مَيَّون.. بين مخرجات صفقة القرن والتطبيع الصهيوإماراتي

فهمي اليوسفي

 

 

لم يعد مستغرباً أن نشاهد اليوم دورا مشتركا للإمارات وإسرائيل بشروعهما في بناء قاعدة عسكرية بجزيرة ميون الواقعة في باب المندب، على اعتبار أن من استقدم تحالف العدوان وعلى رأسهم ( الدواعش والعفافيش ) هم من سلَّموا هذه الجزر اليمنية لإسرائيل لكن بغطاء إماراتي أو سعودي ..
لا استغراب من هذا الحدث .. قد يقول البعض لماذا ؟
سيكون ردي ببساطة :
لأن الغرب وإسرائيل هم من صنعوا النظام في صنعاء عام ٧٨م حتى ٢٠١٤م فأصبح وكيلاً حصرياً من الباطن لإسرائيل وبقية الناتو وكافة الأنظمة المتصهينة في المنطقة ..
لأن نظام صنعاء ما قبل ٢٠١٤م هو من سلَّم جزءاً من أرخبيل حنيش لإسرائيل بغطاء اريتري، وهو من احتضن أسياسي أفورقي في صنعاء لأجل عيون الغرب وإسرائيل حتى تمكنت تل أبيب وواشنطن ولندن من إنشاء اريتريا والقضاء على نظام إثيوبيا الذي كان يقوده مانجستو هيلا مريم، ثم بناء قاعدة عسكرية في مصوع وجزء من أرخبيل حنيش، وسبق ان تناولت هذه القضايا في عدة حلقات صحفية ..
هو النظام ذاته من فتح معسكراً لليهود الفلاشا بعد الوحدة في محافظة تعز بعد أن كنت أشاهد ذاك المعسكر في منطقة المسراخ صبر- نجد قسم مديرية وظل إلى حين تأسست اريتريا..
نظام صنعاء ما قبل ٢٠١٤م هو ذاته من أوكل إدارة تنمية الفساد الاقتصادي والمالي والإداري لإسرائيل بغطاء البنك الدولي وصندوق البنك الدولي حرصا منه على تحقيق الطموحات الاغتصابية الصهيونية في بلدنا، ولهذا السبب حذر الشهيد القائد حسين الحوثي من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ووقف رافضا القروض من هذه المؤسسات الصهيونية بعد أن أشار إلي المدمرة كول ونبه من مشاريع السلام التي تأتي معلبة جاهزة من البيت الأبيض ونصح بقراءة كتاب ((برتوكولات حكماء صهيون)) ثم أسس مدرسة تنويرية تكافح هذا الخطر توجت بصرخته الجهادية ..
لأن ذاك النظام ما قبل ٢٠١٤م فتح الباب على مصراعيه لمنظمات تطبيعية ماسونية بشكل غير مباشر مع إسرائيل، ولا حصر لتلك المنظمات بل لازلنا ندفع فاتورتها حتى اليوم ..
لأن ذاك النظام قدَّم تنازلات كبيرة بثروات اليمن لإسرائيل على رأسها النفطية ،لكن بطرق غلاطية من طراز جديد من خلال إدخال شركات صهيونية تحمل جنسيات غربية منها شركة هنت التي تم إدخالها إلى محافظة مارب مطلع الثمانينات ثم بقية شركات الناتو بعد صيف ٩٤م ..
لأن النظام ذاته هو من قدَّم تنازلات بجزء من الأراضي اليمنية لأهم وكيل حصري لإسرائيل في المنطقة وهي السعودية بشكل غير مباشر شملت أراضي غنية بالثروات النفطية، ومن ينظر لصفقة بيع الغاز المسال من المحتمل أنه سيجدها ليست شركة كورية بل ربما يجد أصلها ورأس مالها إسرائيلية ١٠٠% فقط الجنسية كورية، فضلا عن التنازلات التي قدمها للكيان السعودي على حساب الأرض والثروة وشملت جزر أرخبيل فرسان من خلال اتفاقية الحدود بين كيان سعود والصريع علي عبدالله صالح، وغيرها ..
لأن إسرائيل هبت من جديد بغطاء سعودي للقبض والبسط من جديد على جزيرتي تيران وصنافير المصريتين خلال مرحلة الربيع العربي عبر نظام» السيسي» المتصهين بعد أن كان قد انسحب منها شارون بعد حرب أكتوبر ٧٣م خصوصا وبعد أن ضمنت تل أبيب خيانة السادات، وبغض النظر عن المسرحيات الوهمية التي يروجها الإعلام الامبريالي بشقيه الغربي والعربي لكن حلقات التاريخ توكد أن اليمن في الجنوب ساهم في إغلاق باب المندب في وجه البوارج الإسرائيلية- آنذاك- خلال حكم الحزب الاشتراكي في الجنوب الأمر الذي جعلها تكن الحقد على الجنوب ..
لأن إسرائيل هي من حققت أرباحاً كبيرة من الربيع العبري وأصبحت المسيطرة على سواحل ليبيا، لكن بغطاء غربي وعربي وأجندات ليبية ..
