بعد ست سنوات صمود.. اليمن الجديد ينتصر التصنيع الحربي اليمني يطيح بكفاءة أسلحة دول العدوان

 

اليمن.. من بلد منهك ومنزوع السلاح إلى مُصنِّع لأسلحة الردع الحديثة بعقول يمنية خالصة
الصناعات العسكرية المحلية تقلب موازين المواجهة وتطال العدو في عمق أراضيه
أنظمة الدفاع الجوي محلية الصنع تتصدى بكفاءة عالية لأحدث المقاتلات الحربية وسماء اليمن لم تعد آمنة
معرض الشهيد القائد يعرض آخر ما توصلت إليه بلادنا في التصنيع العسكري وقلق العدو يتنامى
الصواريخ الباليستية والطائرات المسيَّرة.. تطوُّر مستمر يقضُّ مضاجع الأعداء
مديات
صواريخ وطائرات اليمن باتت قادرة على قصف أهداف في العمق الصهيوني
توازن
الردع.. رسائل لا تتوقف لتحالف العدوان ومن يقف خلفه من دول الاستكبار العالمي

عشية الـ26من مارس من العام 2015م أقبلت طائرات دول تحالف العدوان بقضها وقضيضها وهي تعلم تماما بأن اليمن بات منزوع السلاح وان أنظمة الدفاع الجوي على محدوديتها وضآلة فعاليتها المهنية قد تم تعطيل نظام تشغيلها بتواطؤ مفضوح من الداخل والخارج ..
عبثت المقاتلات السعودية والأمريكية طويلا في أجواء اليمن ودمرت بناه التحتية ومقدراته واستهدفت البيوت وقتلت الآلاف من المدنية وكانت تسرح وتمرح في أجواء اليمن بكل أريحية وأمان وبدون خوف من رد من اليمن أو ملامة من خارجه بعد أن قامت دول العدوان بشراء الذمم والولاءات حول العالم وظنت بأنها في مهمة سهلة قد لا تستمر أياما أو أسابيع على اكبر تقدير، لكن تلك الظنون التي لازمت قيادات أنظمة دول العدوان طيلة الأسابيع والشهور الأولى من حربهم الإجرامية على اليمن والتي اعلنوا في وسائل إعلامهم حينها أن ما أسموها عاصفة الحزم قد حققت أهدافها ونجحت في تدمير ما نسبته 95 % من القدرات الصاروخية لليمن بدأت تتحول بمرور الأيام والسنوات إلى كوابيس تقض مضاجعهم وإذا بالشعب اليمني يخرج من بين الركام ماردا عظيما يجترح البطولات ويحقق المعجزات ويأتي بما لم يخطر على بال المعتدين وخاصة على صعيد التصنيع الحربي الذي حقق طيلة السنوات الست الماضية وفي ظل العدوان والحصار الشامل ومحدودية الإمكانيات والموارد ما لم يتحقق في عهود الرخاء والاستقرار وبخبرات وعقول يمنية خالصة ليفرض السلاح اليمني معادلات جديدة في المواجهة مع اعتى أنظمة السلاح وإمبراطوريات المال والعتاد الحربي واصبح يمتلك زمام المبادرة في ضرب عمق العدو متى شاء وأينما أراد وبدقة متناهية قزَّمت من أنظمة دفاعات العدو وداعميها من دول الاستكبار العالمي وجعلت منها أضحوكة أمام الجميع.

الثورة / حمدي دوبلة


آخر الابتكارات العسكرية
اليمنيون حوّلوا من مقولة «الحاجة أم الاختراع» إلى حقيقة ماثلة للعيان واستطاعوا في زمن الحرب والحصار من الوصول إلى تصنيع حربي متطور وكل ما مر يوم من عمر هذا العدوان تجد القوات المسلحة تحرز تقدماً في هذا المجال.
