ماذا قال الإعلام الرسمي حين سيطرت أمريكا على سواحل عدن؟
الوثائق الأمريكية تكشف المستور.. السيطرة على عدن بدأت عام 1998م
استقال فرج بن غانم وكُلِّفَ الأرياني.. وفي الشهر نفسه حُوِّلَت سواحل عدن إلى ثكنة عسكرية أمريكية
سلم نظام صالح ميناء عدن لموانئ دبي بدفع أمريكي والصفقة وصفها نبيل خوري ببشرى سارة
الثورة/ صنعاء/ تقرير خاص
على خلاف ما كشفته الوثائق التي نشرتها دائرة التوجيه المعنوي ضمن تقريرها الأول حول السيطرة الأمريكية على اليمن ، والتي بدأت في مايو 1998 ، فقد دأبت وسائل الإعلام الرسمية على نفي أخبار تتعلق بإنشاء قواعد عسكرية أمريكية في عدن ، وقد كانت صحف المعارضة في ذلك الحين تؤكد تلك الأخبار.
وفي عددها الصادر يوم 2 مايو 1998 ، نشرت صحيفة الثورة خبرا عن مصدر مسؤول نفى ما وصفها بالأخبار الزائفة حول تقديم تسهيلات عسكرية وإقامة قواعد أمريكية في عدن ، وجاء في عنوان التصريح مصدر مسؤول في وزارة الدفاع يؤكد سياسة اليمن الثابتة بعدم إقامة أي قواعد عسكرية أو تقديم أي تسهيلات على الموانئ والجزر اليمنية»، ثم في عددها الصادر صباح 5 مايو 1998م ، نشرت الصحيفة الرسمية خبرا بعنوان « السفيرة الأمريكية في اليمن تنفي وجود اتفاقية عسكرية بالسماح للسفن الأمريكية بالرسو في الموانئ اليمنية»، والسفيرة الأمريكية وقتها كانت ترد على خبر نشرته صحيفة يمن تايمز الناطقة باللغة الإنجليزية والتي كان يرأس تحريرها الأستاذ عبدالعزيز السقاف.
في نفس شهر مايو الذي كلف فيه عبدالكريم الأرياني الذي يعتبره البعض عراب التدخل الأمريكي في اليمن ، وعميل السي آي إيه الأول، كانت صحيفة الثورة تصدر كل يوم تصريحا منسوبا لمصدر مسؤول تنفي فيه صحة الأخبار التي تنشر في صحف ومواقع عربية ويمنية معارضة حول إنشاء القواعد الأمريكية ، وحتى العام 2003م ظل الإعلام الرسمي ينفي وجود أي قاعدة لأمريكا في اليمن ، وهو الأمر الذي يكشف الدور التضليلي الذي كان يقدمه الإعلام الرسمي حينها ، كيف كانت أمريكا تتدرج في سيطرتها على اليمن التي بدأت من السرية وانتهت بالإعلان المكشوف.
وقد أشار التقرير الأول الذي أصدرته دائرة التوجيه المعنوي يوم أمس حول السيطرة الأمريكية على اليمن ، واستعرضت فيه وثائق سرية صادرة عن الخارجية الأمريكية إلى أن السيطرة الأمريكية على اليمن وتدمير القوات المسلحة بدأت في وقت مبكر ، في عهد الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح.
وتشير وثيقة عرضها التقرير إلى أن أمريكا أنشأت قاعدة عسكرية وميناء عسكرياً لقوات «المارينز» في منطقة البريقة بمحافظة عدن في العام 1998م ، وتبين الوثيقة التي هي عبارة عن تقرير صادر عن السفارة الأمريكية حينها أن تجهيز القاعدة البحرية في البريقة كان بهدف تواجد طائرات استطلاعية ومقاتلة wوقاذفات وحاملة طائرات وبعض الغواصات والقطع العسكرية البحرية ، وأنها تمت في مايو 1998م، كما تكشف عن اتفاقية موقعة عبر الجنرال «أنتوني زيني» قائد القوات المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط والحكومة في اليمن التي كان يرأسها آنذاك عبدالكريم الأرياني بعد استقالة المرحوم فرج غانم وتكليف الأرياني في مايو 1998م ، وتكشف الوثيقة أن الاتفاقية تضمنت تفاصيل حول خدمات القاعدة البحرية في البريقة.
