الدكتور عادل الحوشبي- وكيل قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية في وزارة التخطيط لـ”الثورة “: توسع تحالف العدوان في الحرب الاقتصادية أدَّى إلى تبعات كارثية في تلبية الحد الأدنى من وظائف ومهام الحكومة
قال الدكتور عادل محمد الحوشبي وكيل قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية في وزارة التخطيط إن التقرير الاقتصادي السنوي الذي أعلنته الوزارة مؤخراً قيَّم حالة الاقتصاد خلال فترة العدوان والحصار 2015-2019م، استنادا إلى تقييم التطورات الاقتصادية الكلية التي شهدها ويشهدها الاقتصاد المحلي في ظل استمرار العدوان والحصار منذ خمسة أعوام والدخول في العام السادس وما نتج عنه من إضعاف القدرات الإنتاجية لليمن وتبديد طاقاته المادية والمالية والبشرية وتعطيل النشاط الاقتصادي والصادرات النفطية وغير النفطية، فضلاً عن إلحاق أضرار بالغة بالبنية التحتية، وتعليق الخدمات العامة الأساسية على نطاق واسع.
مشيرا إلى أن العدوان والحصار تسببا في فقدان حصيلة صادرات النفط والغاز والتي كانت تعد المصدر الأول للموارد العامة وعرض النقد ، الأمر الذي أحدث نقصاً حاداً في كمية النقد الأجنبي المتاحة للاقتصاد، وانخفاض الإيرادات العامة بصورة كبيرة، إلى جانب النتائج الأخرى للصراع والمتمثلة في انقسام مؤسسات الدولة وأهمها البنك المركزي اليمني، وبالتالي محدودية المعروض من النقد الأجنبي اللازم لتغطية الواردات الأساسية، وتراجع الموارد المالية العامة وعجزها عن الوفاء بفاتورة الرواتب والأجور لموظفي القطاع العام، إلى جانب ارتفاع معدلات التضخم وتدهور قيمة العملة المحلية بشكل كبير وتفاقم الأزمة الإنسانية واتساعها لتصل إلى أكبر أزمة إنسانية يشهدها العالم في الوقت الراهن.
مؤكدا أن تدهور الموارد العامة بسبب الحصار والعدوان واستيلاء تحالف العدوان على موارد النفط والغاز وموارد المطارات والموانئ والمنافذ البرية ووضع القيود على عمليات الاستيراد والتصدير، وتدميره المرافق العامة كالطرقات والمرافق التعليمية والمشاريع الصناعية والزراعية والخدمية سواء في القطاع العام أو في القطاع الخاص، كل ذلك أدى بالمحصلة إلى تدهور كبير في مقدار الإيرادات العامة للدولة وزاد من الضغوط على وزارة المالية، كما أن الحصار والعدوان أديا أيضاً إلى توقف نشاط العديد من الوحدات الاقتصادية وتوقف إيراداتها وبالتالي انخفاض ما كانت تتحصل عليه الخزينة العامة من فائض نشاط تلك الوحدات، بل أدى ذلك إلى تحمل الخزينة العامة التزامات جديدة لتغطية مصاريف تلك الوحدات مرتبات موظفيها.. المزيد من التفاصيل في سياق الحوار التالي:لقاء/
أحمد المالكي
بداية نريد أن تعطونا لمحة موجزة عن أهم الجوانب التي ركز عليها التقرير الاقتصادي 2019/2020م؟
-لقد تضمن التقرير عرضا وتحليلا للبيانات والمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية وتطوراتها السنوية واتجاهاتها مقارنة بسنوات سابقة، كما يتضمن في طياته أهم القضايا الاقتصادية والاجتماعية ذات الأهمية والتي تحتاج إلى تعمّق في الدراسة والبحث عن حلول ناجعة لمواجهتها، وقد واحتوى التقرير على أربعة محاور هي:
– الوضع الاقتصادي والقضايا الحرجة.
– تحليل الوضع الاجتماعي والإنساني.
– التمويل الدولي وشركاء التنمية.
– الاتجاهات المستقبلية للاقتصاد اليمني.
