مدير عام الآثار في محافظة إب خالد غالب في حديث الصراحة لـ”الثورة ” عن واقع الآثار والمتاحف: المواقع التاريخية في اب تتعرض لتدمير ممنهج من قبل لصوص الاثار
تعتبر محافظة إب من المحافظات اليمنية التي تزخر بموروث تاريخي وحضاري متجذر منذ القدم ، وتملك العديد من الشواهد الأثرية والتاريخية الماثلة للعيان، والتي تروي أصالة هذه المحافظة وتاريخها العظيم الذي شهد قيام اعظم الحضارات وأقدمها منذ الدولة الحميرية التي اتخذت من منطقة ظفار وجبال العود دولة وحضارة كاملة الأركان والمعالم..
لم يقف التاريخ هنا فحسب بل ما شهدته منطقة السياني ” قرية مريت ” من اكتشاف مومياء تعود إلى آلاف السنين وتمثل إرثاً تاريخيا عظيما تتعاظم معه مهام وواجبات قيادة البلد والسلطة المحلية ومكتب الهيئة العامة للآثار في المحافظة ، خصوصا في ظل الأعمال التخريبية ونبش الآثار والمعالم التاريخية وسرقتها من قبل عصابات منظمة وتدمير ممنهج لكل تاريخنا وحضارتنا وإرثنا العظيم..
“الثورة” التقت مدير عام مكتب الهيئة العامة للآثار والمتاحف في محافظة إب الأخ / خالد غالب الذي سلط الأضواء على الإرث التاريخي للعديد من المواقع والمناطق في محافظة إب والهجمة الشرسة التي تتعرض لها الآثار والمواقع الأثرية من قبل عصابات سرقة الآثار والعابثين بالتاريخ والتراث ودور مكتب الآثار في حماية الآثار والمواقع الأثرية والمتاحف، وأهمية التراث، ودور المجتمع والسلطة المحلية في حماية الآثار وعدد من القضايا.. نتابع كل ذلك في هذا اللقاء:الثورة /
محمد الرعوي
تزدان محافظة إب بالعديد من المناطق الأثرية والتاريخية الغنية منذ آلاف السنين بالشواهد التاريخية التي ما تزال شاهده على عظمة تاريخ هذا الوطن والدويلات التي حكمته وشيدت معالمه منذ القدم.. كيف لنا أن نعرض بإيجار مثل هذه العظمة وهذا التاريخ العريق؟
– نحن عندما نتحدث عن موقع اليمن الاستراتيجي والتاريخي الذي يعرفه العالم بأسره ،فإننا نتحدث عن أقدم الحضارات التي عاشت وخلد ذكرها على مر التاريخ فاليمن اسم ذو تاريخ عريق، ومحافظة إب على وجه التحديد تزدان بمخزون وإرث تاريخي وحضاري كبير جداً لا يضاهيه تاريخ أو حضارة وهي واحدة من محافظات ومناطق اليمن الغنية بهذا الإرث والموروث الحضاري والتاريخي الذي تزخر به العديد من المناطق الأثرية والتاريخية مثل منطقة ظفار وآثارها وكذا منطقة العود أو جبل العود والمدينة القديمة بمدارسها وأبوابها وقصورها ومساجدها وغيرها من المناطق التي لا زالت معالمها من قصور وحصون وقلاع وسدود ومقابر صخرية شاهدة على هذا التاريخ العظيم، ولسنا هنا بصدد استعراض تلك المسميات والمناطق والآثار التي فيها بقدر ما نأسف على أن العديد من المناطق والآثار التي تم اكتشافها كان إما بالصدفة أو عن طريق التنقيب والنبش والعبث والسطو من قبل مواطنين أو لصوص آثار، ،بمعني أن معظم المناطق المكتشفة لم يكن اكتشافها وفق دراسات علمية وبحوث وتنقيب علمي ، والآن لا زال ذلك العبث بالتاريخ والآثار والحضارة مستمراً كما حصل في منطقة السياني واكتشاف المومياء التي تعتبر تاريخاً عظيماً ، ونحن اليوم في حدث عظيم جداً إلا أن ما يؤسف له أننا كجهات مختصة لم نكتشفها نحن للأسف كي نقوم بعمل دراسة للموقع ونحرزه ونتمكن من البحث والتنقيب وفق أصول بحثية ومنهجية علمية خاصة بالتنقيب وجعل هذه المنطقة المكتشفة متحفا وموقعا أثريا، وهنا يمكنني أن أقول بملء فمي إن الآثار والمواقع والمعالم الآثرية والتاريخية تتعرض لهجمة شرسة وتدمير ممنهج فالأثار يتم العبث بها وطمس معالمها وسرقتها وهذه الظاهرة العبثية هي التي كشفت لنا للأسف هذا التاريخ العظيم من المومياء .