وكانت القاعدة البحرية التي أنشئت في عدن قد جهزت وفيها ميناء عسكري يتم من خلاله تزويد القطع البحرية الأمريكية بالوقود وخدمات أخرى، كما تشير إلى تجهيز مرسى للقطع البحرية الأمريكية التي تخدم حاملة الطائرات الأمريكية العاملة في الخليج والمحيط الهندي.
كما تكشف أن جزءاً من القاعدة العسكرية يعتبر مخازن للوقود وللذخيرة، ومخازن للنفايات والأسلحة الذرية والكيماوية، وتبين أن مهمة القاعدة تتمثل في الإمدادات العسكرية للقوات الأمريكية المتواجدة في الخليج وبحر العرب والقرن الأفريقي والبحر الأحمر.
وتضمنت الوثيقة التي نشرتها دائرة التوجيه المعنوي تفاصيل أخرى حول إنشاء أماكن للدعارة والرذيلة في عدن ، كاشفة عن أن ذلك تم بدعم غير معلن من قبل بعض أطراف السلطات العليا في اليمن ، وكان ذلك في عهد الرئيس علي عبدالله صالح ، وتشير الوثيقة إلى الاستفادة من “مراكز الدعارة” في مناطق بعدن لخدمة الجنود الأمريكيين في اليمن .
كما تضمن تقرير أحد مكاتب وزارة الخارجية الأمريكية تقريرا عن التفاصيل الجغرافية والديمغرافية والاقتصادية لليمن، إضافة لنظرة عامة عن التواجد العسكري الأجنبي في اليمن.
إنها أهمية اليمن الاستراتيجية لأمريكا كما تكشف الوثائق الأمريكية
وتشير الوثائق التي كُشف عنها إلى أن السعي الأمريكي في السيطرة على اليمن منذ وقت مبكر يعود إلى موقع اليمن الاستراتيجي ، وأهميتها البحرية حيث تتحكم بالملاحة في البحر الأحمر والبحر العربي ، علاوة على الثروات التي تتميز بها اليمن والتي عملت أمريكا على نهبها والسيطرة عليها.
وتكشف الوثائق عن أن أمريكا اعتبرت عدن محطة مهمة ، وهو الأمر الذي يفسر الدفع الأمريكي في العام 2005 لتأجير ميناء عدن لشركة موانئ دبي الإماراتية ، ففي وثيقة نشرها موقع ويكليكس للوثائق السرية صادرة عن السفارة الأمريكية في صنعاء ، وهي عبارة عن رسالة من قبل نائب السفير نبيل خوري إلى وزارة الخارجية وتعود إلى تاريخ 14 /6 /2005م ، وبعنوان/ بشرى سارة لمناخ الاستثمار في اليمن: منح مناقصة عدن لموانئ دبي تكشف أن عدن كانت منذ وقت مبكر محط الأطماع الأمريكية.
وفي 8 يونيو 2005م أعلن نظام علي عبدالله صالح فوز موانئ دبي الإماراتية بعقد إيجار يستمر لمدة 35 عاماً ويتعلق بتشغيل وتطوير ميناء عدن وميناء الحاويات ، وفي 9 يونيو لنفس العام امتدح السفير الأمريكي قرار الحكومة اليمنية أمام صالح واصفاً ذلك القرار بأنه يمثل علامة قوية على جدية اليمن في فتح أبواب اقتصادها أمام الاستثمارات الأجنبية.
ما كشفته الوثائق تكشف ما أريد لعدن منذ ذلك الحين ، وتبين السيطرة الأمريكية المبكرة على اليمن والتي ابتدأت منذ التسعينيات.