عيد الفطر في الحديدة.. فرحة يعكِّر صفوها انقطاع التيار الكهربائي جراء استمرار العدوان في احتجاز سفن المازوت
حدائق وشواطئ الحديدة خلال أيام العيد تحوّلت إلى ملاذ للسكان للفرار من الحر
أبناء الحديدة يحتفلون بالعيد رغم الجراح والظروف المعيشية الصعبة التي خلفها العدوان المستمر على البلاد
احتفل أهالي محافظة الحديدة كغيرهم من أبناء اليمن بعيد الفطر المبارك، رغم استمرار الحصار والعدوان الأمريكي السعودي الغاشم، الذي تسبب في خلق منغصات عديدة عاشها المواطنون، أبرزها ارتفاع سعار المواصلات والمواد الغذائية وانقطاع التيار الكهربائي جراء احتجاز سفن المازوت والمشتقات النفطية ومنع دخولها إلى ميناء الحديدة.. “الثورة” رصدت أبرز مظاهر عيد الفطر في الحديدة، فإليكم الحصيلة:
الثورة / أحمد كنفاني
أبرز مظاهر العيد في الحديدة شملت تخصيص السلطة المحلية والمكتب الإشرافي والهيئة العامة للأوقاف ثلاثة ساحات بمدينة الحديدة لأداء صلاة العيد وخطبتيها، منها ساحة المصلى لأبناء مديرية الحوك وحديقة الشعب لمديرية الميناء وجولة الصدفة لمديرية الحالي.
بعد ذاك تحوّلت حدائق وسواحل مدينة الحديدة وشواطئها خلال الأيام الأولى من العيد إلى ملاذ للسكان الذين لا يجدون سوى البحر للفرار إليه من الأجواء الحارة جدا وعتمة المنازل جراء انقطاع التيار الكهربائي.
وتقضي عائلات كثيرة من سكان الحديدة السهر في المنازل بينما يتجمع الشباب في الأحياء.
والملاحظ أن العادات والتقاليد في العيد تختلف بمحافظة الحديدة من مديرية إلى أخرى، فأغلب سكان الحديدة يجتمعون في بيوتهم عقب صلاة العيد، وتتجه بعض العائلات إلى المناطق القريبة من مدينة الحديدة للابتعاد عن مشاكل وهموم وازدحام المدينة، في رحلات ترفيهية أو زيارة أقاربها.
وتعتبر مدينة الحديدة من المدن المتمسكة بعاداتها وتقاليدها، التي يفخر بها أهلها ويحافظون عليها ويقومون بتوريثها للأبناء والأحفاد.
“عادات وتقاليد”
وفي ذات السياق، يقول القائم بأعمال المحافظ محمد عياش قحيم إن العيد يظل فرحة وسروراً، وتظل العادات والتقاليد بمحافظة الحديدة في الأعياد والمناسبات التي تستمد روحيتها من قدسية الإسلام هي السائدة رغم العدوان على اليمن الذي تسبب في تردي الخدمات وانقطاع الرواتب والانهيار الاقتصادي وارتفاع جنوني للأسعار.. مشيراً إلى أن مواطني الحديدة يحتفلون بالعيد هذا العام برغم الجراح ورغم الظروف المعيشية الصعبة التي خلفها العدوان المستمر على البلاد.
وأكد أن اهتمام القيادتين الثورية والسياسية بأبناء الحديدة والتراحم بين أبناء المجتمع في المحافظة خلال شهر رمضان الفضيل، ساهم في رسم ابتسامة عيد الفطر المبارك في وجوه الكثير من أطفال الأسر الفقيرة وأسر الشهداء.
“الظروف القاسية”
وقال مستشار المحافظة لشؤون التنمية الشيخ ثابت إبراهيم المعمري: نحن نعيش في عيد الفطر الفرح والسعادة والمرح رغم الألم والصعاب التي سببها العدوان والحصار.
فيما أكد صادق محمد أنه يعيش وأسرته فرحة العيد رغم الظروف القاسية التي يعاني منها الوطن وما خلفه العدوان من أزمات منذ أكثر من ستة أعوام.
وأشار إلى أنه قام بشراء حاجيات العيد من ملابس جديدة ومكسرات وحلويات ولم يتبق لديه مال كاف له ولأسرته لقضاء أيام العيد.
“الحالة الاقتصادية”
من جهته استطرد الدكتور فاهم مناجي قائلاً: إن حال أغلب المواطنين في مدينة الحديدة صعب جداً فالكل يعاني من غلاء الأسعار وانعدام المشتقات والغاز وتردي الخدمات الأساسية.
وأكد أن الحالة الاقتصادية أثرت على فرحة العيد، لكن المواطنين يحاولون أن يقتصدوا حرصاً على ألا يقلل ذلك من فرحة العيد.
