسوق العمل والإنتاج مع أن هناك خطوطاً حمراء وردت بالقرآن تصب في الاتجاه نحو العمل ومساعدة من ينبغي من العاجزين .
قد لا يخطر على البعض أن تنامي هذه الظاهرة لا يوثر على شرائح أخرى كما أسلفت، بل العكس يترتب على ذلك تأثير سلبي على بعض الفئات الأخرى ومنها الفقيرة
أما لو غصنا بعمق، في بعض الأطراف المستفيدة من تنامي التسول والمتسولين، فسنجد المنظمات الإرهابية تستثمر ذلك لاستقطاب عناصر منها لأعمال الإرهاب المتوحش، وتستغل في المخدرات والدعارة وغيرها من الظواهر السلبية علي المجتمع ولا يقتصر الأمر فقط على ذلك بل هناك من المحتمل مؤسسات استخباراتية خارجية تستغل بعض المدمنين على هذه الظاهرة لأعمال مخابراتية، ولا ننسى أن النظام في صنعاء كان يستخدم بعض جواسيسه تحت ديكور التسول والمجانين لحماية رأس النظام المتسول .
هذه الظاهرة كان الشهيد حسين الحوثي قد ألمح بمكافحتها إذا تم قراءة ما بين السطور في محاضراته، مع أن تناميها يشكل خطراً على الحاضر والمستقبل وهو ما يسعى إليه الأمريكان من خلال القاعدة التي اطلقوها وتنص على “فوضى خلاقة وتقسيم المقسم”.
مكافحة هذه الظاهرة هو جزء من الانتصار للكرامة الإنسانية، وجزء من مشاريع الإنقاذ المجتمعي بمنحها الحقوق التي كفلتها الأديان السماوية والمواثيق الدولية كبقية شرائح المجتمع في الوقت نفسه جزء من مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل وبالذات تحديات العدوان والحصار في هذه المرحلة .
على هذا الأساس نشيد بدور الهيئة في دعم برنامج المكافحة لظاهرة التسول لأننا اليوم نجاهد ونناضل من أجل أن يكون اليمن خالياً من التسول والمخدرات والإرهاب والبطالة والأمية، وهذا هو توجه قائد ثورة ٢١سبتمبر السيد الزاهد والمجاهد عبدالملك الحوثي حفظه الله .
مسك الختام من وجهة نظري:
أولا. ينبغي عمل ورش لدراسة هذا المشروع من جميع الزوايا لكي تكون عملية المكافحة ناجحة من “الـ أ إلى الـ ي” على أن يشارك فيها باحث الرد ون واكاديميون وساسة ومثقفون وإعلاميون وغيرهم من العلماء بحيث تكون المخرجات مدروسة لتحقيق الأهداف المرجوة .
ثانيا. الاستعانة بالجهات ذات العلاقة بوضع التشريعات واللوائح المنظمة لهذا العمل .
ثالثا. الزام هذه الفئة بتعليم أبنائهم بشكل إلزامي وتأهيلهم وتوعيتهم كحجر أساس لدمجهم مجتمعيا .
الحديث متشعب عن هذا المشروع، لكن خير الكلام ما قل ودل، ومن خلال هذه السطور ابعث باقة من التحايا لقائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي ورئيس وأعضاء المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ وتحية خاصة للمجاهدين في مختلف الجبهات والرحمة للشهداء والشفاء للجرحى، وفك أسر الأسرى . ونعم لدعم برنامج هيئة الزكاة نحو مكافحة التسول لكي يكون بلدنا يمناً بلا تسول .
ولنطلق صرخة الجهاد: الله أكبر. الموت لأمريكا. الموت لإسرائيل. اللعنة على اليهود. النصر للإسلام.
نائب وزير الإعلام