نحن في مكتب الآثار لا نمتلك أي إمكانيات فكما ترى مكتبنا الذي حصلنا عليه ولا زلنا كالنازحين أو اللاجئين في مكان مستعار، ومع ذلك لدينا عدد من الطموحات ( متحفنا موجود – والمبنى مفقود ) نحن بصدد عقد لقاءات لتنشيط العمل في إطار مكتبنا وموظفينا ومتخصصينا لإعداد خارطة خطة عمل تنسيقية مع الهيئة العامة للآثار ووزارة الثقافة وتحديد المواقع الأثرية التي قمنا بزيارتها وحصرها وذلك للتوعية ومنع العبث فيها، ولدينا خطط وطموح أن نبحث بحثاً علمياً دقيقاً موثقاً بتحديد الموقع الأثري وتاريخه وقيمته التاريخية والأثرية .
الهيئة العامة للآثار والمتاحف والهيئة العامة للمدن التاريخية والهيئة العامة للمخطوطات ومكاتبها في المحافظات.. ما الدور الذي تقومون به أنتم وهل هناك تنسيق يوحد جهودكم ، وماذا عن المخطوطات.. هل لديكم متحف لحفظ هذا التاريخ العظيم ؟
– بمنتهى الصراحة يؤسفني أن أقول لك إن التنسيق بين الجهات التي ذكرت ركيك جداً وشبه غائب على الرغم من أن جميعها تتبع وزارة واحده لكنا متفرقون ولا يجمعنا إطار موحد ومنظم لتوحيد جهودنا وعملنا، أما ما يخص المتاحف فكان لدينا متحف متكامل جوار القسم الشرقي في المدينة القديمة وكان لدينا متحف جاهز وموجود لكن تم تأجيره لإحدى الأسر عن طريق الأملاك وتهميش مكتب الآثار وحرماننا من هذا المتحف وما يحويه وما يمثله من أهمية بالغة بالإضافة إلى متحف آخر يستغله ويسيطر عليه أحد المقاولين باعتبار أنه الذي قام بعمل ترميمات فيه ولم تتم محاسبته ودفع حقوقه مقابل أعماله كما يدعي، ما دفع به إلى استغلاله والسيطرة عليه.. وفي ما يخص المخطوطات هناك مخطوطات سبق أن دمرت ومنها ما تم العبث به وسرقته من أماكنه قبل تحريزها أو وصولها إلينا بصورة رسمية وهناك مخطوطات محفوظة ومحرزة لدينا في عدد من المناطق منها في مسجد بإب وفي جبلة وبعض المساجد وهي بحاجة إلى ترميم وصيانة وحفظ وأرشفة ونحن في إطار توجهنا وسعينا نعمل حاليا لإعادة توثيقها وترميمها للحفاظ عليها في ظل توجهنا أيضا لدراسة المواقع الآثرية والآثار والتاريخ الموجود فيها وتحريزها بطريقة علمية وبحثية كي نحافظ على هذا التاريخ وعلى هذه الآثار وقيمتها التاريخية وبقائها في مناطقها وبذلك تتجسد عظمة التاريخ والآثار والحضارة التي تزدان بها العديد من المناطق، ونحن إلى جانب جهودنا نطلب مصداقية الناس وتعاون الجهات المختصة للحفاظ على تاريخ وحضارة اليمن وقد بدأنا التنسيق مع الجهات ذات العلاقة للقيام بالواجب الوطني الذي يقع على عاتقنا جميعا والالتزام بكل بما يمليه علينا الواجب الوطني وماضون في عمل برنامج مرتب وقانوني للحد من الهجمة والحملة الشرسة والممنهجة على الآثار وعلى الوطن.
