ملت مسامعي اليوم وكل يوم من وسائل الإعلام الامبريالية بشقيها الغربي والعربي حين أشاهدها ترقع البالي بأبلى، كما روَّجت وتروِّج عن إحاطة المبعوث الأمريكي التي قدمها للمجلس الأمريكي، وهي إحاطة لها طابع زور وبهتان وتضليل ولو توقفنا قليلا أمام ما ورد فيها سنجد في طياتها الغلاط والتضليل والزور ووو إلخ .
أوضح من خلالها أن مارب فيها مليون إنسان وهو يقصد عاصمة المحافظة وبقية المواقع التي تتواجد فيها قوى العدوان، لكنه لم يحدد نسبة الدواعش من تيارات التكفير من الداخل المتواجدين في مارب المشمولين ضمن المليون ممن يتخذون شعار النازحين لإيقاف تقدم صنعاء نحو المدينة أو من تم استقدامهم من دواعش سوريا والعراق وغيرهم مع بقية مرتزقة العدوان المتواجدين في هذه المحافظة .
هذا الرقم ( مليون ) الذي أشار إليه المبعوث الأمريكي أثار استغرابي الأمر الذي جعلني استحضر كلام القيادي الداعشي عبدالله صعتر حين اصدر كلاماً بمثابة فتوى إجرامية تنص على قتل 24 مليون ويبقى مليون على حد تعبيره، ثم قلت في قرارة نفسي عن ذاتي هؤلاء المليون من الدواعش والمرتزقة هل لهم حق الحياة لوحدهم وما دونهم الموت بينما 24 مليوناً قد اتخذ قراراً بفتواه بقتلهم أي أن المشمولين ضمن رقم المليون الذي أشار إليه ليندر كينغ هو القاسم المشترك بينه وبين الدواعش، وكان ذلك حكم إعدام صادراً من الغرب واجنداته الداعشية لإبادة وقتل 24 مليوناً بما يتوافق مع فتوى المجرم صعتر ليظل مليون مرتزق وداعشي هم من يقررون مستقبل هذا البلد ولا صوت يعلو على صوت التدعيش، وما تصنعه الرباعية وإسرائيل .
هنا تتضح للجميع مطامع أمريكا في المناطق النفطية والتي تعتمد على السعي لاغتصاب تلك المناطق من خلال قوى التدعيش، كما هو الحال في محافظة مارب على غرار نفس النموذج التدعيشي الذي نفذه الأمريكان في ليبيا وسوريا والعراق وها هو نفس المشروع الغربي جرى ويجري تنفيذه في بقية المحافظات اليمنية الواعدة بالنفط الخاضعة للاحتلال السعواماراتي .
ليندر كينغ حصر القضية اليمنية عبر إحاطته في محافظة مارب حين طالب بإيقاف التصعيد الفوري في هذه المحافظة تحت ذريعة ضمان وصول المساعدات الإنسانية، وهاهي مدينة مارب لازالت تحت سيطرة قوى العدوان التابعة للأمريكان، فليس هناك عائق لوصول تلك المساعدات لمرتزقة ودواعش الشيطان، لكن هو فقط اتبع الغلاط ويسعى لإيهام الرأي العام بأنه إنساني، بينما الواقع يؤكد العكس، في الوقت الذي لم يطالب بإيقاف العدوان .
فماذا يعني ذلك ؟
من يغوص في ترجمة ما بين السطور لهذه الإحاطة سيجد الوجه المضاد للإنسانية الذي تسلَّح به ليندر، بل سيتوصل القارئ الحصيف إلى اكتشاف مصفوفة الأهداف العميقة لواشنطن من واقع الإحاطة ومن ضمنها مطالبته غير المباشرة بأن تتراجع قوات صنعاء عن التصعيد ضد التدعيش والمرتزقة في مارب، لأن مناطق التدعيش المحددة بالخارطة الأمريكية هي مارب وتعز على غرار تدعيش إدلب في سوريا وكركوك في العراق .
لو كانت لدى هذا المبعوث لديه ذرة من إنسانية لطالب بإيقاف عدوان دول تحالف العدوان ليكون الكلام منطقيا كما أسلفت لأن ذلك جزء من معالجة الملف الإنساني والسياسي وباعتباره المدخل العملي لمعالجة القضية اليمنية بشكل عام لكن طغت عليه النفس الإجرامية .