التقرير السنوي من أهم الإصدارات لقطاع الدراسات بالوزارة وكان يصدر بشكل منتظم حتى 2013م.. لماذا تأخر إلى هذا الوقت؟
-يصدر قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية في وزارة التخطيط الكثير من الإصدارات الدورية وغير الدورية، الاقتصادية والاجتماعية ومنها التقارير والدراسات والاستراتيجيات القطاعية والنشرات الاقتصادية والاجتماعية ولعل أبرزها هو التقرير الاقتصادي السنوي، وكان آخر إصدار له عام 2013م، وبعدها انقطع إصداره انقطاعا تاماً حتى عام 2020م، بسبب الظروف التي مرت بها البلاد من أحداث ومن أهمها شن العدوان وفرض الحصار البري والبحري والجوي والتداعيات الاقتصادية والاجتماعية لمختلف فئات الشعب اليمني وموظفي الدولة الشريحة الأكثر تضررا.
أما تأخر إصدار التقرير الاقتصادي 2019 – 2020م فهو لعدة أسباب من أهمها: شحة الموارد المالية وتشتت الكوادر وصعوبة الحصول على البيانات المطلوبة، وقد بذلنا ما بوسعنا من أجل إعداد وإصدار هذا التقرير ليكون بداية لإصدارات دورية مستمرة لمختلف الأعمال التي ينجزها القطاع من ضمنها التقرير الاقتصادي السنوي.
التقرير الاقتصادي 2019 – 2020م الذي أعلنتم عنه مؤخرا.. هل واكب الظروف التي أوجدها العدوان بالتعرف على الفرص المتاحة للتخفيف من الآثار الاقتصادية والاجتماعية؟
-بالتأكيد، لقد قيَّم التقرير حالة الاقتصاد خلال فترة العدوان والحصار 2015 – 2019م استنادا إلى تقييم التطورات الاقتصادية الكلية التي شهدها ويشهدها الاقتصاد المحلي في ظل استمرار العدوان والحصار منذ خمسة أعوام والدخول في العام السادس وما نتج عنه من إضعاف القدرات الإنتاجية لليمن وتبديد طاقاته المادية والمالية والبشرية وتعطيل النشاط الاقتصادي والصادرات النفطية وغير النفطية، فضلاً عن إلحاق أضرار بالغة بالبنية التحتية، وتعليق الخدمات العامة الأساسية على نطاق واسع، كما تسبب العدوان والحصار في فقدان حصيلة صادرات النفط والغاز التي كانت تعد المصدر الأول للموارد العامة وعرض النقد الأجنبي، الأمر الذي أحدث نقصاً حاداً في كمية النقد الأجنبي المتاحة للاقتصاد، وانخفاض الإيرادات العامة بصورة كبيرة، إلى جانب النتائج الأخرى للصراع والمتمثلة في انقسام مؤسسات الدولة وأهمها البنك المركزي اليمني، وبالتالي محدودية المعروض من النقد الأجنبي اللازم لتغطية الواردات الأساسية، وتراجع الموارد المالية العامة وعجزها عن الوفاء بفاتورة الرواتب والأجور لموظفي القطاع العام، إلى جانب ارتفاع معدلات التضخم وتدهور قيمة العملة المحلية بشكل كبير وتفاقم الأزمة الإنسانية واتساعها لتصل إلى أكبر أزمة إنسانية يشهدها العالم في الوقت الراهن، وركز التقرير على المجالات والقطاعات الإنتاجية الواعدة التي يمكن أن تسهم في التخفيف من آثار العدوان والحصار.
ما مدى ارتباط التقرير بالرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة؟
-التقرير أعد وأنجز في قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية بوزارة التخطيط كأحد أنشطة خطة القطاع المنفذة في إطار الرؤية الوطنية، المرحلة الأولى 2019 – 2020, وبالتالي هناك ارتباط وثيق بين الأهداف والمبادرات التي تضمنتها الرؤية الوطنية وبين محاور التقرير التي تبين التطورات الاقتصادية والاجتماعية الجارية خلال كل مرحلة من مراحل الرؤية.
