في حرب اليمن المنسية .. لن ينسى التاريخ !

 

في حرب اليمن المنسية هناك تصريحات غير منسية وقفت في صف “اليمن”، ورغم اختلاف انتماءات أصحابها إلا أن التاريخ وثقها عبر وسائل الإعلام الأجنبية والعربية في سياقات موجهة لكنها تفضي في نهاية المطاف إلى معرفة كيف تنظر شخصيات دولية بارزة إلى اليمن خلال 6 سنوات من الحرب والعدوان؟

الثورة  / سارة الصعفاني

“ما يحدث في اليمن غير منطقي، إنه أحد الصراعات الأكثر تدميراً في المنطقة ولكن الناس على ما يبدو لا يستوعبون ذلك…حقيقة البلد غارق منذ فترة طويلة في صراع يجعل من السهل على الناس تجاهله.. إنهم يدركون أن اليمن في حالة حرب، ولكن يرون أنه دائماً في حرب “.. هذا ما يراه آدم بارون- الباحث الزائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية.
في حين ترى آني سليمرود – محررة شؤون الشرق الأوسط أن التغاضي عن جرائم الحرب هو بسبب ميل وسائل الإعلام للتركيز على الصراعات الإقليمية الأكبر في سوريا والعراق التي يتضح أثرها على الغرب بشكل أكبر من حيث عدد اللاجئين وهجمات المتطرفين والمخاطر الجيوسياسية “.
ويفسر الاتحاد الدولي للصحفيين ما يحدث من ضعف في تغطية واقع اليمن ومآسيه في تقرير قال فيه: “يطلق على الوضع في اليمن (الحرب المنسية) بسبب قلة التغطية الإعلامية الدولية للنزاع الدائر في اليمن؛ نتيجة صعوبة إنتاج تقارير مستقلة من اليمن، وكل هذا أدى إلى شح في التغطية الإخبارية للأزمة اليمنية”.
المعاناة الإنسانية .. والتطرف
وعن أزمة اليمن، قال ديفيد ميليباند- وزير الخارجية البريطاني السابق، والرئيس الحالي للجنة الإنقاذ الدولية: ” إن أزمة اليمن الحالية هي من صنع الإنسان .. هذه ليست الحالة التي تكون فيه المعاناة الإنسانية ثمن الفوز في الحرب، ولا أحد يفوز، باستثناء الجماعات المتطرفة التي تزدهر عل حساب الفوضى “.
وتتفق معه الباحثة بمعهد التنمية لما وراء البحار “أوفرسيس ديفلوبمينت إنستتيوت” البريطاني المستقل شيرين الطرابلسي ما كارثي قائلة: إن الوضع الإنساني باليمن أسوأ بكثير في الوقت الراهن، ومن المتوقع أن يسوء أكثر، وأن ينضم المزيد من الشباب اليائسين إلى التنظيمات “الإرهابية” بمختلف مشاربها، كما يُتوقع مزيد من الخراب والتدمير للبنية التحتية.
هذا ما أشار إليه أيضًا روبرت مالي وزميله ستيفن بومبر اللذان عملا في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما في مقال لهما : ” لم يعد اليمن البلد الذي كان عليه عندما بدأت الحرب مع استمرار الصراع .. يجب أن تكون الحرب في اليمن بمثابة تذكير صارخ بتكاليف الدخول في مثل هذه النزاعات من البداية “.
كذلك الحال ما صرّح به أيضًا كريس ميرفي- عضو مجلس الشيوخ الأمريكي حول تكاليف التورط في الاعتداء على اليمن ، قال : ” أنا لا أرى أية أدلة الآن على أن السعوديين يشنون تلك العملية العسكرية بطريقة مسؤولة، إنهم يفاقمون الأزمة الإنسانية داخل اليمن”.
وتحت عنوان ” كن غاضبًا من دور أمريكا في بؤس اليمن ” نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية مقالاً لـ نيكولاس كريستوف قال فيه: إن أخبار المعاناة التي تنشر يوميًا عن اليمن ليست سوى لحظة واحدة لجرائم ضد الإنسانية تدعمها الولايات المتحدة في اليمن السعيد، فالرئيس ترامب- حينها – لم يذكر ذلك في الأمم المتحدة لكن أمريكا تساعد في قتل وتشويه وتجويع الأطفال اليمنيين، هناك ما لا يقل عن ثمانية ملايين يمني معرضون لخطر المجاعة ليس بسبب فشل المحاصيل ولكن بسبب أفعالنا وأفعال حلفائنا، لقد وصفتها الأمم المتحدة بأنها ” أسوأ أزمة إنسانية في العالم “.