إذا كان هذا المبعوث مونسناً لكان عليه أن يطالب بفك الحصار الشامل على بلدنا لأن ذلك حجر الأساس لمعالجة الملف الإنساني ويشمل إنقاذ 18 مليون مواطن من خطر المجاعة والموت السريري .
هذا المبعوث للأسف الشديد هندس الإحاطة بما يخدم مطامع الغرب وكياني نهيان وسعود وبقية الأجندات المؤمركة ونسج من خلالها ذريعة وهمية الغرض منها ليس وصول مساعدات إنسانية على حد وصفه لمن هم في مارب بل ضمان وصول الأسلحة والإمدادات لأجندات العدوان الداعشية والتسهيل لجلب مزيد من التعزيزات العسكرية لهذه المجاميع المتوحشة بما فيها التي تم جلبها من الخارج ونقلها لهذه المحافظة إضافة لمحافظة تعز، ولا ننسى خلال هذه الأيام ما قامت به الرياض و ابو ظبي من رفع درجة النشاط التدعيشي لديها من خلال نقل مجاميع داعشية من سوريا والعراق وغيرها إلى محافظتي مارب وتعز، بعد أن تم التوافق بين أوروبا والخليج ومصر والسودان ودواعش ومرتزقة اليمن سوريا والعراق على نقل القيادات الداعشية من المتواجدين في قطر وتركيا إلى باكستان وأفغانستان في ظل الإعداد والتحضير الأمريكي لسحب القوات الأمريكية من أفغانستان .
ما زاد من تعكير مزاجي هو أنني تابعت بعض وسائل الإعلام المدعشنة المروجة لزور وتضليل هذا المبعوث خصوصا حين أشاهدها تصنع صورة مشوهة أمام الرأي العام لصالح الغرب ومهمتها ترويج الزور وكأن ليندر كينغ جاء ملكاً من السماء وهو احقر من الحقير، فأصبحت هذه القنوات المروِّجة لهذا المبعوث من وجهة نظري تمارس التضليل، وهذا أحقر من الحقارة لتصنع صورة مشوهة وأن ليندر هو من يحمل الحل الشامل للقضية اليمنية برمتها، لكن سوَّد الله وجهه ثم قلت رحم الله شاعرنا الراحل عبدالله البردوني حين وصف إعلام الخليج والناتو عام 86م قائلاً:
أنا لست مذياع الخليج
أرقع البالي بأبلى
أغبى الكلام، هو الذي
يبدي أوان الجد هزلا
من أين أخبر واللهيب
أمد من نخل ” المكلا”
من مهرجان النار تصعد
ثورة أبهى وأملى
يـا «جولد مور» إجابة:
مازالت اللحظات حبلى
أسمعت « بي بي سي» ؟ وهل
هذا سوى بوقٍ تسلى؟
هذا «البعوض» وشى إليه..
وذلك « الزنبور» أدلى..
* * *
أولئك الغازون ولوا..
والتآمر ما تولى..
كانوا تماسيحاً هنا
وهناك يرتجلون قملا
* * * رحم الله البردوني كأنه حاضر بمعركة اليوم .
من خلال هذه الإحاطة يتضح لمن يفكر ويحتكم لعين العقل أن ليندر كينغ مجرد من الإنسانية على اعتبار أنه لو كان هدفه إنسانياً ويحمل أخلاقاً إنسانية لكانت مخرجات فكره وأعماله إنسانية 100%..
ولو كان إنسانياً وهو وعلى يقين بأن 18 مليون بحاجة لوصول المساعدات الإنسانية وفقا لتقارير منظمات دولية والتي توضح أن هذا الرقم مهدد بالمجاعة نتيجة عدم حصوله على الغذاء والمشتقات النفطية وبقية وسائل العيش والحياة وليس لمليون مرتزق وداعشي متواجدين في مارب مع احترامي لكل أبناء مارب ممن هم ضد العدوان، لكان طالب ليندر كينج في إحاطته بفك الحصار والضغط على دول تحالف العدوان بدفع مرتبات الموظفين والسماح بدخول الغذاء والمشتقات النفطية لميناء الحديدة لأن ذلك سوف يساهم بإنقاذ 18مليون وليس مليوناً في مارب معظمهم دواعش خارج وداخل اليمن .