تقرير 2019 – 2020م هل استشرف الاتجاهات المستقبلية للاقتصاد اليمني؟
برغم النتائج الكارثية للعدوان والحصار على الاقتصاد اليمني، إلا أن هناك العديد من الجهود التي تبذل من قبل العديد من المؤسسات الوطنية والقطاع الخاص للحد من تداعيات ونتائج العدوان والعمل على استعادة التعافي الاقتصادي وتعزيز النمو من خلال إعداد الرؤى والخطط اللازمة لتعزيز النمو. وبناءً على المعطيات السابقة سيتم استشراف النمو للعامين 2020 و2021م وفقا لسيناريو النمو الاقتصادي المحتمل حيث يتوقع سيناريو النمو الاقتصادي أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نمواً موجباً خلال العامين 2020 و2021م بحوالي 1 % و2 % توالياً نتيجة توقع نمو الناتج الحقيقي للقطاعات غير النفطية بحوالي 1% و2% لنفس الفترة والناجم عن تحقيق قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات معدلات نمو موجبة
هناك من يعيب على التقرير عدم إشراك أو اطلاع الجهات الاقتصادية المعنية كوزارة المالية ووزارة الصناعة والتجارة وغيرهما واعتماده على التقارير الدولية والجهاز المركزي للإحصاء فقط؟
– لم يعتمد التقرير على بيانات أو تقارير الجهاز المركزي للإحصاء فقط ، بل تم جمع البيانات من الجهات ذات العلاقة، مثل المالية والجهات التي تنتمي للقطاعات الإنتاجية وقد خاطبنا الكثير منها وخاصة تلك المرتبطة بالمجالات والقضايا الاقتصادية والاجتماعية وفي بعض الأحيان لا نلقى تجاوبا وفي احسن الأحوال يكون هناك تأخير أو تلكؤ في موافاتنا بالبيانات والإحصائيات المطلوبة، وقد عالجنا مثل هذه الاشكالية عبر تحديث قنوات اتصالنا مع الجهات ذات العلاقة، وتبقى البيانات والإحصائيات المستمدة من الجهاز المركزي للإحصاء هي الأسهل والأقرب إلينا وذات مصداقية عالية ونعتمد عليها بشكل كبير، كونها مأخوذة من الجهات نفسها .
ورد في التقرير أن معدل نمو الناتج الإجمالي المحلي كان مدفوعا بنمو القطاعات الإنتاجية مع ملاحظة حدوث تغيير هيكلي في الاقتصاد ككل خلال الفترة 2015 – 2020م لماذا برأيكم؟
حقق الناتج المحلي الإجمالي نموا إيجابيا خلال العام 2019م لأول مرة منذ بدء العدوان، إلى بلغ نحو 1.6%, مقارنة بعام 2018م، ورغم ضآلته إلا أنه كان جيداً وبداية لاستعادة التعافي الاقتصادي ومقارنة بما حققه في العام 2018م، بالإضافة إلى أهميته في الدفع بعجلة النمو الاقتصادي، في إطار تحقيق الصمود الاقتصادي والتنمية كمسار ملازم لمسار الرؤية الوطنية التي تستهدف استعادة التعافي الاقتصادي وتحقيق الاستقرار وتعزيز بناء الدولة اليمنية الحديثة.
كما أن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي كان مدفوعا بنمو القطاعات الإنتاجية، ونتيجة لوجود هذا النمط من النمو، فقد لوحظ حدوث تغيير هيكلي في الاقتصاد ككل خلال الفترة 2019-2020م، حيث ارتفعت مساهمة القطاعات الإنتاجية من 28.1% من إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الثابتة عام 2014م إلى 31.7% عام 2019م.
هل بالإمكان إعطاؤنا لمحة موجزة عن الخسائر الاقتصادية أو ما يسمى بتكلفة الفرصة الضائعة في الناتج المحلي الإجمالي.. وما هي الأسس التي بنيتم عليها في هذا المؤشر؟
الخسائر الاقتصادية (تكلفة الفرصة الضائعة) هي الفاقد في قيمة إنتاج المجتمع من السلع والخدمات في الناتج ويقدر الانكماش التراكمي في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي(GDP) بنحو-46.4% نهاية عام 2019م مقارنة مع عام 2014م.
ويقدر حجم الخسائر القيمية للناتج المحلي التراكمية خلال فترة العدوان الحصار 2015-2019م، بحوالي 93.4 مليار دولار، بمتوسط سنوي خلال الفترة بلغ 18.7 مليار في السنة، ما يعني أنه مع نهاية عام 2020م تقدر الخسائر التراكمية خلال الفترة 2015-2020م حوالي ما بين 112-115 مليار دولار ولا تتضمن هذه الخسائر الأضرار البشرية والصحية المباشرة وغير المباشرة، والتدمير الذي لحق بالبنى التحتية والمنشآت الإنتاجية والخدمية، وتعطيل كثير من الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، والتداعيات الناتجة عن الأزمات الحادة في السيولة النقدية وفي المشتقات النفطية والكهرباء والغذاء والمياه والنقل والتعليم والرعاية الصحية وغيرها.