لكن مع ذلك هناك أيضا سرقات لبعض القطع الأثرية من المواقع أو المتاحف ونبش وتدمير مواقع أثرية كما حصل لمتحف جبل العود وما حصل خلال الأيام القليلة الماضية من سرقة بعض القطع الأثرية في متحف ظفار؟
– نعم لا نخفي ذلك فقد سرقت قطعتان أثريتان من متحف ظفار كما سبق وصرحنا به لصحيفتكم الغراء وقد ضبطت الأجهزة الأمنية اثنين من المشتبه بهم في الاعتداء على متحف ظفار الأثري ، حيث تم سرقة قطعتين أثريتين الأولى ختم مصنوع من العقيق يحمل ثلاث صور قد تكون لملوك حميريين، والثاني لوحة أثرية من البرونز تحمل نصاً وأسماء كتبت بخط المسند ، فقد تعرض مبنى المتحف لكسر إحدى شبابيكه فوق باب المدخل الرئيسي وتسلل من خلالها الجناة وسرقوا القطعتين الأثريتين اللتين يعود تاريخهما إلى العهد الحميري القديم وماتزال التحقيقات جارية لكشف الجناة وإعادة المسروقات ، ونحن ندعو من خلال صحيفتكم الغراء قيادات المحافظة والشخصيات الاجتماعية والجهات المختصة إلى التدخل والتعاون مع الهيئة العامة للآثار لحماية المتاحف والمناطق الأثرية التي تشتهر بها المنطقة وتوفير كاميرات المراقبة والحماية الأمنية اللازمة للحفاظ على التاريخ والآثار في مختلف المناطق.
كل ما حصل ويحصل من سرقات وحفر عشوائي والاعتداء على الآثار.. هل تقوم به عصابات منظمة أم أنه بحث عشوائي وما الدوافع التي تدفعهم لهذا التدمير الممنهج لتاريخ وآثار الوطن ؟
– أعتقد جازماً أنها عصابات منظمة ومدفوعة من أطراف لديهم أهداف هدامة وأنا أدعو الشخصيات الاجتماعية وكل الموطنين الشرفاء للتعاون الجاد معنا ومع وطنهم والإبلاغ عن أي حالة حفر أو محاولة سرقة أو تخريب أو اعتداء على أي منطقة خصوصاً في ظل ما انتشر مؤخراً من ظاهرة حفر في المقابر القديمة وقبب الأولياء الصالحين بحجج واهية ، وهنا نؤكد أن هذه آثار وفلكلور تاريخي يجب الحفاظ عليه لأنه يدل على عظمة وعراقه الإنسان اليمني منذ القدم الذي تعايش مع الآخرين وبنى حضارات ودويلات منذ الأزل، فالسرقات قد تتم لطمس آثار وتاريخ الوطن وبعضها للبحث عن الأموال المشبوهة ووهم الكنوز، وأحيانا الغباء والتوهم بوجود الكنوز دفع الناس للحفر العشوائي وتدمير بعض المعالم والآثار.
تحتاج الآثار إلى خبراء في البحث عن المخطوطات وترقيمها وكذا وضع خطط وآليات التنقيب والتحريز ووصف المناطق الأثرية وتاريخها.. هل لديكم أي خبراء أو متخصصين للحصر والدراسة لتزويدكم ببعض البيانات عن التاريخ والآثار التي لا زالت تزدان بها عدد من المناطق ؟
-لدينا خبراء ومتخصصون في الهيئة العامة للآثار ومن كبار الخبراء الدارسين في ألمانيا ودول الخارج لكن في الظروف الصعبة ربما البعض منهم تفرغ للبحث عن عمل ومصدر رزق له ولأسرته ، وهناك خطط وبرامج موجودة ومرتبة وقد سبق التنسيق والاتفاق مع بعض المنظمات والخبراء للبدء في التنقيب وهناك خرائط ودراسات محرزة وما اكتشف الآن سيدون ليكون إضافة إلى الخرائط والدراسات والمواقع السابقة، إلا أن الوضع حالياً لا يساعدنا نتيجة العدوان على البلد والحصار والضغوط التي تمر بها البلد لكن بإذن الله تعال ستهدأ الأمور وتتحسن الأوضاع ونستطيع وضع خطط وبرامج لزيارة المواقع الأثرية والتاريخية والعمل وفق تلك البرامج والخطط المنظمة إضافة إلى ما هو موجود في الهيئة العامة للآثار .