ويتجلى التنامي المتصاعد للقدرات العسكرية اليمنية في عمليات توازن الردع التي بدأتها القوات المسلحة باستهداف العمق السعودي في أغسطس من العام 2019م، بدءاً من العملية الأولى التي طالت أهدافا حيوية في أقاصي أراضي مملكة العدوان إلى عملية الردع السادسة قبل أسابيع ظهر تطور فاعلية وكفاءة السلاح المصنع بعقول يمنية وكيف انه بات يمتلك القدرة الكافية لإيلام العدو وحمله على العودة إلى طريق الحق والصواب والكف عن عدوانه الهمجي على الشعب اليمني، تفادياً لوعيد قائد الثورة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي ببدء «مرحلة الوجع الكبير» إذا لم يثب النظام السعودي الى رشده .
ويكشف معرض الشهيد القائد للصناعات العسكرية الذي افتتحه رئيس المجلس السياسي الأعلى القائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية المشير الركن مهدي المشاط يوم الـ11من مارس الحالي عن آخر ما توصلت إليه اليمن في صناعاتها الدفاعية والحربية والعسكرية وفي مجالات مختلفة.
واحتوى المعرض على أجنحة متعددة حيث عرض قسم الصواريخ عددا من الصواريخ الباليستية المحلية الصنع، فيما عرض قسم سلاح الجو المسيّر جديد ما توصلت إليه الخبرات اليمنية في صناعة الطائرات المسيرة، كما اشتمل المعرض على أقسام أخرى للسلاح ضد الدروع والقناصات التي عرضت نماذج منها الحديثة والمتطورة والخارقة للدروع والتي صنِّعت محليا بخبرات يمنية إلى جانب أقسام أخرى عرضت ما توصّل اليه التصنيع العسكري من مراحل متقدمة في توفير الذخائر والقذائف وغيرها من مستلزمات المعركة في الميدان وبصناعة محلية كاملة.
الصواريخ الباليستية والطائرات المسيَّرة
الصواريخ الباليستية قريبة وبعيدة المدى والصواريخ المجنحة الحديثة وكذلك الطائرات المسيرة، إلى جانب الأسلحة الثقيلة والخفيفة، كانت من اهم محتويات معرض الشهيد القائد الذي تم افتتاحه قبل أيام في صنعاء ضمن فعاليات الذكرى السنوية لاستشهاد السيد حسين بدر الدين الحوثي .
وكان أبرز ما كشفت عنه القوات المسلحة في هذا المعرض صواريخ باليستية من طراز “سعير” و”قاصم 2» وذلك لأول مرة كما أزاحت الستار عن صاروخ “قدس 2” المجنح وصاروخ “ذو الفقار” الباليستي وصاروخ “نكال”.
كما شمل المعرض عرضا لأنواع جديدة من الطائرات المسيرة وهي من طراز “وعيد” و“صماد”4 و“شهاب” و“خاطف” و“مرصاد” و“رجوم” و“نبأ” الى جانب الكشف عن ألغام بحرية من طراز “كرار1” و“كرار2 ” و“كرار3” و“عاصف2” و“عاصف3” و“عاصف4” و“شواظ” و“”ثاقب و“أويس” و“مجاهد” و“النازعات”.
ويصل مدى صاروخ ذو الفقار الباليستي إلى أكثر من 700 كيلو متر وقادر على ضرب أهدافه بدقة وقدرة عالية وعلى الإفلات من الصواريخ الاعتراضية
وبحسب خبراء عسكريين فإن الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة التي عرضها المعرض الأخير تعد إضافة نوعية لمنظومات السلاح النوعي والاستراتيجي الذي باتت اليمن تصنعه محليا ، ووفق برامج تسلح وتصنيع عسكري مضت عليه اليمن منذ بداية العدوان وبات يشكل رقما فارقا في مسار المواجهة .
وخلال افتتاح المعرض،اكد الرئيس المشاط إن إقامة معرض الشهيد القائد للصناعات العسكرية تمثل مؤشرا على العزم والإرادة القوية لليمن في مواجهة الأخطار والتحديات ومن شأن ذلك أن يعزز من القدرات الدفاعية المتنامية لليمن.
فيما يبلغ مدى طائرة صماد4 أكثر من ألفي كيلو متر، بينما يبلغ مدى طائرة وعيد أكثر من ألفين وستمائة كيلو متر، أي أنها قادرة على تجاوز ميناء إيلات، والوصول إلى ميناء حيفا شمال فلسطين المحتلة، بينما تكون صماد4 إضافة لصماد3 التي يبلغ مداها 1600 كم، وتقوم بمهام هجومية متعددة.