ما هي الأولويات التي جاءت في التقرير لتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين والتي تأثرت بسبب العدوان والحصار؟
– من أجل تحسين المستوى المعيشي ونصيب الفرد من الدخل يتطلب الأمر المزيد من الجهود ومجموعة من السياسات والإجراءات التي تسهم في تحسين الوضع الاقتصادي واستقراره وتحقيق معدلات نمو موجبة ولن يتأتى ذلك إلا بتضافر كل الجهود لتجاوز كل الآثار والتداعيات والأحداث التي تواجه اليمن منذ عام 2015م، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام، أما الأولويات لتحسين الأوضاع المعيشية والتي وردت في التقرير فأهمها ما يلي:
-دعم الأسر الفقيرة والمتضررين، والمتضررين بشدة والنازحين والذين فقدوا مساكنهم وأصولهم ومصادر سبل العيش.
-توفير فرص عمل ومشاريع إنتاجية مولدة للدخل وفرص العمل مع استمرار دعم الحماية الاجتماعية إلى أن يتمكنوا من استعادة أصولهم وامتلاك الأصول، وفرص العمل المنتجة والتخفيف من الفقر وذلك بمساعدتهم في الحصول على المياه النظيفة والصرف الصحي وخدمات الصحة والتعليم.
-دعم الأسر التي ترأسها نساء والفئات الضعيفة.
-صرف المنح والمساعدات النقدية والعينية للأسر الضعيفة والفقيرة والنازحين مقابل إرسال أبنائهم وخاصة الإناث إلى المدارس واستمرار تعليمهم.
-دعم برامج خلق فرص العمل المنتجة والمستدامة والتوظيف اللائق، لتوفير الدخل ورفع النمو الشامل والمستدام للقضاء على الفقر وتمكين الفئات الضعيفة اقتصاديا، حتى يتمكن الجميع من الحصول على الخدمات الصحية وخدمات التعليم بشكل جيد، وتسريع الوصول لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
-دعوة المانحين لدعم برامج الحماية الاجتماعية واستمرارها مع عملية التعافي وإعادة الإعمار، لمساندة الفقراء والفئات الضعيفة والمهمشين وغيرهم ممن يعانون الفقر والعوز والحرمان.
-دعم الموازنة العامة للدولة بمنح ومساعدات خارجية، وتعزيز الإيرادات لصرف مرتبات موظفي الجهاز الإداري للدولة ومنها قطاعي الصحة والتعليم.
ماذا عن مؤشرات الفقر؟
– تشير التقديرات إلى ارتفاع نسبة السكان تحت خط الفقر الوطني بحوالي 30 نقطة مئوية من 48.6 % في مسح ميزانية الأسرة عام 2014م إلى 79 % عام 2018م، ومع استمرار العدوان والحصار الاقتصادي وصعوبة الأوضاع الإنسانية فإن معدلات الفقر مرشحة للزيادة إلى معدلات تفوق 80 % خلال عام 2020م.
الموازنة العامة للدولة واجهت ظروفا استثنائية في عام 2015م ولم تتمكن من القيام بالحد الأدنى من وظائفها التنموية والإنسانية.. كيف ناقش التقرير هذه المسألة؟
تقلصت الإيرادات بشكل كبير خلال سنوات العدوان، ففي عام 2014م بلغت الإيرادات حوالي 2285 مليون ريال وتقلصت إلى حوالي 1093 مليون ريال في عام 2015م متراجعة بنسبة 52.2 % أي أكثر من النصف، بينما ظلت النفقات العامة بحدود 1938مليون ريال من ضمنها بند المرتبات بحدود 938 مليون ريال، وعدم توقع شن العدوان وفرض الحصار وعدم جهوزية الحكومة لمواجهة التداعيات الناجمة عن العدوان وتوسع دول تحالف العدوان في الحرب الاقتصادية، كانت له تبعات كارثية في تلبية الحد الأدنى من وظائف ومهام الحكومة التنموية والإنسانية.