هناك العديد من المواقع والمناطق الأثرية والتاريخية سبق التنقيب فيها أو اكتشاف آثار وقطع أثرية فيها وتحريزها مثل مناطق العود وظفار وحالياً السياني.. هل ستبقى هذه المناطق ضمن اهتماماتكم للبحث فيها والحفاظ عليها؟ وهل ما تم اكتشافه وتحريزه من آثار وقطع أثرية وتاريخيه محرز وفي مأمن من العبث والتدمير والسرقات ؟
– توجد لدينا أكثر من خمسة آلاف قطعة أثرية متنوعة بالنسبة لمنطقة ظفار منها ما هو موجود في إب ومنها ما هو في البنك المركزي ومنها أشياء في المتحف إلا أن جميعها مؤمنة وفي الحفظ والصون ولا خوف عليها ، وكل ما تم اكتشافه وتحريزه وتوثيقه موجود ومحفوظ وقد تم إعادة توثيقه وترقيمه وتحريزه وعمل الإجراءات الكفيلة بالحفاظ عليه من مواد حافظة وصناديق للحفظ وغيرها من الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على هذا الموروث العظيم الذي نفخر به كأقدم الحضارات وأعرق على مر العصور ، ومنذُ تعييني قمتُ بتوثيق كافة القطع الموجودة ومعرفة ما تم تسليمه لي لأكون على دراية واطلاع بما هو موجود وما هو ضمن مسؤوليتي..
لأنه كان معنا في المدينة القديمة جوار مبنى المحافظة القديم مبنى ومتحف لكن تم تأجيره أو تسليمه لإحدى الأسر بطريقة خاطئة وغير قانونية من باب التعاطف الخاطئ فقمت مباشرة فور استلامي العمل بجرد وحصر القطع الأثرية والأشياء الموجودة في هذا المبنى أو المتحف الوطني السابق وهي الآن موثقة ومؤرشفة أرشيفاً دقيقاً وفي مكان آمن وقد تم ترقيمها وتوثيقها مع لجنة جاءت من صنعاء أما أنا فلم استلم سوى ختم المكتب في البداية وعندما قمنا بالحصر والترقيم رقمنا وحصرنا كل ما هو موجود بوجود أمين المخازن الذي كانت في عدته وقد قمنا بالترقيم والأرشفة والتخزين بطريقة وأساليب علمية للحفاظ عليها من التلف أو الفقدان ووفق محاضر ومستندات مثبته ودقيقة..
أما ما يتعلق بالقطع البرونزية كمجسمات لملوك أو حيوانات، التي كانت إما تعبد وفق دياناتهم أو تمثل رموزاً تاريخية لدولة وحضارة فهي موجودة ومحرزة في البنك المركزي وقد قمنا بزيارتها وإعادة أرشفتها وتصويرها وتوثيقها وعمل مواد حافظة وكل الاحترازات التي من شأنها الحفاظ على هذه الآثار ودلالاتها، وكان المدير السابق خالد العنسي قد أعد في ذلك الشأن كتباً خاصة بها وهي مسلمة ومدونة في الوزارة أو رئاسة الهيئة ، عموماً نحن نحرص على ذلك التوثيق والتدوين حفاظاً على التاريخ الحقيقي للآثار ودلالاتها خوفاً من تزوير التاريخ والتدليس الذي قد يحصل.
ماذا عن ما يشاع بين فترة وآخرى عن وجود اكتشافات أو وجود تماثيل وقطع ذهبية وآثار كما سمعنا عن التمثال الذهبي أو البرنزي في جبلة ، وكذا وجود تماثيل وعجول من ذهب في جبل شمسان في المخادر.. ما صحة ذلك ؟
-بالفعل أشيعت مثل هذه الأخبار لكنها كلام لا أساس له من الصحة إنما من باب إثارة ضجة إعلامية أو تدليس وتزوير التاريخ لأغراض في نفس من يشيع مثل ذلك، لذلك أنا نوهت لك بمخاطر نقل أي شيء مكتشف من مكانه لأنه يؤدي إلى إضعاف قيمته التاريخية أو تعرضه للعبث أو التزوير لأن القيمة التاريخية والأثرية للآثار والقطع هي بقيمة تاريخها وليس بالقيمة المالية سواء للوزن أو الحجم وهذه هي الكارثة التي يرتكبها الحمقى من لصوص الآثار والمتاجرين في بيعها أو العبث بها بأبخس الأثمان ولا يدركون مدى الجرم الذي ارتكبوه بحق التاريخ والحضارة اليمنية ، وعودة إلى سؤالك يمكنني القول إنه حصل تزوير لتماثيل وتحف وقطع أثرية بقصد الاسترزاق والعبث بالتاريخ والحضارة كذلك ما يحصل أحيانا من تزوير وكذب وإثارة الشائعات حول وجود آثار كما حصل من ضجة إعلامية عن منطقة جبل شمسان في المخادر أنه تم اكتشاف تماثيل وعجول من ذهب وغيره من الكلام الذي لا أساس له من الصحة وعند التحري وجدنا أن الموضوع برمته كان خلافاً على أرض فقام أحد الأطراف بإثارة هذه الزوبعة كي يوقف خصمه عن استغلال الجبل..