وبلغت ترسانة القوات المسلحة من الطائرات المسيرة بعد الكشف عن طائرات جديدة في معرض الشهيد القائد، 13 طرازاً، هي مرصاد، ووعيد، وراصد1، وصماد1، وخاطف، وقاصف، وشهاب، وصماد2، وصماد3، وصماد4، وقاصف1، ورجوم، ونبأ، وتتعدد مهام الطائرات اليمنية وتختلف فيما بينها من حيث الاستطلاع والهجوم، وتتنوع في طبيعة عملها وقوتها التدميرية إضافة إلى مدياتها.
وطائرة نبأ هي طائرة مسيَّرة معلوماتية تحلق لمدة عشر ساعات متواصلة، تستخدم لأغراض الرصد والاستطلاع والمسح الميداني ورصد الأهداف المتحركة والثابتة، وترتبط بجهاز تحكم واستقبال ترسل معلوماتها مباشرة، وتعد إضافة نوعية لمنظومة الطائرة الاستطلاعية المحلية التي سبق وأزاحت القوات المسلحة الستار عنها سابقا في معرض الشهيد القائد مؤخراً «رقيب» بمدى 15 كم، و«هدهد-1» بمدى 30 كم، و«راصد» بمدى 35 كم، ومرصاد، و«نبأ».
طائرات الاستطلاع
هناك طائرات يستند إليها سلاح الجو المسير في مهمة الاستطلاع وهي «الهدهد» و«الهدهد1» و«رقيب» و«راصد»، و«شهاب» و«مرصاد» و«نبأ» التي كشف عنها مؤخرا في معرض الشهيد القائد، وترافق هذه الطائرات، حركة القوات على الأرض من أجل تصوير مناطق القوات المعادية قبل شن هجمات برية على المواقع العسكرية، وتصحيح مسار المدفعية، وتقديم إحداثيات مواقع القوات العسكرية وتقوم بالتصوير الحراري الجوي، كما يمكن لطائرات من نوع «راصد» تقديم مسح جغرافي متكامل، أما طائرة نبأ فهي طائرة حديثة واسعة المهام بإمكانها التحليق على مستويات واسعة ورصد الأهداف المتحركة والثابتة.
الطائرات الهجومية
أما الطائرات الهجومية التي تملكها القوات المسلحة اليمنية فتتمثل في: وعيد، وصماد1، وخاطف، وقاصف، وشهاب التي تؤدي مهمتي الرصد والهجوم، وصماد2، وصماد3، وصماد4، وقاصف1، ورجوم، وكشف معرض الشهيد القائد عن أنواع جديدة منها، فطائرة صماد4، يبلغ مداها 2000 كيلو متر، أما وعيد فيصل مداها إلى أكثر من 2600 كم، والطائرتان الحديثتان دخلتا الخدمة منذ وقت مبكر ولكن لم يكشف عنهما الستار إلا في معرض الشهيد القائد في الـ11من مارس الجاري وفق خبراء عسكريين.
ويؤكد مراقبون أن وعيد لديها القدرة على الوصول إلى ميناء إيلات الصهيوني، بينما صماد4 لديها القدرة على الوصول إلى أبعد نقطة داخل الأراضي السعودية والإماراتية، أما «رجوم» فهي طائرة تحمل 6 قذائف متفجرة تستطيع ضرب أهداف متنقلة على مديات متوسطة وقريبة والعودة إلى مكانها، إضافة إلى طائرات“شهاب” و“خاطف” وقاصف التي استخدمتها القوات المسلحة في عمليات مختلفة.
وقد أزيح الستار عن أول منظومات للطائرات المسيرة في فبراير 2017م، حين افتتح الرئيس الشهيد الصماد معرضا للطيران المسير، تلى ذلك دخول طائرتين من طراز صماد 1 وصماد 3 في العام 2018م، ثم تابع مركز الأبحاث في سلاح الجو المسير تطوير وتحديث وصناعة طرازات جديدة وصولا إلى إنجاز ما تم عرضه في معرض الشهيد القائد الأخير.