ترتب على العدوان والحصار الاقتصادي العديد من التحديات في مجال المالية العامة.. كيف تناول التقرير هذا الجانب؟
-أبرز التحديات التي تناولها التقرير في مجال المالية العامة ما يلي:
تدهور الموارد العامة بسبب الحصار والعدوان واستيلاء تحالف العدوان على موارد النفط والغاز وموارد المطارات والموانئ والمنافذ البرية ووضع القيود على عمليات الاستيراد والتصدير، وتدمير العدوان المرافق العامة كالطرقات والمرافق التعليمية والمشاريع الصناعية والزراعية والخدمية سواء في القطاع العام أو في القطاع الخاص، وهو ما أدى بالمحصلة إلى تدهور كبير في مقدار الإيرادات العامة للدولة وزاد من الضغوط على وزارة المالية.
كما أدى الحصار والعدوان أيضاً إلى توقف نشاط العديد من الوحدات الاقتصادية وتوقف إيراداتها وبالتالي انخفاض ما كانت تتحصل عليه الخزينة العامة من فائض نشاط تلك الوحدات، بل أدى ذلك إلى تحمل الخزينة العامة التزامات جديدة لتغطية مصاريف تلك الوحدات مرتبات موظفيها.
وأيضاً تزايدت بشكل كبير جداً الأعباء المالية والنفقات الضرورية المطلوبة لمواجهة العدوان داخليا وخارجياً، وذلك لمواجهة متطلبات الجبهات والجانب الأمني والصحي والتعليمي والإغاثي لأسر الشهداء والنازحين والحفاظ على بقاء واستقرار مؤسسات الدولة واستمرارها في تقديم خدماتها وغيرها من الالتزامات.
ماذا عن الوضع الراهن في القطاع المصرفي، وما هي برأيكم أبرز السياسات والإجراءات المقترحة لتفعيل هذا القطاع؟
– القطاع المصرفي في اليمن من البنوك التجارية والإسلامية التي بلغ عددها 17 بنكاً، منها 4 بنوك إسلامية في عام 2017م، وبلغت محلات الصرافة المرخص لها من البنك المركزي 553 محل صرافة حتى نهاية عام 2017م، ويتسم السوق المصرفي في اليمن بتركيزه حيث تمتلك 4 بنوك حوالي 59% من إجمالي فروع البنوك.
وعلى المستوى الجغرافي تستحوذ 5 محافظات على حوالي 74% من إجمالي عدد فروع البنوك العاملة في اليمن، كما أن حوالي 70% من السكان يعيشون في المناطق الريفية، بينما التغطية الجغرافية لفروع البنوك تقتصر على المناطق الحضرية، وهذا يعكس محدودية الانتشار الجغرافي للبنوك، ما يضعف فرص التعامل مع الجهاز المصرفي، كما أن انتشار البنوك بشكل عام غير كافٍ، وبالتالي لا تصل الخدمة المصرفية إلى شريحة كبيرة من الناس، فهناك فرع بنكي واحد لكل 115 ألف شخص، ما يعني نقصاً في فرص الاستفادة من خدمات الجهاز المصرفي لشريحة واسعة من المواطنين، فيما بلغت نسبة البالغين (15 سنة فأكثر) الذين لهم حساب مصرفي حوالي 19.6% عام 2018م وهذه نسبة متدنية جدا.
أما السياسات والإجراءات المقترحة لتفعيل هذا القطاع فمن أبرزها ما يلي:
-تعزيز الثقة في القطاع المصرفي.
-تعزيز مجالات الرقابة على شركات ومحلات الصرافة.
-عمل محفزات لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
-استكمال إجراءات إنشاء مؤسسة ضمان القروض.
-دعم البنك المركزي ليقوم بوظائفه المتعلقة بإدارة السيولة والاحتياطيات واستعادة الثقة المحلية والدولية للنظام المالي والمصرفي في اليمن.
-وضع معالجة عاجلة لمواجهة الصعوبات في تسيير طلبات الاعتماد وخطابات الضمان.
-تشجيع البنوك والمؤسسات المالية على تقديم الائتمان لدعم القطاع الخاص.
-تقديم المساعدة الفنية للمؤسسات المالية لتنفيذ إعادة هيكلة القروض المتعثرة.
-تحسين العلاقات مع البنوك والمؤسسات المالية الأجنبية.