بالإضافة إلى الضجة التي اثيرت حول التمثال المكتشف في إحدى مناطق جبلة وراهنا منذُ البداية أنه مزور وبالفعل كان مزوراً والقضية الآن والتمثال لازالت في النيابة.
في ظل الحملة الممنهجة والشرسة لتدمير الإرث التاريخي والسطو على الآثار وسرقتها وطمس المعالم التاريخية وهذا تكرار في أكثر من موقع.. ما دور السلطة المحلية والأمنية والجهات المختصة إلى جانبكم في حماية الآثار وتاريخ الوطن؟
– هناك قصور كبير وتقصير من قبل المجالس المحلية وجهات الاختصاص وهناك قصور في الوعي والإدراك لما تمثله المناطق والمواقع الأثرية من تاريخ عريق لهذا الوطن حتى أننا نشعر بأن مكتب الآثار والمتاحف وبعض المكاتب غير الايرادية لسنا محل اهتمام من قبلها، وندعو الجهات ذات العلاقة للتعاون معنا لما خدمة الوطن وتاريخه وإرثه العظيم.
هناك مواقع أثرية قديمة للحميريين قبل الإسلام وهناك عدد من المناطق الأثرية والتاريخية في المحافظة التي توجد فيها أقدم المقابر المساجد والسدود والسماسر والقلاع والحصون القديمة.. هل كل ذلك مدون وموثق لديكم ؟ خصوصاً أن العديد من هذه الآثار تتعرض للتخريب والحفر العشوائي والعبث؟
– كل ذلك بالفعل هو تاريخ أثري لحضارات وعهود قديمة ومنها ما هو من قبل الإسلام ومنها ما هو من بعد، إلا أنه ضمن تاريخ قديم نستطيع أن نتكلم عن مئات بل آلاف السنين ولكن هناك بالفعل حملة ممنهجة وعبث وسطو ممنهج يقف وراءه أشخاص وشخصيات وجماعات خارجة على القانون وقد تستغل مكانتها أو مسؤوليتها في الدولة لنهب وتدمير الآثار والتاريخ وكأنها ملكية ، كما أستطيع أن أقول لك إن معظم القصور والمباني الأثرية دمرت وبنيت معظم المنازل المدنية في ظفار وغيرها من أحجار ونحوتات القصور الأثرية، كذلك منطقة العود وغيرها من المناطق.
ما أبرز المناطق التي تزدان بها المحافظة كمواقع ومعالم أثرية وتاريخية؟
– كل مديريات المحافظة تتميز بتوفر المواقع التاريخية والأثرية فهناك مثلاً السدة ظفار والعود ومذيخرة تمتلك إرثاً ومواقع تاريخية وأثرية مثل المنطقة التي كان يقطن فيها علي بن الفضل وكذلك منطقة بلاد المليكي من مساجد وآثار ودور مهمة وكذلك منطقة العدين وفي إب القديمة مساجدها ومدارسها والقصور والقلاع بالإضافة إلى جبلة وهناك أيضاً منطقة شبان التابعة لجبلة لو تم التنقيب في ذي اسود وغيرها سنجد فيها آثاراً عظيمة ومذهلة ومنطقة الحديقة في المحمول بالإضافة إلى أن هناك عدداً من المقابر والقصور والقلاع التي طمرت نتيجة عوامل الزمن والتعرية وكذلك الآن منطقة السياني المكتشفة فيها المومياء وتوجد سمسرة المحرس وغيرها من المناطق.