لأن إسرائيل هي من صنعت انتقالي السودان وانتقالي الجنوب، وهي اليوم من تقوم ببناء قاعدة عسكرية في بربة بدولة الصومال ..
لأن إسرائيل هي من أعطت الضوء الأخضر بتفعيل أجنداتها العفاشية والداعشية في اليمن من خلال سفيري بريطانيا وأمريكا وعبر وكلائها الإقليميين ( الإمارات والسعودية ) أي هي من أوكلت المهمة لطارق عفاش بالساحل الغربي والانتقالي في الجنوب والدواعش وما تيسر من المرتزقة في مارب وجزء من تعز لغرض تأمين استكمال سيطرة تل أبيب على مجمل الجزر اليمنية بما فيها سقطرى وميون ..
لأن إسرائيل هي من هندست ملف الحدود بشكل غير مباشراً بين آل سعود والصريع علي عبدالله صالح ..
لأن إسرائيل هي من هندست المبادرة الخليجية، لكن من تحت الطاولة عبر سفراء الرباعية، وتظل بصماتها خفية بمخرجات الحوار الوطني بالتعاون والتنسيق مع الأجندات المتصهينة وإشراف ١٨ دولة ..
لان إسرائيل هي من هندست العدوان على بلدنا مع لندن وواشنطن، وهي المستفيد الأول و الأخير من هذا العدوان ..
لأن إسرائيل تعمل في صنعاء بشكل ناعم من خلال عدة آليات عبر منظمات لا حصر لها ولهذا السبب مازال قائد ثورة ٢١ سبتمبر- حفظه الله- يحذر مرارا وتكرارا من الحرب الناعمة، ويا ليت قومي يفهمون، يعقلون، يتأملون، يفكرون .!!
لأن إسرائيل هي من تحاول استكمال سيطرتها على الساحل الغربي عبر لعبة حلزونية يديرها سماسرة أمميون تحت اسم السلام ، وهو في حقيقة الأمر سلام اغتصاب بلدان وثروات المنطقة ..
لأن إسرائيل هي من تدير اللعبة الأممية من خلف الستار عبر المبعوثين ليندر كينغ ومارتن غريفيث ..
لأن إسرائيل هي من تروج وتحرِّض ضد محور المقاومة، في مقدمته إيران ..
لأن إسرائيل تدرك تماما أن محور المقاومة يدرك مخططات الصهيونية ويشكل خطرا على إسرائيل ..
من يعود إلى أرشيف برامج أنور عشقي سيجد هذه المشاريع الإسرائيلية حاضرة في خطاباته، ومن ينقب عن الأسباب لدعشنة محافظة تعز سيجد بصمات صهيونية لا يدركها سوى الراسخون في التفكير، بل سوف يتسنى للجميع معرفة الأبعاد الخطيرة لما يجري في الحالمة تعز ..
يا سادة.. يا كرام إسرائيل هي من تسعى لتأمين سيطرتها على المضايق المائية في الشرق الأوسط بدءا من مضيق جبل طارق إلى خليج العقبة وقناة السويس مرورا بباب المندب وصولا لمضيق هرمز، ولهذا السبب تم نقل العملية التطبيعية من السرية للعلنية بالنسبة للدول المطلة على المضايق المائية ( الإمارات، البحرين، المغرب)..
بالتالي لم يعد مستغرباً أن نلمس تواجدها في الجزر اليمنية من أرخبيل سقطري إلى جزيرة ميون، وعامة اليمنيين يدركون أن ضجيج بعض أبواق العدوان راهنا بتحميل المسؤولية للإمارات، لأن ذلك يكفل لهم الهروب من تحمل تبعات الجريمة،مع أن من أدخل دول تحالف العدوان يعد ضالعا بإدخال إسرائيل إلى سقطرى، وميون وغيرها، ولا يغيب عن بالنا أن ذلك جزء من المخرجات السرية لصفقة القرن، مع أن الكثيرين على علم بلعبة الفار هادي وبقية عصابة حكومة فنادق الرياض من المرتزقة والدواعش- أي خلال هذه الأيام- لمغازلة روسيا من خلال إرسال بعض أنصاف الرجال إليها يرأسهم المرتزق احمد بن مبارك- أخزاه الله – والهدف تحقيق هذا الهدف لإسرائيل بشكل ناعم..
هنا من الطبيعي أن نلمس تحرك المبعوثين لدول العدوان ومحاولتهما المساومة على مارب بالملف الإنساني، ليتضح جليا أن من يمنع دخول الغذاء والمشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة هي دول الغرب وإسرائيل لكن بغطاء دولتي السعودية والإمارات..
مع أن تصعيد صنعاء لهذه القضية هو تصعيد إيجابي وجزء من مواجهة العدوان وتحرير بقية الجسد الوطني من دنس الغازي، وأتمنى ممن ينبغي أن تكون قراءته غير مشوهة ..الحديث متشعب عن هذه القضية، لكن خير الكلام ما قلَّ ودلَّ .
* نائب وزير الإعلام.

قد يعجبك ايضا