سعر صرف العملة الوطنية يعتبر من أهم وأخطر المؤشرات التي تؤثر على مختلف المستويات المعيشية والإنسانية والأمن الغذائي.. كيف تناولتم هذا الوضع؟
-يعتبر سعر صرف الدولار من المؤشرات الأكثر خطورة التي تؤثر بقوة على مستويات الأمن الغذائي والفقر ومستوى المعيشة، وبدون توفير مستدام لتغطية الواردات من السلع الغذائية والأساسية بالعملة الصعبة تزداد الضغوط على تدهور قيمة العملة الوطنية، ما يزيد معاناة الفقراء وذوي الدخل المحدود، وشهد سعر صرف العملة المحلية تدهورا ملحوظا حيث ارتفع متوسط سعر الصرف في السوق الموازي من 215 ريالاً/دولار عام 2015م إلى 678 ريالاً/دولار لمتوسط البلاد خلال شهر أغسطس 2020م، ليرتفع إلى مستويات تتراوح بين 745-751 ريالاً/دولار وأكثر في المناطق التي تقع تحت سيطرة التحالف الإماراتي السعودي الأمريكي ومرتزقتهم، مقابل 605 ريالات/دولار في المناطق التي تقع تحت سيطرة حكومة الإنقاذ الوطني، وهذا الفارق تولّدت عنه أضرار كبيرة لدى كثير من الأسر التي تتلقى تحويلات بين المحافظات، حيث تقدر تكلفة الحوالة بنسبة تصل إلى حوالي 30 % من قيمة المبلغ، كما أن ارتفاع سعر الصرف يعتبر أحد المخاطر الرئيسية التي تهدد الحياة المعيشية للأسر والاقتصاد، ويؤدي انخفاض قيمة الريال (ارتفاع سعر الصرف) بنسبة 10 % إلى زيادة معدل الفقر بما يتراوح بين 2.3 إلى 5.6 نقطة مئوية، تبعًا للزيادة في أسعار المواد غير الغذائية، كما ساهمت جملة من العوامل بشكل سلبي على سعر الصرف، منها تداعيات العدوان وتوقف صادرات النفط والغاز، وطباعة النقود، حيث بلغ التداول النقدي خارج البنوك 2453 مليار ريال عام 2018م مقارنة مع 1893 مليار ريال عام 2017م بنسبة زيادة 29.6 % ويتوقع استمرار ارتفاع الإصدار النقدي إلى معدلات مرتفعة، ما يزيد المعاناة لمختلف شرائح المجتمع الفقيرة والمتوسطة.
ماذا عن قطاع الإنتاج الزراعي والثروة الحيوانية.. كيف يمكن تحسين الوضع في هذا القطاع؟
-يعتبر القطاع الزراعي قطاعا حيوياً للأمن الغذائي ومكافحة الفقر والاستقرار الاجتماعي، حيث يوفر حوالي 25.20% من إجمالي الأغذية المتوفرة في البلاد، ويستدعي الأمر تطوير الإنتاجية الزراعية وصيد الأسماك والتركيز على الميزة النسبية التي يمكن أن تساهم في الحد من انعدام الأمن الغذائي والفقر والبطالة، ويتطلب العمل على تعزيز الفرص الاستثمارية التي يتمتع بها وتعزيز نمو القطاع الزراعي في الخطة المرحلية الثانية 2021 – 2025م، كما يلعب القطاع الزراعي دورا كبيرا في تحسين التوازن التجاري، والجهود المبذولة لتحقيق تنمية ريفية متكاملة، إضافة إلى ذلك يساهم القطاع الزراعي في تحقيق الاستقرار السكاني من خلال الحدّ من الهجرة الداخلية ومشاكلها الاجتماعية والاقتصادية ذات العلاقة، ويعتبر قطاع الزراعة عنصراً رئيسياً في إدارة الموارد الطبيعية والحفاظ على البيئة.
أما السياسات التي تعمل على تحسين الوضع في القطاع الزراعي فمن أهمها ما يلي:
-التوسع في زراعة الحبوب وتحسين إنتاجية الثروة الحيوانية.
-إعطاء دور أكبر للمرأة الريفية للمساهمة في تأمين جزء من الاحتياجات الغذائية.
-إدخال تقنيات حديثة في الزراعة المطرية تتلاءم مع الممارسات التقليدية.
-رفع كفاءة استخدام مياه الري، بإدخال تقنيات وأنظمة ري كفؤة وملائمة.