تكريس معادلات جديدة
وأحدث سلاح الجو المسير منذ العام 2017م حتى اليوم تغيرا في مسار الحرب وكرس معادلات جديدة، وخلال السنوات الماضية أثبت فعالية نوعية في الاستهداف والرصد والوصول إلى العمق.
ويدور جدل في أمريكا وفي دول العدوان حول الطائرات المسيرة، بعدما أثبت هذا السلاح فعالية قوية في التأثير والاستهداف وفي توجيه الضربات وخلق توازن في الردع على المستويات المختلفة، وفي وقت سابق نشرت صحيفة وول ستريت تقريراً قالت فيه إن من اسمتهم (الحوثيين) استخدموا الطائرات بدون طيار بكفاءة، معتبرة ذلك تحولاً في مسار المعركة، وقالت إن اليمنيين دخلوا «عصر حروب الدرون».
ويشير التقرير، الذي نشرته الصحيفة، إلى أن اليمن شنت عمليات هجومية على السعودية واستخدمت فيها طائرات بدون طيار بكفاءة ودقة عالية، أكثر مما اعترفت به الولايات المتحدة وحلفاؤها في دول الخليج، لافتا إلى أن هذا الأمر يكشف عن المخاطر التي باتت تشكلها هذه التطورات على الولايات المتحدة وحلفائها.
وأشار تقرير الصحيفة إلى أن طائرة بدون طيار ضربت مصفاة البترول التابعة لشركة «أرامكو» خارج الرياض في يوليو 2018م، وفي الشهر ذاته، ذكرت الصحيفة أن الهجوم على مطار أبو ظبي دمر شاحنة، وأدى إلى تأخير بعض الطائرات، وكان الهجوم جريئا لدرجة أنه أثار قلق الحكومة الإماراتية، التي أنكرت وقوعه، وهو موقف دعمته الولايات المتحدة، بحسب مسؤول أمريكي سابق.
وأفاد التقرير بأن من ينظر إليهم الخليجيون والأمريكيون على أنهم أعداء ورجعيون قبليون، شنوا حوالي 140 هجوما بطائرات بدون طيار خلال العام 2018م، مشيرا إلى أن التكنولوجيا تطورت من طائرات استطلاع مصنوعة من مروحيات تعمل على الطاقة إلى طائرات كبيرة ومجسمة، أطلق عليها محققو الأمم المتحدة «يوإي في- إكس»، وتستطيع التحليق على مدى 900 ميل، وبسرعة 150 ميلا في الساعة، ما يعني أن معظم دول الخليج، وبينها السعودية والإمارات، تقع في مداها.
وينوه الكاتبان بأن اليمنيين أظهروا براعة في استخدام الطائرات بدون طيار، وتبين الصحيفة أن الغارات باستخدام طائرات بدون طيار أدت إلى نقاش في واشنطن، لافتين إلى أن التجربة في اليمن تكشف عن قدرة في الاستفادة من التكنولوجيا، ويورد التقرير نقلا عن مسؤول أمريكي، قوله: إن السعوديين والإماراتيين يستثمرون مبالغ ضخمة في تكنولوجيا مكافحة الطائرات بدون طيار، إلا أن سهولة بناء هذه التكنولوجيا والحصول تجاريا عليها تظل تحديا لهذه الجهود.
وعقب إزاحة الستار عن “وعيد وصماد 4”، تصبح المناطق السعودية والإماراتية وكذا كيان العدو الصهيوني على كامل فلسطين المحتلة، في مديات الطائرات اليمنية المسيّرة، والتي أثبتت عملياتها كفاءة الصناعات العسكرية في اليمن .
ومنذ أن تمكنت القوات المسلحة اليمنية من إدخال الطائرات المسيرة في مسار المعركة، وبالتحديد بعد مرور عامين من بدء العدوان، أحدث سلاح الجو المسير هزات وتحولات في دول العدوان، وفرض معادلات ردع تبدلت فيها قواعد المعركة.
وعجزت الدفاعات الأمريكية في السعودية بما في ذلك أنظمة الباترويت عن حماية المؤسسات الحيوية في السعودية من المسيّرات والصواريخ اليمنية، وتسبب ذلك في فقدان الثقة بأنظمة الدفاع الجوي التي تتفاخر بها الولايات المتحدة، واضطرت السعودية نفسها إلى السعي لشراء منظومة إس 400 الروسية.