من جانبه أوضح الشيخ صالح حسن حسن مهدي أن العيد من العود وذلك لأنه يعود على الناس كل عام ، وينبه المسلمين إلى أصل عظيم وهو تذكير الأمة والابتعاد عن الغفلة، وهو يوم فرح ففيه يحتفل المسلمون كل سنة بعيد الفطر وعيد الأضحى ويقود احتفال المسلمين بأعيادهم كما شرع الله إلى ثباتهم على الدين وتقوية العزائم وشحذ الهمم وتحفيز الطموحات والتغيير والإصلاح وتحقيق النهضة للأمم والأفراد.
ولفت إلى أن عيد الفطر المبارك يأتي بعد انتهاء شهر رمضان الكريم فيكون آخر يوم من أيام شهر رمضان المبارك وفيه يزور الناس بعضهم البعض ويتبادلون التهاني بقدوم العيد، ويبدأ يوم العيد بالتكبيرات التي تملأ الشوارع في المساجد والأماكن العامة المخصصة لصلاة العيد.
“منحة ربانية”
وأكد المحامي نضال الحميري أن العيد فرصة للفرح والسرور ومنحة ربانية كي يشعر فيه المؤمنون بأنهم أدوا العبادات وفازوا بمرضاة الله تعالى، ففيه يرتدي الناس أجمل الثياب، ويجتهدون في إظهار طريقة للتعبير عن فرحهم، سواء كانوا كبارا أم صغارا، فإظهار الفرح في العيد سنّة نبوية مطهرة، يجب على جميع المؤمنين العمل بها.
ونوه إلى أنه في العيد تقام الكثير من الطقوس الاحتفالية الرائعة، التي تبدأ حتى قبل قدومه، وذلك بالتحضير له بشراء الملابس وتجهيز أشهى أنواع الحلويات من كعك العيد والمعمول وخبز العيد، بالإضافة إلى تحضير العيديات التي ستقدم للصغار وللأمهات والآباء، فالعيد فرصة رائعة لصلة الأرحام، وزيادة الترابط الأسري، واجتماع العائلة المتفرعة والصغيرة في بيت العائلة الكبير، وفرصة رائعة للخروج في نزهات جماعية لكسر الروتين، وتعميق معاني الحب.
وأشار إلى أنه في العيد تتجلى جميع معاني الإنسانية والعطاء، ويغدق الأغنياء من مالهم للفقراء، فيشيع ذلك الفرح في قلوبهم، ويشترون به حاجاتهم التي تنقصهم، وتسمو مشاعر الرحمة والإخاء في النفوس، فللعيد أبعاد كثيرة، منها أبعاد نفسية وأبعاد دينية وأبعاد اقتصادية أيضا، فمن أبعاده النفسية الجميلة أن الهموم والأحزان يتم نسيانها في العيد، كما يتجاوز الناس جميع ما يعكر صفو حياتهم فيه وينسونه ولو لفترة قصيرة، أما أبعاده الدينية ففي إظهار الفرح في العيد أجر وثواب عظيم من الله تعالى، أما أبعاده الاقتصادية فتتمثل في ما يقدمه المقتدرون للمحتاجين كعيدية وزكاة للفرح في نهار العيد كي يشعر المرء بفرحة العيد، وأن عليه أن يقيم العبادات التي تسبقه على أكمل وجه، فلذة العيد تأتي بعد التعب والمشقة التي تتركها العبادة في النفس، مما يعزز من سمو الروح ويجعل للعيد معنى أكبر وأعمق، ويجعل لتبادل التهنئة فيه ما يشعل في نفوس الناس الفرح الغامر بأنهم أدوا ما عليهم من واجب تجاه خالقهم العظيم.
وأكد الحميري أن طقوس الفرح في العيد تغيرّت عبر الزمن وتطوّرت، فبعد أن كانت في السابق مجرد اجتماع للصغار في ساحات البيوت وللّعب معا ومن ثم الذهاب إلى بيوت جميع أهل الحي لجمع العيديات، أصبحت الطقوس لا تكتمل بالنسبة للصغار إلا بجلب العيدية التي يريدونها والذهاب للحدائق حيث الصخب واللعب والفرح.
ونوه إلى أنه كي يحتفظ العيد بكامل فرحته، يجب التخلص من أي شيء يفسد فرحة العيد، ويجب وضع الخلافات التي تحدث بين الجيران والأقارب جانباً، والسلام عليهم ومسامحة المسيئين ونبذ الحقد والعنف والكراهية، فالعيد لا يكون إلا بالحب، ولا يكتمل إلا بصفاء النفوس.
“ثلاثية المعاناة”
واختتم الحديث عدد من أرباب الأسر الذين بدورهم أكدوا أن وسط هذه الكومة من الأحزان والمنغصات، تظل الفرحة بالعيد بمثابة البلسم الذي يُنسي الناس معاناتهم جراء الأزمات المتتالية التي تشهدها محافظة الحديدة وفي مقدمتها انقطاع الكهرباء وقطع الطريق والخط الرئيسي لكيلو 16 شريان الحياة وغلاء الأسعار الفاحش.