وفي نقاش حول الصراع والأمن الغذائي قال المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي، ديفيد بيزلي في منتصف مارس 2021م :” إنه أثناء جلوسنا هنا، يموت طفل هناك كل دقيقة وربع، هذا هو الجحيم بعينه ولكن على الأرض يكاد يكون من الصعب حتى مجرد تخيل ذلك “.
ويرى ستيفن كوك الباحث في شؤون الشرق الأوسط بمجلس العلاقات الخارجية أن التعهدات الأمريكية المتزايدة في الدفاع عن السعودية قد تمنح المملكة في نهاية المطاف غطاء يحفظ ماء الوجه الذي تحتاجه للتخلي عن هجومها على اليمن.
أما الكاتب والمؤرخ العربي محمد حسنين هيكل -رحمة الله تغشاه فقد تنبأ منذ بداية قصف تحالف العدوان السعودي لليمن في 26 مارس عام 2015م، حيث قال محذراً: ” سيغرق السعوديون في مستنقع اليمن .. اليمن مرهق وسترهق السعودية حتماً في دخولها في حرب مع اليمن .. لن يتوغل السعوديون في الداخل اليمني لكنهم سيواصلون القصف من الخارج، وهم يعرفون المصائب الموجودة هناك”.
بيع الموت والدمار
” على عكس الحرب الدائرة في سوريا يبدو أن العالم لا يولي أي اهتمام بما يحدث في اليمن من قتل ومآسٍ إن ذلك يضر بمصداقية الغرب ويضع الثقة به على المحك … صناعة الأسلحة الألمانية تشارك هي الأخرى في العربدة التسليحية للسعودية. ولذلك فإن أقل ما يجب على ألمانيا – أو ما ينبغي عليها- القيام به في إطار المصداقية الدولية، هو العمل على إيقاف تصدير أية أسلحة إلى السعودية “، هذا ما قاله الكاتب الألماني/ ماتياس فون هاين.
من جهته تحدث السيناتور الديمقراطي رون وايدن- رئيس اللجنة المالية وأحد كبار منتقدي المملكة العربية السعودية، للصحيفة البريطانية حيث أكد أنه يعتقد أن الولايات المتحدة يجب ألا “تعمل في مجال بيع الأسلحة إلى الحكومات التي لها سجل حافل في استخدامها لارتكاب الفظائع”، مشددا على أنه “يجب على حلفاء الولايات المتحدة مثل المملكة المتحدة وفرنسا أن يحذوا حذوها على الفور وأن يتوقفوا عن تمكين النظام السعودي”.
بدوره قال السيناتور كريس مورفي، وهو ديمقراطي آخر قاد إحدى الحملات المطالبة بإنهاء مبيعات الأسلحة الأمريكية الهجومية للسعودية، لصحيفة “الغارديان”: “إنني أعرف أن الكثيرين في المملكة المتحدة “يشاركوننا مخاوفنا بشأن مبيعات الأسلحة التي تغذي الحرب في اليمن”. وأضاف: “الفوائد الاقتصادية لكل من هذه المبيعات لا تفوق أمننا القومي والمسؤولية الأخلاقية لإنهاء التواطؤ في هذا الكابوس المستمر، إن تصرف الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بالتنسيق أقوى من تصرف أي منا بمفرده، وآمل أن تعمل حكومتنا معا لإعطاء الأولوية لحل دبلوماسي للصراع في اليمن”.
ومن معهد الخدمات الملكية المتحدة قال مايكل ستيفنز: “بريطانيا تستخرج من مخزونها من الأسلحة وتسلمه إلى السعودية لسد النقص في مخزونها (السعودية)،” في إشارة إلى أن الصواريخ البريطانية تستخدم في قصف اليمن، وأضاف “إنهم يطلقون نيران أسلحة زودتهم بها بريطانيا”.
ما يحدث في اليمن وصفه الممثل الأعلى للشؤون الخارجية لدى الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل بـ (الحرب المنسية)، حيث قال: “… يجب علينا أن نتناول هذا الصراع المنسي، وأن نتحدث عن اليمن؛ لأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم تسبب فيها البشر..”
وتابع: “اليمن يستحق اهتمامنا؛ لأن اليمنيين لا يستطيعون الانتظار، ولا يجب أن تبقى الأوضاع على ما هي عليه أكثر من ذلك”.

قد يعجبك ايضا