قيادة حكيمة ورسائل هامة
يؤكد المحللون السياسيون والخبراء العسكريون أن الاستراتيجية العسكرية اليمنية كانت ناجحة بشكل عام، لأنها تخضع للسياسة، ولذلك نجد أن القوات المسلحة اليمنية واللجان الشعبية تخضع لقيادة سياسية واحدة وأن قائد الثورة يستطيع بعد أن يدرس ويتشاور مع كل أجهزة الدولة والقيادات العسكرية ومراكز صنع القرار في المجلس السياسي الأعلى لليمن أن يتخذ قراراً باستخدام القوات المسلحة اليمنية من الجيش واللجان الشعبية وكل قدراتها للقيام بأي عمل عسكري في عمق العدو السعودي أو الإماراتي أو دول تحالف العدوان.
بعكس استخدام القوات المسلحة السعودية أو الإماراتية أو دول تحالف العدوان على اليمن والذي يستلزم عادة قمة أمريكية إسرائيلية ولا بد أن يصلوا إلى قرار باستخدام القوة المسلحة ويكفي أن لا توافق أمريكا بأي عمل عسكري تجاه اليمن وليس للسعودية أي رأي في ذلك، بالإضافة إلى عدم قدرة أجهزة صنع القرار السعودي والتي لا تكفي ألا يوافق أحدها تصعيد الحرب أو وقفها أو الاعتراض على القرار الأمريكي والإسرائيلي. ومن هذا الاستقلال الوطني الذي تحقق لليمن بعد ثورة الـ21من سبتمبر كان النجاح اليمني كبيرا وملموسا على صعيد التصنيع العسكري وبناء القدرات الدفاعية وفق ما تتطلبه الحاجة وظروف المواجهة مع العدوان.
ما وصلت اليه اليمن من مرحلة متقدمة في مجال التصنيع العسكري وفي ظل ظروف استثنائية وبهذا المستوى المتقدم الذي شهد به العدو قبل الصديق وكذلك التنامي المتصاعد في إنتاج أسلحة الردع في مختلف التشكيلات العسكرية والتي كان آخرها ما تم الكشف عنه في معرض الشهيد القائد للصناعات العسكرية الشهر الحالي يرسل رسائل هامة للداخل والخارج على حد سواء، أبرز مضامين تلك الرسائل والدلالات أن العقل اليمني ليس أقل شأنا من العقول المبدعة في الدول المتقدمة إن لم يكن اكثر دهاء وعبقرية منها بالنظر إلى الإمكانيات والظروف التي تعيشها اليمن وأن اليمني يحتاج فقط إلى القليل من الدعم والاهتمام لإحراز تقدم وسبق في كافة المجالات العسكرية والمدنية.
أما الرسالة الأشد وضوحا فهي تلك الموجهة إلى دول العدوان ومن يقف خلفها من أنظمة الشر والطغيان والاستكبار العالمي والتي مفادها أن اليمن بات يمتلك القدرة على الوصول إلى أي هدف على امتداد أراضي دول العدوان مهما كانت بعيدة بما في ذلك الوصول إلى عمق الكيان الصهيوني، الذي بات يدرك ذلك جيدا واكثر من أدواته في المنطقة، وهو ما يفسر إعلان قلقه مرارا من تنامي القدرات العسكرية اليمنية، وبات على ثقة بأن أي تورط مباشر له في مهاجمة الشعب اليمني سيكون ثمنه باهظاً ولعله صار اكثر قناعة بجدية ومصداقية التهديد الذي اعلنه السيد القائد في العام 2019م بضرب أهداف حساسة في العمق الإسرائيلي إذا ما ارتكب أي حماقة ضد اليمن.
أنظمة الدفاع الجوي
حتى وقت قريب كان الطيران الحربي التابع لتحالف العدوان يسرح ويمرح في أجواء اليمن وينتهكها ويستبيح حرمتها متى ما يشاء وكيفما أراد، لكن هذا الواقع لم يستمر طويلا ولم يعد كما كان خلال الشهور الأولى من العدوان وذلك بفضل نجاح وكفاءة القوات المسلحة اليمنية التي ورثت تركة نظام سياسي وعسكري مرتهن بشكل كامل للعدو، فما كان منها إلا البدء من نقطة الصفر والانطلاق بإمكانيات محدودة للغاية في بناء أنظمة دفاع جوي مهاب الجانب، نجح رغم كل الظروف والصعوبات في تحجيم أو على الأقل تقليص مستوى التفوق الجوي المطلق الذي كان يتمتع به تحالف العدوان .
