هل تعيده إلى رشده وتجبره على الانصياع للسلام؟!
عملية توازن الردع الخامسة تفضح العدو السعودي وتكشف زيف وهشاشة نظام دفاعه “المتطور”
باليستي “ذو الفقار” و15 طائرة مسيّرة استهدفت مواقعَ حساسة في الرياض وخميس مشيط وأبها
مراقبون: لا مكان آمن على امتداد الجغرافيا السعودية أمام الضربات اليمنية
أثبتت الأيام والتجارب أن النظام السعودي – الذي يقود حربه العدوانية على اليمن منذ ست سنوات – لا يفهم غير لغة القوة والردع وربما فهمه القاصر لدعوات ومبادرات اليمن المتكررة للسلام، هو ما يجعله يتمادى في اقتراف الجرائم بحق الشعب اليمني، وعندما يتلقى ضربات موجعة على أيدي القوات المسلحة الباسلة، في مسلسل عمليات توازن الردع المتلاحقة والتي جاءت نسختها الخامسة أمس الأول، يولي شاكيا إلى المجتمع الدولي وأسياده في واشنطن مستجديا الحماية دون أن يفكر في الصواب ويسارع إلى وقف عدوانه.
الثورة / حمدي دوبلة
كان السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي صادقا وواضحا عندما أكد في خطابه عشية ثورة الـ21من سبتمبر من العام 2019م وهو ينصح النظام السعودي بالتعاطي الإيجابي مع مبادرة السلام التي قدمتها اليمن، والتي تنص على وقف قصف الأراضي السعودية مقابل وقف تحالف العدوان قصفه اليمن، وأضاف السيد القائد حينها “إن من مصلحة تحالف العدوان الاستفادة من المبادرة التي قدمها رئيس المجلس السياسي الأعلى والتي نصت على أنه إذ توقف عدوانهم وقصفهم وحصارهم سيوقف الجيش واللجان الشعبية الضربات التي يوجهها إلى العمق السعودي بالطائرات المسيّرة والصاروخية”، دون أن ينسى القائد تحذير تحالف العدوان والنظام السعودي تحديدا بأن الضربات ستكون “أكثر إيلاما وأشد فتكا وأكبر تأثيرا، وستصل إلى عمق مناطقهم وإلى أهم منشآتهم الاقتصادية والنفطية والحيوية، ولا خطوط حمراء في هذا السياق”، في حال تواصل عدوانهم. لكن النظام السعودي ربما فهم هذا التحذير على نحو خاطئ، وربما ظن أنه من منطلق ضعف واستسلام ومضى في جرائمه وانتهاكاته بحق الشعب اليمني ليدفع ثمن ذلك غاليا مع كل عملية ردع والتي استأنفت أمس بجدارة وكفاءة عالية وطالت مرافق هامة وحيوية في عمق العدو.
توازن الردع الخامسة ورسائل السلام المتواصلة
كانت أولى عمليات توازن الردع، في الـ17 من أغسطس 2019م، حيث استهدفت عشر طائرات تابعة لسلاح الجو المسيّر للجيش اليمني واللجان الشعبية حقل ومصفاة الشيبة، التابعة لشركة أرامكو شرقي السعودية بالقرب من حدود الإمارات، والذي يضم أكبر مخزون استراتيجي في البلاد ويتسع لأكثر من مليار برميل، لتتوالى بعدها عمليات الردع بنسق متصاعد وصولا إلى عملية الردع الخامسة مساء أمس الأول السبت.
حيث نفذ سلاح الجو المسيّر والقوة الصاروخية عملية هجومية كبيرة ومشتركة باتجاه العمق السعودي، “عملية توازن الردع الخامسة”.
وأوضح متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع، أن صاروخاً باليستياً من نوع (ذو الفقار) وخمس عشرة طائرة مسيّرة – منها تسعُ طائراتٍ مسيّرة نوع صماد 3 – استهدفت مواقعَ حساسة في عاصمةِ العدوِّ السعودي الرياض.
وقال سريع إن طائرات مسيّرة من نوع قاصف 2k استهدفت مواقعَ عسكرية في مناطقِ أبها وخميس مشيط وكانت الإصابة دقيقة .
وأشار إلى أن عملية توازن الردع الخامسة استمرت من مساءِ أمسِ الأول السبت حتى صباحِ أمس الأحد .. مؤكداً أن العمليات مستمرة وستتوسع أكثر فأكثر طالما استمر العدوان والحصار على اليمن.
ودعا العميد سريع مجدداً كل سكان تلك المناطق للابتعاد عن كافة المواقع والمطارات العسكرية أو التي قد تستخدم لأغراض عسكرية.
وفي ما يلي نص البيان:
رداً على تصعيدِ تحالفِ العُدوانِ المستمرِ والمتصاعدِ وحصارهِ المتواصلِ على شعبنِا العزيزِ، نفذَ سلاحُ الجوِّ المسيرُ والقوةُ الصاروخيةُ – بعونِ اللهِ تعالى – عمليةً هجوميةً كبيرةً ومشتركةً باتجاهِ العمقِ السعودي، عملية (توازنُ الردعِ الخامسة).
