السيطرة الأمريكية على اليمن مخطط قديم منذ عقود سابقة وانتهى بالاحتلال والسيطرة على المواقع الاستراتيجية التي تمتاز به اليمن وترجع أهمية المنطقة لأمرين الأول (جيوسياسي) من حيث الموقع كنقطة متوسطة في العالم تربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب والأمر الثاني (اقتصادي) لثراء المنطقة المحيطة بالثروات الطبيعية مثل النفط والغاز والمعادن وذلك ما فطنت به أمريكا عقب الحرب العالمية الثانية وما قامت به بريطانيا قبلها عندما احتلت جنوب اليمن وتأتي أيضا عملية التطبيع العربية الإسرائيلية لمد جسور التعاون الاقتصادي ووصل الطرق البحرية وكل ذلك بحاجة إلى تأمين الطريق الملاحي البحري على امتداد الساحل اليمني وخصوصا الساحل الغربي وباب المندب مما دفع الإمارات بمساعدة إسرائيلية أمريكية من التموضع في جزر ميون وسقطرى والساحل الغربي وبناء قواعد عسكرية أمريكية وإسرائيلية على جزيرة ميون الاستراتيجية الواقعة في باب المندب الذي يمر فيه ما يزيد عن أربعة ملايين برميل نفط يوميا و أكثر من 90 % من تجارة اليابان العابرة إلى أوروبا وهو ما زاد من الاهتمام الأمريكي بعد دخول الصين خط المنافسة الاقتصادية وتمر فيه أيضاً ما يقارب 38 % من الملاحة العالمية.
كل ما سبق يعبر عن جزء من أطماع ودوافع أمريكا للسيطرة الاقتصادية على اليمن ووفقا لذلك فنحن بحاجة أولاً إلى استعادة السيادة ثم إنشاء قوات بحرية قوية تدافع عن المصالح الاقتصادية في المياه الإقليمية للجمهورية اليمنية.
بداية التدخل العسكري في اليمن
ومن ناحية أخرى فقد كان بداية التحرك العسكري الفعلي في تنفيذ المخطط الأمريكي عام 2000م في حادثة تفجير المدمرة كول في عدن حيث بدأت أمريكا بالتدخل السياسي وكانت مرتكزاً في فرض سيطرتها العسكرية والأمنية والسياسية على اليمن حيث تحكمت وفرضت سيطرتها على الأجواء اليمنية والتحكم بالسواحل وإنشاء قواعد عسكرية لمحاربة الإرهاب حيث وافق النظام الحاكم في ذلك الوقت على انتهاكات السيادة اليمنية قصف الطائرات والإنزال الجوي على مناطق يمنية والسيطرة على كل شيء والتحكم في تعيين المسئولين من القيادات العليا والمتوسطة في جميع مؤسسات الدولة السيادية والحيوية على المستويات الدبلوماسية والدفاعية والاقتصادية وأيضا التعليمية عن طريق التحكم في الخطاب الديني وتغيير المناهج التعليمية لغرض طمس الهوية الايمانية وتبديلها بالفكر التكفيري وكان اختراق الأجواء اليمنية بالطائرات حدث يومي حيث كانت الطائرات الأمريكية تنفذ غارات وتحلق وترصد في صنعاء وبقية المحافظات بصورة يومية إذ تمكنت أمريكا من التغلغل السياسي والعسكري والأمني عن طريق السفير الأمريكي في صنعاء حيث كان الحاكم الفعلي وبمساندة وتواطؤ من النظام السابق الذي كان له دور كبير في تسهيل سيطرة أمريكا على جميع القطاعات الدفاعية والسيادية والحيوية في اليمن وقدم لهم التسهيلات في جميع المجالات.