لقد عملت القوات المسلحة اليمنية منذ وقت مبكر من عمر العدوان على هذا المجال وكانت أولى المحاولات في العام 2015م .
ويقول خبراء عسكريون إن القوات المسلحة اليمنية اعتمدت في البداية في دفاعها الجوي بشكل أساسي على الصواريخ الروسية المحمولة على الكتف «سام7»، والتي تم بها إسقاط أول طائرة استطلاع مسيّرة لتحالف العدوان في يونيو 2015م وقبلها إسقاط أول مروحية معادية من نوع «أباتشي» في مايو من العام نفسه، أي بعد مرور ثلاثة اشهر من بدء العدوان .
منظومات جديدة
وشهد العام 2017م إجراء التجارب الأولى على منظومتين جديدتين، الأولى كانت لصواريخ منظومة الدفاع الجوي متوسطة المدى «سام 6» السوفياتية الصنع، والتي امتلكها الجيش اليمني سابقاً، وقامت القوات المسلحة بتعديلها ليتم إطلاقها من منصات ثابتة ومدولبة عوضاً عن منصاتها المجنزرة ذاتية الحركة.
أما المنظومة الثانية، فقد تم فيها تعديل صواريخ القتال الجوي الروسية الصنع «آر 73»، وبحيث أنه أصبح يتم إطلاقها أيضاً من منصات ثابتة.
هذه التجارب أسفرت عن تدشين المنظومتين قتالياً بنجاح، الأولى تمت تسميتها «فاطر 1»، والتي تعد تطويراً وإعادة تأهيل محلية شاملة صواريخ منظومة الدفاع الجوي متوسطة المدى (سام-6)، ويبلغ مداها الأقصى 24 كيلومتراً، وتستطيع استهداف الطائرات المعادية على ارتفاعات تصل إلى 14 كيلومتراً، وتبلغ زنة الرأس الحربي لصواريخ هذه المنظومة 60 كيلوغراماً.
ويتم توجيه صواريخ هذه المنظومة بالتوجيه الراداري شبه النشط، عن طريق الرادار الخاص بمنظومة «سام-6».
ودخلت هذه المنظومة في الخدمة بشكل فعلي في أكتوبر 2017م وحقَّقت نجاحها الأول بعد التعديل في يناير 2018م، بإسقاط مقاتلة تابعة لسلاح الجو السعودي من نوع «تورنيدو» في أجواء مديرية كتاف في محافظة صعدة.
وتتالت عقب ذلك عمليات الإسقاط، ومنها عملية إسقاط طائرة مسيَّرة أمريكية الصنع من نوع «إم كيو 1» في أجواء منطقة بني مطر جنوب العاصمة صنعاء في مايو 2019م، وطائرة مسيّرة أمريكية أخرى من نوع «إم كيو 9» في أغسطس من العام نفسه في أجواء محافظة ذمار.
وبالفعل فإنه منذ أوائل العام 2020م ، تم إجبار تشكيلات عديدة من المقاتلات التابعة لتحالف العدوان على إلغاء عملياتها في أجواء مارب وصعدة عن طريق استخدام هذه المنظومة.
والمنظومة الثانية هي منظومة «ثاقب 1»، تطوير محلي لصواريخ الجو – جو الروسية «آر 73».
وبعد التعديلات التي قامت بها القوات المسلحة اليمنية تم تحويلها إلى صاروخ أرض – جو وتحسين التوجيه الحراري لها.
ويبلغ مدى هذا الصاروخ المعدل 9 كيلومترات، بارتفاع يصل إلى 5 كيلومترات، وهو مزوّد برأس حربي تبلغ زنته 7 كيلوغرامات.
ودخلت هذه المنظومة في الخدمة في سبتمبر 2017م، ونجحت في الشهر التالي في إسقاط مروحية قتالية تابعة لسلاح الجو الإماراتي من نوع «أباتشي» في أجواء مديرية خب والشعف في محافظة الجوف.