-الاستمرار في إقامة الحواجز المائية، والسدود الصغيرة والتشجيع على استخدام تقنيات حصاد مياه الأمطار.
-مواصلة سياسة الحكومة في تشجيع وتطوير الحركة التعاونية والمشاركة الشعبية.
-تشجيع المزارعين للتحول نحو زراعة المحاصيل الأساسية والنقدية.
-تعزيز دور صندوق تشجيع الإنتاج الزراعي والسمكي لتمويل تنفيذ المشروعات.
من أهم التوجهات الرئيسية للقيادة الثورية والسياسية تحقيق الاكتفاء الذاتي وتوطين التكنولوجيا ودعم التصنيع المحلي.. كيف ناقش التقرير هذه الجزئية؟
– سياسات تحقيق الاكتفاء الذاتي وتوطين التكنولوجيا ودعم التصنيع كثيرة ومتنوعة وتشمل العديد من القطاعات في السياسات وبرامج العمل في القطاع الصناعي يتمثل أهمها في ما يلي:
-معالجة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والمرافق الأساسية اللازمة للاستثمار والإنتاج الصناعي.
-تنمية الصناعات الصغيرة والمتوسطة لأهميتها في تقليص الفقر والبطالة، وتطوير أساليب مبتكرة لدعمها، لاسيّما من خلال التجمعات العنقودية والشبكات ومجموعات الدعم الذاتي وحاضنات الأعمال.
-وضع برامج تنفيذية لزيادة إنتاج المؤسسات الصناعية العامة مثل الإسمنت والصناعات الغذائية والنسيجية ومعالجة المشاكل الفنية والإدارية التي تواجهها.
-دعم القطاع الخاص الصناعي من خلال توفير الخدمات الأساسية للقطاع وتعزيز جهود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتشكيل البنى المؤسسية اللازمة لتنفيذها والإشراف عليها.
بالإضافة إلى اتخاذ سياسات وإجراءات محددة لتطوير كل قطاع من القطاعات الإنتاجية، وتنمية الموارد البشرية وتطوير البحث العلمي، كلها تسهم في رفع مستوى الاكتفاء الذاتي وتوطين التكنولوجيا وتدعم التصنيع المحلي.
ما هي توقعاتكم للاتجاهات المستقبلية للاقتصاد اليمني في ظل ما فرضه العدوان والحصار من تعطيل النشاط الاقتصادي والإنتاجي؟
-من المتوقع أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نمواً موجباً خلال العامين 2020 و2021م بحوالي 1 % و2 % على التوالي، نتيجة توقع نمو الناتج الحقيقي للقطاعات غير النفطية بحوالي 1 % و2 % لنفس الفترة والناجم بدوره عن تحقيق قطاعات الزراعة والصناعة وقطاع الإنشاءات والبناء والخدمات معدلات نمو موجبة، كما يتوقع أن يحقق ناتج القطاع النفطي معدل نمو إيجابي بحوالي 1.4 % و2.5 % للعامين 2020 و2021م على التوالي.
ما هي الأنشطة التي يقوم بها قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية في وزارة التخطيط غير إصدار التقارير، وما هي الصعوبات التي تواجهونها.؟
– في الحقيقة لدى القطاع الكثير من المهام والاختصاصات التي لا يتمكن من القيام بها نتيجة للصعوبات والتحديات أبرزها شحة الموارد والمخصصات المالية، فلا توجد أي مخصصات مالية أو نفقات تشغيلية معتمدة للقطاع من وزارة المالية، منذ شن العدوان وفرض الحصار على بلادنا، ومن المهام والاختصاصات ما يلي:
-إعداد الخطط والبرامج والاستراتيجيات الحكومية والقطاعية.
-إعداد الدراسات والأبحاث والتقارير والنشرات وأوراق العمل.
-إعداد الموازنات الحكومية والبرامج الاستثمارية.
-إعداد دراسات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
-إقامة الدورات التدريبية النوعية لموظفي الدولة في المجالات الاقتصادية.
في ختام هذا اللقاء ماذا تقولون؟
أشكركم على إتاحة الفرصة لنا، وإن شاء الله سنلتقي في فعاليات خاصة بإصدارات جديدة للقطاع أهمها التقرير الاقتصادي والاجتماعي 2020م، الذي سوف نحاول إصداره بأفضل صورة ممكنة وإن شاء الله يكون شاملا لمختلف القضايا الاقتصادية والاجتماعية.