لماذا ليندر لا يلوم أو كحد ادنى لم يدن دول تحالف العدوان إزاء عدوانها الوحشي على بلدنا وحصارها المطبق على اليمن منذ 7 سنوات وحتى اليوم ؟
أليس الإغفال والصمت جزءاً من الجريمة ؟ وهو على يقين أن الحصار غير مشروع، وهو على إدراك بأن عرقلة وصول الغذاء والمشتقات النفطية هي جرائم ضد الإنسانية ومحرمة بكافة قوانين الأرض والسماء …
اصبح العامة يدركون أسباب قلق الغرب من استمرار صنعاء في استكمال تحرير محافظة مارب .
ونحن ندرك من جانبنا أن هذا المبعوث جزء من العدوان وما ورد في إحاطته اكبر برهان ومهمته هي تحقيق جزء من الأهداف العميقة للغرب في الساحة اليمنية اوجز هنا نموذجاً منها:
– طمس بصمات الرباعية في الجرائم المرتكبة في اليمن خلال فترة هذا العدوان .
– نقل صورة مشوهة ومغلوطة للمجتمع الدولي بأن الصراع هو بين اطراف الداخل وليس مع الخارج وان القوى المناهضة للعدوان ضد الحلول الإنسانية والسياسية لكي لا يكون هناك لوم وموقف مضاد للرباعية من العالم بأسره.
– التعتيم والتضليل على تورط الرباعية في تنمية مشاريع التدعيش في اليمن .
– صناعة قضايا استهلاكية متفاقمة في كل قطر بالشرق الأوسط تجعل المجتمعات المستهدفة غربيا منغمسة بقضايا داخلية تدار من مطابخها الغرض منها جعل هذه المجتمعات لا تلتفت للمشاريع الخطيرة التي ينفذها الناتو من تحت الطاولة في المنطقة.
– تتويه دول البركس عن مشاريع الناتو في المنطقة وبما يجعل البركسيات معزولة عن لعبته في هذا المربع ويكفل صمتها أو عزلها عن قضية اليمن .
– تحصين وتقوية نفوذ الأجندات الملطخة بالفساد والإرهاب من الداخل، المساندة للعدوان .
– تمكين الغرب من السيطرة على المضائق المائية بما فيها مضيق باب المندب والسيطرة على الجزر اليمنية وبناء قواعد عسكرية .
– الاستمرار في استهداف القوى المضادة للتغريب على مستوى المنطقة وعلى رأسها محور المقاومة، ومنها في بلدنا القوى المضادة للعدوان وفي طليعتها حركة انصار الله.
– وضع العديد من المشاريع الاستهدافية التي تكفل بقاء اليمن خاضعاً للوصاية من الناتو والخليج .
– تمكين الشركات الغربية من الاستحواذ على ثروات اليمن .
– توسعة ثقافة العداء ضد محور المقاومة وتحديدا إيران مع توسعة ثقافة التطبيع مع الكيان الصهيوني تحت عناوين متعددة .
– نقل مشروع أمريكا لدول المنطقة الشرق أوسطية الي حيز التنفيذ الذي يحمل عنوان “شرق أوسط جديد”- الفوضى الخلاقة- القائم على تقسيم المقسم، كمقدمة لتأسيس مشروع إسرائيل الكبرى .
هذه نبذة حول الأهداف ولا يغيب عن البال أن المهمة التي ينفذها ليندر كينغ هي نفس المهمة التي كان ينفذها بايدن في سبعينيات القرن المنصرم في المنطقة عندما كان مدللاً من شاه ايران وأنور السادات …
على هذا الأساس يستحسن أن نبصق على وجه هذا المبعوث لكونه جزءاً من العدوان وإحدى أدوات الجريمة.
مع هذا وذاك نقول لا رجعة عن استكمال عملية تحرير مارب وبقية المحافظات اليمنية الخاضعة للاحتلال السعواماراتي والانجلوامريكي، وما على قوى الاحتلال الجديد القديم سوى الرحيل من ارض اليمن، واعذروني لعشوائية هذا التحليل لأن عندي فائضاً من الأمية السياسية والثقافية.. ومسك الختام لهذه السطور التي تناولت كتابته أناملي، سلام الله على فتاح وإطلاق صرخة الجهاد:
“الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”..
* نائب وزير الإعلام