العدوان الاقتصادي الأمريكي على اليمن
وتعتبر الحرب الاقتصادية على اليمن وفق سيناريو أمريكي ينفذه عملاء حيث تبدو الورقة الاقتصادية هي أخر الأوراق التي يعمل عليها العدوان الأمريكي السعودي لتركيع الشعب اليمني بعد أن عمل على مدى سبع سنوات من تدمير للبنية الاقتصادية اليمنية وتدمير المنشآت الصناعية والإنتاجية بشكل ممنهج وفرض الحصار الشامل مروراً باستهداف البنك المركزي وضرب قيمة العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية والحرب الاقتصادية الأمريكية على اليمن ليست وليدة اللحظة ولكن منذ عقود سابقة حيث كانت تعمل على إضعاف الاقتصاد الوطني عبر عملائها من الأنظمة السابقة وأثر ذلك على قيمة العملة الوطنية حيث أصبحت في تدهور مستمر منذ العام 1990م وما يحدث حاليا من نهب وسلب لعائدات النفط والغاز وتوريد قيمتها إلى بنوك تجارية في الرياض لأكبر دليل على أطماع أمريكا في ثروات اليمن السيادية عبر عملائها في السعودية والولايات المتحدة الأمريكية ليس لديها سياسة معلنة وصريحة تجاه اليمن وسياستها تنفذها عبر عملائهم في السعودية حيث تملي عليها أفعالها في تدمير اليمن وبدعم لوجستي وعسكري في كل المجالات .
مؤامرة أمريكا لتدمير العملة اليمنية
في ظل العدوان والحصار جاءت المبادرة من السفير الأمريكي الذي توعد بأنه سيجعل العملة اليمنية لا تساوي الحبر التي طبعت عليه أي أنها حرب اقتصادية أمريكية بامتياز ولم تكن وليدة اللحظة بل من عقود سابقة وبتعاون وتواطؤ من الأنظمة السابقة على إثر ذلك أصدر الفار هادي قرارا بنقل وظائف البنك المركزي إلى فرع البنك المركزي بعدن واتخذ إجراءات لإضعاف الاقتصاد الوطني بالاتجاه إلى المضاربة بالعملة الوطنية وطباعة ما يزيد عن خمسة تريليون ريال.
وانهيار العملة ليس نتيجة طبيعية لتفاعلات الاقتصاد وإنما هو أمر مقصود يقف وراءه تحالف العدوان ومن أبرز مسببات تدهور سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية يعود إلى جملة من العوامل الاقتصادية والسياسية وأسباب أخرى مرتبطة بالعدوان والحصار الاقتصادي على اليمن منذ أكثر من ست سنوات وفي هذا السياق انعكس فشل العدوان ومرتزقته في الجانب العسكري والسياسي على التدمير الممنهج للاقتصاد الوطني.
والحرب الاقتصادية الذي ارتكبها تحالف العدوان الذي حول البنية التحتية للاقتصاد اليمني إلى أهداف عسكرية منذ الوهلة الأولى لعدوانه البربري مخالفا بذلك القوانين الدولية ومتجاوزا كل أخلاقيات الحروب وشمل كذلك هذا العدوان الغاشم حربا مالية ونقدية واقتصادية ضرب الاستقرار المعيشي والاقتصادي في بلد الإيمان والحكمة ونحن في الذكرى السادسة للعدوان السعودي الأمريكي الصهيوني وعلى مدى أكثر من ست سنوات استخدم العدوان كافة الوسائل المحرمة دوليا في سبيل تحقيق أهدافه الإجرامية بحق الشعب اليمني الذي يصنف كواحد من أفقر شعوب المنطقة فقتل الشيخ والمرأة والطفل ودمر المزرعة والمدرسة والمصنع والسوق والطريق العام واستهدف مخازن الغذاء وخزانات وشبكات المياه وفرض حضراً جوياً وبحرياً وبرياً على شعبنا اليمني الذي بسبب الحرب الاقتصادية يستورد ما نسبته 90 % من الغذاء والدواء والوقود من الأسواق الخارجية وفي ظل العدوان على اليمن يختلف الوضع حيث أنها حرب غير متوازنة وحصار خارجي بهدف تجويع الشعب وإخضاعه بالقوة للأجندة الخارجية.