تم تنفيذُ العمليةِ بصاروخٍ باليستيٍ نوع (ذو الفقار) وخمسَ عشرةَ طائرةً مسيّرةً منها تسعُ طائراتٍ مسيّرةٍ نوع صماد 3 استهدفت مواقعَ حساسةً في عاصمةِ العدوِّ السعودي الرياض.
وستَّ طائراتٍ مسيّرةٍ نوع قاصف 2k استهدفت مواقعَ عسكريةً في مناطقِ أبها وخميسِ مشيط وكانت الإصابةُ دقيقةً بفضل الله.
استمرتِ العمليةُ النوعيةُ من مساءِ أمسِ الأول السبت وحتى صباحِ أمس الأحد.
وتؤكدُ القواتُ المسلحةُ اليمنيةُ أن عملياتِها مستمرةٌ وستتوسعُ أكثرَ فأكثرَ طالما استمر العدوانُ والحصارُ على بلدِنا.
كما ننوهُ مجددا لكل سكانِ تلك المناطقِ، الابتعادَ عن كافةِ المواقعِ والمطاراتِ العسكريةِ أو التي قد تُستخدمُ لأغراضٍ عسكرية.
فشل أنظمة الدفاع الجوي للعدو ونجاح كبير للقوات المسلحة اليمنية
منذ العملية الأولى أثبتت القوات المسلحة اليمنية كفاءة عالية في ابتكار الأسلحة المناسبة لردع غرور وغطرسة العدو الذي ظن أن ما يمتلكه من إمكانيات وعتاد حربي متطور وأنظمة دفاع جوي حديثة ستحميه من بأس ونيران الصواريخ اليمنية والطائرات المسيّرة.
وكانت استهدفت القوات المسلحة اليمنية في عملية توازن الردع الأولى – في الـ17من اغسطس 2019م، بعشر طائرات مسيرة – حقل ومصفاة الشيبة النفطيين جنوب شرق المملكة على بعد 10 كيلو مترات من الحدود مع الإمارات ، وتحديدا إمارة ابو ظبي ، ويعتبر الحقل من أهم الحقول النفطية السعودية وينتج نفطاً خاماً خفيفاً ، ويوصف بأنه منجم ذهب يتجاوز إنتاجه مليون برميل يوميا، بدخل يومي متوسط يبلغ خمسين مليون دولار.
ووصف قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطابه التالي للعملية، بأنها الأكبر للطيران المسيّر منذ بداية العدوان ، مشيرا إلى أنها نفذت بعشر طائرات مسيّرة تملك قدرات تدميرية جيدة ، لافتا إلى أن الهدف حقل الشيبة الذي يقع بالقرب من حدود مملكة العدوان مع الإمارات، واصفا ذلك بالدرس المشترك والإنذار المهم للإمارات، إذ أنها تحمل رسائل إنذار لها ، وهي في نفس الوقت استهداف لمنشأة نفطية ذات مخزون نفطي كبير، وقال قائد الثورة: إن ذلك يأتي «ضمن العمليات التي أكدنا على أنها ستركِّز على الضرع الحلوب الذي يعتمد عليه الأمريكي ، والذي يمثِّل عاملاً من أهم العوامل للدور الأمريكي في هذا العدوان على شعبنا العزيز، لأنه يرى في التحالف السعودي وفي النظام السعودي بقرة حلوب؛ وبالتالي يحلبه باستمرار، ويرى باستمرار العدوان استمرار أكبر فرصة لعملية الحلب التي قد لا يجد فرصةً مماثلةً لها في ظل وضعيةٍ مستقرةٍ وآمنة».
وحملت تلك العملية أبعاداً ورسائل إلى تحالف العدوان ، ولغيره كشفت واقعه الهش والضعيف ، وفي المقابل رسمت صورة مختلفة عن معادلة اليمنيين كمنتوج لصمودهم خلال خمس سنوات وتمكنهم من تعزيز واقعهم وفرض واقع جديد سيجبر تحالف العدوان على وقف الحرب والحصار والإقرار بالهزيمة الكاملة، وأكدت للجميع أن تهديدات القيادة تتسم بالجدية العالية والمصداقية في تنفيذ الوعود للشعب اليمني بالرد القاسي على استهدافه وحصاره، كما كان من دلالاتها الكشف عن تطور القدرات العسكرية للقوات المسلحة اليمنية إلى درجة تمكن معها سلاح الجو من تسيير عشر طائرات محملة بالمتفجرات دفعة واحدة وإلى مسافة تتجاوز الألف كلم ، وتحقيق إصابات مباشرة بالهدف النوعي باعتراف السعودية وأرامكو ، أمر يظهر الكفاءة التقنية والهندسية في ضبط الإحداثيات وتوجيه الطائرات نحو الهدف رغم الفاصل الصحراوي الكبير في الربع الخالي الذي يفترض أن الطائرات عبرت فوقه، غير أن كل ذلك لم يفهمه العدو جيدا لتأتي عملية الردع الثانية.