هل هناك خطط أو إجراءات قادمة ستقومون بها للحفاظ على هذا التاريخ والآثار العظيمة، وما هي الرسالة التي توجهها للجميع؟
– طبعاً الطموح كبير جداً ونحن نعمل وفق خطة للسير عليها ونقوم بزيارات ميدانية لكل المواقع والمناطق ونقوم بالتوثيق ونحن نرسم خطة أخرى لزيارة عدد من المناطق التي لن أن نصرح الآن بأسمائها وما تحتويه كي نستطيع أن نسير بخطى آمنة وموفقة لنتمكن من تحقيق ما نخطط لأجله وما نهدف للوصول إليه خصوصاً في ظل وضع البلد الآن، ولنا طموح كبير بإذن الله إذا استقرت الأوضاع لنتواصل مع جهات ومنظمات تخصصية وليس استخباراتية بالإضافة إلى خبراء وداعمين ونكون نحن من ندير كل الأعمال والمهام الواقعة ضمن اختصاصنا وذلك حفاضاً عليها، فمثلاً ظفار في حال وجود الأمن والاستقرار والعمل على جعلها متحفاً مفتوحاً سنستقطب العالم كله ونلفت الأنظار إلى عظمتنا وعظمة تاريخنا العريق الذي يزدان ويتجدد كل يوم بالاكتشافات المبهرة .
على ذكر التاريخ والاكتشافات.. ماذا عن المومياء التي وجدت أو تم اكتشافها في السياني ؟
– نحن في فرع هيئة الآثار بالمحافظة لا نالو جهدا في سبيل صون وحماية المواقع والمعالم الأثرية في المحافظة ، ونظرا لهذا الحرص وهذا النشاط تكشفت العديد من الأعمال التخريبية التي كانت تمارس في الماضي ولا تظهر على السطح أو للعامة وبشكل أكبر وأوسع، فيما يتعلق بالمومياء المكتشفة في مديرية السياني فقد تحركت مع فريق من مكتب الآثار فور وصول البلاغ إلى إدارة أمن السياني بعد أن قام رجال الأمن مشكورين بالتحرك والضبط وإيصال الجثة إلى إدارة الأمن وكانت على الطقم الخاص بالإدارة ومغطاة ببطانية وبعد نزولنا ومعاينتنا لهذه الجثة التي تبين ومنذ الوهلة الأولى أنها مومياء ، ليتم نقلها إلى عاصمة المحافظة بصورة مناسبة نظرا لأن من قاموا باستخراجها عمدوا إلى إحداث أضرار فيها وإخراجها من الجلد الذي كانت ملفوفة فيه وربما فعلوا ذلك سعيا منهم للحصول على أي مقتنيات أو أشياء ثمينة .. وبعدها استقدم فرع الهيئة أحد الإخصائيين لاستكمال المعاينة الأولية بعد أن تم إيصال المومياء إلى إدارة البحث الجنائي وبعد المعاينة تم استلام الجثة وطلب المواد اللازمة من صنعاء التي من شأنها الحفاظ على المومياء ، وكذا تم تجهيز فترينة زجاجية لفظ المومياء وتجهيزها بما يلزم لتعميد وتدعيمها، وقد لوحظ أنه تم تحنيطها بصورة مغايرة للمومياوات المتعارف عليها وذلك من حيث وضعية الجسد وتحديدا وضع الرجلين المنحنيتين وكذا وضع اليدين. ، فالعبث بهذه المومياء ونقلها من قبل لصوص الآثار أو من قام بنبشها قد أحدث كسراً للضلع الأيسر لهذه المومياء وقد قمنا بوضعها في مكان آمن ومناسب والإجراءات لا زالت مستمرة للوصول إلى معلومات دقيقة حول الجناة والموقع الذي أخرجت منه .
وهنا نناشد بضرورة إنشاء أو تخصيص متحف وطني لمحافظة إب يكون مناسبا وكافيا ليحوي القطع الأثرية والمقتنيات التي تم اكتشافها في أماكن متعددة وإبقاء المومياء المكتشفة في المحافظة، فذلك أفضل من إرسالها إلى العاصمة أو أي مكان آخر سيما وما تحتاج إليه من معالجات ووسائل حماية وحفظ قد عمل فرع الهيئة على اتخاذها ووضعها الآن أفضل ولا خوف عليها.. وبعد أن نزل فريق من الهيئة العامة للآثار تم معاينة المكان الحقيقي الذي وجدت فيه المومياء والذي هو الآن تحت حراسة أمنية مشددة، وقد ظهر أن الموقع بالكامل تراثي، يحوي الكثير من المدلولات التاريخية الهامة للحضارة اليمنية.