المطامع الأمريكية لآبار النفط والغاز
الأبعاد السياسية والاستراتيجية من السيطرة الأمريكية السعودية على الثروات السيادية لليمن أبار النفط والغاز في محافظات مأرب وحضرموت وشبوة تأتي من زوايا كثيرة حيث تأتي منها أهمية المحافظات الثلاث كموقع استراتيجي مهم في مناطق النفط والغاز فهي تحتوي على احتياطي كبير من النفط والغاز يُعد مطمعاً للاحتلال الأمريكي، وتمثل أهميتها الحالية بكونها مورد لدول العدوان ومرتزقتهم وإذا ما راجعنا التاريخ مع النظام السعودي الذي يدعمه في ذلك أمريكا وبريطانيا يتضح لنا أن مطامعها كانت قديمة في السيطرة على مارب والجوف وثرواتها، وكذلك من الأبعاد الاستراتيجية للاحتلال لتلك المحافظات إلى جانب النفط والغاز الذي يستخرج منها منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي ما يرفع حظوظها مستقبلا هو الثروة المعدنية ومصدر للطاقة الكهربائية التي تغطي معظم المحافظات اليمنية وإضافة إلى ذلك أيضاً، فإن تأثير معركة تحريرها من العدوان الأمريكي السعودي بشكل مباشر يحافظ على وحدة البلاد حيث أن هزيمة العدوان ومرتزقته سيعزز من فرص تعميق الوحدة ولأن محافظات مارب وحضرموت وشبوة هي المحافظات التي تحت سيطرت العدوان ومرتزقته بشكل مطلق ويشكل ذلك حجر عثرة أمام وحدة البلاد وسبباً كبيراً في تمزقها، ويوجد في شبوة أيضاً اكبر مشروع اقتصادي في اليمن وهو مشروع تصدير الغاز الطبيعي المسال من خلال ميناء بلحاف ويٌمثل أهمية استراتيجية والسيطرة على مصدر النفط والغاز فهي تضع العدوان ومرتزقته على مفترق الطرق ويؤثر عليهم ليس فقط في انتهاء العدوان والحصار بل وفي المكونات المجتمعية من وجهة انتهاء مصالحهم ومكونها وتأثيرها عليهم وسيكون من الصعب على مرتزقة العدوان شن الحرب وستتوقف معظم جبهات القتال
التطبيع والسيطرة الأمريكية الاقتصادية
وعلى الصعيد الاقتصادي يتوقع أن تكون للموجة الحالية من التطبيع العربي مع إسرائيل تداعيات بالغة الخطورة على النظام الاقتصادي العربي ككل وعلى الاقتصاد الخليجي بصفة خاصة وما نلاحظه أن دول الخليج تشعر بأنها دول غنية ولديها احتياطيات كبيرة من النفط تمكنها من استمرار تراكم الفوائض المالية لديها في بنوك دول الغرب وتملك شركات ومصارف عالمية وبالتالي تتوهم أن لديها العديد من عناصر القوة التي تمكنها من المنافسة على الصعيد الإقليمي ومن وهم الاستفادة من تطوير علاقتها الاقتصادية والتجارية مع إسرائيل لذا تبدو هذه الدول مصممة على المضي نحو هذا الطريق الخاطئ والخطير غير عابئة حتى بما قد يلحقه هذا النهج من ضرر بالغ بها وبدول عربية أخرى مجاورة لها غير أن هذه النغمة المتعالية قد توحي بثقة مفرطة ولا تأخذ في اعتبارها العديد من سمات الخلل البنيوي في الاقتصاد الخليجي الذي ما زال ريعياً في الأساس ويعتمد على تصدير النفط ولا يعتمد على إنتاج السلع والخدمات وتصديرها لأنها تتبع نظاماً اقتصادياً استهلاكياً غير إنتاجي، ولأن درجة التقدم العلمي والتكنولوجي فيها محدودة وضعيفة وذلك لأن قدرة الاقتصاد الإسرائيلي على اختراق بنى الاقتصاد الخليجي وهياكله تبدو أكبر بكثير ومن ناحية أخرى لم تستوعب دول الخليج أن إسرائيل تؤمن إلى درجة اليقين بأن كل ما هو عربي أو إسلامي وليس فلسطينيا فقط فهو يشكل تهديدا حاليا أو محتملا لها .