الردع المتواصل
بعد تجاهل العدو لتحذيرات ومضامين عملية توازن الردع الأولى جاءت العملية الثانية وبالتحديد في فجر الرابع عشر من سبتمبر 2019م، حيث كانت عملية الردع الثانية الشهيرة التي استهدفت مصافي آرامكو في بقيق وخريص في أقصى شرق السعودية، بعشر طائرات مسيرة واقتضمت حينها نصف إنتاج النفط السعودي دفعة واحدة، وبعد أيام على العملية ومن موقع القوة أطلق الرئيس اليمني مهدي المشاط من صنعاء مبادرة للسلام أوقف بموجبها استهداف العمق السعودي بالصواريخ والمسيرات على أن توقف السعودية عدوانها وحصارها، وهو مالم تتجاوب معها السعودية حتى اليوم.
وبعد خمسة أشهر – وعلى خلاف العمليتين السابقين اللتين استهدفتا شرق السعودية – جاءت عملية الردع الثالثة في فبراير2020م أقصى غرب السعودية مستهدفة منطقة ينبع الصناعية والنفطية التي تبعد أكثر من 1000 كيلو متر من أقرب نقطة حدودية يمنية، وتم تنفيذها بـ12 طائرة مسيرة من نوع صماد3 وصاروخين من نوع قدس المجنح، وصاروخ ذوالفقار الباليستي الذي كشف عنه لأول مرة في العملية.
ومع استمرار السعودية وحلفائها في عدوانهم وحصارهم على اليمن، أعلن ناطق القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع الثلاثاء 23 يونيو 2020م، تنفيذ العملية الهجومية الأكبر على عاصمة العدو السعودي “توازن الردعِ الرابعة” بعدد كبير من الصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيرة الهجومية.
وعلى خلاف عمليات توازن الرعب الثلاث السابقة، فقد طالت هذه المرة صواريخ قدس وذو الفقار وطائرات صماد3 المسيرة مواقع ومقرات عسكرية وسيادية أكثر تحصينا ومتباعدة في نطاقها الجغرافي، مستهدفت وزارة الدفاع السعودية ومقر الاستخبارات وقاعدة سلمان الجوية في العاصمة الرياض المليئة بالخبراء والجنود الأمريكيين، بالإضافة إلى أهداف عسكرية في نجران وجيزان، وقد استمرت العملية لساعات طويلة.
وأنذرت “عملية توازن الردع الرابعة بما هو أشد”، وفقا لما أكده رئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام، ناصحا “تحالف العدوان أن يتعاطى بجدية معها، وهو ما أكدته القوات المسلحة في بيانها، موضحة أنها “ستنفذ المزيد من العمليات العسكرية الأشد والأقوى حتى رفع الحصار ووقف العدوان وتحقيق الحرية والاستقلال”.
وهكذا أثبت الجيش اليمني مصداقية كبيرة في تنفيذ تهديداته السابقة، ونذكر هنا أنه مع الذكرى الخامسة لبدء العدوان، الذي أعلن من واشنطن في مارس 2015م، كشف العميد سريع استراتيجية القوات المسلحة في ضرب عمق دول العدوان إن هي لم تنصع لمبادرة السلام التي أطلقها الرئيس المشاط، مؤكدا أن هذه الاستراتيجية تشمل “توسيع بنك أهداف قواتنا ليشمل مراكز حيوية وحساسة على طول وعرض جغرافيا دول العدوان وأن بنك أهداف قواتنا ينقسم إلى ثلاثة مستويات بحسب الأهمية”.
واكتفى سريع حينها بالحديث عن المستوى الأول الذي “يتضمن 9 أهداف بالغة الأهمية منها ستة أهداف في السعودية وثلاثة في الإمارات”، مؤكدا أن “الاستمرار في استهداف شعبنا وبلدنا يعني استمرار قواتنا في الرد المشروع والمناسب، وذلك بضربات موجعة على ما تختاره القيادة من المستويات الثلاثة لبنك الأهداف”، موضحا أن “القدرة الهجومية لسلاح الجو المسير تضاعفت بنسبة 400% عما كانت عليه في العام السابق”.
ويرى مراقبون أن عمليات الردع وآخرها النسخة الخامسة يوم امس الأول تفرض معادلة جديدة مفادها أنه لا مكان آمن على امتداد الجغرافيا السعودية، فاليمن يمتلك القدرة على ضرب أهداف كثيرة ومتنوعة حتى تلك الأكثر تحصينا والخاضعة للحماية الأمريكية المباشرة، وأن ضربات “الوجع الكبير” التي توعدهم بها قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي ستتوالى إن لم تنصع مملكة العدوان لصوت العقل وتعود لرشدها وتجنح للسلام.