وفي الشهر نفسه، نجحت في إسقاط طائرة مسيّرة أمريكية من نوع «إم كيو 9»، وقد تتالت عمليات إسقاط الطائرات المسيرة بصواريخ هذه المنظومة، ففي ديسمبر 2018م، أسقطت مسيّرة من نوع «سي اتش – 4» في أجواء محافظة صعدة، وفي أبريل 2019م، أسقطت مسيّرة صينية من نوع «وينج لونج» أيضاً في أجواء صعدة.
ويضاف إلى المنظومتين السابقتين، منظومات أخرى دخلت في الخدمة فعلياً، لكنها ما زالت خاضعة للتطوير والتحديث بناء على دروس المعارك، المنظومة الأولى هي «ثاقب 2»، وهي تطوير محلي لصواريخ الاشتباك الجوي الروسية «آر 27 تي».
وتمكنت القوات المسلحة اليمنية بنجاح كبير من تعديل الصاروخ، ليتم إطلاقه من منصات أرضية، مع تحسين قدرة الباحث الحراري الخاص بها، ويبلغ مداه بعد التعديل 15 كيلومتراً، على ارتفاعات تصل إلى 8 كيلومترات، وهو مزود برأس حربي كبير نسبياً، تصل زنته إلى 40 كيلوغراماً.
وتمت أول عملية إطلاق لصواريخ هذه المنظومة في ديسمبر 2016، وحققت الإصابة الأولى لها في يناير 2018، حين تمكّنت من إلحاق أضرار بمقاتلة تابعة للعدوان من نوع «أف 15» في أجواء العاصمة صنعاء .
وبحسب خبراء عسكريين، فقد كانت هذه العملية بالغة الأهمية نظراً لاستخدام منظومة التتبّع والاستشعار الحراري بعيد المدى «ألترا 8500»، وهي منظومة مخصّصة للعمل على متن المروحيات من أجل مهام المراقبة والدورية.
وقد تكررت هذه العملية مرة أخرى في مارس 2018م في أجواء محافظة صعدة وذلك باستهداف طائرة من النوع نفسه. وكذلك، تمكَّنت هذه المنظومة من إسقاط مقاتلة تابعة لسلاح الجو السعودي من نوع «تورنيدو» في أجواء محافظة الجوف في2019م.
المنظومة الثانية هي «ثاقب 3»، وهي تطوير محلّي لصاروخ القتال الجوي الروسي متوسط المدى «آر 77»، والذي يتميز بالتوجيه الراداري الذاتي، مع إمكانية تعديل التهديف عن طريق توجيه راداري خارجي إيجابي، وتبلغ زنة رأسه الحربي 22 كيلوغراماً، ويبلغ مداه بعد تعديله نحو 20 كيلومتراً.
ودخلت هذه المنظومة في الخدمة بشكل فعلي أواخر العام 2016م، وتمت تجربتها في استهداف مقاتلات التحالف العربي من نوعي «إف 16» و»إف 15».
وخلال العامين الماضيين ، تم استخدامها في إسقاط عدة طائرات، من بينها طائرة مسيّرة تركية الصنع من نوع «كاريل» في أجواء مديرية الصليف في محافظة الحديدة في أواخر العام 2019م ومروحية مقاتلة من نوع «أباتشي» في أجواء عسير في الشهر نفسه، وطائرة مسيّرة صينية الصنع من نوع «إس إتش 4» في أجواء محافظة الجوف في أوائل العام المنصرم ، إضافة إلى مقاتلة من نوع «تورنيدو»، تم إسقاطها لاحقا في أجواء محافظة الجوف.
بشكل عام، نفّذ الدفاع الجوي اليمني مئات عمليات استهداف وإسقاط لطائرات تحالف العدوان خلال العامين الماضين، تم فيها إسقاط نحو 80 طائرة متنوعة من إجمالي 208 طائرات تم إسقاطها منذ بدء العدوان الذي يكمل عامه السادس فاقدا ميزة التفوق الجوي المطلق واصبح أمام حقيقة مفادها أن أجواء اليمن لم تعد آمنة ومستباحة للمقاتلات الحديثة.

قد يعجبك ايضا